«كورونا المستجد» ومضاعفاته على القلب

قد يؤدي إلى إصابة عضلته أو اعتلالها

«كورونا المستجد» ومضاعفاته على القلب
TT

«كورونا المستجد» ومضاعفاته على القلب

«كورونا المستجد» ومضاعفاته على القلب

عادةً ما تظهر على المرضى المصابين بمرض فيروس كورونا المستجد (كوفيد - 19) أعراض وعلامات عدوى في الجهاز التنفسي، ولكن هناك علامات أخرى على نفس الدرجة من الأهمية وهي العلامات القلبية، بما في ذلك علامات إصابة عضلة القلب، وهي شائعة.
وتشير التقارير الصادرة من المستشفيات إلى أن ما يقرب من ربع أولئك الذين تم نقلهم إلى المستشفيات من المصابين بهذا المرض، تم تشخيصهم بمضاعفات في القلب والأوعية الدموية، والتي ثبت أنها تسهم فيما يقرب من 40 في المائة من جميع الوفيات المرتبطة بهذا المرض المستجد.

إصابة عضلة القلب

• ما هي علاقة «كوفيد - 19» بأمراض القلب؟ وكيف يتم تشخيصها وإدارة علاجها؟ أجاب على تساؤلاتنا وكل ما يتعلق بصحة القلب عند مرضى «كورونا» الدكتور محمد إسماعيل الخراساني استشاري أمراض القلب بمستشفى الملك فهد التخصصي بالدمام رئيس اللجنة العلمية للمؤتمر السنوي لطوارئ القلب – وأفاد أن القلب قد يتأثر في بعض المرضى خصوصاً لدى الأفراد الذين تم تشخيصهم سلفا بمرض تصلب الشرايين الوعائية (التاجية)، أو حتى بدون هذا التشخيص.
والدليل على إصابة عضلة القلب بهذا المرض مباشرة، هو ارتفاع مستوى بروتينات تسمى التروبونين troponin، وهو شائع بين المرضى الذين تمت إصابتهم وأدخلوا المستشفيات للتنويم. وهناك أسباب أخرى تؤدي لاعتلال عضلة القلب كالإجهاد المرضي، ونقص الأكسجين، وحدوث متلازمة الاستجابة الالتهابية ما يسمى بعاصفة السيتوكين «cytokine storm». وهناك أقلية من هؤلاء المرضى الذين لديهم ارتفاع مستوى التروبونين تظهر عليهم أعراض وعلامات توحي بالإصابة الحادة للشرايين التاجية لعضلة القلب والتي تؤدي لاعتلالها وضعفها.
وحتى يتوفر المزيد من قاعدة البيانات مع أعداد أكبر من المرضى، يعتبر جميع المرضى الذين لديهم تاريخ من الأمراض القلبية الوعائية وفشل القلب الاحتقاني ومرض اعتلال الصمامات أو ارتفاع ضغط الدم أو مرض السكري إلى جانب كبر السن، معرضين لخطر الإصابة بهذا الفيروس أكثر من غيرهم ممن ليس لديهم هذه الأمراض المزمنة.
• محاذير لمرضى القلب. يقول الدكتور خراساني، في الوقت الحالي، لا توجد تدابير محددة بناءً على تصنيف المخاطر، لكننا ننصح جميع المرضى الذين يعانون من عوامل الخطورة المذكورة سلفا بتوخي الحذر بشكل خاص فيما يتعلق بإجراءات الصحة العامة للتباعد الاجتماعي حتى مع أفراد الأسرة المقربين لتجنيبهم المرض الأكثر خطورة والذي يزيد من خطر الإصابة بتدهور وضعف عضلة القلب الحاد، لذلك فإنه ينصح بإجراء تقييم سريري مبكر لأي أعراض مشتبه بها.
وإضافة إلى ذلك، فإن المرضى الذين يعانون من أمراض القلب والأوعية الدموية وارتفاع ضغط الدم والسمنة ومرض السكري معرضون أيضاً وبشكل متزايد لخطر سوء التشخيص بمرض فيروس كورونا المستجد.
وبالتالي، فهناك نطاق واسع لانتشار أمراض القلب التاجية بين المرضى الذين تم تشخيص إصابتهم بـهذا الفيروس، وقد تم الإبلاغ عن معدلات تتراوح بين 4.2 و25 في المائة، ومعظم هذه الحالات المدروسة كانت في الصين ونشرت في المجلات العلمية ومنها جاما لأمراض القلب (JAMA Cardiol. 2020;5(7):831)، لانسيت (Lancet. 2020;395(10229):1054. Epub 2020 Mar 11)، والمجلة الطبية البريطانية (BMJ. 2020;368:m1091. Epub 2020 Mar 26). كما كانت نسبة أمراض القلب أعلى بين المرضى الذين تم إدخالهم إلى وحدات العناية المركزة أو الذين ماتوا.
أما إصابة عضلة القلب، وهي الحالة التي تنعكس من الارتفاع في مستويات التروبونين القلبي، فإنها تتغير بين المرضى المنومين والمصابين بهذا الفيروس، مع نسب تتراوح ما بين 7 إلى 28 في المائة. وتم نشر نتائجها في المجلات العلمية السابقة وأيضاً في مجلة الدورة الدموية (Circulation. 2020;141(20):1648. Epub 2020 Mar 21) ونيو إنغلاند (N Engl J Med. 2020;382(21):2012. Epub 2020 Mar 30) ومجلة أمراض القلب والأوعية (Prog Cardiovasc Dis. 2020;63(3):390. Epub 2020 Mar 10).

آلية تأثيرات الفيروس

يقول الدكتور محمد الخراساني إن من المحتمل أن يؤثر مرض كوفيد - 19 بشكل مباشر وغير مباشر على نظام القلب والأوعية الدموية والقلب بشكل خاص. وتم تحديد الآليات المحتملة لإصابة القلب والأوعية الدموية وتشمل الإصابة المباشرة لعضلة القلب نتيجة لاختلال الدورة الدموية أو نقص الأكسدة في الدم، والتهاب عضلة القلب، واعتلال عضلة القلب الناتج عن الإجهاد، وخلل الأوعية الدموية الدقيقة أو تجلط الدم بسبب فرط التخثر إذ يتميز المرض الناجم عن فيروس كورونا بفرط تخثر غير مفهوم بشكل كامل. لذلك عند دخول المستشفى، يجب أن يعمل لجميع المرضى المصابين بهذا المرض فحص شامل لمواد التخثر ك PT وaPTT وfibrinogen وD - dimer.
أيضاً، فإن الالتهاب الشديد في الدم وجميع أجهزة الجسم ما يسمى بعاصفة السيتوكين قد تزعزع أيضاً استقرار لويحات أو بطانات الشريان التاجي، إلى جانب أن الالتهاب الرئوي وعدوى الإنفلونزا يزيدان خطر الإصابة بمرض الاحتشاء العضلي الحاد للقلب (الجلطة الحادة) بستة أضعاف.
أما المرضى المصابون بفيروس كورونا وأعراضهم شديدة، مثل أولئك الذين يعانون من ارتفاع في درجة الحرارة أو نقص الأكسدة بسبب أمراض الرئة، فإن أعراضهم تشكل عبئا وجهدا كبيرا على عضلة القلب وشرايينه التاجية، وهذا بدوره قد يؤدي إلى إصابة مماثلة لانسداد الشرايين التاجية المغذية لعضلة القلب واحتشاء (تلف) هذه العضلة وضعفها.

الأمراض وشدة العدوى

وحول علاقة عوامل خطر أمراض القلب بشدة عدوى كورونا، يؤكد الدكتور محمد الخراساني أن الدليل قوي على وجود ارتباط بين عوامل خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، كارتفاع ضغط الدم والسكري ومرض تصلب وانسداد الشرايين التاجية السابق، وخطر وشدة عدوى كوفيد - 19. وهناك بعض الأدلة على أن كوفيد - 19 يزيد من خطر الإصابة باحتشاء عضلة القلب الحاد، وسوف نفصله الآن.
• الاحتشاء القلبي. إن ما يهمنا هنا من أنواع الاحتشاء القلبي (الجلطة الحادة) نوعان هما:
- النوع الأول، احتشاء عضلي ناتج عن مشكلة تصلبية في جدران الأوعية الدموية للقلب، وهذا يؤدي إلى التجلط العصيدي الحاد وعادة ما يتم ترسيخه عن طريق تمزق اللويحات المبطنة لهذه الشرايين (تمزق أو تآكل). فإذا كان يعتقد أن هذا النوع هو المسبب لاحتشاء عضلة القلب، فيمكن النظر في العلاجات الأخرى مع الأدوية كالقسطرة القلبية وغيرها من التدخلات.
- النوع الثاني، احتشاء نتيجة لعدم التوافق بين العرض والطلب على الأكسجين. مع عدوى كوفيد - 19، فإن غالبية احتشاء عضلة القلب هي من هذا النوع الثاني وترتبط بالعدوى الأولية، واختلال الدورة الدموية، واضطراب الجهاز التنفسي. وهنا يجب معالجة هذه الاضطرابات الأولية والاختلالات، وفي معظم الحالات يمكن علاج المريض بالأدوية دون التدخل بعمل القسطرة القلبية للشريان التاجي.
إن الغالبية العظمى من المرضى الذين يعانون من أعراض تتوافق مع كوفيد - 19 لن تظهر عليهم أعراض أو علامات مرض الشرايين التاجية، وقد يعاني المرضى من تسارع في ضربات القلب في حالة ظهور أعراض مرضية أخرى. وبعض المرضى قد يعانون من آلام الصدر، لكن الانتشار الحقيقي وخصائص ألم الصدر بين مرضى كوفيد - 19 غير معروفين.
ومع الأسف، فإن نظام الرعاية الصحية لهذه الفئة أدى إلى تأخير تقديم الرعاية الصحية العاجلة لهم وخاصةً المرضى الذين يعانون من احتشاء عضلة القلب والتي تحتاج إلى مسيلات لإذابة الجلطات أو قسطرة عاجلة. وقد تكون النتائج سيئة نتيجة هذا التأخير.
وبالتالي فإن النهج في احتشاء عضلة القلب يكون كالتالي:
- إذا لم يكن المريض مصاباً بمرض خطير، فالمحاولة تتم لإزالة الخثرات وإعادة ضخ الدم في الشرايين التاجية بإجراء قسطرة قلبية علاجية بدلاً من إعطاء مذيب الجلطات في معظم الحالات، على غرار المرضى غير المصابين بكوفيد 19.
- إعطاء مذيبات الجلطات للمرضى المؤهلين، مع مراعاة الموارد المحلية المتاحة والقدرة على حماية الكادر الطبي وغيرهم من العدوى. وفي جميع الأحوال يجب استخدام معدات الحماية الشخصية لجميع الموظفين.
- ومع ذلك، فمن المهم النظر في الأسباب البديلة لإصابة عضلة القلب غير التخثرات للشرايين التاجية مثل الإجهاد من شدة عبء المرض [تاكوتسوبو] المسبب لاعتلال عضلة القلب أو التهاب عضلة القلب بالفيروس نفسه.
قد يحدث ضعف أداء عضلة القلب بعد 4 أشهر من الإصابة. بناء على الدراسة التي نشرت في المجلة الأوروبية لفشل القلب الاحتقاني والتي أجريت على ٧٠ مريضاً في ٢٠ أغسطس ٢٠٢١.
• اضطراب النظم القلبي. بالنسبة لأعراض اضطراب النظم القلبي (التسارع أو الخفقان) فإن أكثر أنواع عدم انتظام ضربات القلب شيوعاً هي تسارع القلب الجيبي، يليها اضطرابات مرضية مثل الرجفان (الرفرفة) الأذيني، أو تسارع القلب البطيني أحادي الشكل أو متعدد الأشكال.
إن الغالبية العظمى من المرضى الذين يعانون من أعراض كوفيد - 19 لن تظهر عليهم أعراض أو علامات لاضطراب نظم القلب أو خلل في نظام التوصيل الكهربائي بين الأذينين والبطينين، ومع ذلك، فإن المرضى الذين يمكن رؤية عدم انتظام ضربات القلب لديهم يشملون المرضى الذين يعانون من إصابة عضلة القلب، ونقص تروية عضلة القلب، ونقص الأكسدة، وهبوط الدورة الدموية.
ولذا فإن جميع المرضى الذين يشتبه في إصابتهم بـكوفيد - 19 يعمل لهم تخطيط كهربائي أساسي للقلب (ECG) في وقت الدخول إلى المنشأة الصحية وأيضاً المراقبة لنظم القلب عن بعد.
إن علاج مضاعفات القلب مع فيروس كورونا المستجد لا يختلف عن العلاج الأساسي لمرضى القلب غير المصابين بكوفيد - 19.
كما أنه يجب تقديم الإنعاش القلبي للمرضى المصابين بكوفيد - 19 في حال الرجفان البطيني القاتل أو توقف القلب بالطريقة القياسية كما هو الحال بالنسبة للمرضى غير المصابين بهذا المرض. ومع ذلك، يجب على أي فرد يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المشتبه به أو المؤكد أن يرتدي معدات الحماية الشخصية المناسبة (بما في ذلك الرداء والقفازات وواقي العين وجهاز التنفس الصناعي أو قناع الوجه) قبل دخول الغرفة لعمل الإنعاش.
مضاعفات ما بعد الإصابة
ينتهي الأمر بالكثير من المرضى بالشعور بالإرهاق لفترة من الوقت، فلا يمكنهم الوصول إلى مستوى الجهد الذي كانوا عليه من قبل. لكن من الصعب معرفة ما إذا كانت الرئتان تستغرقان وقتاً أطول للشفاء أو ما إذا كانت المشكلة قلبية.
وقد أجريت دراسة لمرضى القلب نشرت في مجلة JAMA في 28 أكتوبر 0تشرين الأول) 2020 كانت نتائجها كالتالي:
- وجد فيها الباحثون خللا في قلوب 78 في المائة من المرضى المتعافين و«التهاب عضلة القلب المستمر» في 60 في المائة منهم، وذلك بالتصوير بالرنين المغناطيسي للقلب خلال الشهرين إلى الثلاثة أشهر من الإصابة. ووجدت نفس الدراسة مستويات عالية من بروتين التروبونين في الدم، وهو مؤشر على تلف القلب، في 76 في المائة من المرضى الذين خضعوا للاختبار، رغم أن وظائف القلب بدا أنها محفوظة بشكل عام ولم يكن معظم المرضى في الدراسة بحاجة إلى دخول المستشفى.
- بالنسبة للمرضى الأصحاء قلبيا الأصغر سناً المصابين بـكوفيد - 19 الخفيف والذين لا يحتاجون إلى تدخل طبي أو دخول المستشفى، والذين تتحسن حالتهم الصحية بسرعة، فإنهم لا يحتاجون إلى متابعة دورية.
- بالنسبة للمرضى الأكبر سناً أو المرضى الذين يعانون من أمراض مصاحبة (مثل ارتفاع ضغط الدم أو مرض السكري)، والذين يعانون من مرض حاد خفيف إلى متوسط لا يتطلب دخول المستشفى، يتم جدولة متابعتهم باستخدام التطبيب عن بعد أو زيارة شخصية بعد حوالي ثلاثة أسابيع من بداية المرض.
- بالنسبة للمرضى الذين يعانون من مرض كوفيد - 19 الحاد الشديد الذي يتطلب دخول المستشفى، فمن الأفضل المتابعة في غضون أسبوع واحد، أو بحد أقصى في موعد لا يتجاوز أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع بعد الخروج من المستشفى.

* استشاري طب المجتمع


مقالات ذات صلة

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

صحتك 10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

وصل إلى بريد «استشارات» استفسار من أحد المرضى هو: «عمري فوق الستين، ولدي مرض السكري وارتفاع ضغط الدم. وتناولت (فياغرا) للتغلب على مشكلة ضعف الانتصاب.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

مع بداية فصل الشتاء وزيادة احتمالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي واستمرار الحديث عن الأعراض المزمنة لمرض «كوفيد - 19»....

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك 6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

لا يزال كبار الطهاة العالميين، إضافة إلى ربات البيوت الماهرات في الطهي، يستخدمون أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر Cast Iron Cookware.

د. عبير مبارك (الرياض)
صحتك من اليسار: القلب السليم مقابل القلب المصاب بالرجفان الأذيني (غيتي)

تتبُع الرجفان الأذيني باستخدام ساعة ذكية؟ تجنّبْ هذا الفخ

يعاني الملايين من الأميركيين من الرجفان الأذيني - وهو اضطراب سريع وغير منتظم في إيقاع القلب يزيد من خطر المضاعفات القلبية الوعائية، بما في ذلك السكتة الدماغية

جولي كورليس (كمبردج - ولاية ماساشوستس الأميركية)
صحتك الأحياء الحضرية تشجع السكان على المشي (جامعة ويسترن أونتاريو)

الأحياء المزدحمة تشجع السكان على المشي

أفادت دراسة أميركية بأن تصميم الأحياء السكنية يُمكن أن يؤثر بشكل كبير على مستوى النشاط البدني للأفراد، خصوصاً المشي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل
TT

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

وصل إلى بريد «استشارات» استفسار من أحد المرضى هو: «عمري فوق الستين، ولدي مرض السكري وارتفاع ضغط الدم. وتناولت (فياغرا) للتغلب على مشكلة ضعف الانتصاب. ولم أحصل على نتائج مُرضية في غالب الأحيان. ما تنصح؟»

وللإجابة فإني أفترض بداية أن تناوله فياغرا كان بعد استشارة الطبيب وإجرائه الفحص الإكلينيكي والفحوصات اللازمة لهذه الحالة، وأنه تناول الحبة حسب توجيهات الطبيب.

مفعول فياغرا

ولكن سواء كان الأمر كذلك أو لم يكن، فإن الأمر يتطلب متابعة عرض النقاط التالية بشكل سردي متسلسل لفهم أسباب فشل أو توقف مفعول فياغرا، أو غيره من أدوية تنشيط الانتصاب، عن العمل:

1. فياغرا دواء مصمم لمساعدة الشخص للحصول على الانتصاب والحفاظ عليه، إذا كان يعاني من ضعف الانتصاب. والدواء النشط هو «سيلدينافيل»، والذي يصنف على أنه من فئة أدوية «مثبط للفوسفوديستيراز - 5». وهناك أدوية أخرى من نفس الفئة، ولديها مميزات قد لا تتوفر في فياغرا، مثل سيالس (تادالافيل)، وليفيترا (فاردينافيل)، وستيندرا (أفانافيل).

وهذه الفئة من الأدوية هي خط العلاج الأول لضعف الانتصاب. ومع ذلك، قد تجد أن أياً منها لا يعمل أبداً أو يتوقف تدريجياً عن العمل، بعد استخدامه بنجاح لفترة.

وإذا حدث هذا، فأنت لست وحدك، حيث تشير المصادر الطبية إلى أن ما يصل إلى 40 في المائة من المرضى قد لا يستجيبون بشكل مرضٍ لهذه الأدوية ولا يجدون الرضا بتناولها. كما أنه، ووفقاً للجمعية الأميركية لجراحة المسالك البولية، فإن «الاستخدام غير الصحيح» لفئة أدوية «مثبط للفوسفوديستيراز - 5» يمثل 56 في المائة إلى 81 في المائة من حالات فشل العلاج.

2. يحدث الانتصاب عندما تكون هناك زيادة في تدفق الدم إلى القضيب. وإذا كان تدفق الدم هذا محدوداً، يعاني الشخص من ضعف الانتصاب. وأثناء الإثارة الجنسية، يتم إطلاق بروتين يسمى «أحادي فوسفات الغوانوزين الدوري». وهذا يزيد من تدفق الدم إلى القضيب للحصول على الانتصاب أو الحفاظ عليه. ولكن بمجرد إطلاقه، يقوم بروتين آخر يسمى «فوسفوديستيراز - 5» بتكسير بروتين «أحادي فوسفات الغوانوزين الدوري»، مما يحد من تدفق الدم إلى القضيب، وبالتالي يتلاشى الانتصاب (أي نتيجة تفاعل بين نوعين من البروتينات).

ويعمل دواء فياغرا وغيره من مجموعة أدوية مثبطة للفوسفوديستيراز - 5. عن طريق تثبيط وإعاقة عملية التكسير هذه مؤقتاً، بغية الحفاظ على زيادة تدفق الدم إلى القضيب واستمرار انتصابه بهيئة أقوى أثناء الجماع. وبهذا يستفيد منْ لديه ضعف في الانتصاب بشكل مُرضٍ، وكذلك يستفيد بشكل أقوى منْ ليس لديه ضعف في الانتصاب بالأصل، ولكن لديه عوامل نفسية وذهنية تشتت رغبته الجنسية في أن تترجم بطريقة طبيعية عبر تكوين انتصاب العضو الذكري.

حالات ضعف الانتصاب

3. عملية الانتصاب هي عملية معقدة تتطلب نجاح أجزاء مختلفة من الجهاز العصبي والأوعية الدموية والغدد الصماء والجهاز التناسلي والصحة النفسية، في تكوين الانتصاب. وتُعرّف الأوساط الطبية ضعف الانتصاب بأنه: عدم القدرة على تكوين الانتصاب والحفاظ عليه لإتمام ممارسة العملية الجنسية لفترة معتادة. ويحدد الإصدار الخامس للدليل التشخيصي والإحصائي للاضطراب العقلي DSM – 5 أن تستمر المشكلة لمدة لا تقل عن 6 أشهر كأحد عناصر تشخيص الإصابة به.

وتؤكد المصادر الطبية على أنه من الضروري إتمام عملية تشخيص الإصابة بضعف الانتصاب بطريقة طبية صحيحة، وليس الاعتماد فقط على ملاحظة الرجل أن لديه «عدم رضا واكتفاء» بدرجة الانتصاب للعضو الذكري. والطريقة الطبية الأكثر استخداماً هي «الفهرس الدولي لوظيفة الانتصاب» International Index of Erectile Function، وهو استبيان مكون من 15 عنصراً، ويعتبر المعيار الذهبي لتقييم المرضى بالنسبة لمشكلة ضعف الانتصاب.

4. تجدر ملاحظة أن هناك حالتين من ضعف الانتصاب، الحالة الأولى ضعف الانتصاب الذي قد يُعاني منه الرجل من آن لآخر أو أن الانتصاب الذي تكوّن لديه لا يستمر حتى إتمام العملية الجنسية. والحالة الثانية هي الضعف التام عن الانتصاب بشكل دائم. ولذا يقول أطباء كليفليلاند كلينك: «ثمة العديد من الدراسات التي حاولت معرفة مدى انتشار هذه المشكلة. وأفادت دراسة شيخوخة الذكور في ولاية ماساتشوستس أن المعاناة منها في أوقات دون أخرى ترتفع بشكل متزايد مع تقدم العمر، ونحو 40 في المائة من الرجال يتأثرون به بعد بلوغ سن 40 سنة، ونحو 70 في المائة من الرجال يتأثرون به في سن 70 سنة. أما حالة الضعف التام في الانتصاب فتصيب نحو 5 في المائة من الرجال في عمر 40 سنة، و15 في المائة منهم في عمر 70 سنة».

رصد عوامل الخطر والأسباب

5. قبل بدء تجربة العلاج الطبي لضعف الانتصاب، من الضروري معالجة عوامل الخطر القابلة للتعديل والتي تتسبب بضعف الانتصاب. ومعلوم أن عوامل الخطر لضعف الانتصاب تشمل التدخين، والسمنة، وأمراض القلب والأوعية الدموية، واضطرابات الكولسترول، وعدم انضباط مرض السكري، والاكتئاب، وجراحة البروستاتا، واضطرابات النوم، والتوتر النفسي، ومرض انقطاع النفس الانسدادي أثناء النوم، واضطرابات الغدة الدرقية، ونقص هرمون التستوستيرون.

وكل هذه حالات تتسبب بضعف الانتصاب، والتغلب على هذه المشكلة لديهم، يكون بضبط هذه العوامل ومعالجتها أولاً للتغلب على ضعف الانتصاب. كما يجب أن يستكشف التاريخ الدقيق للعوامل النفسية والاجتماعية والعلاقاتية مع شريكة الحياة والممارسات الجنسية، التي قد تؤثر على الأداء الجنسي. وقد يجدر النظر في الإحالة إلى معالج جنسي.

6. أولى خطوات معالجة ضعف الانتصاب، هي تحديد السبب أو الأسباب وراء نشوء حالة ضعف الانتصاب. وتوضح إرشادات علاج ضعف الانتصاب الصادرة عن الجمعية الأميركية لجراحة المسالك البولية، أن تعديل نمط عيش الحياة اليومية بطريقة صحية يحسن وظيفة الانتصاب ويقلل من معدل انخفاضه الوظيفي مع تقدم العمر.

وهذه نقطة مهمة يغفل عنها كثير من الرجال الذين يواجهون مشكلة ضعف الانتصاب ويتجهون تلقائياً نحو طلب تلقي أحد فئة أدوية مثبطات الفوسفوديستيراز من النوع 5 بأنواعها المختلفة في الصيدليات. ولا يلتفتون بشكل كامل نحو نصح الطبيب للمرضى بشأن تعديلات سلوكيات نمط الحياة اليومية.

وعلى سبيل المثال، تذكر الجمعية الأميركية لجراحة المسالك البولية أن بعد سنة واحدة من التوقف عن التدخين، وُجد أن المرضى لديهم تحسن بنسبة 25 في المائة في جودة الانتصاب. وكذلك الحال مع حفظ وزن الجسم ضمن المعدلات الطبيعية والحفاظ على ممارسة الرياضة البدنية ومعالجة انقطاع التنفس أثناء النوم وغيرها من الأسباب.

7. ضعف الانتصاب قد يظهر نتيجة الآثار الجانبية للأدوية التي يتناولها الشخص، وقد يُساهم في نشوء هذه المشكلة. وهنا قد يكون من الصعب على أدوية ضعف الانتصاب التغلب على تلك الآثار الجانبية. وعندما يشتبه الطبيب في أن «بعض» أدوية علاج الاكتئاب، أو ارتفاع ضغط الدم، أو الحساسية، أو إدرار البول، أو الأدوية الهرمونية، أو غيرها من أنواع الأدوية المستخدمة بشكل شائع في أوساط المرضى، قد تكون هناك ضرورية للبحث عن أدوية بديلة ذات آثار جانبية أفضل.

وللتوضيح على سبيل المثال، يرتبط تناول أدوية «حاصرات بيتا» بضعف الانتصاب، رغم عدم تحديد السبب بشكل جيد. وقد تساهم معرفة المريض بأن ضعف الانتصاب أحد الآثار الجانبية المحتملة لحاصرات بيتا، في عدم رضاه عن الوظيفة الانتصابية لديه بعد بدء تناوله حاصرات بيتا. ويمكن للطبيب النظر في تجربة دواء بديل للمرضى الذين يتناولون حاصرات بيتا من الجيل الأول (مثل بروبرانولول، أتينولول) إلى أدوية الجيل الثاني (ميتوبرولول، نيبيفولول) من حاصرات بيتا الأقل تسبباً بضعف الانتصاب. كما أن وصف أدوية أخرى لعلاج ارتفاع ضغط الدم، قد يكون أقل تسبباً في ضعف الانتصاب. ومع ذلك، يجب أن يظل علاج ارتفاع ضغط الدم هو الأولوية، لأن مرض ارتفاع ضغط الدم وعدم انضباط الارتفاعات فيه، سبب قوي في ضعف الانتصاب بحد ذاته. وكثيراً ما تتحسن قدرات الانتصاب بضبط ارتفاع ضغط الدم إلى المستويات المُستهدفة علاجياً.

أسباب عدم عمل «فياغرا»

8. السبب الأول لعدم عمل فياغرا أو غيره من أدوية فئة مثبط للفوسفوديستيراز - 5 هو أن مشكلة ضعف الانتصاب ليست ناجمة عن مشكلة في الأوعية الدموية التي تعمل على احتباس الدم في العضو الذكري. وهذا يعني أن عمل هذه الأدوية على زيادة تدفق الدم لا يُساعد في تنشيط الانتصاب. ويمكن أن يحدث هذا بسبب اعتلال الأعصاب أو مشاكل أخرى. وقد تشمل بعض الحالات العصبية التي قد تؤثر على فعالية الفياغرا ما يلي:

- اعتلال الأعصاب بسبب عدم انضباط نسبة السكر في الدم لدى مرضى السكري.

- مرض التصلب المتعدد.

- مرض باركنسون.

- جراحة سابقة في البروستاتا.

- السكتة الدماغية السابقة.

- إصابة مباشرة في أعصاب الحبل الشوكي.

9. الارتباط بين أمراض شرايين القلب وضعف الانتصاب قوي. ووجود مرض تضيق شرايين القلب قد يعني عدم عمل فياغرا نتيجة وجود عائق كبير أمام تدفق الدم في الشريان القضيبي. أي قد يكون هذا أحد أعراض تضيقات الشرايين المغذية للقضيب، وهو عامل خطر للإصابة بالنوبة القلبية والسكتة الدماغية. وفي هذه الحالة، لن تستجيب الشرايين للفياغرا لأنه مجرد موسع للأوعية الدموية. كما أن وجود تسريب وريدي، أي وجود صمامات لا تعمل بكفاءة في الأوردة التي تُصرّف تجمع الدم في القضيب، يعيق تماسك الانتصاب.

وبعد تناول فياغرا، قد يتدفق الدم بمعدل متزايد إلى القضيب، لكنه سيتسرب بالكامل ولن يبقى طويلاً بما يكفي للتسبب في الانتصاب. ووجود المشاكل النفسية بدرجة إكلينيكية مُؤثرة، قد يعيق عمل الفياغرا لدى البعض ممنْ لديهم القلق والاكتئاب والإجهاد المزمن، أو ضغوط في العلاقة مع شريكة الحياة أو لديهم قلق من كفاءة الأداء الجنسي.

الاستخدام غير الصحيح يمثل 56 - 81 % من حالات فشل العلاج

الجرعة ووقت تناول الدواء

10. وفقاً للجمعية الأميركية لجراحة المسالك البولية AUA، فإن «الاستخدام غير الصحيح» لفئة أدوية «مثبط للفوسفوديستيراز - 5» يمثل نسبة عالية من حالات فشل العلاج. وعدم تناول فياغرا، أو غيرها من أدوية تنشيط الانتصاب، بطريقة صحيحة، قد يُؤدي إلى عدم الاستفادة. وللتوضيح، هذه الأدوية تتشابه في طريقة عملها رغم أن ثمة اختلافات ثانوية فيما بينها نتيجة لأن لكل واحد منها تركيبة كيميائية مختلفة. الأمر الذي يُؤثر على طريقة عمل كل دواء منها، مثل مدى سرعة ظهور مفعول الدواء وسرعة اختفاء مفعوله والآثار الجانبية المحتملة. ويعمل عقار سيلدينافيل (فياغرا) بأقصى مستويات مفعوله عند تناوله على معدة فارغة قبل الممارسة الجنسية بساعة واحدة، ويدوم مفعوله لما يُقارب 6 ساعات. ولذا تجنب تناول الفياغرا مع وجبة كبيرة أو وجبة عالية الدهون، كما لا تتوقع أن تعمل الفياغرا قبل دقائق فقط من ممارسة الجنس. بينما يعمل عقار فاردينافيل (لفيترا) بأقصى مستويات مفعوله عند تناوله قبل الممارسة الجنسية بساعة واحدة، على معدة خالية أو ممتلئة. ويدوم مفعوله قرابة 7 ساعات. وبالمقابل، عقار تادالافيل (سيياليس) يُمكن تناوله مع الأكل أو من دونه قبل الممارسة الجنسية بمدة ساعة واحدة إلى اثنتين، ويدوم مفعوله لمدة 36 ساعة. وقد تكون الجرعة غير مناسبة.

ولذا فإن أول شيء يجب التحقق منه إذا لم يكن الفياغرا يعمل هو الجرعة المناسبة. والجرعة الأكثر شيوعاً من الفياغرا لعلاج ضعف الانتصاب هي 50 ملليغراما، والتي يتم تناولها قبل ساعة واحدة من النشاط الجنسي. ومع ذلك، قد لا يكون هذا كافياً لبعض الأشخاص. ويمكن للطبيب مساعدتك في تحديد ما إذا كانت الجرعة الأعلى من 100 ملليغرام تناسبك.

والمهم في كل ما تقدم ملاحظة أن فياغرا هو نوع من الأدوية المثبطة للفوسفوديستيراز 5. وتُستخدم أدوية مثبطة للفوسفوديستيراز 5 كعلاج أولي لضعف الانتصاب. ورغم أن مثبطات الفوسفوديستيراز 5 تميل إلى العمل بشكل جيد، فإنها قد لا تكون فعالة للجميع. وقد يكون هذا بسبب الظروف الصحية الأساسية وعوامل نمط الحياة، من بين أمور أخرى. وإذا لم يعمل أحد أنواع أدوية مثبطة للفوسفوديستيراز 5، قد يعمل نوع آخر من أدوية هذه الفئة. ولذا يجب التفكير في التحدث مع الطبيب إذا لم يساعد الفياغرا في علاج أعراض ضعف الانتصاب لديك. وقد يوصى بعلاج بديل بما سيكون هو الأفضل لك.