«منبر قايتباي» وقطع ثمينة تحكي قصة عمارة المسجد النبوي

أمير المدينة المنورة: المعرض يحفظ ويوثق عمارة المسجد منذ عهد النبوة إلى وقتنا الحاضر

الأمير فيصل بن سلمان، أمير المدينة المنورة، ينظر إلى إحدى القطع النادرة خلال تدشينه معرض عمارة المسجد النبوي في المدينة المنورة (الشرق الأوسط)
الأمير فيصل بن سلمان، أمير المدينة المنورة، ينظر إلى إحدى القطع النادرة خلال تدشينه معرض عمارة المسجد النبوي في المدينة المنورة (الشرق الأوسط)
TT

«منبر قايتباي» وقطع ثمينة تحكي قصة عمارة المسجد النبوي

الأمير فيصل بن سلمان، أمير المدينة المنورة، ينظر إلى إحدى القطع النادرة خلال تدشينه معرض عمارة المسجد النبوي في المدينة المنورة (الشرق الأوسط)
الأمير فيصل بن سلمان، أمير المدينة المنورة، ينظر إلى إحدى القطع النادرة خلال تدشينه معرض عمارة المسجد النبوي في المدينة المنورة (الشرق الأوسط)

افتتح الأمير فيصل بن سلمان بن عبد العزيز، أمير منطقة المدينة المنورة، أول من أمس معرض عمارة المسجد النبوي الذي يستعرض تاريخ التوسعات التي شهدها المسجد منذ بنائه في عهد النبي مروراً بعصر الخلفاء الراشدين والعصور المتعاقبة حتى العهد السعودي الزاهر، بالإضافة إلى بعض المقتنيات والقطع الأثرية النادرة المرتبطة به.
المعرض يحتوي على العديد من القطع الأثرية التي تحكي قصة عمارة المسجد النبوي، وإبراز الجوانب المعمارية للمسجد ويسلط الضوء على خصوصيته ومكانته، وفضل عمارته، وما يمتاز به من خصائص عمرانية، بالإضافة إلى عرض نماذج معمارية وتاريخية فريدة من أهمها منبر قايتباي الذي يعود تاريخه إلى أكثر من 600 عام، إضافة إلى عدد من المقتنيات الثمينة المودعة في المعرض، ويستخدم المعرض، التقنيات الحديثة لعرض المحتويات، ويعتمد على بيان تسلسل عمارة المسجد النبوي بلغات متعددة.
ويعتبر منبر «قايتباي» الذي يعود إلى تاريخه إلى عام 888 للهجرة 1483 ميلادية من أهم القطع الأثرية لعمارة المسجد النبوي، حيث أهداه السلطان الأشرف قايتباي للمسجد النبوي الشريف بعد الحريق الذي شب في المسجد النبوي عام 886 للهجرة، ووضع في مكان منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستمر فيه إلى عام 998 للهجرة، حيث أرسل السلطان مراد الثالث منبراً جديداً وضع موضعه، ونقل منبر قايتباي هذا إلى مسجد قباء.
وفي عام 1405 للهجرة 1985 ميلادية جرت التوسعة الكبرى لمسجد قباء، واستبدل بعدها هذا المنبر بمنبر آخر، واحتفظ به في مستودعات مكتبة الملك عبد العزيز الوقفية بالمدينة المنورة، حتى عام 2018، ليصدر أمير المدينة المنورة الأمير فيصل بن سلمان رئيس مجلس نظارة مركز بحوث ودراسات المدينة المنورة بترميم هذا المنبر التاريخي وتأهيله، حرصاً منه على التراث النادر المرتبط بتاريخ المدينة المنورة بشكل عام، والمسجد النبوي بشكل خاص.
وأشاد أمير المدنية المنورة خلال الافتتاح الذي حضره نائب أمير المنطقة الأمير سعود بن خالد الفيصل بالمعرض الذي يعد نواة لعدد من المتاحف والمعارض المهتمة بالإرث التاريخي والإسلامي للمدينة المنورة والتي ستساهم في إشباع فضول زوار المدينة النبوية وتثري رحلتهم إلى السعودية حاضنة الحرمين الشريفين.
وأشار الأمير فيصل إلى أن عمارة المسجد النبوي على امتداد العصور غنية بتفاصيلها ومكوناتها المعمارية والثقافية والتاريخية وهو ما يترجم إحدى جوانبه هذا المعرض من خلال عرض مكونات ومقتنيات المسجد المعروضة ليكون بداية لسلسلة من المعارض الجديدة كمتحف السلام الذي يجرى إنشاءه غرب المسجد النبوي الشريف.

منبر قايتباي الذي يعود تاريخه إلى أكثر من 600 عام بعد ترميمه وعرضه في المعرض (الشرق الأوسط)

وأكد أمير منطقة المدينة المنورة أن المعرض سيعمل بشكل مباشر على حفظ وتوثيق تاريخ عمارة المسجد النبوي الشريف منذ عهد النبوة إلى وقتنا الحاضر ليؤكد على ملامح عناية ورعاية هذه البلاد بقيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده للإرث الحضاري والتاريخي للمسجد النبوي الشريف وهو ما يمثل المنهج الذي أرساه الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن في المدينة المنورة بأن لا يتم تغيير أو إزالة أي مظاهر ثقافية أو حضارية أو تراثية تخص عمارة المسجد النبوي بل تبقى على حالها ويتم رعايتها وصيانتها والبناء عليها.
وأعرب الأمير فيصل عن اعتزازه بالدور الثقافي لمعرض عمارة المسجد النبوي الشريف وما يبرزه من عروض متحفية ثرية منوهاً ببرامج صيانتها وترميمها والعناية بها تحت إشراف متخصصين متمكنين في هذا الجانب لإعادة عرض مكونات عمارة ثاني الحرمين الشريفين بشكل يتناسب مع مكانتها فضلاً عن دور ذلك الأمر في رفع مستوى الوعي الثقافي بالحضارة الإسلامية لدى زوار هذه البلاد المباركة.
ويمثل المعرض منصة متكاملة تهيئ التصور التاريخي مع المشاهدة والمعاينة الواقعية للمسجد النبوي الشريف بالاعتماد على التفاصيل العلمية والمعرفية وبالتعاون مع عدد من الجهات ومنها على سبيل المثال مركز بحوث ودراسات المدينة المنورة بالتعاون مع الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي وهيئة تطوير منطقة المدينة المنورة ومركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء).


مقالات ذات صلة

بينالي الفنون الإسلامية في جدة... حوار المقدس والمعاصر

يوميات الشرق جانب من بينالي الفنون الإسلامية بجدة في نسخته الأولى (واس)

بينالي الفنون الإسلامية في جدة... حوار المقدس والمعاصر

يجري العمل على قدم وساق لتقديم النسخة الثانية من بينالي الفنون الإسلامية بجدة في 25 من يناير القادم، ما الذي يتم إعداده للزائر؟

عبير مشخص (لندن)
ثقافة وفنون المدير العام لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة الدكتور سالم بن محمد المالك (صورة من الموقع الرسمي للإيسيسكو)

«الإيسيسكو» تؤكد أن المخطوطات شاهدٌ حيٌّ على أصالة العالم الإسلامي

أكد المدير العام لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة «إيسيسكو»، الدكتور سالم بن محمد المالك، أن المخطوطات شاهدٌ حيٌّ على أصالة العالم الإسلامي.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
أوروبا رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي فريدريش ميرتس يتحدث خلال اجتماع ترشيح الحزب في أوسنابروك ودائرة ميتيلمس في ألاندو بالهاوس (د.ب.أ)

زعيم المعارضة الألمانية يؤيد تدريب أئمة المساجد في ألمانيا

أعرب زعيم المعارضة الألمانية فريدريش ميرتس عن اعتقاده بأن تدريب الأئمة في «الكليةالإسلامية بألمانيا» أمر معقول.

«الشرق الأوسط» (أوسنابروك (ألمانيا))
المشرق العربي الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى‬ في خطبة الجمعة بأكبر جوامع مدينة دار السلام التنزانية

أمين رابطة العالم الإسلامي يزور تنزانيا

ألقى معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، رئيس هيئة علماء المسلمين، فضيلة الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى‬، خطبةَ الجمعة ضمن زيارة لتنزانيا.

«الشرق الأوسط» (دار السلام)
شمال افريقيا شيخ الأزهر خلال كلمته في الاحتفالية التي نظمتها «جامعة العلوم الإسلامية الماليزية» (مشيخة الأزهر)

شيخ الأزهر: مأساة فلسطين «جريمة إبادة جماعية» تجاوزت بشاعتها كل الحدود

لفت شيخ الأزهر إلى أن «ظاهرة جرأة البعض على التكفير والتفسيق وما تسوغه من استباحة للنفوس والأعراض والأموال، هي ظاهرة كفيلة بهدم المجتمع الإسلامي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».