عيد الحب في مصر...المتاحف تنافس بائعي الورود

TT

عيد الحب في مصر...المتاحف تنافس بائعي الورود

على بعد أمتار قليلة من تمثال الثنائي الملك إمنحتب الثالث، والملكة تي، (أحد أشهر أيقونات الحب في مصر الفرعونية)، الذي يستقبل زوار المتحف المصري بالتحرير، زينت ألوان الورود والأزهار والهدايا الحمراء، أرصفة شوارع وسط القاهرة، بأجواء مفعمة بالبهجة، تعبر عن رغبة المصريين القوية في الاحتفال مجدداً بعيد الحب، بعد تأثير وباء «كورونا» على كافة مناحي الحياة خلال العامين الماضيين، وسط تأكيدات من أصحاب محال تجارية على رواج بيع الهدايا والورود هذا العام، مقارنة بالعام الماضي.
تمثال الملك إمنحتب الثالث والملكة تي، الضخم، ليس إلا واحداً من بين عشرات القطع والمقتنيات، التي توثق احتفاء المصريين القدماء بمفهوم الحب، ورغم أنهم لم يحددوا يوماً محدداً للاحتفال به، فإنهم اختاروا «حتحور» إلهة للحب والموسيقى والعطاء والأمومة، للاحتفاء بهذه المشاعر طوال العام، وبنوا لها معبداً باهراً بدندرة بمحافظة قنا (جنوب مصر).
وبمناسبة الاحتفال بعيد الحب، أبرزت متاحف مصرية، قطعاً نادرة، بعضها يعرض لأول مرة، من بينها متحف الإسكندرية القومي، الذي يعرض للمرة الأولى دعوة زفاف الملك فاروق والملكة فريدة، وهي عبارة عن دبوس مطلي بالذهب تتوسطه صورة لفاروق وفريدة يعلوها التاج الملكي، ويحمل تاريخ 20 يناير (كانون الثاني) عام 1938.
فيما يبرز متحف شرم الشيخ، بجنوب سيناء، صندوق الدهان العطري من عصر الأسرة الـ19 من الدولة الحديثة، الذي يحتوي على ثماني أوان للعطر، كُتب اسم كل منها على الغطاء الخارجي للإناء. ووفق بيان وزارة السياحة والآثار المصرية الذي أصدرته أمس، فقد اعتبر المصريون القدماء أن «العطور هي رحيق الآلهة، وكانوا يصنعونها من عصارات النباتات العَطِرة التي يزرعونها أو يستوردونها من عدة دول».
كما يعرض متحف الغردقة (جنوب شرقي القاهرة)، تمثالاً مزدوجاً من الحجر الجيري، للمعبود أوزير وزوجته المعبودة إيزيس، وهي تحتضن زوجها وهو جالس على كرسي العرش، ويرجع التمثال إلى عصر الانتقال الثالث، وتعد المعبودة إيزيس أيقونة الحب والتضحية في الحضارة المصرية القديمة.
وفي العاصمة المصرية، يعرض متحف مطار القاهرة الدولي، مرآة مستديرة من البرونز، التي كانت من مخصصات «آلهة الحب والجمال» مثل أفروديت وحتحور، كما يبرز متحف جاير آندرسون نافورة مصنوعة من الرخام على شكل رأس بجعة، استخدمت كرمز من رموز الحب في العصور القديمة.
وعبر إبرازه إناء من الفخار من العصر اليوناني الروماني على هيئة وجه آدمي، كان يستخدم للعطور، يحتفي متحف آثار الإسماعيلية بعيد الحب، كما يعرض متحف سوهاج القومي (جنوب مصر) تمثالاً من الحجر الرملي من عصر الدولة الحديثة، لرجل وزوجته جالسين، والسيدة تضع يدها خلف ظهر زوجها، مما يشير إلى الدعم والحب من الزوجة لزوجها، حسب وزارة السياحة والآثار.
ويحتفل المصريون بعيد الحب مرتين في العام؛ الأولى في «عيد الحب المصري»، الذي يوافق 4 نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عام، وبدأ تخصيص يوم للاحتفال به منذ عام 1974، إثر دعوة أطلقها الكاتب الصحافي الراحل مصطفى أمين، والثاني «عيد الحب العالمي» في 14 فبراير (شباط) سنوياً، ويعد الثاني الأكثر رواجاً وانتشاراً في مصر.
ووثقت برديات فرعونية نادرة، في مقدمتها بردية «شستر بيتي الأولى»، وبردية «هاريس» بالمتحف البريطاني، قصائد الحب في مصر الفرعونية، التي تضمنت تشبيهات رومانسية وعاطفية مميزة، حسب الدكتور حسين عبد البصير، مدير متحف مكتبة الإسكندرية، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط»، «إن الأدب المصري القديم شهد نشاطاً إبداعياً مكثفاً، خصوصاً في عصر الرعامسة (عصر الأسرتين الـ19 والـ20)»، مشيراً إلى أن «كُتاب أغاني الحب في مصر القديمة، وكان أغلبهم من الرجال، نجحوا في التعبير عن مشاعر النساء القوية تجاه عشاقهن، كما حملت الأغاني في طياتها رسالة غير مباشرة تعبر عن الحب، لكنها تلمح ولا تصرح بأي أنشطة صريحة، إذ اهتم مؤلفوها بمديح الحب والسعادة والدعوة للاستمتاع».
ويلفت عبد البصير إلى أن «الأشجار والنباتات والأزهار والفواكه كانت من العناصر الرئيسية في تلك الأغاني، إذ وظفها الأدباء لتكون ذات دلالات رمزية على جمال جسد الحبيبة ووجهها».
ومن بين أشهر ثنائيات الحب الملكية في مصر الفرعونية، التي وثقتها النقوش والتماثيل، رمسيس الثاني ونفرتاري، وأخناتون ونفرتيتي، وإمنحتب الثالث والملكة تي، وتوت عنخ آمون وعنخ آس آن آمون.
وتوثق تماثيل «الثنائيات» في المتحف المصري بالتحرير، وغيره من المتاحف، أشهر قصص الغرام في مصر الفرعونية، من أبرزها تمثال الملك إمنحتب الثالث، والملكة تي، والأمير رع حوتب وزوجته نفرت. وتُظهر معظم هذه التماثيل، المرأة جنباً إلى جنب مع زوجها وهي تضع يدها على كتفه أو حول خصره، في إشارة إلى القوة والحب والمكانة المميزة التي كانت تتمتع بها النساء في العصر الفرعوني، وفق عبد البصير.


مقالات ذات صلة

بمناسبة «الفالنتاين»... هكذا «يؤثر» الحب في عقولنا

يوميات الشرق الحب يمكن أن يجعل الناس غافلين عن أخطاء الشريك (رويترز)

بمناسبة «الفالنتاين»... هكذا «يؤثر» الحب في عقولنا

يؤثر الوقوع في الحب في العقل، إذ يستهلك أفكارنا، ويشحن عواطفنا، وأحياناً يجعلنا نتصرف بطريقة لا تتفق مع شخصيتنا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق تصدّر كولومبيا الزهور إلى نحو 100 دولة (أ.ف.ب)

700 مليون زهرة من كولومبيا إلى العالم في عيد الحب

صدّرت كولومبيا، المُنتِج الرئيسي للزهور في القارة الأميركية، أكثر من 700 مليون زهرة بمناسبة عيد الحب، إلى دول عدة، أبرزها الولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (بوغوتا)
يوميات الشرق برنار سوفا أشعل حنين اللبنانيين (ستار سيستم)

برنار سوفا يفتتح حفلات الحب بلبنان بسهرة تعبق بالحنين

لفح الحنين اللبنانيين إلى أيام خلت مع أغنيات لم تفارق ذاكرتهم للفرنسي برنار سوفا. وعلى مدى 90 دقيقة، ردّدوا معه كلماتها الرومانسية، فنقلتهم إلى الماضي القريب.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق شيرين تُحيي «عيد الحب» ليلة 17 فبراير في «فوروم دو بيروت» (إنستغرام)

«عيد الحب» في بيروت... منافسة ساخنة بين الحفلات

تُواصل إعلانات حفلات «عيد الحب» في لبنان اكتساح الشاشات ووسائل التواصل الاجتماعي. فهي تُقام في بيروت، كما في مناطق أدما وجبيل وريفون وغيرها.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق في عيد الحب... حفل زفاف جماعي لأكثر من 660 ثنائياً في المكسيك (صور)

في عيد الحب... حفل زفاف جماعي لأكثر من 660 ثنائياً في المكسيك (صور)

عقد أكثر من 660 ثنائياً قرانهم، أمس (الاثنين)، يوم عيد الحب، في حفل زفاف جماعي نُظّم في إحدى ضواحي العاصمة المكسيكية مكسيكو، في ظل أجواء سادها الفرح والتأثر، إذ ظهرت ابتسامات المتزوجين من خلف الكمامات. ومن بين الأزواج الذين عقدوا قرانهم الثنائي فرانشيسكو كالفو (74 عاماً) وروزابيلا سيلفا (67 عاماً)، وهما أرملان التقيا قبل خمس سنوات. وقالت سيلفا وهي تقف إلى جانب زوجها: «لم أكن أعتقد أنّني سأتمتّع بفرصة أخرى، لكنّ الحب لا يعرف الوقت». وأشار جوناثان غارسيا البالغ 40 عاماً إلى أنّ الزفاف الجماعي بالنسبة إليه هو تقليد عائلي. وقال غارسيا: «إنّ اثنين من شقيقاتي تزوّجتا بهذه الطريقة ورأينا أنّهما سعيدت

«الشرق الأوسط» (سيوداد نيزاهوال كويوتل)

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».