أوضحت دراسة حديثة لباحثين من البرتغال أحد أسباب ضرورة تأخير محاولات الحمل لمدة عامين، ما بعد الخضوع لعملية جراحة المعدة لإنقاص الوزن Bariatric Surgery.
وتم عرض الدراسة ضمن فعاليات مؤتمر السمنة الأوروبي 2022 European Congress on Obesity، الذي عقد في الفترة ما بين 3 إلى 7 مايو (أيار) الحالي. وأشار الباحثون البرتغاليون من جامعة كويمبرا في نتائج دراستهم إلى أن الأطفال الذين تم الحمل بهم قبل مضي عامين من بعد جراحة السمنة، هم أكثر عرضة بنسبة 15 مرة لأن يكونوا صغاراً في الوزن بالنسبة لعمر الحمل Small - For - Gestational - Age، مقارنة بمن تم حملهم بعد سنتين من الخضوع لعملية جراحة المعدة لإنقاص الوزن.
وفي تعليقها على نتائج هذه الدراسة، أوضحت الدكتورة كاري جوهانسون، من معهد كارولينسكا بستوكهولم في السويد، قائلة: «يتم افتراض أن هذه المخاطر المتزايدة يمكن أن تعزى إلى عدم كفاية توافر المغذيات للجنين في الرحم، خاصةً خلال السنة الأولى من بعد جراحة السمنة. وذلك عندما يحدث فقدان الوزن بشكل سريع وأكبر. ولهذا السبب توصي العديد من الإرشادات الإكلينيكية النساء بالانتظار لمدة ما بين 12 - 24 شهراً قبل الحمل». وخاصةً إرشادات الكلية الأميركية لطب النساء والتوليد ACOG.
- جراحة السمنة والحمل
وضمن عدد يناير (كانون الثاني) الماضي من المجلة الطبية الأسترالية Medical Journal of Australia، قدم باحثون من مستشفى سانت جورج في سيدني مراجعتهم العلمية المتوسعة حول كل من: الخصوبة، والحمل، وإدارة ما بعد الولادة، في الفترة التي تلي الخضوع لعملية جراحة السمنة. ووفق ما تم نشره، أفاد الباحثون الأستراليون أن السمنة بحد ذاتها تزيد من خطر الإصابة بالعقم عند النساء، وتقلل من فعالية علاجات الخصوبة لهن. كما تزيد من مخاطر الاعتلال المرضي والوفيات الجنينية ومضاعفات الحمل النفاسي وكذلك احتمالية الولادة المعقدة.
وبالمقابل، تؤدي جراحة السمنة الناجحة، أي التي تؤدي إلى فقدان أكثر من 20 في المائة من إجمالي وزن الجسم، إلى تخفيف تداعيات متلازمة تكيس المبايض على إمكانيات الحمل، وإلى خفض معدلات الإصابة بسكري الحمل وارتفاع ضغط الدم الحملي. وقالوا: «قد ثبت أنها تحسن الخصوبة، وكذلك النتائج المرتبطة بالحمل للأم والطفل». وأضافوا أنه «بعد جراحة علاج السمنة، يجب أن يتأخر الحمل بسبب نتائج الحمل السلبية المرتبطة بفقدان الوزن بسرعة. ويجب وصف وسائل منع الحمل بعد جراحة السمنة. ولأن فعالية حبوب منع الحمل قد تنخفض بسبب سوء الامتصاص، يجب اعتبار وسائل منع الحمل، مثل اللولب داخل الرحم، بمثابة علاج أولي لمنع الحمل.
وبعد جراحة علاج السمنة، يجب أن تخضع النساء لمراقبة دقيقة لنقص التغذية قبل وأثناء وبعد الحمل. ويوصي الخبراء هؤلاء النساء بحبوب المكملات الغذائية لمنع نقص المغذيات الدقيقة».
- نتائج جديدة
وأفاد الباحثون البرتغاليون في دراستهم الحديثة أنهم فحصوا تأثيرات خفض الوزن واضطرابات التغذية وتوفر العناصر الغذائية، على الحمل. وذلك لدى مجموعة من الحوامل اللواتي خضعن لجميع أنواع جراحات السمنة المختلفة. ومعلوم أن ثمة أنو اع متعددة لتقنيات العمليات الجراحية المستخدمة لإنقاص الوزن.
وتضمنت أنواع جراحات علاج السمنة التي تمت متابعة تأثيراتها على الحمل كلا من: جراحة ربط المعدة القابل للتعديل Adjustable Gastric Banding، تكميم المعدة Sleeve Gastrectomy، المجازة المعدية Roux - En - Y Gastric Bypass، تحويل مسار البنكرياس الصفراوي Biliopancreatic Diversion.
وفي نتائجها، وجدت الدراسة أيضاً أنه:
- بالعموم، لدى جميع الحوامل (سواء اللواتي خضعن أو لم يخضعن لعملية إنقاص الوزن) كان متوسط وزن الولادة 2.98 كيلوغرام. وكان معدل انتشار صغر الوزن بالنسبة لعمر الحمل هو 26 في المائة.
- معدل انتشار صغر الوزن بالنسبة لعمر الحمل لدى الحوامل اللواتي خضعن لجراحة إنقاص الوزن وحملن قبل بلوغ 24 شهراً بعد العملية، هو 60 في المائة.
- لكل شهر إضافي بعد الفترة الزمنية التي تبلغ عامين من جراحة علاج البدانة إلى وقت بدء الحمل، كانت هناك زيادة قدرها 4.2 غرام في الوزن عند الولادة، وكان هناك خطر أقل بنسبة 5 في المائة للإصابة بالصغر في الوزن والحجم بالنسبة لعمر الحمل.
وقد علقت عليه الدكتورة كاريرا، الطبيبة في مستشفى ومركز جامعة كويمبرا والباحثة في الدراسة، بالقول: «من الناحية الإكلينيكية، هذه نتائج مهمة للغاية لأن من المهم أن تدرك النساء اللواتي يخضعن لجراحة السمنة مخاطر الحمل المبكر وفوائد تأخير الحمل». وأضافت: «يعتقد بعض الناس أن الفترة الزمنية يمكن أن تتغير وفقاً لنوع جراحة علاج البدانة، لكننا لم نجد فرقاً في النتائج وفقاً لنوع الجراحة». وأضافت الدكتورة كاريرا ما مفاده أن جراحة السمنة، التي تزداد شعبية لدى النساء في سن الإنجاب، تنطوي على فقدان الوزن بسرعة، مما قد يؤدي إلى تحسين الخصوبة. وأنه في الوقت الحالي، تنصح النساء في العيادات عموماً بالانتظار لمدة عام على الأقل قبل محاولة الحمل بعد الخضوع لتلك الجراحة.
وقالت الدكتورة آنا كاريرا: «كان الصغر في الوزن بالنسبة لعمر الحمل، منتشراً بشكل متشابه لدى الحوامل اللواتي خضعن للأنواع المختلفة من جراحات علاج السمنة، وقد حسبنا أن الفاصل الزمني بين جراحة السمنة والحمل، من أجل تقليل خطر الإصابة بصغر الوزن بالنسبة لعمر الحمل، كان 24.5 شهراً». وأشارت الدكتورة كاريرا وزملاؤها في الدراسة إلى أنه تم إجراء الدراسة لأنه لم يتم بعد تحديد الفترة المثلى للحمل بعد علاج السمنة بالجراحة السمنة إلى الحمل Bariatric - Surgery - To - Conception Interval، وعلى وجه الخصوص مسألة الصغر في الوزن والحجم بالنسبة لعمر الحمل بعد الخضوع لأحد الأنواع المختلفة من جراحات السمنة.
- تغذية ما بعد الجراحة
وتحت عنوان «الحياة بعد جراحة السمنة» تحدث الباحثون من كلية الطب في جونز هوبكنز عن التغذية والمعادن والفيتامينات عند الحمل بعد عمليات إنقاص الوزن.
> النظام الغذائي. وعن النظام الغذائي، أفادوا أن معظم المرضى سيبدأن في اتباع نظام غذائي سائل لبضعة أسابيع، ثم يبدأن ببطء في تناول الأطعمة اللينة، ثم الأطعمة الصلبة في النهاية.
وأكدوا على أهمية تناول السوائل بشكل كاف خلال اليوم للمحافظة على رطوبة الجسم، ولتجنب الغثيان ومشاكل الكلى والإمساك والإرهاق. وهذه الجوانب لها أهمية عالية جداً في حالات الحمل، من أجل صحة المرأة الحامل، وصحة نمو الجنين، وكفاءة عملية الحمل في حفض حجم السائل الأميوني المحيط بالجنين داخل الرحم.
ونبهوا إلى أن المرضى سيحتاجون إلى التركيز على كمية البروتين التي يتناولونها. وتوصي معظم برامج جراحة علاج البدانة بـ60 إلى 100غرام يومياً من البروتينات الحيوانية والنباتية المصدر، اعتماداً على حالة المريض. والمرضى الذين لا يتناولون ما يكفي من البروتين قد يعانون من الضعف وفقدان العضلات، وهذا يمكن أن يسبب مشاكل، وخاصةً للحوامل اللواتي يحتجن البروتينات من أجل الحفاظ على العضلات لديهن، وخاصةً عضلات الحوض والبطن والصدر من أجل إتمام عملية الولادة. كما يحتجن البروتينات لتزويد الجنين بها من أجل نموه بشكل طبيعي. مع تجنب الأطعمة التي تحتوي على كميات عالية من السكر والنشا.
> المعادن والفيتامينات. وأضافوا: «بعد جراحة إنقاص الوزن، سيحتاج المرضى إلى تناول مكملات الفيتامينات والمعادن مدى الحياة، سواء كبسولات أو حبوب قابلة للمضغ. وسيقوم كل برنامج من برامج جراحة السمنة بإرشاد المرضى إلى المقدار الذي يجب أن يأخذوه. تشمل هذه عادة: فيتامينات متعددة وفيتامين بي 12 والكالسيوم وفيتامين دي والحديد. وسيحتاج بعض المرضى إلى فيتامينات قابلة للمضغ، لكن يمكن للبعض الآخر تناول حبوب إذا تم تحملها. ويمكن للمرضى الذين لا يتناولون الفيتامينات كل يوم مدى الحياة، أن يعانون من مشاكل طبية شديدة وحتى مهددة للحياة، بسبب انخفاض مستويات الفيتامينات والمعادن». وهذا مهم بشكل خاص للمرأة في سن الحمل، أن تكون معدلات الفيتامينات والمعادن في الجسم طبيعية «قبل الحمل»، ويتم رفع تلك المستويات خلال فترة الحمل لتلبية احتياج الجنين وتلبية الارتفاع في احتجاج جسم الحامل، وكذلك ما بعد الولادة. ونقص أنواع عدة من الفيتامينات والمعادن، كفيتامينات الفوليت وبي ١٢ ومعدن الحديد وغيره، له آثار سلبية عدة على: صحة الحامل، وسلامة نمو الجنين، وسهولة عملية الولادة، وتتابع التعافي بعد الولادة.
- الزيادة الطبيعية في الوزن خلال فترة الحمل
> وفق ما تشير إليه العديد من مصادر طب الحمل، تعتمد «الزيادة الطبيعية» لوزن الجسم خلال فترات الحمل على مقدار وزن الجسم قبل بدء الحمل. وتضيف أن «الزيادة الطبيعية» تتفاوت بشكل واضح فيما بين عموم النساء الحوامل. وأن عدة عوامل تلعب أدوراً رئيسية في تلك الاختلاف الطبيعي.
وبالعموم، وفي الحالات الطبيعية لدى غالبية النساء الأصحاء، يزيد وزن جسم المرأة الحامل ما بين 10 إلى 12.5 (اثني عشر كيلوغرام، وتتضح تلك الزيادة في الوزن بعد بلوغ الأسبوع العشرين من بدء الحمل (بعد تلقيح البويضة). وهذه الزيادة يجدر أن تحصل، سواء تم إجراء عملية المعدة لإنقاص الوزن للمرأة قبل الحمل، أو لم يتم ذلك.
وتنشأ معظم زيادة الوزن من: نمو حجم وكتلة الجنين، نمو حجم وكتلة المشيمة، زيادة كمية السائل الأميوني المحيط بالجنين، تضخم الثدي، زيادة تراكم الشحوم في جسم الأم.
وبالنسبة للزيادة أكثر من المتوقع طبيعياً، أو نقص الوزن، فإن كليهما له تأثيرات صحية ضارة على الحامل والجنين وعملية الحمل وعملية الولادة. ومن ذلك، تسبب زيادة الوزن بشكل كبير في نشوء ارتفاع ضغط الدم الحملي وسكري الحمل.
كما أن عدم زيادة وزن الحامل بشكل طبيعي، أو انخفاض الوزن خلال الحمل، قد يتسبب في الولادة المبكرة وولادة رضيع منخفض الوزن، أي بوزن أقل من 2.5 كيلوغرام. ووفق ما تشير إليه مصادر التغذية الإكلينيكية، فإن المطلوب من الحامل ليس أن تتناول طعاماً يكفي لشخصين بالغين، بل زيادة حوالي 300 كالورى فقط، وهي الزيادة المطلوبة لتغطية تغذية الجنين. ولكن يظل الأهم، توفر المعادن والفيتامينات اللازمة للحامل والجنين.
- استشارية في الباطنية