عودة الظلام تفاقم معاناة الليبيين

مواطنون اشتكوا من تراجع أعمالهم وتجارتهم جراء انقطاع الكهرباء

أحد فنيي الشركة العامة للكهرباء ينفذ خطة تخفيف الأحمال بطرابلس (الشركة العامة)
أحد فنيي الشركة العامة للكهرباء ينفذ خطة تخفيف الأحمال بطرابلس (الشركة العامة)
TT

عودة الظلام تفاقم معاناة الليبيين

أحد فنيي الشركة العامة للكهرباء ينفذ خطة تخفيف الأحمال بطرابلس (الشركة العامة)
أحد فنيي الشركة العامة للكهرباء ينفذ خطة تخفيف الأحمال بطرابلس (الشركة العامة)

(تقرير اخباري)
تجددت معاناة الليبيين مع انقطاع التيار الكهربائي بسبب طرح الأحمال، وانخفاض إنتاج الغاز بالبلاد، تزامناً مع تصاعد موجهة الحر، ما تسبب في عودة الظلام إلى غالبية المدن الليبية لساعات طويلة.
وأعلنت الشركة العامة للكهرباء عن تواصل خطة تخفيض الأحمال الزائدة لكافة الشرائح المنزلية والتجارية والصناعية، ولفتت إلى عدم طرح الأحمال في البلديات التي «تتعاون مع الشركة، وتتقيد بالخطة الموضوعة بشأن تحسين أداء الشبكة الكهربائية»، ومن بينها بلدية أبو سيلم بطرابلس. ودعا رئيس مجلس إدارة الشركة العام للكهرباء، وئام العبدلي، البلديات كافة إلى تنفيذ خطة ترشيد استهلاك الطاقة، كي يتم التخفيف عن الشبكة الرئيسية، حتى لا يتم اللجوء إلى فصل التيار.
وتواجه الشركة العامة للكهرباء «تحديات خطيرة»، من بينها عدم تغذية بعض المحطات بالغاز، بسبب تعطيل ضخ النفط بعد إغلاق عدد من الحقول، وتوقفها عن الإنتاج، بالإضافة إلى عدم تدشين محطات جديدة وتعطل أعمال الصيانة.
وتقول الشركة العامة إنها فقدت أكثر من 50 في المائة من قدرات التوليد بمحطات الإنتاج بشرق ليبيا، تأثراً بنقص إمدادات الغاز بعد إغلاق عدد من الحقول. وطالبت في مؤتمر صحافي المواطنين للاستعداد لعمليات أوسع في طرح الأحمال، إذا ما استمر توقف ضخ الغاز بالكامل لجميع محطات التوليد بالمنطقة. كما لفتت إلى أن أزمة الكهرباء «تعتبر أمناً قومياً، وتحتاج لتدخل مؤسسات الدولة كافة بهدف استئناف العمل في جميع المشروعات المتوقفة لنقل الطاقة»، مؤكدة أنها تسعى لربط مدينة طبرق على الشبكة المصرية للتخفيف من حدة ساعات طرح الأحمال، التي قد تفوق ثماني ساعات يومياً. في سياق ذلك، أوضحت الشركة العامة أن كثيراً من المحال والشركات والأسواق التجارية بالعاصمة «تسرف في ترك جميع إنارتها موقدة حتى إن كانت أبوابها مغلقة»، ونشرت على موقعها وهي تناشد المواطنين الترشيد في الإضاءة كي لا تتعرض الشبكة الرئيسية للانهيار المفاجئ.
وتكررت أزمة انقطاع الكهرباء في ليبيا منذ سنوات. وسبق أن وعدت السلطة التنفيذية المؤقتة، منذ تسلم مهامها مطلع العام الماضي، بحل هذه المشكلة في عموم البلاد، لكن كثيراً من المواطنين لا يزالون يشتكون من انقطاع التيار لفترات متفاوتة، مشيرين أن أعمالهم وتجارتهم تضررت جراء انقطاع التيار.
وأمام هذه المعضلة دافع عبد الحميد الدبيبة عن حكومته، خلال اجتماعها الأخير نهاية الأسبوع الماضي، وقال إن أزمة الكهرباء شهدت تفاقماً مع بداية موسم الصيف، ورأى أن حل المشكلة يأتي من خلال مزيد من إنتاج الكمية المطلوبة لمواجهة الاستهلاك المرتفع، وإعادة التقييم والهيكلة، بالإضافة إلى إنشاء محطات إنتاج جديدة.
كما أوضح الدبيبة أن حكومته خططت منذ تسلمهما أعمالها لتنفيذ ثماني محطات جديدة، لكن لم تنفذ منها سوى اثنتين أو ثلاث، فيما لا تزال هناك حاجة إلى أربع أو خمس محطات. من جانبه، رأى الرئيس السابق للهيئة الليبية للاستثمار، محسن الدريجة، أن قدرة ليبيا على إنتاج الكهرباء كافية لاستهلاكها، مشيراً إلى أن وجود ثلاث محطات تحت الإنشاء «سيوفر فائضاً في إنتاج الكهرباء لكن «المشكلة تكمن في صيانة المحطات الموجودة، وشبكة نقل الكهرباء».
وقال الدريجة إنه في عام 2020 أجرى اختصاصيون من منظمات التنمية الألمانية والأميركية، بالإضافة إلى الأمم المتحدة مع مجموعة من الشركة العامة للكهرباء، دراسة حول وضع الكهرباء في ليبيا، لافتاً إلى أنهم «أوصوا باستكمال المشاريع المتعاقد عليها بغرب طرابلس ومصراتة وطبرق، وعدم التعاقد على أي محطات أخرى، علاوة على صيانة المحطات والشبكة لتستعيد قدرتها كاملة».
وأشار الدريجة إلى أن مدة إنجاز المشروع هي 18 شهراً، فيما تصل تكلفته إلى مليار وستمائة مليون دولار، وإنتاجه إلى 10.5 جيجابايت، بينما أعلى استهلاك في ليبيا لا يتعدى 8.5 جيجابايت، وقال إن الاختصاصيين أوصوا بتغيير إنارة أعمدة الشوارع إلى نوعية LED لتوفير كهرباء تكفي لتغطية حاجة مدينتين مثل الزاوية بغرب البلاد. وتابع الدريجة، وهو خير اقتصادي مرموق، موضحاً أن السلطات المعنية آنذاك «لم تعمل على تنفيذ الخطة؛ وهذا هو سبب استمرار مشكلة الكهرباء في البلاد حتى الآن»، مبرزاً أن بعض المحطات ستدخل الصيانة هذا الصيف لأنه لم تتم صيانتها في موعدها «ولهذا ستستمر أزمة الكهرباء حتى بعد دخول الوحدات الجديدة». وانحسر إنتاج النفط في ليبيا بنحو 600 ألف برميل يومياً، وهو ما يعادل نصف الإنتاج من أصل 1.2 مليون برميل يومياً، وذلك بسبب إغلاق بعض الحقول والموانئ في البلاد منذ مطلع أبريل (نيسان) الماضي. وقال محمد عون وزير النفط بحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة إن بلاده تخسر أكثر من 60 مليون دولار يومياً على خلفية توقف ضخ الخام.


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

انفراجة في أزمة المدارس السودانية الموقوفة بمصر

امتحانات لطلاب سودانيين بمصر (السفارة السودانية في القاهرة)
امتحانات لطلاب سودانيين بمصر (السفارة السودانية في القاهرة)
TT

انفراجة في أزمة المدارس السودانية الموقوفة بمصر

امتحانات لطلاب سودانيين بمصر (السفارة السودانية في القاهرة)
امتحانات لطلاب سودانيين بمصر (السفارة السودانية في القاهرة)

في انفراجة لأزمة المدارس السودانية الموقوفة بمصر، أعلنت السفارة السودانية بالقاهرة، إعادة فتح مدرسة «الصداقة»، التابعة لها، فيما ستقوم لجنة من وزارة التعليم المصرية، بزيارة لبعض المدارس الأخرى المغلقة، للتأكد من «توافر اشتراطات ممارسة النشاط التعليمي».

وفي يونيو (حزيران) الماضي، أغلقت السلطات المصرية المدارس السودانية العاملة في البلاد، لحين توفر اشتراطات قانونية لممارسة النشاط التعليمي، تشمل موافقات من وزارات التعليم والخارجية السودانية، والخارجية المصرية، وتوفير مقر يفي بجميع الجوانب التعليمية، وإرفاق بيانات خاصة بمالك المدرسة، وملفاً كاملاً عن المراحل التعليمية وعدد الطلاب المنتظر تسجيلهم.

وحسب تقديرات رسمية، تستضيف مصر نحو مليون و200 ألف سوداني، فروا من الحرب السودانية، إلى جانب ملايين آخرين يعيشون في المدن المصرية منذ عقود.

وقالت السفارة السودانية، في إفادة لها مساء الاثنين، إن السلطات المصرية وافقت على استئناف الدراسة في مدرسة «الصداقة» بالقاهرة، وإن «إدارة المدرسة، ستباشر أعمال التسجيل للعام الدراسي، الجديد ابتداء من الأحد الأول من ديسمبر (كانون الأول) المقبل».

وتتبع مدرسة «الصداقة» السفارة السودانية، وافتتحت عام 2016، لتدريس المناهج السودانية لأبناء الجالية المقيمين في مصر، بثلاث مراحل تعليمية (ابتدائي وإعدادي وثانوي).

وبموازاة ذلك، أعلنت السفارة السودانية، الثلاثاء، قيام لجنة من وزارة التعليم المصرية، بزيارة بعض المدارس السودانية المغلقة، لـ«مراجعة البيئة المدرسية، والتأكد من توافر اشتراطات ممارسة النشاط التعليمي»، وشددت في إفادة لها، على أصحاب المدارس «الالتزام بتقديم جميع المستندات الخاصة بممارسة النشاط التعليمي، وفق الضوابط المصرية».

وفي وقت رأى رئيس «جمعية الصحافيين السودانيين بمصر»، عادل الصول، أن إعادة فتح «الصداقة» «خطوة إيجابية»، غير أنه عدّها «غير كافية»، وقال إن «المدرسة التي تمثل حكومة السودان في مصر، تعداد من يدرس فيها يقارب 700 طالب، ومن ثمّ لن تستوعب الآلاف الآخرين من أبناء الجالية»، عادّاً أن «استئناف النشاط التعليمي بباقي المدارس ضروري، لاستيعاب جميع الطلاب».

وأوضح الصول، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «غالبية السودانيين الذين فروا من الحرب، اختاروا مصر، رغبة في استكمال تعليم أبنائهم»، مشيراً إلى أن «توقف الدراسة بتلك المدارس منذ أكثر من ثلاثة أشهر، سبب ارتباكاً لغالبية الجالية»، وأشار إلى أن «المدارس التي تقوم وزارة التعليم المصرية بمراجعة اشتراطات التدريس بها، لا يتجاوز عددها 40 مدرسة، وفي حالة الموافقة على إعادة فتحها، لن تكفي أيضاً كل أعداد الطلاب الموجودين في مصر».

وسبق أن أشار السفير السوداني بالقاهرة، عماد الدين عدوي، إلى أن «عدد الطلاب السودانيين الذين يدرسون في مصر، أكثر من 23 ألف طالب»، وقال نهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن «المستشار الثقافي بالسفارة، قام بزيارات ميدانية للعديد من المدارس السودانية المغلقة، للتأكد من التزامها بمعايير وزارة التعليم المصرية، لممارسة النشاط التعليمي»، منوهاً إلى «اعتماد 37 مدرسة، قامت بتقنين أوضاعها القانونية، تمهيداً لرفع ملفاتها إلى السلطات المصرية، واستئناف الدراسة بها».

وبمنظور رئيس لجنة العلاقات الخارجية بـ«جمعية الصداقة السودانية – المصرية»، محمد جبارة، فإن «عودة الدراسة لمدرسة الصداقة السودانية، انفراجة لأزمة المدارس السودانية»، وقال: «هناك ترحيب واسع من أبناء الجالية، بتلك الخطوة، على أمل لحاق أبنائهم بالعام الدراسي الحالي».

وأوضح جبارة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الأمر يستوجب إعادة النظر في باقي المدارس المغلقة، لضمان لحاق جميع الطلاب بالعام الدراسي»، وشدد على «ضرورة التزام باقي المدارس السودانية، باشتراطات السلطات المصرية لممارسة النشاط التعليمي مرة أخرى».

وكان السفير السوداني بالقاهرة، قد ذكر في مؤتمر صحافي، السبت الماضي، أن «وزير التعليم السوداني، سيلتقي نظيره المصري، الأسبوع المقبل لمناقشة وضع المدارس السودانية».