متحف الوادي الجديد يستعيد تاريخ حكام الواحات في مصر القديمة

احتفالاً بمرور 29 عاماً على افتتاحه

متحف الوادي الجديد يستعيد تاريخ حكام الواحات في مصر القديمة
TT

متحف الوادي الجديد يستعيد تاريخ حكام الواحات في مصر القديمة

متحف الوادي الجديد يستعيد تاريخ حكام الواحات في مصر القديمة

احتفالاً بمرور 29 عاماً على إنشائه، ينظم متحف آثار الوادي الجديد في مصر، معرضاً أثرياً موقتاً يستمر حتى نهاية الشهر الحالي، تحت عنوان «المعروضات الملكية لحكام الواحات في عصر الدولة القديمة». عند زيارتك للمعرض يستقبلك تمثال إيمابيبي حاكم الواحات وزوجته جالسين على كرسي يضع كل منهما يده على كتف الآخر، ليفتحوا لك باب التاريخ... لتعود للوراء آلاف السنين إلى عصر الدولة القديمة في مصر من 2686 إلى 2160 قبل الميلاد، متجولاً بين مجموعة من المعروضات والقطع الأثرية التي تحكي تاريخ تلك الفترة من عمر مصر.
داخل قاعة العرض تشاهد مجموعة من الأواني الاحتفالية التي استخدمت في العيد الثلاثيني للملك بيبي الأول، إلى جواره مسند الرأس الخاص بحاكم الواحات خنت كا. ويوضح مؤمن عثمان، رئيس قطاع المتاحف بالمجلس الأعلى للآثار، أن «المعرض يضم عدداً من القطع الأثرية المتميزة، التي تلقي الضوء على حكام الواحات قديماً».
وتعد منطقة الواحات من المناطق «المهمة» في مصر القديمة، حسب الدكتور الحسين عبد البصير، مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية، الذي أكد في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذه المنطقة كانت مهمة استراتيجياً باعتبارها ممراً للقوافل التجارية، بين مصر وليبيا، وتضم مزارع الزيتون»، مشيراً إلى أنه «نظراً لامتداد الواحات الشاسع، وبعدها عن مركز الحكم في منف كان يعين للمنطقة حكام محليون، لفرض السيطرة، خصوصاً أن هذه المنطقة شهدت محاولات استقلال في الفترة ما قبل الدولة الوسطى».
ويضم متحف الوادي الجديد حوالي 4087 قطعة أثرية يمتد تاريخها من عصر ما قبل التاريخ حتى عصر أسرة محمد علي، ومن بينها محتويات مقبرة حاكم الواحات خنت كا، التي تم العثور عليها بمنطقة بلاط الأثرية، على يد عالم المصريات الدكتور أحمد فخري في سبعينات القرن الماضي، حسب طارق القلعي، مدير المتحف. ويوضح عبد البصير أن «خنت كا كان من أشهر حكام منطقة الواحات»، مشيراً إلى أن «الحكم في تلك المنطقة كان عائلياً، حيث يتوارث في الأسرة نفسها، وكانت المقابر فيها عائلية أيضاً»، معرباً عن سعادته «بالاحتفاء بمنطقة الواحات وتاريخها الأثري الذي لا يحظ باهتمام كبير».
ومن بين مقتنيات المتحف مجموعة من التوابيت الآدمية من الخشب، والحلي وتماثيل بعض المعبودات من العصرين اليوناني والروماني، ومجموعات من الأيقونات والمسارج والأخشاب القبطية من العصر القبطي، ومجموعة من المشكاوات والآيات القرآنية على الأخشاب والورق ومجموعات من الخزف والأواني وشبابيك القلل من العصر الإسلامي. وهنا يقول عبد البصير إن «الفن في تلك المناطق كان فنياً محلياً مختلفاً عن ذلك الفن الموجود في البلاط الملكي، لذلك قد يوجد فيه بعض الأخطاء في الكتابة أو المناظر الفنية».
ويقع متحف آثار الوادي الجديد في مدينة الخارجة العاصمة الإدارية لمحافظة الوادي الجديد، وترجع فكرة إنشائه إلى السبعينات من القرن الماضي، حينما تم إنشاء أول مقر إداري لتفتيش آثار الوادي الجديد عام 1973، صممه المهندس المعماري حسن فتحي من الطوب اللبن على طريقة القباب، وكان يضم صالة طولية شكلت نواة المتحف الجديد، حيث عرض فيها عدد 37 قطعة أثرية من نتاج أعمال حفائر الدكتور أحمد فخري. وفي فبراير (شباط) عام 1993، أنشأت هيئة الآثار المصرية حينذاك المقر الحالي لمتحف آثار الوادي الجديد، على مساحة 3150 متراً مربعاً، ويتكون من ثلاثة طوابق لعرض القطع الأثرية الموجودة بالمخازن من نتاج حفائر البعثات المختلفة في منطقة آثار الوادي الجديد ونشر الوعي الثقافي والأثري بين سكان الإقليم.


مقالات ذات صلة

الوجبة الأخيرة القاتلة: أسرار حياة ونفوق تمساح مصري محنّط

يوميات الشرق المومياء تعود إلى فترة تتراوح بين 2000 و3000 سنة حينما كان تحنيط الحيوانات في مصر القديمة في ذروته (جامعة مانشستر)

الوجبة الأخيرة القاتلة: أسرار حياة ونفوق تمساح مصري محنّط

كشف الباحثون، أخيراً، رؤى جديدة ومثيرة حول حياة ونفوق تمساح مصري قديم محنّط، مسلطين الضوء على وجبته الأخيرة وتفاصيل أخرى مذهلة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا إحدى القطع الأثرية التي عرضت بمزادات خارجية (الدكتور عبد الرحيم ريحان)

مصر: تحرك برلماني لمواجهة بيع الآثار «أونلاين»

عادت قضية الاتجار في الآثار المصرية إلى الواجهة من جديد، بعد تحرك برلماني لمواجهة بيع الآثار «أونلاين» عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

محمد الكفراوي (القاهرة )
سفر وسياحة تلسكوب برج القاهرة يمنحك رؤية بانورامية للقاهرة (الهيئة العامة للاستعلامات)

من أعلى نقطة... إطلالات بانورامية على القاهرة

تتمتع القاهرة بمزيج فريد من التاريخ العريق والحياة العصرية النابضة، ما يجذب إليها ملايين الزوار من حول العالم، الذين يبحثون ويفتشون عن سحرها كل من منظوره الخاص.

محمد عجم (القاهرة )
يوميات الشرق يقول أحد العلماء إنه حل لغز «لعنة توت عنخ آمون» بعد أكثر من 100 عام (رويترز)

بعد 100 عام... دراسة تقدم تفسيراً لـ«لعنة مقبرة توت عنخ آمون»

مستويات الإشعاع السامة المنبعثة من اليورانيوم والنفايات السامة ظلت موجودة داخل المقبرة منذ أن تم إغلاقها قبل أكثر من 3000 عام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق أيقونات البشارة في متحف شرم الشيخ بمصر (وزارة السياحة والآثار المصرية)

معرض مصري للأيقونات القبطية يوثّق أحداث «عيد البشارة»

بجوار الركن البيزنطي في قاعة الحضارات بمتحف شرم الشيخ (شرق مصر)، نظمت إدارة المتحف معرضاً للأيقونات القبطية.

محمد الكفراوي (القاهرة)

فرقة «الحضرة» المصرية تدخل عامها العاشر بطموحات كبيرة

«الحضرة» تنشد على المسرح (الشرق الأوسط)
«الحضرة» تنشد على المسرح (الشرق الأوسط)
TT

فرقة «الحضرة» المصرية تدخل عامها العاشر بطموحات كبيرة

«الحضرة» تنشد على المسرح (الشرق الأوسط)
«الحضرة» تنشد على المسرح (الشرق الأوسط)

تحتفل فرقة «الحضرة» المصرية للإنشاد الديني بعيد ميلادها التاسع خلال فعاليات الموسم الصيفي للموسيقى والغناء في دار الأوبرا؛ بإحيائها حفلاً على «المسرح المكشوف» يمتدّ لساعتين، السبت 10 أغسطس (آب) المقبل.

يتضمّن البرنامج مجموعة قصائد تقدّمها للمرّة الأولى، منها «جدّدت عشقي» لعلي وفا، و«أحباب قلبي سلام» للشيخ سيدي الهادي من تونس، وقصيدة في مدح النبي، «يفديك قلبي»، لشاعرة فلسطينية، وفق نور ناجح، مؤسِّس الفرقة الذي يقول لـ«الشرق الأوسط»: «سيكون الحفل مختلفاً واستثنائياً على جميع المستويات، فهو محطّة لاستقبال عامنا العاشر».

الفرقة تجمع منشدين ذوي ثقافة صوفية (الشرق الأوسط)

وستقدّم الفرقة مجموعة من أشهر أعمالها السابقة، هي 11 قصيدة مجمَّعة بطريقة «الميدلي»، منها «مدد يا سيدة»، و«أول كلامي بأمدح»، و«جمال الوجود»، و«هاتوا دفوف الفرح»، و«خذني إليك». ذلك إضافة إلى مجموعة من الأناشيد والابتهالات التي يُطالب بها الجمهور، مثل «إني جعلتك في الفؤاد محدّثي»، و«المسك فاح». ومن مفاجآت الحفل، وفق ناجح، استضافة مشايخ لمشاركتهم الإنشاد، منهم المنشد وائل فشني، وعلي الهلباوي، وراقص التنورة المصري - الإسباني المقيم في أوروبا، محمد السيد، الذي سيقدّم فقرة للأداء التعبيري، مصاحبةً لبعض القصائد.

إحياء التراث الصوفي المصري بشكل مختلف (الشرق الأوسط)

ويعدُّ ناجح «الحضرة» أول فرقة مصرية للإنشاد الصوفي الجماعي، التي كانت سبباً لانطلاق فرق أخرى مماثلة لاحقاً: «قدّمت مصر عمالقة في مجال الإنشاد والابتهالات، مثل نصر الدين طوبار، وسيد النقشبندي، ومحمد الهلباوي ومحمد عمران»، مشدّداً على أنّ «الإنشاد خلال الحقبات الماضية كان فردياً، فلم تعرف مصر الفرق في هذا المجال، على عكس دول أخرى مثل سوريا، لكنّ (الحضرة) جاءت لتغيّر ثقافة الإنشاد في البلاد؛ فهي أول مَن قدَّم الذِكر الجماعي، وأول مَن أدّى (الحضرة) بكل تفاصيلها على المسرح».

واتّخذ ناجح عبارة «الحضرة من المساجد إلى المسارح» شعاراً لفرقته، والمقصود نقل الحضرة الصوفية من داخل الجامع أو من داخل ساحات الطرق الصوفية والمتخصّصين والسهرات الدينية والموالد في القرى والصعيد، إلى حفلات الأوبرا والمراكز الثقافية والسفارات والمهرجانات المحلّية والدولية.

جمعت قماشة الصوفية المصرية في حفلاتها (الشرق الأوسط)

تحاكي «الحضرة» مختلف فئات الجمهور بمَن فيهم الشباب، والذين لا يعرف كثيرون منهم شيئاً عن أبناء الطرق أو عن الصوفية عموماً، وفق مؤسِّس الفرقة الذي يقول: «نجحنا في جذب الشباب لأسباب منها زيادة الاهتمام بالتصوُّف في مصر منذ بداية 2012، حدَّ أنه شكَّل اتجاهاً في جميع المجالات، لا الموسيقى وحدها».

ويرى أنّ «الجمهور بدأ يشعر وسط ضغوط الحياة العصرية ومشكلاتها بافتقاد الجانب الروحي؛ ومن ثَم كان يبحث عمَن يُشبع لديه هذا الإحساس، ويُحقّق له السلام والصفاء النفسي».

وأثارت الفرقة نقاشاً حول مشروعية الذِكر الجهري على المسرح، بعيداً عن الساحات المتخصِّصة والمساجد؛ ونظَّمت ندوة حول هذا الأمر شكّلت نقطة تحوُّل في مسار الفرقة عام 2016، تحدَّث فيها أحد شيوخ دار الإفتاء عن مشروعية ذلك. وفي النتيجة، لاقت الفرقة صدى واسعاً، حدَّ أنّ الشباب أصبحوا يملأون الحفلات ويطلبون منها بعض قصائد الفصحى التي تتجاوز مدّتها 10 دقائق من دون ملل، وفق ناجح.

فرقة «الحضرة» تدخل عامها العاشر (الشرق الأوسط)

وعلى مدى 9 سنوات، قدَّمت الفرقة أكثر من 800 حفل، وتعاونت مع أشهر المنشدين في مصر والدول العربية، منهم محمود التهامي، ووائل الفشني، وعلي الهلباوي، والشيخ إيهاب يونس، ومصطفى عاطف، وفرقة «أبو شعر»، والمنشد السوري منصور زعيتر، وعدد من المنشدين من دول أخرى.

تمزج «الحضرة» في حفلاتها بين الموسيقى والإنشاد، وهو ما تتفرّد به الفرقة على المستوى الإقليمي، وفق ناجح.

وتدخل الفرقة عامها العاشر بطموحات كبيرة، ويرى مؤسِّسها أنّ أهم ما حقّقته خلال السنوات الماضية هو تقديمها لـ«قماشة الصوفية المصرية كاملة عبر أعمالها»، مضيفاً: «جمعنا الصوفية في النوبة والصعيد والريف».

كما شاركت في مهرجانات الصوفية الدولية، وأطلقت مشروعات فنية، منها التعاون مع فرقة «شارموفرز»، التي تستهدف المراهقين عبر موسيقى «الأندرغراوند»، ومشروع المزج بين الموسيقى الكلاسيكية والصوفية مع عازفي الكمان والتشيلو والفيولا. وقدَّمت «ديو» مع فرق مختلفة على غرار «وسط البلد» بهدف جذب فئات جديدة لها.

يأمل نور ناجح، مع استقبال العام العاشر، في إصدار ألبومات جديدة للفرقة، وإنشاء مركز ثقافي للإنشاد الديني، وإطلاق علامة تجارية للأزياء الصوفية باسم «الحضرة».