تحذيرات دولية متزايدة من تداعيات الحرب الأوكرانية على الأمن الغذائي العالمي

33 دولة بينها 9 عربية تتبنى خريطة طريق أميركية لإبقاء أسواق الأغذية والأسمدة مفتوحة

جانب من اجتماع مجلس الأمن حول الأمن الغذائي العالمي أمس (رويترز)
جانب من اجتماع مجلس الأمن حول الأمن الغذائي العالمي أمس (رويترز)
TT

تحذيرات دولية متزايدة من تداعيات الحرب الأوكرانية على الأمن الغذائي العالمي

جانب من اجتماع مجلس الأمن حول الأمن الغذائي العالمي أمس (رويترز)
جانب من اجتماع مجلس الأمن حول الأمن الغذائي العالمي أمس (رويترز)

تصاعدت التحذيرات مجدداً، أمس (الخميس)، في أروقة الأمم المتحدة وحول الطاولة شبه الدائرية لمجلس الأمن من العواقب المدمرة للحرب التي تخوضها روسيا ضد أوكرانيا على الأمن الغذائي العالمي، ما يدفع ملايين البشر إلى حافة الجوع، خاصة في أفريقيا. فيما تبنت 33 دولة، من بينها 9 دول من العالم العربي، بينها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر ولبنان، بياناً قدمته الولايات المتحدة، ويتضمن «خريطة طريق» و«نداء عمل» للأمن الغذائي العالمي لمطالبة كل الدول بـ«إبقاء أسواقها الغذائية والزراعية مفتوحة» وعدم حظر تصدير الأغذية أو الأسمدة، فيما بدا أنه إشارة ضمنية إلى روسيا.
- اتهامات موسكو
وخلال ترؤسه اجتماع مجلس الأمن حول الأمن الغذائي، رفض وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن اتهامات موسكو بأن الأزمة ناجمة عن عقوبات الولايات المتحدة وحلفائها على روسيا، مؤكداً أن الجزاءات التي فرضها الغرب بسبب غزو روسيا لأوكرانيا استثنت المنتجات الزراعية والأسمدة تحديداً. وأكد أن العقوبات لم تساهم في أزمة الغذاء العالمية الناجمة عن الحرب في أوكرانيا. وشدد على أن «روسيا وحدها هي المسؤولة عن التحديات» التي تواجه الأمن الغذائي على نطاق عالمي. وأوضح أنه «بما أن قرار بدء هذه الحرب غير المبررة (اتخذته روسيا)، فإن المسؤولية عن انقطاع هذه الإمدادات والمعاناة التي تسببها حول العالم تقع بشكل مباشر وعلى عاتق الحكومة الروسية وحدها». وفي إشارة إلى أزمة الغذاء المتصاعدة في كل أنحاء العالم وسط الحرب الروسية الأوكرانية، أعلن تقديم 215 مليون دولار إضافية مساعدات غذائية طارئة جديدة لأوكرانيا. وقال: «سنفعل أكثر من ذلك بكثير». كما دعا الحلفاء والدول الأخرى إلى تخصيص مساعدات للمساعدة في تخفيف التهديد الذي يلوح في الأفق، المتمثل في انعدام الأمن الغذائي الحاد بسبب الحرب الروسية.
- بلدان الموارد
ودعا بلينكن البلدان التي لديها احتياطات كبيرة من الحبوب والأسمدة، وكذلك تلك التي لديها موارد مالية تحتاج إلى التعجيل والقيام بذلك بسرعة. وتوقع أن يوافق الكونغرس على نحو 5.5 مليون دولار كتمويل إضافي للمساعدات الإنسانية والأمن الغذائي. ومن المقرر أيضاً أن تلتزم الولايات المتحدة بتقديم 500 مليون دولار لتعزيز إنتاج الأسمدة في الولايات المتحدة.
وأعلنت الولايات المتحدة تقديم أكثر من 2.3 مليار دولار في شكل تمويل جديد للمساعدات الغذائية الطارئة لتلبية الحاجات الإنسانية العالمية منذ الغزو الروسي لأوكرانيا.
وأوكرانيا هي ثاني أكبر منتج للحبوب في العالم، بينما تحتل روسيا المرتبة الأولى في إنتاج الأسمدة الزراعية في العالم. ومع بدء الحرب، انخفض الإنتاج والصادرات بكميات كبيرة، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار بشكل كبير. كما أن ارتفاع أسعار الأسمدة أدى إلى ارتفاع أسعار الحبوب.
- 4 إجراءات
ورأى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، خلال كلمة أمام مجلس الأمن، أن «هناك 4 إجراءات يمكن للبلدان اتخاذها الآن لكسر الديناميكية المميتة للنزاع والجوع»، قائلاً: «نحن بحاجة إلى إنهاء الحرب في أوكرانيا». ودعا أعضاء المجلس إلى «بذل كل ما في وسعهم لإسكات البنادق وتعزيز السلام في أوكرانيا وفي كل مكان». وحضّ المجلس على «اتخاذ أقصى قدر من الإجراءات»، مؤكداً أن «هناك ما يكفي من الغذاء للجميع في العالم». لكن «القضية هي التوزيع، وهي مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالحرب في أوكرانيا».
وتحدث أيضاً عن إنشاء مجموعة الاستجابة للأزمات العالمية بشأن الغذاء والطاقة والتمويل في مارس (آذار) لتقديم البيانات والتحليلات واقتراح الحلول.
وكان المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي، ديفيد بيزلي، لفت خلال اجتماع وزاري رفيع، الأربعاء، إلى أن «عالمنا شديد الهشاشة» نتيجة سنوات الصراع والأوبئة والتهديدات المناخية. وأضاف أن «العجز الحالي في التمويل يمكن أن يعيق وصول ما يصل إلى 4 ملايين شخص إلى الغذاء». وحذر من أن «الإخفاق في فتح الموانئ» في أوكرانيا وخارجها سيدفع الناس في أفريقيا إلى شفا المجاعة. وأكد أنه على رغم أن «الصوامع ممتلئة»، فإن الحصار والعوائق الأخرى تجعل الوصول إليها غير ممكن.
- خريطة طريق ونداء
وبموازاة ذلك، أصدرت الولايات المتحدة بصفتها رئيسة للاجتماع الوزاري للأمن الغذائي العالمي، الذي انعقد في المقر الرئيسي للأمم المتحدة في نيويورك، بياناً أيدته 33 دولة، منها 9 دول عربية، تضمن «خريطة طريق للأمن الغذائي العالمي» و«نداء عمل» بغية «تأكيد التزامنا العمل على وجه السرعة وعلى نطاق واسع وبالتناغم للاستجابة للحاجات الملحة للأمن الغذائي والتغذية لملايين الأشخاص الذين يعانون أوضاعاً هشة في العالم». والتزمت تقديم «مساعدة إنسانية فورية، وبناء صمود من هم في أوضاع هشة، ودعم الحماية الاجتماعية وشبكات الأمان، وتعزيز النظم الغذائية المستدامة والمرنة والشاملة بما يتماشى مع أهداف خطة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة لعام 2030 وأهدافها (…) وأهداف قمة الأمم المتحدة بشأن النظم الغذائية لعام 2021». ولاحظت الدول الـ33 «بقلق بالغ» أن التقرير العالمي لعام 2022 الصادر حديثاً عن أزمات الغذاء يشير إلى أن عدد الأشخاص الذين يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد ارتفع بشكل كبير من 135 مليوناً عام 2019 إلى 193 مليوناً عام 2021 في 53 دولة في أمسّ الحاجة إلى المساعدة، علاوة على «معاناة نحو 40 مليون شخص في 36 دولة من مستويات طارئة من انعدام الأمن الغذائي الحاد»، أي أن هؤلاء صاروا «على بعد خطوة واحدة فقط» من المجاعة. وأشارت إلى أن هذه الأزمة ناجمة عن النزاعات والأحداث المتطرفة المتصلة بالمناخ، مثل فترات الجفاف والفيضانات التاريخية المتعددة المواسم والصدمات الاقتصادية، بما في ذلك آثار جائحة «كوفيد 19» على سبل العيش والدخل وأسعار الغذاء، وكثير من التهديدات الأخرى التي تهدد صحة الإنسان والحيوان والمحاصيل، وأن «توقعات الأمن الغذائي لعام 2022 وما بعده قاتمة». وقالت: «مما زاد الطين بلة غزو روسيا لأوكرانيا. الأمر الذي أدى إلى تفاقم هذا الوضع المتردي أصلاً».
- دعم المبادرة
وأعلنت الدول الموقعة على البيان أنها «تدعم بقوة المبادرة السريعة» للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لـ«ضمان استجابة منسقة وشاملة من خلال مجموعة الاستجابة للأزمات العالمية التابعة للأمانة العامة للأمم المتحدة والمعنية بالأغذية والطاقة والتمويل». ورحّبت بجهود مجموعة السبع بقيادة الرئاسة الألمانية لتحديد الأولويات والاستجابة لأزمة الأمن الغذائي العالمية المتصاعدة. وأشارت أيضاً إلى «إعلان ماتيرا» لمجموعة العشرين بشأن الأمن الغذائي. وكذلك رحّبت بالمبادرات المختلفة التي اتخذها الاتحاد الأفريقي للقضاء على الجوع وانعدام الأمن الغذائي في أفريقيا.
- أزمة الأسمدة الزراعية
وكجزء من «خريطة الطريق للأمن الغذائي العالمي»، دعت الدول الـ33 إلى اتخاذ «إجراءات» تتضمن «تقديم تبرعات مالية جديدة» و«تبرعات عينية» للمنظمات الإنسانية الرئيسية لنقل وتسليم السلع الغذائية. وفي إشارة ضمنية إلى روسيا، من دون تسميتها، قالت إنه «يجب على كل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إبقاء أسواقها الغذائية والزراعية مفتوحة وتجنب التدابير التقييدية غير المبررة، مثل حظر تصدير الأغذية أو الأسمدة، التي تزيد من تقلب السوق وتهدد الأمن الغذائي والتغذية على نطاق عالمي، خاصة بين أولئك الذين هم في أوضاع ضعيفة بالفعل، ويعانون من زيادة الفقر والجوع وسوء التغذية». ودعت كل الأعضاء لضمان النقل البحري الآمن في البحر الأسود. وحضّت الدول «التي لديها الموارد المتاحة» على «زيادة إنتاج الأسمدة موقتاً من أجل تعويض النقص».
وأيّد البيان كل من السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت وقطر ومصر ولبنان واليمن وتونس وموريتانيا وألبانيا وأستراليا والبرازيل وجمهورية الكونغو الديمقراطية وفرنسا وألمانيا وغانا وغويانا وإندونيسيا وآيرلندا وإيطاليا واليابان وكينيا وليتوانيا والمكسيك وهولندا ونيجيريا والنرويج ورومانيا والسنغال والسويد وتركيا والمملكة المتحدة وأوكرانيا.


مقالات ذات صلة

روسيا: قصف كييف يأتي رداً على هجوم بصواريخ أميركية

أوروبا رجال الإطفاء يظهرون في موقع تعرض لهجوم صاروخي روسي على كييف (أ.ب)

روسيا: قصف كييف يأتي رداً على هجوم بصواريخ أميركية

ذكرت وزارة الدفاع الروسية أن هجوماً صاروخياً أسفر عن مقتل أربعة أشخاص في كييف، خلال الليل، جاء رداً على هجوم أوكراني في وقت سابق من الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الولايات المتحدة​ الاستعدادات جارية لحفل تنصيب ترمب أمام مبنى الكابيتول في 12 يناير 2025 (أ.ف.ب)

ترمب في عهده الثاني: نسخة جديدة أم تكرار لولايته الأولى؟

يأمل كبار السياسيين بواشنطن في أن تكون إدارة دونالد ترمب الثانية مختلفة عن الأولى، وأن يسعى لتحقيق توازن في الحكم ومدّ غصن زيتون للديمقراطيين.

رنا أبتر (واشنطن)
أوروبا أفراد من القوات العسكرية البولندية خلال العرض العسكري لإحياء ذكرى انتصار بولندا على الجيش الأحمر السوفياتي عام 1920 في وارسو 15 أغسطس 2023 (رويترز)

كيف تستعد بولندا لإعادة التسلح الأوروبي؟

بوصفها «أفضل طالب» في حلف الناتو، تحاول بولندا إشراك شركائها في مواجهة تحدي زيادة الإنفاق الدفاعي ومواجهة التهديد الروسي، حسب تقرير لصحيفة «لوفيغارو».

«الشرق الأوسط» (وارسو)
أوروبا خلال إطلاق صاروخ «أتاكمز» الأميركي الصنع نحو مياه البحر الشرقي قبالة كوريا الجنوبية في 5 يوليو 2017 (رويترز)

روسيا تتهم أوكرانيا باستخدام صواريخ «أتاكمز» الأميركية مجدداً وتتوعد بالرد

قالت وزارة الدفاع الروسية، الجمعة، إن أوكرانيا شنت هجوماً على منطقة بيلغورود بـ6 صواريخ «أتاكمز» أميركية الصنع، الخميس.

«الشرق الأوسط» (موسكو )
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ماريندرا مودي (رويترز)

تقرير: مقتل هندي في حرب أوكرانيا يجدد التوترات بين نيودلهي وموسكو

سلطت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية الضوء على قضية الهنود الذين يقتلون خلال قتالهم مع الجيش الروسي في حربه ضد أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

السعودية تشارك في «دافوس 2025» تجاربها لتحفيز النمو الاقتصادي

الأمير فيصل بن فرحان خلال مشاركته في إحدى جلسات منتدى دافوس 2024 (الخارجية السعودية)
الأمير فيصل بن فرحان خلال مشاركته في إحدى جلسات منتدى دافوس 2024 (الخارجية السعودية)
TT

السعودية تشارك في «دافوس 2025» تجاربها لتحفيز النمو الاقتصادي

الأمير فيصل بن فرحان خلال مشاركته في إحدى جلسات منتدى دافوس 2024 (الخارجية السعودية)
الأمير فيصل بن فرحان خلال مشاركته في إحدى جلسات منتدى دافوس 2024 (الخارجية السعودية)

تستعرض السعودية تجاربها لتحفيز النمو الاقتصادي، ومساعيها لتعزيز الحوار الدولي، خلال مشاركتها بوفد رفيع المستوى في الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي 2025، الذي تستضيفه مدينة دافوس السويسرية بين 20 و24 يناير (كانون الأول) الحالي.

ويضم الوفد الذي يرأسه الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية، كلاً من الدكتور ماجد القصبي وزير التجارة، وأحمد الخطيب وزير السياحة، وعادل الجبير وزير الدولة للشؤون الخارجية عضو مجلس الوزراء ومبعوث شؤون المناخ، والمهندس خالد الفالح وزير الاستثمار، ومحمد الجدعان وزير المالية، والمهندس عبد الله السواحه وزير الاتصالات وتقنية المعلومات، وبندر الخريّف وزير الصناعة والثروة المعدنية، وفيصل الإبراهيم وزير الاقتصاد والتخطيط.

ويأتي الاجتماع هذا العام تحت شعار «التعاون لمواكبة عصر التقنيات الذكية»، في وقت يشهد فيه العالم تزايداً في التحديات الإنسانية والمناخية والاقتصادية والجيوسياسية، كما يجمع المنتدى قادة العالم لاستكشاف أبرز الحلول للتحديات العالمية، وإدارة الانتقال العادل والشامل للطاقة.

ويهدف وفد السعودية من خلال هذه المشاركة إلى التعاون مع المجتمع الدولي تحت شعار «نعمل لمستقبل مزدهر للعالم»، وذلك لمناقشة الحلول المبتكرة لمواجهة هذه التحديات، ومشاركة أفضل التجارب لتحفيز النمو الاقتصادي العالمي، واستعراض قصص نجاح البلاد في مختلف المجالات.

وسيسلّط الضوء على دور السعودية في تعزيز الحوار الدولي عبر دبلوماسية فعّالة تهدف إلى بناء أرضية مشتركة، وإبراز النهج العملي والواقعي والعادل الذي تتبعه البلاد لتحقيق المستهدفات المناخية الطموحة، وإسهاماتها في الانتقال إلى مستويات طاقة نظيفة تدعم التحولات المستدامة.

ويجمع المنتدى عدداً من رؤساء الدول وقادة من الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني، وكبار المفكرين في المؤسسات الأكاديمية ودور الفكر. وتقود «وزارة الاقتصاد» علاقة السعودية معه، بوصفها خطوة استراتيجية لدعم حضور البلاد على الساحة الدولية وتحقيق أهداف «رؤية 2030».

ويسعى الاجتماع الخاص لتعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص لاستكشاف الفرص المستقبلية، ومراجعة الحلول والتطورات بمختلف القطاعات الاقتصادية والتنموية ضمن إطار التعاون الدولي والعمل المشترك بين الحكومات والمؤسسات المختلفة.

ويشارك فيه ممثلو نحو 100 حكومة ومنظمات دولية كبرى، و1000 من كبار ممثلي القطاع الخاص، والمجتمع المدني، والمؤسسات الأكاديمية، وعدد من قادة التغيير الشباب.