فوائد المسح الدوري للاكتئاب لدى المراهقين

لزيادة فرص رصد الحالات مبكراً

فوائد المسح الدوري للاكتئاب لدى المراهقين
TT

فوائد المسح الدوري للاكتئاب لدى المراهقين

فوائد المسح الدوري للاكتئاب لدى المراهقين

كشفت دراسة أميركية حديثة نشرت مطلع شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي عن أهمية المسح الدوري لوجود أعراض الاكتئاب في طلبة المدارس الثانوية، إذ ظهر أن فرص رصد الحالات لدى الطلاب المشاركين في برنامج للمسح عن الحالة النفسية (universal screening program)، وبدء علاجها، ترتفع بنسبة تصل إلى الضعف عن بقية الطلاب الذين لم يجروا أي اختبارات لمعرفة مدى سلامة صحتهم النفسية من عدمها.

كشف الاكتئاب
وأشارت إلى العديد من الحالات التي تم اكتشافها بهذه الطريقة، وذلك على الرغم من أنها ربما تبدو طبيعية، سواء للمراهق أو لذويه، خصوصاً أن هذه الفترة العمرية معروفة بالتقلبات المزاجية الحادة ويصعب فيها معرفة الفرق بين المرض النفسي والقلق الطبيعي.
وجاءت نتائج الدراسة التي نشرت في «المجلة الطبية الأميركية» (JAMA Network Open)، بعد عملية مسح شاملة لطلبة المدارس الحكومية في ولاية بنسلفانيا بالولايات المتحدة بسبب الاهتمام المتزايد بالمشكلات النفسية للمراهقين، نظراً لارتفاع نسبة الأعراض الواضحة للاكتئاب في هذه الفئة العمرية من 8 في المائة في عام 2010 إلى 15.7 في المائة في عام 2019، ومن المؤكد أن النسبة ارتفعت بعد انتشار «كوفيد - 19»، وذلك تبعاً لدوائر الصحة النفسية ومراكز مكافحة المخدرات الأميركية.
وكان الهدف من الدراسة التركيز على جميع الطلاب بشكل عشوائي، وليس فقط الذين يطلبون المساعدة، بمعنى أن يتم سؤال الطلبة العاديين والناجحين دراسياً، والذين لا تظهر عليهم (كل) الأعراض المتعارف عليها للاكتئاب.
شملت الدراسة 1200 طالب على وجه التقريب في المراحل الدراسية من نهاية المرحلة الإعدادية وحتى نهاية المرحلة الثانوية في 14 مدرسة ثانوية، واستمرت لمدة عامين من نوفمبر 2018 وحتى نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، وتم تقسيم الطلبة إلى مجموعتين، وتم الكشف عن الاكتئاب في المجموعة الأولى من خلال عملية ملاحظة التصرفات الفردية لأفراد المجموعة وإجراء حوار عشوائي، والتشجيع على الحديث تبعاً لبرنامج نفسى محدد يساند ويدعم المصابين بالأمراض النفسية. بينما تم الكشف عن الاكتئاب في المجموعة الثانية من خلال الإجابة على أسئلة معينة محددة سلفاً. ومعظم من شملتهم الدراسة كانوا من الأقليات العرقية، ومن المستويات الاجتماعية الأقل، سواء من الأرياف أو من المناطق الحضرية.

طريقة رصد أفضل
وأظهرت النتائج أن الطريقة الأولى التي تم استخدامها في المسح عن الحالات وملاحظتها، ومحاولة مساعدتها، كانت الطريقة الأفضل في الوصول إلى المرضى بشكل مبكر، خصوصاً الذين يعانون من أعراض الاكتئاب الكبرى (symptoms major depression). وكانت الفتيات هن الفئة الأكثر تعرضاً لسوء الحالة النفسية. ومن خلال المتابعة الشخصية والحوار استطاع الباحثون الكشف عن الحالات بنسبة بلغت 6 أضعاف الاستبيان العادي، كما أن نسبة الطلاب الذين بدأوا في العلاج كانت الضعف مما يعني أن المسح يزيد من التعرف على الحالات وعلاجها بشكل أسرع.
أوضح الباحثون أن المدارس يجب أن تقوم بعمل هذه الفحوصات المسحية كل فترة وتقوم بمتابعتها. ومن المهم أيضاً التأكيد للمدارس والعائلات على أن هذا الفحص يحدد الأعراض فقط، ولا يشخص الاكتئاب بشكل قاطع، أو أي حالات صحية عقلية أخرى، ولكنه يشير إلى الأشخاص الأكثر عرضة لحدوث الأمراض النفسية، خصوصاً أن هؤلاء ربما يجيبون بشكل طبيعي إذا تم سؤالهم بشكل مباشر عن الاكتئاب. ويجب على المدارس أن تكون لديها القدرة على التعامل مع الزيادة المحتملة في الحاجة إلى خدمات الصحة النفسية مما يستلزم ضرورة وجود معالج نفسي وقنوات اتصال مع أطباء في حالة احتياج الحالات إلى علاج دوائي بجانب العلاج النفسي.
أكدت الدراسة على أهمية الوصول إلى المرضى الحقيقيين بالاكتئاب، بمعنى أنه رغم أن تشخيص المرضى النفسي يحتاج إلى طبيب متخصص، إلا أن الانتظار للوصول إلى الحالة التي تستلزم التدخل الطبي، ربما لا يكون في صالح المريض، حيث إن نصف المراهقين فقط هم الذين يخضعون للفحص الطبي، سواَء بشكل دوري أياً كان السبب. وأقل من هذه النسبة هم الذين يخضعون للفحص النفسي. ولذلك تعتمد الدراسة الحالية على الطلاب الذين يظهرون نوعاً من الأعراض، وليس الشكل الكامل للمرض النفسي. وكلما تم الاشتباه في إصابتهم مبكراً كلما زادت فرص علاجهم بشكل أسرع، وبالتالي يكون دور المدرسة هو معرفة من يعاني من المشكلة، وتوصيله إلى مقدمي الخدمة الطبية.
أشار الباحثون إلى الصعوبة التي يمكن أن تواجه القائمين على إجراء المسح، حيث إن الاشتباه في إصابة مراهق بالمرض النفسي، ليس بهذه الدرجة من السهولة التي يمكن للجميع ملاحظتها، خصوصاً أن العديد من المراهقين الذين يعانون من الاكتئاب لا يفصحون عن ذلك، ويحرصون على أن يبدوا بشكل أقرب للطبيعي. ولكن الهدف من المسح هو إيصال رسالة للمراهق مفادها: «إذا كان لديك شيء تريد التحدث عنه فنحن موجودون من أجلك».
لذلك يجب على المتعاملين مع المراهقين، سواء الآباء في المنازل أو المدرسين والمدربين، وأيضاً الأطباء في العيادات، التحدث عن الأمر على أنه عرض عادي يحدث للجميع بحيث يكون المسح بمثابة فرصة أخرى لفتح الباب أمام طالب يحتاج إلى المساعدة.
في النهاية، حذرت الدراسة من استمرار تراجع الصحة النفسية للشباب في العالم كله وازدياد محاولات الانتحار. ورغم ضرورة إجراء هذا المسح في المدارس، باعتبارها المكان الأمثل والمجتمع الأهم لجميع المراهقين، إلا أنه يجب أن ينفذ ذلك في كل أماكن التجمعات الخاصة بالشباب مثل النوادي ودور العبادة للوصول إلى المراهقين ودعمهم.
* استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

الإفراط في تناول الدهون والسكر قد يدمر الكبد

يوميات الشرق سرطان الكبد من بين السرطانات الأكثر شيوعاً في العالم (جامعة ييل)

الإفراط في تناول الدهون والسكر قد يدمر الكبد

حذّرت دراسة أميركية من أن الإفراط في تناول الدهون والسكريات يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بسرطان الكبد، وذلك من خلال تدمير الحمض النووي في خلايا الكبد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق شاي الكركديه يحتوي على نسبة عالية من مادة «البوليفينول» (غيتي)

مواد طبيعية قد تمنحك خصراً نحيفاً وقلباً صحياً وضغط دم منخفضاً

ثمة كلمة جديدة رائجة في مجال الصحة هي «البوليفينولات»، فبينما ظل العلماء يدرسون المركبات النباتية لسنوات، فقد جذب المصطلح الآن خيال الجمهور لسبب وجيه.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق جانب من تمرين عالي الطاقة في صالة ألعاب رياضية في نيويورك (أرشيفية - رويترز)

«هارد 75»... تحدٍّ جديد يجتاح «تيك توك» مع بداية العام

مع بداية العام الجديد، انتشر تحدٍّ جديد عبر تطبيق «تيك توك» باسم «هارد 75».

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ليست جميع المشروبات قادرة بالفعل على علاجك من نزلات البرد والإنفلونزا (رويترز)

مشروب منزلي يساعد في التخلص من نزلات البرد

تحدثت اختصاصية التغذية كيلي كونيك لشبكة «فوكس نيوز» الأميركية عن المشروب المنزلي الأمثل لعلاج نزلات البرد والإنفلونزا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك الفواكه والخضراوات مليئة بمضادات الأكسدة والفيتامينات والمعادن (رويترز)

تناول الفواكه والخضراوات يقلل خطر إصابتك بالاكتئاب

أكدت دراسة جديدة أن زيادة كمية الفواكه والخضراوات في نظامك الغذائي يمكن أن تقلل من خطر الإصابة بالاكتئاب بمرور الوقت.

«الشرق الأوسط» (سيدني)

تناول الفواكه والخضراوات يقلل خطر إصابتك بالاكتئاب

الفواكه والخضراوات مليئة بمضادات الأكسدة والفيتامينات والمعادن (رويترز)
الفواكه والخضراوات مليئة بمضادات الأكسدة والفيتامينات والمعادن (رويترز)
TT

تناول الفواكه والخضراوات يقلل خطر إصابتك بالاكتئاب

الفواكه والخضراوات مليئة بمضادات الأكسدة والفيتامينات والمعادن (رويترز)
الفواكه والخضراوات مليئة بمضادات الأكسدة والفيتامينات والمعادن (رويترز)

أكدت دراسة جديدة أن زيادة كمية الفواكه والخضراوات في نظامك الغذائي، يمكن أن تقلل من خطر الإصابة بالاكتئاب بمرور الوقت.

وبحسب موقع «ساينس آليرت» العلمي، فقد أجريت الدراسة بقيادة باحثين من جامعة نيو ساوث ويلز في أستراليا، وشملت نحو 3480 من التوائم، من جميع أنحاء الولايات المتحدة وأستراليا والدنمارك والسويد، والذين خضعوا لمسح حول نظامهم الغذائي ومزاجهم.

وكان جميع المشاركين في سن 45 عاماً وما فوق، مع فترات متابعة تصل إلى 11 عاماً.

ويرى الباحثون أن إجراء الدراسة على التوائم أمر مفيد بشكل خاص، لأن التوائم متشابهون للغاية من الناحية الجينية، وبالتالي فإن أي اختلافات تتعلق بالصحة - مثل أعراض الاكتئاب في هذه الحالة - من المرجح أن ترجع إلى متغيرات مثل النظام الغذائي وممارسة الرياضة وظروف المعيشة.

كما أن عمر المشاركين في الدراسة مهم أيضاً، إذ تميل الاضطرابات الاكتئابية إلى أن تصل إلى ذروتها لدى البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 55 و75 عاماً، ويشير هذا البحث إلى أن تناول مزيد من الفاكهة والخضراوات قد يكون طريقة بسيطة لمعالجة ذلك.

ووجد الفريق فرقاً واضحاً في أعراض الاكتئاب بين أولئك الذين تم تصنيفهم على أنهم يتناولون كمية كبيرة من الفاكهة والخضراوات (حصتين أو أكثر في اليوم)، وأولئك الذين يتناولون كمية منخفضة من هذه الأطعمة (حصة أو أقل).

إلا أن الباحثين أشاروا إلى أن معظم المشاركين في الدراسة كانوا لا يزالون يتناولون كميات أقل من المستوى الموصى به عموماً من الخضراوات والفواكه، وهي 5 حصص على الأقل في اليوم.

حقائق

300 مليون

شخص حول العالم يعانون من الاكتئاب

وكتب الفريق في دراسته التي نشرت بمجلة «ساينتيفيك ريبورت»: «إن اكتشاف هذه الدراسة للارتباط الوقائي بين تناول الفاكهة والخضراوات بشكل أكبر وأعراض الاكتئاب يتوافق مع معظم الأدلة السابقة».

وأضافوا: «نحن نعلم أن الفاكهة والخضراوات مفيدة لكثير من الجوانب المختلفة لصحتنا. وقد سلطت الدراسات السابقة الضوء بالفعل على الروابط بين النظام الغذائي والاكتئاب، وبين الاكتئاب وصحة الأمعاء، وأكدت نتائج دراستنا هذا الأمر».

ومن المعروف أن الفواكه والخضراوات مليئة بمضادات الأكسدة والفيتامينات والمعادن التي تدعم الصحة العامة، بما في ذلك صحة المخ.

ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، يعاني أكثر من 300 مليون شخص من الاكتئاب. وكشفت دراسة نشرت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أن 91 في المائة من المصابين باضطرابات الاكتئاب في جميع أنحاء العالم لا يحصلون على العلاج الكافي.