معتقلون يخرجون أحياء من السجون السورية بعد «موتهم في السجلات»

أرقام المفرج عنهم بموجب العفو الرئاسي لا تزال «ضئيلة»

معتقلون يخرجون أحياء من السجون السورية بعد «موتهم في السجلات»
TT

معتقلون يخرجون أحياء من السجون السورية بعد «موتهم في السجلات»

معتقلون يخرجون أحياء من السجون السورية بعد «موتهم في السجلات»

كشفت عملية الإفراج المستمرة عن المعتقلين من السجون السورية، بموجب مرسوم العفو عن «الجرائم الإرهابية»، الذي أصدرته الرئاسة، خروج معتقلين كانت السلطات أبلغت ذويهم، في وقت سابق، بأنهم ماتوا.
وروت مصادر أهلية تواصلت مع «الشرق الأوسط»، أن عائلة الشاب «ز.م» المعتقل في السجون منذ عشرة أعوام، وبعدما بذلت جهوداً كبيرة لمعرفة مصير ولدها، ولكنها لم تفلح، تم إبلاغها قبل عامين من قبل السلطات بأن ولدها مات في السجن، وقد شاهدت اسمه مدرجاً في قوائم معتقلين توفوا في السجون جرى تعميمها على دوائر الإدارات المحلية في المحافظات، وتسلَّمت بطاقته الشخصية.
وذكرت المصادر أن العائلة، منذ ذلك الوقت، فقدت الأمل في أن يكون ابنها على قيد الحياة، ولم تكترث لمرسوم العفو الجديد، لكن مَن بقي من أفراد العائلة على قيد الحياة تفاجأوا، وأُصيبوا بدهشة لا توصف، بعودة «ز.م» الذي تم الإفراج عنه بموجب مرسوم العفو. ولفتت إلى أن حالة الذهول الممزوجة بالفرح، التي أُصيب بها أفراد العائلة لدى مشاهدة «ز.م»، دفعت بعضهم إلى التدقيق بشكل كبير في ملامحه للتأكد من أنه هو فعلاً، بينما هو، ورغم سقمه وتعبه الشديد الذي بدا عليه، راح يردد أسماء والده ووالدته وإخوته وأخواته وبعض أسماء أعمامه وأخواله وأجداده، ليؤكد أنه هو «ز.م»، بينما تجمع أقاربه وعدد من جيران أهله في المنزل للتهنئة.
في المقابل، تحدث والد أحد المعتقلين لـ«الشرق الأوسط»، عن أن ابنه المعتقل منذ 10 سنوات لم يتم الإفراج عنه بعد، و«ليس لدينا أي معلومة عن مكان وجوده ومصيره»، وقال: «سألنا كثيرين ممن خرجوا، ولكن لا أحد منهم يعرف عنه شيئاً».
وينشر كثير من أهالي معتقلين لم يخرجوا حتى الآن، وآخرون لا يعلمون شيئاً عن مصير ذويهم منشورات على منصات التواصل الاجتماعي تتضمن أسماء ذويهم المعتقلين ومناشدات لمن خرجوا، إن كان لديهم معلومات عنهم، لإبلاغهم بها عبر أرقام هواتف تُكتب في المنشورات.
وتتواصل عملية تنفيذ مرسوم العفو عن «الجرائم الإرهابية» الذي أصدرته الرئاسة، في 30 من أبريل (نيسان) الماضي، واستثنى «الجرائم» التي «أفضت إلى موت إنسان». وتداول ناشطون في سوريا عبر منصات التواصل الاجتماعي صوراً لتجمعات تضم المئات من ذوي المعتقلين، في منطقة «جسر الرئيس» وسط العاصمة دمشق، وساحة مدينة صيدنايا وضاحية عدرا بريف دمشق الشمالي، وكذلك في حماة وحمص، على أمل أن يكونوا ما زالوا على قيد الحياة، واللقاء بهم بعد تغييبهم في السجون والمعتقلات منذ سنوات. وأفادت مصادر «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، بأن «دفعات جديدة من المعتقلين يجري إطلاق سراحهم تباعاً من مختلف المحافظات السورية، حيث ارتفع تعداد المفرج عنهم بموجب العفو الرئاسي إلى 640 معتقلاً وسجيناً من جميع المحافظات السورية، من ضمنهم أشخاص جرى اعتقالهم خلال الأشهر الماضية بقضايا جنائية، وبعضهم الآخر ممن كان معتقلاً لدى أفرع النظام الأمنية بقضايا إرهاب، وسط وعود مستمرة من قِبل مسؤولي النظام وضباطه بالإفراج عن أعداد أكبر خلال الأيام والساعات المقبلة».
وتحدث «المرصد السوري»، بأن مناطق سيطرة الحكومة «تشهد توافد أعداد كبيرة من الأهالي، من ضمنهم أهالي جرى توثيق استشهاد أبنائهم خلال فترات سابقة، إلى أمام المباني الحكومية التي سيصل إليها أعداد من المعتقلين ممن يتم الإفراج عنهم، على أمل اللقاء بأبنائهم».
واعتبر «المرصد السوري»، أن تعداد المفرج عنهم حتى اللحظة يُعد رقماً «ضئيلاً جداً، حيث من المفترض أن يُفرج عن آلاف بل عشرات الآلاف من المعتقلين بموجب هذا (العفو)، بيد أن ذلك لم يحدث رغم مرور أيام على صدور العفو».
وتشير إحصائيات «المرصد السوري» إلى أن «969854 شخصاً بينهم 155002 مواطنة تم اعتقالهم منذ بداية الثورة السورية في مارس (آذار) 2011 من قِبَل أجهزة النظام الأمنية، بينما عدد المعتقلين المتبقين في سجون النظام بلغ 152713، بينهم 41312 مواطنة». وذكر «المرصد السوري» أن أكثر من 105 آلاف معتقل قضوا تحت التعذيب في السجون، من ضمنهم أكثر من 83 في المائة جرت تصفيتهم وقتلهم ومفارقتهم للحياة داخل هذه المعتقلات، في الفترة الواقعة ما بين شهر مايو (أيار) 2013 وشهر أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2015.
وسبق لـ«المرصد السوري»، أن أشار إلى أن عمليات الإفراج ستستمر حتى يونيو (حزيران) المقبل، فيما أكدت وزارة العدل السورية التي تتولى تنفيذ المرسوم، أن جميع السجناء المشمولين بالعفو سيتم إطلاقهم تباعاً خلال الأيام المقبلة، فيما قال خبراء بالمصطلحات التي ترد في مثل هذه المراسيم، لـ«الشرق الأوسط»، إن بعض مَن وجهت لهم تهمة «جريمة إرهابية أفضت إلى موت إنسان»، الذين استثناهم المرسوم من العفو، «ربما جرى إعدامهم».


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
TT

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

يواصل «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» تقديم المشاريع والمبادرات التنموية في التمكين الاقتصادي للمرأة والشباب والمجتمعات، والاستثمار في رأس المال البشري، ودعم سبل العيش والمعيشة.

وذكر تقرير حديث عن البرنامج أن البرامج والمبادرات التنموية التي يقدمها البرنامج السعودي ركزت في المساهمة على بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد، من خلال برنامج «بناء المستقبل للشباب اليمني» الذي يساهم في ربط الشباب اليمني بسوق العمل عبر تدريبهم وتمكينهم بالأدوات والممكنات المهارية.

ويساعد البرنامج الشباب اليمنيين على خلق مشاريع تتلاءم مع الاحتياجات، ويركّز على طلاب الجامعات في سنواتهم الدراسية الأخيرة، ورواد الأعمال الطموحين، وكان من أبرز مخرجاته تخريج 678 شاباً وشابةً في عدد من التخصصات المهنية، وربط المستفيدين بفرص العمل، وتمكينهم من البدء بمشاريعهم الخاصة.

وشملت المشاريع والمبادرات برامج التمكين الاقتصادي للسيدات، بهدف تعزيز دور المرأة اليمنية وتمكينها اقتصادياً.

تدريبات مهنية متنوعة لإعداد الشباب اليمني لسوق العمل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

وأشار التقرير إلى أن برنامج «سبأ» للتمكين الاقتصادي للسيدات، الذي أسهم في إنشاء أول حاضنة أعمال للنساء في مأرب، وإكساب 60 سيدة للمهارات اللازمة لإطلاق مشاريعهن، وإطلاق 35 مشروعاً لتأهيل وتدريب قطاع الأعمال ودعم 35 مشروعاً عبر التمويل وبناء القدرات والخدمات الاستشارية، مع استفادة خمسة آلاف طالبة من الحملات التوعوية التي تم تنظيمها.

وإلى جانب ذلك تم تنظيم مبادرة «معمل حرفة» في محافظة سقطرى لدعم النساء في مجال الحرف اليدوية والخياطة، وتسخير الظروف والموارد المناسبة لتمكين المرأة اليمنية اقتصادياً.

وقدم «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» مشروع الوصول إلى التعليم في الريف، الذي يهدف إلى حصول 150 فتاة على شهادة الدبلوم العالي وتأهيلهن للتدريس في مدارس التعليم العام، في أربع محافظات يمنية هي: لحج، شبوة، حضرموت، والمهرة، بما يسهم في الحد من تسرب الفتيات في الريف من التعليم وزيادة معدل التحاقهن بالتعليم العام في المناطق المستهدفة.

وقدّم البرنامج مشروع «دعم سبل العيش للمجتمعات المتضررة»، الموجه للفئات المتضررة عبر طُرق مبتكرة لاستعادة سبل المعيشة الريفية وتعزيز صمود المجتمعات المحلية من خلال دعم قطاعات الأمن الغذائي، مثل الزراعة والثروة السمكية والثروة الحيوانية، لأهمية القطاعات الأكثر حساسية للصدمات البيئية والاقتصادية، موفراً أكثر من 13 ألف فرصة عمل للمستفيدين من المشروع.

البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن يساهم في إنشاء أول حاضنة أعمال للنساء في مأرب (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

وضمن البرامج والمبادرات التنموية المستدامة، جاء مشروع استخدام الطاقة المتجددة لتحسين جودة الحياة في اليمن، بهدف توفير المياه باستخدام منظومات الطاقة الشمسية، وتوفير منظومات الري الزراعي بالطاقة المتجددة، وتوفير الطاقة للمرافق التعليمية والصحية، والمساهمة في زيادة الإنتاج الزراعي وتحسين الأمن الغذائي لليمنيين.

كما يهدف المشروع إلى حماية البيئة من خلال تقليل الانبعاثات الكربونية، وتوفير مصدر مستدام للطاقة، محققاً استفادة لأكثر من 62 ألف مستفيد في 5 محافظات يمنية.

وفي مساعيه لتعزيز الموارد المائية واستدامتها، أطلق البرنامج مشروع تعزيز الأمن المائي بالطاقة المتجددة في محافظتي عدن وحضرموت، لتحسين مستوى خدمات المياه والعمل على بناء قدرات العاملين في الحقول على استخدام وتشغيل منظومات الطاقة الشمسية.

تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

ومن خلال مشروع المسكن الملائم، يسعى البرنامج إلى المساهمة في تعزيز التنمية الحضرية وإيجاد حل مستدام للأسر ذات الدخل المحدود في المديريات ذات الأولوية في محافظة عدن من خلال إعادة تأهيل المساكن المتضررة، وقد ساهم المشروع في إعادة تأهيل 650 وحدة سكنية في عدن.

وتركّز البرامج التنموية على المساهمة في بناء قدرات الكوادر في القطاعات المختلفة، وقد صممت عدد من المبادرات في هذا الجانب، ومن ذلك مبادرات تدريب الكوادر في المطارات مركزة على رفع قدراتهم في استخدام وصيانة عربات الإطفاء، ورفع درجة الجاهزية للتجاوب مع حالات الطوارئ، والاستجابة السريعة في المطارات اليمنية، إضافة إلى ورش العمل للمساهمة في الارتقاء بمستوى الأداء وتذليل المعوقات أمام الكوادر العاملة في قطاعات المقاولات والزراعة.