فيتامين «دي»... متى عليك تناوله؟

تأثيراته المناعية زادت من شعبيته

فيتامين «دي»... متى عليك تناوله؟
TT
20

فيتامين «دي»... متى عليك تناوله؟

فيتامين «دي»... متى عليك تناوله؟

أصبح اليوم فيتامين دي Vitamin D شاغل الباحثين الطبيين، حيث يتتابع إجراء الدراسات التي تكشف مزيداً من الفهم لعلاقة هذا «الفيتامين الهرمون» بعدد لا حصر له من الأمراض المزمنة والمستجدة، غير أمراض العظام. ومن آخرها مجموعات الدراسات الطبية حول جدوى فيتامين دي ضمن معالجات حالات كوفيد - 19 COVID - 19، وأمراض شرايين القلب، وألزهايمر، والتهابات القولون، والصدفية، وأنواع مختلفة من الأمراض السرطانية.
وعليه، أمسى فيتامين دي أيضاً شاغل الناس، في البحث عن مدى حاجتهم لتناوله عبر الأطعمة أو المكملات الدوائية لفيتامين دي، والبحث عن أفضل أنواع تلك المكملات العلاجية، ومتى عليهم تناولها، وأفضل أوقات ذلك في اليوم، وهل يتعارض تناولها مع تناول أي أدوية أخرى، وغيرها من الأسئلة.
- فيتامين شائع
وفق ما تفيد به الإحصائيات الطبية التي ذكرها أطباء كليفيلاند كلينك في مراجعة طبية حول هذه الجوانب، وتم نشرها ضمن عدد مارس (آذار) الماضي من مجلتهم الطبية Cleveland Clinic Journal of Medicine، فإن حوالي خُمس السكان البالغين في الولايات المتحدة يتناولون مكملات دوائية تحتوي فيتامين دي. وقالت الدكتورة سوزان ويليامس، أستاذة مساعدة في طب الغدد الصماء والتمثيل الغذائي في كلية كليفلاند كلينك للطب بأوهايو: «تتوفر أدوية المكملات الغذائية لفيتامين دي على نطاق واسع. وفي عام 2020 تجاوزت القيمة السوقية لها 1.1 مليار دولار. ومن المتوقع أن تصل إلى ما يقرب من 1.6 مليار دولار بحلول عام 2025، (أي بزيادة متوقعة تفوق 40 في المائة خلال خمسة أعوام). وتم تعزيز شعبية مكملات فيتامين دي، على الأقل جزئياً، من خلال حملات توعية الجمهور بمخاطر الإصابة بسرطان الجلد بسبب التعرض الزائد للشمس، وربط نقص فيتامين دي بالعديد من الأمراض المزمنة، وربط مستويات فيتامين دي مع المستوى الأمثل لوظيفة المناعة».
قصة فيتامين دي بدأت منذ عام 1650 عندما لاحظ الأطباء أن الأطفال الذين عاشوا في مدن ملوثة ومزدحمة في شمال أوروبا، أصيبوا بتشوهات هيكلية منهكة، بما في ذلك تقوس الساقين. وخلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، تم استخدام زيت كبد سمك القد Cod - Liver Oil بشكل شائع لمنع وعلاج تشوهات الهيكل العظمي عند الأطفال. وبعدها تم عزل «عامل مضاد» سمي بداية Antirachitic Factor)) في زيت كبد سمك القد، ولاحقاً أصبح يعرف باسم فيتامين دي. ونتيجة لذلك، تم القضاء على الكساح Rickets. وكان ذلك خطوة عملاقة إلى الأمام في مجال صحة الهيكل العظمي للأطفال.
ومع ذلك، يظل نقص فيتامين دي شائعاً في العالم أجمع، دون استثناء أي من مناطق العالم، وبغض النظر عن مستوى الصحة والتغذية وتوفر أشعة الشمس فيها. وفي دراسة باستخدام بيانات المسح الوطني لفحص الصحة والتغذية NHANES لفترة أربع سنوات، كان لدى ما يقرب من 20 في المائة من سكان الولايات المتحدة معدلات منخفضة من فيتامين دي في الدم.
- تأثيرات مناعية
وزادت التأثيرات المناعية المحتملة جداً لفيتامين دي، من الضغط في ضرورة توفره في الجسم بمستويات طبيعية، وخاصةً الدراسات والمراجعات الطبية الحديثة التي تمت حول علاقة تناول أدوية مكملات فيتامين دي للوقاية من الأمراض المرتبطة بالمناعة وعلاجها، بما في ذلك كوفيد - 19. وتأكيد العديد منها على دور فيتامين دي في خفض خطورة وشدة العدوى به.
وفيتامين دي هو أحد «العناصر الغذائية الدقيقة» Micronutrient التي يحتاجها الجسم في إتمام العديد من المهام الحيوية، والتي على رأسها بناء الأنسجة العظمية بطريقة صحية والمحافظة عليها. ومن بين أهم آليات دور فيتامين دي في بناء العظم، هو أن الجسم لا يمكنه امتصاص الكالسيوم - المعدن الرئيسي في نسيج العظام - إلا عند وجود فيتامين دي. كما أن فيتامين دي عامل ضروري في عمل هرمون الغدة جار درقية، ويسهم في ضبط توازن معدن الفوسفات في الجسم. وأيضاً من المهام الحيوية الأخرى لفيتامين دي: عمله كعنصر مضاد للالتهابات، ومضاد لعمليات الأكسدة، وواقي للأعصاب في الحفاظ على نشاط خلايا الدماغ، ومنشط لصحة الجهاز المناعي، ويضمن كفاءة عمل العضلات.
والجسم ينتج 80 في المائة من احتياجه لفيتامين دي عند تعرض الجلد لضوء الشمس المباشر. والمطلوب هو تعريض الجلد لأشعة الشمس في أوائل أو أواخر ساعات النهار لمدة تتراوح بين 15 إلى 30 دقيقة، على مساحة لا تتجاوز ظاهر الكفين، في 3من أيام الأسبوع على أقل تقدير.
كما أن الجسم يحصل على 20 في المائة منه من الغذاء، عبر تناول الأطعمة الطبيعية الغنية به، كأسماك السلمون والماكريل والسردين والتونا (الأسماك الدهنية)، وبيض الدجاج الذي يتعرض لأشعة الشمس المباشرة. وتجدر الإشارة إلى أن الفطر هو المصدر النباتي الوحيد لفيتامين دي. وأيضاً عبر تناول الأطعمة التي تم «تعزيزها» Fortified بفيتامين دي، كالحليب والحبوب المعززة.
- نقصان وزيادة
ولكن ثمة عدة عوامل قد تحد من فعالية إنتاج الجلد لفيتامين دي، كعدم التعرض لأشعة الشمس لمدة زمنية كافية، والإقامة في مناطق بعيدة عن خط الاستواء، أو كثرة الغيوم. وكذلك قد تتسبب البشرة الداكنة، أو السمنة، أو التقدم في العمر، أو وضع مستحضرات الوقاية من أشعة الشمس Sunscreen، في تدني إنتاج الجلد لفيتامين دي. كما أن وجود اضطرابات مرضية في الجهاز الهضمي قد تعيق امتصاص الأمعاء لفيتامين دي، وكذلك أمراض الكبد والكلى المزمنة.
وعندما تكون مستوياته طبيعية في الدم، يجدر عدم المبالغة في رفعها. لأنه لا يوجد ما يثبت أن المستويات العالية جداً منه لها فوائد أكبر، كما تم ربط تناول الكثير من فيتامين دي بحالة تسمى «سمية فيتامين دي» Hypervitaminosis D. وهي التي تحدث حينما يكون لدى المرء كميات مفرطة من فيتامين دي في جسمه. وذلك في العادة بسبب تناول جرعات كبيرة من مكملات فيتامين دي (أي أكثر من 4 آلاف وحدة دولية كل يوم لعدة أشهر)، وليس بسبب نوعية الأطعمة التي يتناولها أو كميتها أو التعرض المفرط للشمس. وتبعاً لذلك، يتراكم الكالسيوم في الجسم، مما يسبب الغثيان والقيء، والضعف، والتبول المتكرر. ويمكن للأعراض أن تتفاقم لتسبب آلام العظام، وتكون حصوات الكالسيوم في الكلى.
ولذا في حالات نقص فيتامين دي، تؤخذ أدوية المكملات المحتوية عليه تحت إشراف الطبيب، وفي إطار زمني محدد، مع مراقبة مستويات فيتامين دي في الدم.

- تفاعلات محتملة بين تناول فيتامين دي وأدوية أخرى
من الضروري تناول أدوية فيتامين دي تحت إشراف طبي. وذلك لأربعة أسباب:
- التأكد من وجود نقص حقيقي في فيتامين دي، ما يتطلب المعالجة.
- وضع الخطة العلاجية لكمية الجرعة، وترتيب كيفية تناولها، وأوقات ذلك، والمدة اللازمة.
- منع حصول أي تفاعلات سلبية مع أي أدوية أخرى يتناولها الشخص.
- متابعة نتائج تناولها على نسبة فيتامين دي في الجسم، وتقرير مدى الاستمرار أو التوقف عن تناولها ومتابعة تأثيرات ذلك.
ويقول أطباء مايوكلينك: «يتميز فيتامين دي بأنه آمن بشكل عام في حالة تناوله بجرعات مناسبة». ويضيفون قائمة من الأدوية التي قد تتفاعل مع تناول فيتامين دي. وذلك بقولهم: «وتتضمن التفاعلات المحتملة (مع أدوية أخرى) ما يلي:
- الألومنيوم. يمكن أن يسبب تناول فيتامين دي وأدوية «الحد من امتصاص الفوسفات» التي تحتوي على الألومنيوم (التي يتم استخدامها لعلاج ارتفاع مستويات الفوسفات في الدم لدى المصابين بمرض كلوي مزمن)، إلى حصول ارتفاع مستويات الألومنيوم لدى المصابين بالفشل الكلوي على المدى البعيد.
- الأدوية المضادة للتشنج: يعمل مضادا التشنج الفينوباربيتال وفينيوتين على تحليل فيتامين دي، كما يقللان من امتصاص الكالسيوم.
- أدوية خفض الكولسترول: (أتورفاستاتين)، تناول فيتامين دي يمكن أن يؤثر على طريقة استجابة الجسم لهذا الدواء المستخدم لعلاج الكوليسترول (ليبيتور). أما دواء الكولسترامين الخافض للكوليسترول، فيمكن أن يؤدي تناول فيتامين دي معه إلى تقليل امتصاص فيتامين دي.
- أدوية علاج الصدفية: مثل السيبوتريين، ينبغي عدم تناول فيتامين دي مع دواء الصدفية هذا. إذ يمكن لتناولهما معاً أن يزيد خطر الزيادة البالغة للكالسيوم في الدم (فرط كالسيوم الدم).
- أدوية علاج أمراض القلب: الديجوكسين، ينبغي تجنب تناول جرعات فيتامين دي مع هذا الدواء المخصص لعلاج أمراض القلب. ويمكن أن تسبب الجرعات العالية من فيتامين دي في فرط كالسيوم الدم، والذي يزيد خطر مشكلات القلب المميتة مع الديجوكسين.
كما ينبغي اجتناب تناول جرعات فيتامين دي مع دواء ضغط الدم ديلتيازيم. ويمكن أن تسبب الجرعات العالية من فيتامين دي فرط كالسيوم الدم، وهو ما يمكن أن يقلل فاعلية الدواء. أما مدرات البول الثيازيدية، فيؤدي تناول أدوية ضغط الدم هذه مع فيتامين دي، إلى زيادة خطر الإصابة بفرط كالسيوم الدم. يمكن أن يتسبب تناول جرعات عالية من فيتامين دي مع دواء ضغط الدم فيراباميل في الإصابة بفرط كالسيوم الدم، كما قد يقلل من فعالية دواء فيراباميل.
- أدوية خفض الوزن: أورليستات، قد يؤدي تناول دواء خفض الوزن هذا، إلى تقليل امتصاص فيتامين دي.
- الستيرويدات Steroids. يمكن لتناول أدوية الستيرويدات مثل بريدنيزون، أن تقلل امتصاص الكالسيوم وتعطيل معالجة الجسم لفيتامين دي.
- الملينات المنبهة Stimulant laxatives. يمكن للاستخدام طويل الأجل للجرعات العالية من الملينات المنبهة أن تقلل فيتامين دي وامتصاص الكالسيوم.

- خطوات لمعالجة نقص فيتامين دي
> الداعي الرئيسي لتناول أدوية فيتامين دي هو نقصه في الجسم. ويفيد المتخصصون الطبيون في كليفلاند كلينك بأن تشخيص نقص فيتامين دي يتم عبر إجراء فحص مستوى فيتامين دي 25(OH)D في الدم. وحول سؤال: كم مرة يحتاج المرء لفحص مستويات فيتامين دي؟ يجيبون: «لا يطلب الأطباء عادةً إجراء فحوصات روتينية لمستويات فيتامين دي، لكنهم قد يحتاجون إلى فحص المستويات إذا كانت لديك حالات طبية معينة أو عوامل خطر لنقص فيتامين دي».
وعند ثبوت وجود نقص فيتامين دي بالجسم، يتم العلاج بتناول أحد المستحضرات الدوائية المحتوية على فيتامين دي.
وتعتمد كمية فيتامين دي اللازمة لتصحيح النقص على: شدة النقص والظروف الطبية الفردية لكل مريض. كما يؤثر الوقت من العام أيضاً على احتياجات الشخص من هذا الفيتامين. وعلى سبيل المثال، إذا كان لدى الشخص انخفاض مستويات فيتامين دي في الدم، وهو مقبل على أشهر الشتاء، فسيحتاج إلى كمية أكثر قليلاً مما لو كان مقبلاً على أشهر الصيف وسيقضي مزيداً من وقت تحت أشعة الشمس. المهم هو أن الهدف رفع نسبة فيتامين دي في الدم إلى مستويات آمنة وطبيعية.
والمكملات الدوائية الغذائية المحتوية على فيتامين دي - 3 D3هي الأفضل (من تلك التي تحتوي على فيتامين دي - 2 D2).
كما أن كمية ما يتناوله المريض من فيتامين دي، لا تفوق أهمية معرفة متى وكيف يتناوله. ويجب تناول أدوية مكملات فيتامين دي مع وجبة تحتوي على دهون. وأظهرت الدراسات أنه عند تناولها على معدة فارغة مقابل وجبة تحتوي على دهون، كان هناك معدل امتصاص أكبر لفيتامين دي بنسبة 32 في المائة في الوجبة المحتوية على دهون.
ووفق ما يقرره الطبيب، يمكن تناول بعض مكملات فيتامين دي الدوائية بشكل يومي أو أسبوعي أو شهري. وهي مسألة تفضيل، يناقشها الطبيب مع مريضه لوضع الخطة العلاجية الأمثل، وخاصةً مقدار الجرعة. وبعد إتمام فترة المعالجة، يوصى الطبيب بإجراء فحص للدم، ربما بعد شهرين إلى ثلاثة أشهر من إتمام برنامج العلاج، للتأكد من ارتفاع مستويات فيتامين دي.


مقالات ذات صلة

5 طرق فعّالة لتعزيز الصحة النفسية للمراهقين

صحتك يعاني كثير من المراهقين من مشكلات الصحة النفسية مثل الاكتئاب والضغط النفسي (رويترز)

5 طرق فعّالة لتعزيز الصحة النفسية للمراهقين

نقل موقع «سايكولوجي توداي» عن عدد من الأطباء النفسيين قولهم إن هناك 5 طرق يمكن للآباء اتباعها مع أبنائهم المراهقين لتعزيز صحتهم النفسية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الأطعمة فائقة المعالجة تُضاف إليها مواد صناعية لجعلها جذابة وسهلة الاستهلاك (جامعة «جونز هوبكنز»)

الأغذية المُصنّعة ترفع معدلات الوفاة المبكرة عالمياً

حذّرت دراسة عالمية من أن استهلاك الأطعمة فائقة المعالجة، مثل الوجبات الجاهزة والمقرمشات والمشروبات المحلاة، يرتبط بارتفاع خطر الوفيات المبكرة على مستوى العالم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق بعض المشاعر تسيطر علينا وتؤثر على نفسيتنا وقد تؤدي إلى تدمير حياتنا (رويترز)

من بينها «الشغف»... مشاعر جوهرية قد تؤدي إلى تدمير حياتك

الحياة مليئة بالتحديات، والتي ينبع بعضها عن مشاعر تسيطر علينا وتؤثر على نفسيتنا وقد تؤدي إلى تدمير حياتنا، على الرغم من أن بعضها يبدو إيجابياً.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك تؤثر اضطرابات الشبكية مثل التنكس البقعي والتهاب الشبكية الصباغي على ملايين الأشخاص حول العالم (موقع أخبار علوم الأعصاب)

حَقن العين بجزئيات الذهب يبشر بثورة في علاج مشكلات البصر

أظهرت دراسة جديدة أجراها باحثون من جامعة «براون» أن جزيئات الذهب النانوية قد تُستخدم يوماً ما للمساعدة في استعادة البصر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تناول الأطعمة فائقة المعالجة يرتبط بخطر الوفاة المبكرة (رويترز)

دراسة دولية: الأطعمة فائقة المعالجة تزيد خطر الوفاة المبكرة

أظهرت دراسة دولية جديدة أن استهلاك كميات كبيرة من الأطعمة فائقة المعالجة يزيد خطر الوفاة المبكرة، مما أثار دعوات متجددة لاتخاذ إجراءات صارمة ضد هذه الأطعمة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

ليس مجرد عادة... لـ«قضم الأظافر» عواقب جسدية ونفسية... كيف تحمي نفسك منها؟

قضم الأظافر يُعد من أكثر السلوكيات التكرارية المتمركزة على الجسم شيوعاً (رويترز)
قضم الأظافر يُعد من أكثر السلوكيات التكرارية المتمركزة على الجسم شيوعاً (رويترز)
TT
20

ليس مجرد عادة... لـ«قضم الأظافر» عواقب جسدية ونفسية... كيف تحمي نفسك منها؟

قضم الأظافر يُعد من أكثر السلوكيات التكرارية المتمركزة على الجسم شيوعاً (رويترز)
قضم الأظافر يُعد من أكثر السلوكيات التكرارية المتمركزة على الجسم شيوعاً (رويترز)

عند مناقشة السلوكيات التكرارية المتمركزة على الجسم، قد تتبادر إلى الأذهان حالات مثل حك الشعر أو قضم الجلد أو مضغ اللسان أو عض الشفاه. لكن قضم الأظافر يُعد أحد أكثر هذه السلوكيات شيوعاً، وغالباً ما يُهمل في العلاج. وعلى الرغم من تجاهله في كثير من الأحيان باعتباره عادة غير ضارة، فإن قضم الأظافر المزمن يمكن أن يؤثر بشكل كبير على الصحة البدنية والنفسية.

وفي حين أن العديد من الأفراد يمارسون قضم الأظافر من حين لآخر، وخاصة خلال فترات التوتر أو الملل، فإن قضم الأظافر المزمن قد يكون مُزعجاً. وبالنسبة للمصابين به، قد يكون السلوك تلقائياً أو يصعب التحكم فيه. ومع مرور الوقت، يمكن أن يؤدي إلى أضرار جسدية ظاهرة، بما في ذلك العدوى ومشاكل الأسنان وتغيرات في بنية الأظافر، بالإضافة إلى ضائقة نفسية تؤدي إلى الشعور بالخجل والقلق والانطواء الاجتماعي.

وعلى الرغم من شيوع قضم الأظافر، وأنه غالباً ما يُستهان به أو يُنظر إليه على أنه مجرد عادة عصبية، فإنه سلوك مدفوع بعوامل نفسية وعصبية معقدة، ويعد اضطراباً نفسياً يستحق الاعتراف به وفهمه وإيلائه الرعاية المناسبة، وفق ما ذكر موقع «سيكولوجي توداي» المَعنيّ بالصحة النفسية والعقلية.

ما الذي يُحفّز قضم الأظافر؟

مثل العديد من السلوكيات التكرارية المتمركزة على الجسم، يُعدّ قضم الأظافر سلوكاً غير متجانس، ويُعتقد أنه ينشأ عن مزيج من التأثيرات الجينية والعصبية والعاطفية والبيئية. وتشمل العوامل المساهمة الشائعة ما يلي:

التنظيم العاطفي: قد يكون قضم الأظافر وسيلةً لإدارة القلق أو التوتر أو التحفيز المفرط، كما يُمكن أن يُوفّر تحفيزاً خلال فترات الملل.

السعي للكمال وسلوكيات التزيين: قد يشعر الأفراد بالحاجة إلى تصحيح عيوب مُدركة، مثل الأظافر غير المُستوية، مما يُحفّز سلسلةً من حركات التزيين المُتكررة.

المكونات الحسية: قد يكون الإحساس اللمسي لقضم الأظافر مُهدئاً أو مُرضياً بطبيعته.

الروابط العصبية والوراثية: تُشير الأبحاث إلى أن السلوكيات التكرارية المتمركزة على الجسم قد تشترك في أوجه تشابه جينية وعصبية مع حالات مثل اضطراب الوسواس القهري، واضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط.

عواقب قضم الأظافر المزمن

في حين قد يُنظر إلى قضم الأظافر على أنه أمر مقبول اجتماعياً، فإن آثاره طويلة المدى قد تكون كبيرة، ومنها:

مضاعفات الأسنان: قد يُسهم قضم الأظافر المزمن في عدم محاذاة الأسنان، وتآكل مينا الأسنان، وحتى تكسرها.

الالتهابات: قد يُلحق القضم المتكرر الضرر بالجلد المحيط بالأظافر، مما يُتيح دخول البكتيريا ويؤدي إلى التهابات مؤلمة مثل التهاب الظفر.

مخاطر الجهاز الهضمي: قد يزيد دخول البكتيريا، من خلال ملامسة الأظافر عن طريق الفم، من احتمالية الإصابة بأمراض الجهاز الهضمي.

الآثار النفسية والاجتماعية: غالباً ما يشعر الأفراد بالحرج أو الخجل من مظهر أيديهم، مما قد يؤدي إلى تجنب التفاعلات الاجتماعية.

استراتيجيات العلاج

يتطلب التوقف عن قضم الأظافر أكثر من مجرد قوة الإرادة. هناك مجموعة متنوعة من الاستراتيجيات العلاجية الفعالة، منها:

التدريب على عكس العادات: يتضمن هذا النهج السلوكي زيادة الوعي بالمحفزات، وتعديل البيئة، واستبدالها باستجابة أقل ضرراً.

استخدام العوائق الجسدية: يمكن لأساليب مثل وضع طلاء أظافر ذي مذاق مر، أو قص الأظافر باستمرار، أو ارتداء القفازات أن تساعد في السيطرة على هذه العادة.

الاستبدال الحسي: يمكن للانخراط في أنشطة حسية بديلة (مثل مضغ علكة) أن يلبي الاحتياج دون التسبب في أي ضرر.

علاج الحالات المصاحبة: إذا كان قضم الأظافر مرتبطاً بحالات كامنة مثل القلق أو اضطراب نقص الانتباه مع فرط الحركة، فإن معالجة هذه الاضطرابات يمكن أن تقلل من تكرار السلوك.