هل ينبغي لنا أن نقلق بشأن «مقدمات السكري»؟

هل ينبغي لنا أن نقلق بشأن «مقدمات السكري»؟
TT

هل ينبغي لنا أن نقلق بشأن «مقدمات السكري»؟

هل ينبغي لنا أن نقلق بشأن «مقدمات السكري»؟

تشير التقديرات إلى أن 34 مليون أميركي، أي أكثر بقليل عن واحد من كل 10 مصابون بالنوع الثاني من مرض السكري. ومع ذلك، هناك ما يقرب من 88 مليونا، أي أكثر من واحد من كل ثلاثة أفراد، يعانون من مقدمات السكري.

- مقدمات السكري
مقدمات السكري (ما قبل السكري) prediabetes، هي حالة يكون فيها متوسط كمية السكر (الغلوكوز) في الدم مرتفعاً، لكن ليس مرتفعاً بما يكفي لتشخيص مرض السكري. واللافت للانتباه أن 84 في المائة من المصابين بمقدمات السكري لا يعرفون أنهم مصابون بهذه الحالة.
ويميل كبار السن إلى تجاهل خطورة مقدمات السكري لأنهم، في المتوسط، أقل عرضة للإصابة بمرض السكري الكامل مقارنة بالأشخاص الأصغر سناً. ومع ذلك، فإن مقدمات السكري يمكن أن تزيد بشكل كبير من مخاطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية.
ويعلق الدكتور جورج بلوتزكي، مدير شؤون أمراض القلب الوقائية في مستشفى بريغهام والنسائية التابعة لجامعة هارفارد، بقوله: «يحتاج كبار السن إلى فهم الخطر المحتمل لارتفاع مستويات السكر في الدم حتى لو لم تكن مثيرة للقلق حتى الآن، كي يتمكنوا من معالجة المشكلة قبل أن تتفاقم».

- مشكلة الغلوكوز المعقدة
كيف تحدث مقدمات السكري (ومرض السكري)؟ عندما تأكل، يتولى جسمك تحليل الكربوهيدرات من الطعام إلى سكر بسيط يسمى الغلوكوز. في الوقت نفسه، ينتج البنكرياس هرموناً يسمى الأنسولين يرسل إشارات لخلايا الجسم لامتصاص الغلوكوز من مجرى الدم.
ويحدث النوع الثاني من داء السكري، وهو النوع الأكثر شيوعاً، عندما يواجه الجسم مشكلة في استخدام الغلوكوز للحصول على الطاقة لأن الخلايا تصبح مقاومة لعمل الأنسولين. لذلك ينتج البنكرياس المزيد من الأنسولين في محاولة للتغلب على استجابة الخلايا. وفي النهاية، لا يستطيع البنكرياس مواكبة النمو، ويتراكم سكر الدم في مجرى الدم. أما الفرق بين مرض السكري ومقدمات السكري، فيكمن في مدى ارتفاع مستويات السكر في الدم.
من المعروف أن مرض السكري يزيد من خطر إصابة الشخص بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية، إلا أن مقدمات السكري يمكن أن تكون خطيرة هي الأخرى. في هذا الصدد، أوضح الدكتور بلوتزكي أنه «حتى مستويات الغلوكوز المرتفعة بشكل طفيف يمكن أن تؤدي إلى التهاب يؤدي بدوره إلى تلف الأوعية الدموية وضيقها، ما قد يسفر عن انسدادها». ولذلك، من المهم للغاية أن يعمل الأشخاص الذين يعانون من مقدمات السكري على تقليص عوامل الخطر القلبية الوعائية الأخرى عن طريق التحكم في ضغط الدم ومستويات الكوليسترول.
عادة لا تظهر أعراض على مقدمات السكري، وهذا السبب وراء أن الكثير من الناس لا يدركون أنهم مصابون بها. أما عوامل الخطر الشائعة فهي ذات عوامل الخطر لمرض السكري من النوع الثاني الكامل، مثل الوزن الزائد، والنظام الغذائي السيئ، والتاريخ العائلي لمرض السكري. وفي حالات أخرى أقل، يلاحظ بعض الأشخاص المصابين بمقدمات السكري ظهور بقع داكنة على الجلد حول الإبطين أو المرفقين أو الركبتين أو المفاصل أو الرقبة.

- ثلاثة عوامل مؤثرة
بوجه عام، يتعين على الرجال الأكبر سناً فحص مستويات السكر في الدم لديهم حتى لو كانوا يتمتعون بصحة جيدة بوجه عام. في هذا الصدد، قال الدكتور بلوتزكي: «غالباً ما يكون هؤلاء هم الأشخاص الذين يحتاجون إلى أن يكونوا أكثر وعياً».
أما الطريقة المثلى في علاج مقدمات السكري فهي ذاتها أفضل طريقة للوقاية منها. وهنا، نحتاج إلى التركيز على العناصر الثلاثة الكبرى: الوزن والتمارين الرياضية والنظام الغذائي.
- الوزن: إذا كنت تعاني من زيادة الوزن، فإن فقدان الوزن ولو بمقدار ضئيل 5 في المائة إلى 7 في المائة يمكن أن يقلل خطر الإصابة بمقدمات السكري ويحمي من مرض السكري. وهنا، قال الدكتور بلوتزكي: «ركز على (خسارة) كميات أقل في البداية، مثل خمسة أرطال (2.268 كلغم)، وعندما تصل إلى ذلك، استهدف خمسة أرطال أخرى».
- التمارين الرياضية: الحفاظ على النشاط حتى عندما يكون وزنك أعلى عن المثالي يرتبط بانخفاض خطر الإصابة بمقدمات السكري. ويقترح الدكتور بلوتزكي النظر إلى ما هو أبعد عن التدريبات التقليدية، واعتماد الرياضة والأنشطة البدنية التي تحبها، مثل الغولف أو الرقص أو اليوغا. وأضاف «إذا استمتعت بها، فستفعلها كثيراً، والاتساق أمر بالغ الأهمية».
- النظام الغذائي: قلل من تناول الكربوهيدرات البسيطة، مثل الخبز والمعكرونة والأرز والبطاطس والمشروبات عالية السكر، مثل عصير الفاكهة والمشروبات الغازية، إذ يجري هضم هذه الكربوهيدرات بسرعة ويمكن أن تتسبب في ارتفاع وانخفاض مستويات السكر في الدم بسرعة. ويمكن أن تؤدي الكربوهيدرات البسيطة كذلك إلى الرغبة الشديدة في تناول الطعام، ما قد يؤدي إلى الإفراط في تناول الطعام وزيادة الوزن.
في المقابل، استبدل الكربوهيدرات البسيطة بالأخرى المعقدة، مثل تلك الموجودة في الحبوب الكاملة والفول والعدس. علاوة على ذلك، تناول المزيد من الأطعمة الغنية بالألياف، ذلك أن الألياف تساعد على إبطاء امتصاص السكر وتساعد على توازن مستويات السكر في الدم.
إذا جرى تشخيصك بمقدمات السكري، يقترح الدكتور بلوتزكي إجراء فحص دم آخر في غضون شهرين إلى ثلاثة أشهر بعد اعتماد هذه التغييرات. وقال: «ستحدد النتائج ما إذا كنت بحاجة إلى إجراء أي تعديلات. إذا تحسنت أرقامك، فيمكن أن تلهمك رؤية التغيير للاستمرار».

- فحص الدم
كما هو الحال مع مرض السكري، يجري تشخيص مقدمات السكري من خلال اختبارات سكر الدم. ومن المحتمل أن يقترح طبيبك واحدا من هذه الاختبارات:
> اختبار الهيموغلوبين الغليكوزيلاتي، أو اختبار خضاب الدم، ويعرف اختصاراً باسم «إيه 1 سي» hemoglobin A1C test، ويقيس متوسط نسبة السكر في الدم خلال الشهرين إلى الثلاثة أشهر الماضية.
> اختبار الغلوكوز في البلازما عند الصيام fasting plasma glucose test لنسبة السكر في الدم بعد أن تتجنب الأكل أو الشرب لمدة ثماني ساعات على الأقل.
> أما اختبار تحمل الغلوكوز الفموي oral glucose tolerance test فيتحقق من مدى جودة معالجة الجسم للسكر بعد تناول مشروب حلو. ووفقاً لجمعية السكري الأميركية، يشتبه بالإصابة بمقدمات السكري في حال وجود «إيه 1 سي» عند مستوى يتراوح بين 5.7 في المائة و6.4 في المائة، ومستوى سكر دم صائم من 100 إلى 125 مليغراما لكل ديسيلتر، أو مستوى السكر في الدم من 140 إلى 199 ميليغراما/ديسيلتر خلال اختبار تحمل الغلوكوز الفموي.

- رسالة هارفارد «مراقبة صحة المرأة»
- خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

المكالمات الهاتفية المُرتكزة على التعاطف تُحسّن السيطرة على السكري

يوميات الشرق الدعم المُرتكز على التعاطف مع المريض يعادل تناول الدواء (جامعة تكساس)

المكالمات الهاتفية المُرتكزة على التعاطف تُحسّن السيطرة على السكري

المكالمات الهاتفية المُرتكزة على التعاطف مع مرضى السكري من أفراد مدرّبين على القيام بذلك، أدَّت إلى تحسينات كبيرة في قدرتهم على التحكُّم في نسبة السكر بالدم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك لا يستطيع بعضنا النوم في بعض الأحيان رغم شعورنا بالتعب والإرهاق الشديدين (رويترز)

لماذا لا يستطيع البعض النوم ليلاً رغم شعورهم بالتعب الشديد؟

أحياناً لا يستطيع بعضنا النوم رغم شعورنا بالتعب والإرهاق الشديدين، الأمر الذي يعود إلى سبب قد لا يخطر على بال أحد وهو الميكروبات الموجودة بأمعائنا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك هناك 323 قارورة من فيروسات معدية متعددة اختفت من المختبر (أ.ف.ب)

اختفاء عينات فيروسات قاتلة من أحد المختبرات بأستراليا

أعلنت حكومة كوينزلاند، الاثنين، عن اختفاء مئات العينات من فيروسات قاتلة من أحد المختبرات في أستراليا.

«الشرق الأوسط» (سيدني)
صحتك الدماغ يشيخ ويتقدم في السن بسرعة في 3 مراحل محددة في الحياة (رويترز)

3 مراحل بالحياة يتقدم فيها الدماغ في السن

كشفت دراسة جديدة أن الدماغ يشيخ ويتقدم في السن بسرعة في 3 مراحل محددة في الحياة.

«الشرق الأوسط» (بكين)
صحتك فوائد الرياضة قد ترجع إلى زيادة تدفق الدم للدماغ وتحفيز المواد الكيميائية المعروفة باسم الناقلات العصبية (رويترز)

دراسة: ممارسة الرياضة لنصف ساعة تساهم في تحسين الذاكرة

يعتقد العلماء الآن أن النشاط البدني ليس مجرد فكرة جيدة لتحسين اليوم القادم؛ بل يمكن أن يرتبط بزيادة طفيفة في درجات عمل الذاكرة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

بروتوكول طبي جديد لعلاج سرطان الدم لدى الأطفال

بروتوكول طبي جديد لعلاج سرطان الدم لدى الأطفال
TT

بروتوكول طبي جديد لعلاج سرطان الدم لدى الأطفال

بروتوكول طبي جديد لعلاج سرطان الدم لدى الأطفال

من المعروف أن مرض سرطان الدم الليمفاوي الحاد «اللوكيميا» (acute lymphoblastic leukemia) يُعد من أشهر الأورام السرطانية التي تصيب الأطفال على الإطلاق. وعلى الرغم من أن نسبة الشفاء في المرض كبيرة جداً وتصل إلى نسبة 85 في المائة من مجموع الأطفال المصابين، فإن خطر الانتكاس مرة أخرى يعد من أكبر المضاعفات التي يمكن أن تحدث. ولذلك لا تتوقف التجارب للبحث عن طرق جديدة للحد من الانتكاس ورفع نسب الشفاء.

تجربة سريرية جديدة

أحدث تجربة سريرية أُجريت على 1440 طفلاً من المصابين بالمرض في 4 دول من العالم الأول (كندا، والولايات المتحدة، وأستراليا ونيوزيلندا) أظهرت تحسناً كبيراً في معدلات الشفاء، بعد إضافة العلاج المناعي إلى العلاج الكيميائي، ما يتيح أملاً جديداً للأطفال الذين تم تشخيصهم حديثاً بسرطان الدم. والمعروف أن العلاج الكيميائي يُعدُّ العلاج الأساسي للمرض حتى الآن.

علاجان مناعي وكيميائي

التجربة التي قام بها علماء من مستشفى الأطفال المرضى (SickKids) بتورونتو في كندا، بالتعاون مع أطباء من مستشفى سياتل بالولايات المتحدة، ونُشرت نتائجها في «مجلة نيو إنغلاند الطبية» (New England Journal of Medicine) في مطلع شهر ديسمبر (كانون الأول) من العام الحالي، اعتمدت على دمج العلاج الكيميائي القياسي مع عقار «بليناتوموماب» (blinatumomab)، وهو علاج مناعي يستخدم بالفعل في علاج الأطفال المصابين ببعض أنواع السرطانات. وهذا يعني تغيير بروتوكول العلاج في محاولة لمعرفة أفضل طريقة يمكن بها منع الانتكاس، أو تقليل نسب حدوثه إلى الحد الأدنى.

تحسُّن الحالات

قال الباحثون إن هذا الدمج أظهر تحسناً كبيراً في معدلات الفترة التي يقضيها الطفل من دون مشاكل طبية، والحياة بشكل طبيعي تقريباً. وأثبتت هذه الطريقة تفوقاً على البروتوكول السابق، في التعامل مع المرض الذي كان عن طريق العلاج الكيميائي فقط، مع استخدام الكورتيزون.

وللعلم فإن بروتوكول العلاج الكيميائي كان يتم بناءً على تحليل وراثي خاص لخلايا سرطان الدم لكل طفل، لانتقاء الأدوية الأكثر فاعلية لكل حالة على حدة. ويحتوي البروتوكول الطبي عادة على مجموعة من القواعد الإرشادية للأطباء والمختصين.

تقليل حالات الانتكاس

أظهرت الدراسة أنه بعد 3 سنوات من تجربة الطريقة الجديدة، ارتفع معدل البقاء على قيد الحياة من دون مرض إلى 97.5 في المائة (نسبة شفاء شبه تامة لجميع المصابين) مقارنة بنسبة 90 في المائة فقط مع العلاج الكيميائي وحده. كما حدث أيضاً انخفاض في نسبة حدوث انتكاسة للمرضى بنسبة 61 في المائة. وبالنسبة للأطفال الأكثر عرضة للانتكاس نتيجة لضعف المناعة، أدى تلقي عقار «بليناتوموماب» بالإضافة إلى العلاج الكيميائي، إلى رفع معدل البقاء على قيد الحياة من دون مرض، من 85 في المائة إلى أكثر من 94 في المائة.

علاج يدرب جهاز المناعة

وأوضح الباحثون أن العلاج المناعي يختلف عن العلاج الكيميائي في الطريقة التي يحارب بها السرطان؛ حيث يهدف العلاج المناعي إلى تعليم الجهاز المناعي للجسم الدفاع عن نفسه، عن طريق استهداف الخلايا السرطانية، على عكس العلاج الكيميائي الذي يقتل الخلايا السرطانية الموجودة فقط بشكل مباشر، وحينما تحدث انتكاسة بعده يحتاج الطفل إلى جرعات جديدة.

كما أن الأعراض الجانبية للعلاج المناعي أيضاً تكون أخف وطأة من العلاج الكيميائي والكورتيزون. وفي الأغلب تكون أعراض العلاج المناعي: الإسهال، وتقرحات الفم، وحدوث زيادة في الوزن، والشعور بآلام الظهر أو المفاصل أو العضلات، وحدوث تورم في الذراعين أو القدمين، بجانب ألم في موقع الحقن.

وقال الباحثون إنهم بصدد إجراء مزيد من التجارب لتقليل نسبة العلاج الكيميائي إلى الحد الأدنى، تجنباً للمضاعفات. وتبعاً لنتائج الدراسة من المتوقع أن يكون البروتوكول الجديد هو العلاج الأساسي في المستقبل؛ خاصة بعد نجاحه الكبير في منع الانتكاس.