«متلازمة» غير عادية تدفع بالقلب للتسارع عند الوقوف

حالة يكتنفها الغموض تؤدي إلى أعراض منهكة

«متلازمة» غير عادية تدفع بالقلب للتسارع عند الوقوف
TT

«متلازمة» غير عادية تدفع بالقلب للتسارع عند الوقوف

«متلازمة» غير عادية تدفع بالقلب للتسارع عند الوقوف


تشمل «متلازمة تسارع معدل ضربات القلب الموضعي الانتصابي Postural orthostatic tachycardia syndrome (POTS)»، العمليات التي تجري في الجهاز العصبي، ويمكن أن تسبب مجموعة من الأعراض المنهكة.

- انحراف المسار
عند الوقوف، تسحب الجاذبية الدم باتجاه أسفل جسمك. وفي العادة، يرسل الجهاز العصبي اللاإرادي (الذي يعمل بمثابة نظام «الطيار الآلي» في الجسم)، إشارات إلى الأوعية الدموية في الساقين لكي تضيق، وللقلب بأن يزيد معدلات ضخه أسرع قليلاً لإرسال الدم مرة أخرى إلى الدماغ.
إلا إنه في بعض الأحيان تنحرف هذه العملية عن مسارها، حينها لا تنضغط الأوعية الدموية في الساقين على نحو كافٍ لضمان تدفق الكمية المناسبة من الدم إلى الدماغ. وعليه، يتسارع معدل نبضات القلب أكثر عن المعتاد في محاولة للتعويض. ويعد معدل ضربات القلب السريع (عدم انتظام نبضات القلب «tachycardia») سمة أساسية لـ«متلازمة تسارع معدل ضربات القلب الموضعي الانتصابي»، وهي حالة لا يزال يكتنفها الغموض اكتسبت اعترافاً أكبر في الأوساط الطبية خلال السنوات الأخيرة.

- أسباب محتملة
في هذا الصدد، أوضح طبيب الأعصاب الدكتور بيتر نوفاك، مدير «المختبر اللاإرادي» في «مستشفى بريغهام والنساء» التابعة لجامعة هارفارد، أن «(متلازمة تسارع معدلات ضربات القلب الموضعي الانتصابي) ليست مرضاً، وإنما متلازمة تنتج عن حالات كامنة مختلفة».
> عدوى ورد فعل: في كثير من الأحيان، تصعب معرفة السبب وراء ضعف الجهاز العصبي الذي يكمن بدوره وراء «متلازمة تسارع معدلات ضربات القلب الموضعي الانتصابي»، لكن باحثين يشتبهون في أن نصف الحالات على الأقل يأتي بعد التعرض لعدوى ما، والتي تتسبب بدورها بعد ذلك في حدوث التهاب أو استجابة (رد فعل) مناعية ذاتية.
> وحيدات خمجية: ويتمثل واحد من العوامل المشتبه فيها الشائعة في كثرة «الوحيدات العدائية أو الخمجية mononucleosis (mono)». ويطلق عليه باللهجات العامية «داء التقبيل»؛ بسبب انتقاله من شخص لآخر عبر إفرازات الفم، وفي بعض الدول يسمى «الحمى الغدية». وهو داء خمجي معد فيروسي منتشر يسببه فيروس «إبشتاين - بار (EBV)» وهو من فيروسات الهربس (مقتطف من «ويكيبيديا» - المحرر).
> أسباب متنوعة: ومع ذلك، فإنه حتى الالتهاب البسيط في الحلق أو عدوى الجهاز الهضمي يمكن أن يكونا السبب، حسبما شرح الدكتور نوفاك. وأضاف أن بعض الأطباء يثيرون تساؤلات حول صلة محتملة بين فيروس «كوفيد19» ومتلازمة «تسارع معدل نبضات القلب الموضعي الانتصابي»، لكن الأدلة المتوافرة في هذا الصدد محدودة.
إضافة إلى ذلك، قد تنجم «متلازمة تسارع معدل نبضات القلب الموضعي الانتصابي» عن تلف الأعصاب الصغيرة التي تتولى عملية تنظيم انقباض الأوعية الدموية في الجزء السفلي من الجسم. وترتبط المتلازمة كذلك بمستويات مرتفعة من «نورإبينفرين (norepinephrine)» المعروف باسم «هرمون الإجهاد»، وانخفاض حجم الدم على نحو غير عادي.
علاوة على ذلك؛ ثمة صلة وثيقة بين اضطرابات النسيج الضام، مثل «متلازمة إيلرز ـ دانلوس لفرط الحركة (hypermobile Ehlers - Danlos syndrome)» و«متلازمة تسارع معدل نبضات القلب الموضعي الانتصابي». ويمتلك الأشخاص المصابون بهذه الحالة الموروثة مفاصل مرنة بشكل غير عادي، بل ولديهم كذلك أوعية دموية «مرنة» تجعل من الصعب ضخ الدم بكفاءة.

- التشخيص والعلاج
> التشخيص: لا تبدو علامات المرض على معظم الأشخاص الذين يعانون «متلازمة تسارع معدل نبضات القلب الموضعي الانتصابي»، وفي الغالب يكون من الصعب تشخيص هذه المتلازمة. وتشير الأرقام إلى أن هذه المتلازمة تؤثر على ما لا يقل عن 500 ألف شخص داخل الولايات المتحدة، أغلبهم من السيدات في سن الإنجاب. ويعدّ الشخص مصاباً بـ«متلازمة تسارع معدل نبضات القلب الموضعي الانتصابي» إذا زاد معدل ضربات القلب لديه بمعدل 30 نبضة في الدقيقة على الأقل أو ارتفع إلى 120 نبضة في الدقيقة في غضون 10 دقائق من الوقوف.
ومن الممكن أن تسبب «متلازمة تسارع معدل نبضات القلب الموضعي الانتصابي» عدداً من الأعراض الأخرى؛ بما في ذلك الشعور بالإرهاق وضيق التنفس واضطراب الجهاز الهضمي والصداع وضباب الدماغ، بالإضافة إلى ألم في الصدر أو الأطراف أو في أي مكان آخر من الجسم. ينتج بعضها مباشرة عن انخفاض تدفق الدم إلى الدماغ.
يذكر في هذا الصدد أن «متلازمة تسارع معدل نبضات القلب الموضعي الانتصابي» تختلف عن حالة أخرى أكثر شيوعاً تدعى «هبوط الضغط الانتصابي (orthostatic hypotension)»، حيث ينخفض ضغط الدم عند الوقوف. وبينما قد ينخفض ضغط الدم لدى الأشخاص المصابين بـ«متلازمة تسارع معدل نبضات القلب الموضعي الانتصابي» بعد الوقوف لفترات طويلة، فإنه لدى الآخرين المصابين بهبوط الضغط الانتصابي، فإن ضغط الدم ينخفض عند الوقوف.
> العلاج: أما علاج «متلازمة تسارع معدل نبضات القلب الموضعي الانتصابي»، فإنه يرتبط في الغالب بإدخال تغييرات على عادات الأكل والتدريبات الرياضية. وفيما يخص غالبية من يعانون «متلازمة تسارع معدل نبضات القلب الموضعي الانتصابي»، يسهم تناول كثير من الماء (ما يصل إلى 80 أونصة - 2.366 لتر - يومياً)، وكثير من الملح (من 3 إلى 10 غرامات يومياً) في الحفاظ على توافر مزيد من الماء بمجرى الدم، مما يتيح وصول مزيد من الدم إلى الدماغ. وأعرب الدكتور نوفاك عن اعتقاده أن بعضاً من العلامات التجارية من الشاي المثلج المعبأ والتي تحوي نسبة عالية من الصوديوم تعد خيارات جيدة في هذا الإطار.
علاوة على ذلك، يمكن أن يسهم اتباع برنامج للتدريبات الرياضية على نحو متدرج بنحو إيجابي في هذا الصدد. وعن ذلك، شرح الدكتور نوفاك أن «أفضل التمارين تتمثل في تلك التي لا تتطلب منك أن تكون في وضعية مستقيمة، مثل استخدام دراجة مثبتة في الأرض».
أيضاً؛ تعدّ السباحة خياراً رائعاً؛ لأن رأسك في هذه الحالة يبقى في المستوى نفسه لجسمك. وأضاف الدكتور نوفاك أن حبس النفس المتقطع أثناء السباحة يساعد كذلك على تدريب الأوعية الدموية على التفاعل بمزيد من الحساسية. وقد يصف الأطباء أيضاً مجموعة متنوعة من الأدوية التي؛ إما تساعد في تحسين انقباض الأوعية الدموية، وإما تزيد حجم الدم أو تقلل معدل ضربات القلب السريع.
> توقعات التحسن: تتحسن حالة نحو 70 في المائة من الأشخاص المصابين بـ«متلازمة تسارع معدل نبضات القلب الموضعي الانتصابي» ببطء على امتداد عدة أشهر. كما أن نصفهم يتعافون تماماً في غضون ما بين سنة و3 سنوات، لكن تبقى الأعراض مستمرة لفترة طويلة لدى البقية، بل والبعض تزداد الأعراض سوءاً لديهم، ويصل الأمر حد معاناة البعض من مستويات ضعف تكافئ تلك التي يعانيها مرضى قصور القلب. لذلك؛ يجب على من لا يستجيبون لتغييرات نمط الحياة والأدوية، السعي للحصول على رعاية طبيب متمرس في مجال الاضطرابات اللاإرادية.

* «رسالة هارفارد للقلب»
- خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

صحتك تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

أظهرت دراسة حديثة أن تخطي وجبة الإفطار في منتصف العمر قد يجعلك أكثر بدانةً، ويؤثر سلباً على صحتك، وفقاً لصحيفة «التليغراف».

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك 10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

وصل إلى بريد «استشارات» استفسار من أحد المرضى هو: «عمري فوق الستين، ولدي مرض السكري وارتفاع ضغط الدم. وتناولت (فياغرا) للتغلب على مشكلة ضعف الانتصاب.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

مع بداية فصل الشتاء وزيادة احتمالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي واستمرار الحديث عن الأعراض المزمنة لمرض «كوفيد - 19»....

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك 6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

لا يزال كبار الطهاة العالميين، إضافة إلى ربات البيوت الماهرات في الطهي، يستخدمون أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر Cast Iron Cookware.

د. عبير مبارك (الرياض)
صحتك من اليسار: القلب السليم مقابل القلب المصاب بالرجفان الأذيني (غيتي)

تتبُع الرجفان الأذيني باستخدام ساعة ذكية؟ تجنّبْ هذا الفخ

يعاني الملايين من الأميركيين من الرجفان الأذيني - وهو اضطراب سريع وغير منتظم في إيقاع القلب يزيد من خطر المضاعفات القلبية الوعائية، بما في ذلك السكتة الدماغية

جولي كورليس (كمبردج - ولاية ماساشوستس الأميركية)

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)
تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)
TT

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)
تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)

أظهرت دراسة حديثة أن تخطي وجبة الإفطار في منتصف العمر قد يجعلك أكثر بدانةً، ويؤثر سلباً على صحتك، وفقاً لصحيفة «التليغراف».

ووُجد أن تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية، وخفض الكوليسترول، ومؤشر كتلة الجسم، وحجم الخصر.

تمَّت دراسة نحو 380 إسبانياً يعانون من زيادة الوزن، و«متلازمة التمثيل الغذائي» لمدة 3 سنوات، مع جمع البيانات حول صحتهم، وأوزانهم، وعادات تناول الإفطار.

و«متلازمة التمثيل الغذائي» هي مجموعة من الحالات التي تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب، مثل السكتة الدماغية أو النوبة القلبية. علامات «متلازمة التمثيل الغذائي» هي السمنة، ومقاومة الإنسولين، وارتفاع ضغط الدم، وكثير من الدهون في الدم. ويُعتَقد بأن نحو 1 من كل 4 بريطانيين بالغين يعانون من هذه المتلازمة.

وجدت الدراسة الإسبانية أن وجبة إفطار كبيرة، تمثل بين 20 في المائة و30 في المائة من إجمالي السعرات الحرارية اليومية، كانت أفضل للصحة من وجبة إفطار صغيرة، أو وجبة ضخمة، أو تخطيها بالكامل.

توصي إرشادات «هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية» بتناول 2000 سعر حراري يومياً للنساء و2500 للرجال. ويجب أن تمثل وجبة الإفطار رُبع هذا الرقم، كما أوصت الدراسة بنحو 500 سعرة حرارية للنساء و625 للرجال.

كان مؤشر كتلة الجسم لدى الأشخاص المشاركين في الدراسة الذين تناولوا وجبة إفطار بهذا الحجم كل صباح أقل من أولئك الذين تخطوا وجبة الإفطار، وكانت خصورهم أصغر بمقدار بوصة.

وكان الأشخاص الذين تناولوا وجبات إفطار كبيرة (أكثر من 30 في المائة من السعرات الحرارية اليومية الموصى بها) أكبر حجماً من أولئك الذين تخطوها تماماً.

وتضيف الدراسة مصداقية إلى المثل القديم القائل إن وجبة الإفطار من أهم الوجبات في اليوم. وتُظهر البيانات أنها خفَّضت الكوليسترول، بالإضافة إلى مساعدتها على تحسين كمية الدهون بالدم.

وقالت كارلا أليخاندرا بيريز فيجا، مؤلفة الدراسة، من معهد أبحاث مستشفى ديل مار في برشلونة، لصحيفة «التليغراف»: «لقد ركّزنا حصرياً على تحليل وجبة الإفطار، لذلك لا يمكننا أن نستنتج أن وجبة الإفطار أكثر أهمية من الوجبات الأخرى».

وأضافت: «لكنها دون شك وجبة مهمة، لأنها تلعب دوراً حاسماً في كسر فترة الصيام الطويلة؛ بسبب النوم. في دراستنا، تم تضمين الأفراد الذين تخطوا وجبة الإفطار في المجموعة التي استهلكت طاقة أقل من 20 - 30 في المائة الموصى بها من المدخول اليومي».

وأضافت: «أظهر هؤلاء الأفراد زيادة أكثر بالوزن بمرور الوقت مقارنة بأولئك الذين تناولوا وجبة إفطار معتدلة وعالية الجودة. تشير الأدلة السابقة، بالإضافة إلى النتائج التي توصلنا إليها، إلى أن تناول وجبة إفطار صحية منتظمة قد يدعم التحكم في الوزن».