«ليس خطأك»... ما سبب إدمان أطفالك للأجهزة الذكية؟

طفلتان تستخدمان هاتفيهما الذكيين (أرشيفية - رويترز)
طفلتان تستخدمان هاتفيهما الذكيين (أرشيفية - رويترز)
TT

«ليس خطأك»... ما سبب إدمان أطفالك للأجهزة الذكية؟

طفلتان تستخدمان هاتفيهما الذكيين (أرشيفية - رويترز)
طفلتان تستخدمان هاتفيهما الذكيين (أرشيفية - رويترز)

يعيش معظم الآباء بقلق بسبب استخدام أطفالهم المفرط للأجهزة الذكية، حيث قد يكون ذلك ضاراً لهم وللعلاقات الأسرية أيضاً.
لكن ذلك في الحقيقة ليس خطأ الوالدين - أو الأطفال. في كل مرة يحاول أحد الوالدين إيقاف تشغيل لعبة أو إيقاف تشغيل جهاز، فإنهم لا يتشاجرون مع أطفالهم – بل هم في الحقيقة يحاولون تحدي الجيش غير المرئي من المتخصصين في التصميم السلوكي الذين يجعلون التجارب التكنولوجية مدمنة بالفعل، وفقاً لصحيفة «ذا كونفرسيشين».
يستخدم الأشخاص الذين ينشئون التطبيقات والألعاب أفكارا وخبراء في مجال أبحاث علم النفس يسمى «التصميم المقنع»، والذي يسعى باحثوه إلى فهم كيفية إنشاء شيء يكاد يكون من المستحيل التخلي عنه.
لكن من المهم توخي الحذر عند السعي إلى ربط الأطفال بشيء ما، كما أوضحت ميغان أوينز، أستاذة مساعدة في إعادة التأهيل والخدمات الإنسانية بولاية بنسلفانيا وعالم النفس ريتشارد فريد، في تحليل للقضايا الأخلاقية التي ينطوي عليها التصميم المقنع للأطفال والمراهقين.

*الملخص الأساسي
ببساطة، التصميم المقنع يجمع بين علم النفس السلوكي والتكنولوجيا لتغيير السلوك البشري، ويعتبر ذلك إجابة على السؤال الدائم، «لماذا يلتصق الأطفال بشدة بالأجهزة؟»
الملخص الأساسي هو أن هناك ثلاث آليات رئيسية يمكنها معاً تغيير سلوك الشخص: خلق حافز كبير، والمطالبة بجهد ضئيل، وتشجيع المستخدمين باستمرار على المشاركة.
معرفة هذه المبادئ قد يكون لها أغراض منتجة ومفيدة، مثل تشجيع الناس على المشي أكثر أو تناول المزيد من الفاكهة والخضراوات. ومع ذلك، فإن أحد الاستخدامات الشائعة للتصميم المقنع هو زيادة مقدار الوقت الذي يقضيه الشخص في استخدام تطبيق أو لعبة معينة.
يؤدي ذلك إلى زيادة عدد الإعلانات التي سيشاهدها الشخص وإمكانية شراء المستخدم لشيء ما في اللعبة، مما يزيد من أرباح مصمم التطبيق.
يتأثر البالغون أيضاً بالتصميم المقنع. هذا هو السبب في أنهم يشاهدون مسلسلا معينا لساعات، ويتصفحون الوسائط الاجتماعية بلا نهاية ويلعبون ألعاب الفيديو بشكل اعتيادي.
ولكن نظراً لأن أدمغة الأطفال مرنة جداً، يكونون عرضة بشكل فريد لاستراتيجيات التصميم المقنعة. لاحظ العديد من الآباء حماس الأطفال الاستثنائي عند تلقي الملصقات والرموز، سواء أكانت مادية أم رقمية.
تقودهم هذه الإثارة إلى الرغبة في تكرار السلوك لتجربة المكافآت العصبية مراراً وتكراراً.
في دراسة استقصائية عام 2019 حول وقت الشاشة المرتبط بالمراهقين، ظهر ثلاثة أنواع من المستخدمين بكثافة من البيانات، كلهم متأثرون بالتصميم المقنع: مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي، الأشخاص الذين يستخدمون ألعاب الفيديو، ومشاهدو الفيديوهات أيضا.

*كيف يعمل ذلك؟
يقوم الخبراء بتصميم مواقع التواصل الاجتماعي مثل «إنستغرام» و«فيسبوك» و«تيك توك» و«سناب شات» لتعظيم نتائج التصميم المقنع. باستخدام أزرار «الإعجاب» والرموز التعبيرية، تقدم هذه المواقع إشارات اجتماعية، مثل القبول والموافقة، والتي يكون لدى المراهقين دوافع كبيرة للبحث عنها. تتطلب عملية التمرير عبر المواقع القليل من الجهد. وتؤدي التطبيقات إلى إعادة مشاركة منتظمة من خلال الإشعارات والمطالبات المستمرة.
«سناب شات»، على سبيل المثال، يحث المستخدمين على إرسال لقطات كل 24 ساعة على الأقل للحفاظ على «سناب ستريك». لتجنب ضغوط فقدان ردود الفعل أو التحديثات من أصدقائهم، يتفقد الأطفال وسائل التواصل الاجتماعي بشكل متكرر.
في ألعاب الفيديو، تتيح «فورتنايت» للاعبين معرفة مدى قربهم من التغلب على الخصم. يؤدي هذا إلى إبراز ظاهرة «كاد أن يخطئ»، مما يشجع الناس على الاستمرار في اللعب لأنهم كانوا قريبين جداً، وقد يفوزون في المرة القادمة. هذه فقط إحدى الطرق التي تم بها تكييف التصميم المقنع من أنظمة المقامرة للبالغين إلى ألعاب الفيديو الرقمية الموجهة للأطفال.

وبما أن الآباء يقلقون بشدة حول الدرجة التي يتم بها تصميم الألعاب ومقاطع الفيديو ووسائل التواصل الاجتماعي لاستغلال عقول الأطفال سريعة التأثر، يمكن لعلماء النفس بذل جهد لشرح كيف تتطور أدمغة الأطفال، وكيف يستغل التصميم المقنع هذه العملية.
قد يساعد ذلك العائلات على التوقف عن الجدال مع بعضها البعض حول قضاء الكثير من الوقت على الأجهزة الذكية، وإدراك أن التهديد الأكبر ليس الأجهزة نفسها ولكن الشركات التي تصمم التطبيقات التي يصعب التخلي عنها.


مقالات ذات صلة

ما خصائص «البحث بالوقت الفعلي» في «تشات جي بي تي»؟

تكنولوجيا لدى خدمة «ChatGPT Plus» التي تعتمد على الاشتراك نحو 7.7 مليون مستخدم على مستوى العالم (أدوبي)

ما خصائص «البحث بالوقت الفعلي» في «تشات جي بي تي»؟

تشكل الخاصية الجديدة نقلة في كيفية التفاعل مع المعلومات عبر إجابات أكثر ذكاءً وسرعة مع سياق الأسئلة.

نسيم رمضان (لندن)
خاص جانب من حضور واسع يشهده «بلاك هات» (تصوير: تركي العقيلي)

خاص إشادة دولية بجهود الرياض السيبرانية وتنظيم «بلاك هات»

معرض «بلاك هات» يحصد اهتماماً دبلوماسياً وسيبرانياً وإشادة باستضافة السعودية وتنظيمها الناجح.

غازي الحارثي (الرياض)
خاص «بي واي دي»: نخطط للاستثمار في مبادرات تسويقية وتعليمية لزيادة الوعي بفوائد النقل الكهربائي (BYD)

خاص «بي واي دي»... قصة سيارات كهربائية بدأت ببطارية هاتف

من ابتكارات البطاريات الرائدة إلى المنصات المتطورة، تتماشى رؤية «بي واي دي» مع الأهداف العالمية للاستدامة، بما في ذلك «رؤية المملكة 2030».

نسيم رمضان (الصين)
تكنولوجيا «سيبراني» التابعة لـ«أرامكو» الرقمية كشفت عن منتجات تطلق لأول مرة لحماية القطاعات الحساسة (تصوير: تركي العقيلي) play-circle 00:27

لحماية الأنظمة محلياً ودولياً... «أرامكو» تطلق لأول مرة منتجات سيبرانية سعودية

أعلنت شركة «سيبراني» إحدى شركات «أرامكو» الرقمية عن إطلاق 4 منتجات سعودية مخصّصة لعوالم الأمن السيبراني.

غازي الحارثي (الرياض)
تكنولوجيا يبرز نجاح «أكوا بوت» الإمكانات التحويلية للجمع بين الأجهزة المتطورة والبرامج الذكية (أكوا بوت)

روبوت يسبح تحت الماء بشكل مستقل مستخدماً الذكاء الاصطناعي

الروبوت «أكوا بوت»، الذي طوّره باحثون في جامعة كولومبيا، قادر على تنفيذ مجموعة متنوعة من المهام تحت الماء بشكل مستقل.

نسيم رمضان (لندن)

«الجميلات النائمات»... معرض قاهري يعيد تشكيل الجسد بصرياً

مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«الجميلات النائمات»... معرض قاهري يعيد تشكيل الجسد بصرياً

مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)

يطمح الفنان المصري هشام نوّار إلى إعادة تشكيل الجسد بصرياً عبر معرضه «الجميلات النائمات» متشبعاً بالعديد من الثيمات الأيقونية في الفن والأدب والتاريخ الإنساني، خصوصاً في التعامل مع الجسد الأنثوي، بما يحمله من دلالات متعددة وجماليات عابرة للزمان ومحيّدة للمكان.

يذكر أن المعرض، الذي يستضيفه «غاليري ضي» بالزمالك (وسط القاهرة) حتى 5 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، يضم ما يزيد على 50 لوحة تتنوع خاماتها بين استخدام الألوان الزيتية على القماش بمساحات كبيرة، وبين الرسم بالألوان في مساحات أقل.

ويعدّ الجسد بمفهومه الجمالي والفني هو محور المعرض، والجسد الأنثوي تحديداً هو الأكثر حضوراً، بينما تبقى الوضعية الرئيسية التي اختارها الفنان، وهي فكرة «تمثال الكتلة» المصري القديم، وتوظيفه على هيئة فتاة نائمة هي الأكثر تعبيراً عن الفكرة التي يسعى لتقديمها، واضعاً ثيمتي الجمال، ممثلاً في الجسد الأنثوي، والنوم ممثلاً في وضعية واحدة تجسد المرأة، وهي نائمة في وضع أشبه بالجلوس، في إطار مشبع بالدلالات.

اللونان الأصفر والأحمر كانا لافتين في معظم الأعمال (الشرق الأوسط)

وعن المعرض، يقول هشام نوار: «الفكرة تستلهم تمثال الكتلة المصري القديم، فمعظم الشخصيات التي رسمتها تعود لهذا التمثال الذي ظهر في الدولة المصرية القديمة الوسطى، واستمر مع الدولة الحديثة، ويمثل شخصاً جالساً يضع يديه على ركبته، وكأنه يرتدي عباءة تخبئ تفاصيل جسده، فلا يظهر منه سوى انحناءات خفيفة، ويكون من الأمام مسطحاً وعليه كتابات، وكان يصنع للمتوفى، ويكتب عليه صلوات وأدعية للمتوفى».

ويضيف نوار لـ«الشرق الأوسط»: «تم عمل هذا التمثال لمهندس الدير البحري في الدولة الحديثة، الذي كان مسؤولاً عن تربية وتثقيف ابنة حتشبسوت، فيظهر في هيئة تمثال الكتلة، فيما تظهر رأس البنت من طرف عباءته، ومحمود مختار هو أول من اكتشف جماليات تمثال الكتلة، وعمل منها نحو 3 تماثيل شهيرة، هي (كاتمة الأسرار) و(الحزن) و(القيلولة)».

حلول جمالية بالخطوط والألوان (الشرق الأوسط)

وقد أهدى الفنان معرضه للكاتب الياباني الشهير ياسوناري كاواباتا (1899 - 1972) الحائز على نوبل عام 1968، صاحب رواية «منزل الجميلات النائمات» التي تحكي عن عجوز يقضي الليل بجوار فتاة جميلة نائمة بشرط ألا يلمسها، كما أهداه أيضاً للمثال المصري محمود مختار (1891 – 1934) تقديراً لتعامله مع فكرة «تمثال الكتلة».

وحول انتماء أعماله لمدرسة فنية بعينها، يقول: «لا يشغلني التصنيف، ما يشغلني معالجة خطوط الجسد البشري، كيف أجد في كل مرة حلاً مختلفاً للوضع نفسه، فكل لوحة بالنسبة لي تمثل الحالة الخاصة بها».

الفنان هشام نوار في معرضه «الجميلات النائمات» (الشرق الأوسط)

ويشير نوّار إلى أنه لم يتوقع أن يرسم كل هذه اللوحات، وتابع: «الفكرة وراء الجميلات النائمات الممنوع لمسهن، لكن تظل المتعة في الرؤية والحلم الذي يمكن أن يحلمه الشخص، حتى إن ماركيز قال إنه كان يتمنى أن يكتب هذه الرواية».

«يؤثر التلوين والتظليل على الكتلة، ويجعلها رغم ثباتها الظاهر في حال من الطفو وكأنها تسبح في فضاء حر، هنا تبرز ألوان الأرض الحارة التي احتفى بها الفنان، وتطغى درجات الأصفر والأحمر على درجات الأخضر والأزرق الباردة»، وفق الكاتبة المصرية مي التلمساني في تصديرها للمعرض.

أفكار متنوعة قدّمها الفنان خلال معرض «الجميلات النائمات» (الشرق الأوسط)

وتعدّ مي أن هذا المعرض «يكشف أهمية مقاومة الموت من خلال صحوة الوعي، ومقاومة الذكورية القاتلة من خلال الحفاوة بالجسد الأنثوي، ومقاومة الاستسهال البصري من خلال التعمق الفكري والفلسفي؛ ليثبت قدرة الفن الصادق على تجاوز الحدود».

وقدّم الفنان هشام نوّار 12 معرضاً خاصاً في مصر وإيطاليا، كما شارك في العديد من المعارض الجماعية، وعمل في ترميم الآثار بمنطقة الأهرامات عام 1988، كما شارك مع الفنان آدم حنين في ترميم تمثال «أبو الهول».