بعد فترة من الانتظار، تجاوزت الأسابيع الثلاثة، حزم الرئيس إيمانويل ماكرون أمره، فوقع اختياره على إليزابيث بورن، وزيرة العمل في حكومة جان كاستيكس، لتكليفها ترؤس وتشكيل حكومة العهد الأولى في ولاية ماكرون الثانية.
وبعد ظهر أمس، تسارعت الأمور، فيما كان الترقب سيد الموقف، والتساؤلات متكاثرة حول الأسباب التي تجعل ماكرون يتريث في تكليف شخصية، يناط بها وبالحكومة، التي سترى النور تحت قيادتها، وضع برنامج ووعود ماكرون الانتخابية موضع التنفيذ. وكان ماكرون قد وضع «صفات» محددة لرئيس أو رئيسة الحكومة الجديدة، منها التزام قضية البيئة والمناخ واهتماماته بالشأن الاجتماعي وحرصه على إنتاجية الإدارة والاقتصاد. ويبدو من خلال تكليف إليزابيث بورن، التي سبق لها أن شغلت وزارة النقل والبيئة، وقبلها مديرة مكتب الوزيرة الاشتراكية سيغولين رويال، أن ماكرون قد عثر فيها على ضالته. ومباشرة بعد الانتخابات، برز اسم بورن كمرشحة محتملة. لكن ظهرت إلى جانبها أسماء نساء ورجال آخرين، ومن بين النساء مديرة عام منظمة اليونيسكو أودري أزولاي، والوزيرة الاشتراكية السابقة ماريسول تورين، أو الوزيرة اليمينية كاترين فوترين، أو الوسطية فليري ليتارد. وأفادت أوساط مباشرة لماكرون، بعد الجولة الرئاسية الثانية في 24 أبريل (نيسان) الماضي، التي وفّرت له ولاية جديدة من 5 سنوات، أن الرئيس المجدد له راغب في أن تحل امرأة في المنصب الثاني في السلطة التنفيذية.
ومع تكليفها، تكون بورن ثاني امرأة تحتل منصب رئاسة الحكومة، ما جعل فرنسا متأخرة جداً عن الركب الأوروبي، إذ تكفي الإشارة إلى رئيسة الوزراء البريطانية مارغريت ثاتشر، أو المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، للتدليل على ذلك. وحالياً، تشغل المنصب نفسه امرأتان في فنلندا والسويد. وسبقت بورن إلى هذا المنصب أديث كريسون ما بين العامين 1991 و1992 حين عهد إليها الرئيس الاشتراكي الأسبق فرنسوا ميتران رئاسة الحكومة، إلا أن تجربتها كانت مريرة، وانصبت عليها كل الانتقادات من الجهات بشكل غير مسبوق، بل إنها اتهمت بوجود علاقة لها مع الرئيس الأسبق، بل أطلق عليها لقب «مدام بومبادور» عشيقة الملك لويس الخامس عشر. وفي مقابلة مع صحيفة «جي دي دي» الأسبوعية، تمنت لخليفتها «كثيراً من الشجاعة» لمواجهة «الثقافة الذكورية» الغالبة.
وعصر أمس، قدّم كاستيكس استقالة حكومته، التي تحملت المسؤولية لعامين في فترة اشتداد جائحة «كوفيد 19» وتحوراته. وكلّف ماكرون الأخير تسيير الأعمال العادية حتى تكليف من يخلفه في المنصب. وستعمل إليزابيث بورن، بالتعاون مع رئاسة الجمهورية، على تشكيل الحكومة الجديدة التي ستخرج منها على الأرجح شخصيات كبرى، قد يكون أولها وزير الخارجية جان إيف لودريان، ووزيرة الدفاع فلورانس بارلي. ويريد ماكرون وجوهاً جديدة في الحكومة العتيدة التي يفترض ألا يتأخر تشكيلها. وسيكون على ماكرون وبورن إرضاء الأحزاب والشخصيات التي عملت لإعادة انتخابه. وثمة استحقاق قريب يلوح في الأفق، هو الانتخابات البرلمانية التي ستحصل يومي 12 و19 يونيو (حزيران) المقبل، والتي يقدر لها أن تُدخل تغييرات كبيرة على صورة البرلمان، نظراً للتقدم المتوقع للوائح اليسار المتحد، بقيادة المرشح الرئاسي، زعيم حزب «فرنسا المتمردة» الذي حصل على أكثر من 7 ملايين صوت في الجولة الرئاسية الأولى، ونجح في تجميع صفوف اليسار والبيئيّين للحصول على أكبر مجموعة نيابية، يريد منها أن تفرضه رئيساً للحكومة التي ستلي الانتخابات. كذلك، ينتظر أن يحصل حزب «التجمع الوطني» اليميني المتطرف على مزيد من النواب الشهر المقبل. وكانت مرشحته مارين لوبن قد خسرت الجولة الحاسمة بوجه إيمانويل ماكرون، وهي مرشحة للانتخابات النيابية في دائرة بومون هينان (شمال فرنسا) التي مثّلتها في المجلس المنتهية ولايته.
ماكرون يختار امرأة لرئاسة حكومة عهده الثاني
تحديات كثيرة تنتظر إليزابيث بورن... أولها الانتخابات التشريعية الشهر المقبل
ماكرون يختار امرأة لرئاسة حكومة عهده الثاني
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة