اختراق علمي: الذكاء الصناعي يساعد في إنتاج أدوية أفضل

اختراق علمي: الذكاء الصناعي  يساعد في إنتاج أدوية أفضل
TT

اختراق علمي: الذكاء الصناعي يساعد في إنتاج أدوية أفضل

اختراق علمي: الذكاء الصناعي  يساعد في إنتاج أدوية أفضل


س: هل تعتقد أن الذكاء الصناعي سيحدث يوماً ما كشفاً علمياً يؤدي إلى إنتاج أدوية أفضل؟
ج: في الواقع؛ لقد حدث هذا بالفعل. وهناك مثال حديث رائع أطلق عليه «اكتشاف بنية البروتين (protein structure breakthrough)». ونحن نعلم أنه كثيراً ما جرى استخدام كلمة «اختراق» بإفراط، لكننا هنا استخدمناها في محلها.

بنية البروتين
البروتينات هي الشغيلة العاملة لكل خلية، وتعتمد طريقة عمل كل بروتين على شكله، حيث يحدث العديد من الأمراض بسبب عيوب في بروتينات معينة. ولتطوير دواء يستهدف بروتيناً معيباً، يستفيد العالم من معرفة شكل هذا البروتين.
تعدّ التقنيات المستخدمة تقليدياً لتحديد شكل البروتين بطيئة وصعبة. لكن على مدار 60 عاماً، أدرك العلماء أن هناك حلاً أسرع بكثير، وهو: إذا كنت تعرف بنية الجين المحدد الذي يصنع بروتيناً معيناً، فمن الناحية النظرية، يجب أن تكون قادراً على التنبؤ بشكل هذا البروتين. ولسوء الحظ، كانت بنية عدد قليل جداً من الجينات معروفة.
ورغم ذلك؛ طور العلماء في بداية السبعينات تقنيات لتحديد بنية الجينات. وبحلول أوائل القرن الحادي والعشرين، جرى تحديد بنية كل جين بشري والعديد من جينات الحيوانات. لكن العلماء ما زالوا يجتهدون لترجمة النظرية وتحويلها إلى ممارسة للتنبؤ بشكل البروتين من خلال بنية الجين المنتج له.
في حقبة التسعينات، دخل العلماء في سباق لاستخدام النماذج الرياضية وأجهزة الكومبيوتر لتحقيق هذا الهدف. وبمرور الوقت، تحسنت التوقعات إلى حد ما، لكنها ما زالت تعدّ سيئة. وفي عام 2018، انضمت شركة ذكاء صناعي مملوكة لشركة «غوغل» تسمى «ديب مايند» إلى المنافسة. كان أداء الشركة جيداً بشكل مذهل، لكنه لم يكن جيداً بما يكفي ليعدّ مفيداً. وبحلول نهاية عام 2020، أصبحت تنبؤات «ديب مايند» دقيقة. وكان السؤال التالي هو ما إذا كان برنامجها سريعاً بما يكفي لتحديد بنية العديد من البروتينات.

اختراق علمي
في الواقع؛ لم يكن معروفاً سوى عدد قليل جداً من هياكل البروتين. وبدءاً من 1 يوليو (تموز) 2021، حدد آلاف العلماء الذين عملوا لنحو قرن شكل نحو 30 في المائة فقط من 20 ألف بروتين بشري، وشكل 0.01 في المائة فقط من 280 مليون بروتين غير بشري. فهل يمكن لبرنامج شركة «ديب مايند» تحسين هذه الأرقام الكئيبة حقاً؟ في 22 يوليو (تموز) 2021، نشرت «ديب مايند» إجابتها، وأبلغت عن بنية متوقعة لـ98 في المائة من البروتينات البشرية، مقارنة بنسبة 30 في المائة فقط في 1 يوليو (تموز). وبحلول نهاية عام 2021، قالت الشركة إنها ستنشر شكل 50 في المائة من 280 مليون بروتين غير بشري، ارتفاعا من 0.01 في المائة. ولذلك نستطيع القول الآن إن ما حدث كان اختراقاً علمياً.
يختلف الخبراء حول مدى السرعة التي سيؤدي بها هذا التقدم الملحوظ إلى علاجات جديدة، وهو ما سنعلمه بمرور الوقت. ورغم ذلك، فإن هناك في الوقت الحالي شيئاً واحداً واضحاً، فقد أدى اقتران «تكنولوجيا المعلومات» بـ«علم الأحياء الحديث» إلى هذا الاكتشاف. قد يكون هذان المجالان من أهم الإنجازات الفكرية في القرن الماضي. ولقد حدث هذا بالفعل بفضل استثمار مجتمعاتنا العلم.
* رئيس تحرير «رسالة هارفارد الصحية» - خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

كيف تتغلب على مشاعر القلق؟

صحتك القلق قد يتسبب في مشكلات نفسية وجسدية للشخص (رويترز)

كيف تتغلب على مشاعر القلق؟

يسيطر القلق على أفكار كثير من الأشخاص، إذ يميل البعض إلى توقع حدوث الأحداث المروعة أو الكارثية في المستقبل ويعتقدون أن القلق قد يساعد على منع حدوثها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الحبوب تستهدف الأغنياء فقط نظراً لتكلفتها المرتفعة (رويترز)

مليارديرات يطوِّرون حبوباً لـ«إطالة عمر الأثرياء»

يعمل عدد من المليارديرات على تطوير حبوب لإطالة العمر، يقول الخبراء إنها تستهدف الأغنياء فقط، نظراً لتكلفتها المرتفعة المتوقعة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك ممرضة تقيس ضغط دم أحد الأشخاص داخل «مركز شرق آركنساس الصحي العائلي» في ليبانتو (أرشيفية - رويترز)

6 خطوات للحفاظ على ضغط دم آمن خلال الطقس البارد

مع دخول فصل الشتاء، وزيادة برودة الأجواء، ما التأثير الذي قد يخلفه هذا الجو على صحتنا؟ وهل له تأثير على ضغط الدم؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك صناديق من عقاري «أوزمبيك» و«ويغوفي» من إنتاج شركة «نوفو نورديسك» في صيدلية بلندن (رويترز)

دراسة تكشف ميزة جديدة لأدوية إنقاص الوزن مثل «أوزمبيك»: تحمي الكلى

أفادت دراسة جديدة بأن أدوية السمنة الشائعة، مثل «أوزمبيك»، قد تساعد أيضاً في حماية الكلى.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك صورة توضيحية لتشريح العين وتقنيات الحقن المستخدمة (الشرق الأوسط)

تقنيات حديثة لحقن الأدوية في شبكية العين

أظهرت إرشادات نُشرت لأول مرة في دراسة حديثة، فوائد فريدة من نوعها توفرها حقن الحيز فوق المشيميّة للمرضى الذين يعانون من مشكلات في شبكية العين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

مليارديرات يطوِّرون حبوباً لـ«إطالة عمر الأثرياء»

الحبوب تستهدف الأغنياء فقط نظراً لتكلفتها المرتفعة (رويترز)
الحبوب تستهدف الأغنياء فقط نظراً لتكلفتها المرتفعة (رويترز)
TT

مليارديرات يطوِّرون حبوباً لـ«إطالة عمر الأثرياء»

الحبوب تستهدف الأغنياء فقط نظراً لتكلفتها المرتفعة (رويترز)
الحبوب تستهدف الأغنياء فقط نظراً لتكلفتها المرتفعة (رويترز)

يعمل عدد من المليارديرات على تطوير حبوب لإطالة العمر، يقول الخبراء إنها تستهدف الأغنياء فقط، نظراً لتكلفتها المرتفعة المتوقعة.

وحسب صحيفة «نيويورك بوست» الأميركية، يقول العلماء إن الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحيوية يتطوران بوتيرة سريعة، لدرجة أن تطوير «أقراص مكافحة الشيخوخة» قد يكون مسألة سنوات قليلة فقط.

ويعد جيف بيزوس مؤسس شركة «أمازون»، وبيتر ثيل المؤسس المشارك لشركة «باي بال»، وسام ألتمان مؤسس «تشات جي بي تي»، من بين أحدث الشخصيات في سلسلة طويلة من أباطرة المال الأميركيين الذين وضعوا جزءاً من ثرواتهم في مجال الطب التجديدي والتكنولوجيا الحيوية.

ويُقال إن بيزوس استثمر 3 مليارات دولار، في شركة التكنولوجيا الحيوية «ألتوس لابز» (Altos Labs) التي شارك في تأسيسها مع الملياردير الروسي يوري ميلنر في عام 2021.

ووظفت الشركة الناشئة علماء بارزين للبحث في كيفية عكس عملية الشيخوخة، ومتابعة ما تسمى تقنية إعادة البرمجة البيولوجية، والتي من شأنها أن تسمح للعلماء بتجديد الخلايا في المختبر.

وتتشابه أهداف «ألتوس لابز» مع أهداف شركة «كاليكو لابز» (Calico Labs)، التي أطلقها المؤسس المشارك لشركة «غوغل» لاري بيغ في عام 2013، للتركيز على طول العمر وإعادة برمجة وتجديد الخلايا.

إنهم ليسوا المليارديرات الوحيدين الذين يسعون إلى مكافحة الشيخوخة: فقد استثمر بيتر ثيل، المؤسس المشارك لـ«باي بال»، في مؤسسة «ميثوسيلاه» التي تصف نفسها بأنها «مؤسسة خيرية طبية غير ربحية تركز على إطالة عمر الإنسان الصحي، من خلال جعل عمر التسعين هو عمر الخمسين الجديد».

ومن بين أهداف «ميثوسيلاه» ابتكار تقنيات قادرة على تطوير أعضاء وأوعية دموية وعظام جديدة، وإزالة «الهياكل البيولوجية المدمرة» من الجسم، وإجراء مزيد من الدراسات حول علم الوراثة فوق الجينية، وإعادة الإدراك والقدرات البدنية لكبار السن.

وفي أبريل (نيسان) من العام الماضي، تم الكشف عن أن مؤسس «تشات جي بي تي»، سام ألتمان، قام بتمويل شركة «Retro BioScience» الناشئة في مجال التكنولوجيا الحيوية، بمبلغ 180 مليون دولار.

وحسب موقعها على الإنترنت، تركز شركة «Retro BioScience» على «إعادة برمجة الخلايا»، وتتعهد بإطالة عمر الإنسان لمدة 10 سنوات.

ويقول تقرير «نيويورك بوست» إن المليارديرات ورجال الأعمال يسعون إلى تطوير حبوب لزيادة متوسط ​​العمر المتوقع، من خلال جعل خلايا الجسم أصغر سناً، وخالية من الأمراض لفترة أطول.

وقال فيل كلياري، مؤسس مجموعة «SmartWater Group»: «بمعدل تطور التكنولوجيا الحالي، لن يكون الأمر سوى مسألة وقت قبل أن تصبح عقاقير إطالة العمر متاحة بحُرية، لأولئك الذين يستطيعون تحمل تكلفتها».

لكن كلياري قال إن أباطرة وادي السيليكون يجب أن «يتوقفوا عن لعب دور الإله» في سباقهم للتغلب على الموت، واصفاً السعي وراء هذا الأمر بأنه «مدفوع بالأنا» وبأنه يخاطر بخلق كوكب من «الزومبي الأنيقين الأغنياء».

وأضاف كلياري، مؤلف كتاب «إكسير»، وهي رواية تستكشف العواقب المدمرة لأدوية إطالة العمر على المجتمع: «إن حبة الدواء التي تبقي الناس على قيد الحياة، حتى لبضعة عقود، من شأنها أن تخلق عالماً غير عادل وغير منصف، مليئاً بالزومبي الأنيقين الأثرياء، أغلبهم من البيض من الطبقة المتوسطة، والذين يستطيعون تحمل تكاليف شراء هذه الأدوية في المقام الأول».

وتابع: «بدلاً من إطالة عمر النخبة الغنية، سيكون من الأفضل للمليارديرات إنفاق أموالهم على 5 ملايين طفل في العالم يموتون من الجوع، ومن أسباب أخرى يمكن الوقاية منها وعلاجها كل عام».

ويموت نحو 100 ألف شخص كل يوم بسبب أمراض مرتبطة بالسن، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية.

وفي حين أن الشيخوخة نفسها لا تقتل الناس بشكل مباشر، فإن كبار السن معرضون لخطر الإصابة بكثير من الأمراض القاتلة، مثل الألزهايمر وأمراض القلب والسرطان.