ترمب يمهّد لخوض السباق الرئاسي

قال ترمب إن «معظم الجمهوريين الذين يفكرون في خوض السباق الرئاسي سوف يتراجعون» في حال قرر الترشح (أ.ف.ب)
قال ترمب إن «معظم الجمهوريين الذين يفكرون في خوض السباق الرئاسي سوف يتراجعون» في حال قرر الترشح (أ.ف.ب)
TT

ترمب يمهّد لخوض السباق الرئاسي

قال ترمب إن «معظم الجمهوريين الذين يفكرون في خوض السباق الرئاسي سوف يتراجعون» في حال قرر الترشح (أ.ف.ب)
قال ترمب إن «معظم الجمهوريين الذين يفكرون في خوض السباق الرئاسي سوف يتراجعون» في حال قرر الترشح (أ.ف.ب)

في وقت يتخبط فيه الديمقراطيون في صراعاتهم الداخلية، كثّف الرئيس السابق دونالد ترمب من أنشطته الانتخابية وتصريحاته العلنية، فيما بدا أنه تمهيد لخوض السباق الرئاسي مجدداً، لكن من دون التعهد رسمياً بذلك بعد. ففي مقابلة جديدة أجراها ترمب مع موقع «ياهو فينانس»، قال الرئيس السابق إن «معظم الجمهوريين الذين يفكرون في خوض السباق الرئاسي سوف يتراجعون»، في حال قرر الترشح مجدداً. وخصّ ترمب بالذكر حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتس الذي غازل فكرة الترشح أكثر من مرة، فوجه له رسالة حاسمة: «إذا ترشحنا معاً سوف أهزمه، كما سأهزم أي مرشح آخر». لكن ترمب، الذي أثبت مهارته في جس نبض الشارع الجمهوري، لوّح في الوقت نفسه بأن ديسانتس يتصدر لائحة المرشحين لمنصب نائبه، فقال في المقابلة نفسها: «من المؤكد أنني سأنظر في احتمال ترشيح رون، فقد كنت أول من دعمه في سباقه كنائب وثم كحاكم، ودعمي له أدى إلى نجاحه بشكل كبير. وأنا أعرفه جيداً فهو رجل رائع».
ويعتمد ترمب في تقييمه هذا إلى أرقام استطلاعات الرأي التي أظهرت تقدماً كبيراً لكل من حاكم فلوريدا ونائبه السابق مايك بنس في صفوف الناخبين الجمهوريين، إلا أن الرئيس السابق لا يزال المفضل بالنسبة للجمهوريين، بحسب الأرقام. وهو تحدث عنها فقال: «إذا نظرت الى استطلاعات الرأي، فأنا أتمتع بأكثر من 90 في المائة من الدعم وفي بعض الأحيان تصل شعبيتي إلى 98 في المائة بالحزب الجمهوري. لأني قمت بعمل رائع كرئيس رغم كل حملات مطاردة الساحرات».
وعلى الرغم من أن الأرقام تشير إلى شعبية نائبه السابق مايك بنس في صفوف الحزب، فإن الرئيس السابق لم يذكر اسم بنس أبداً في سير حديثه عن خياره المفضل لنائب في السباق الرئاسي المقبل، فعلاقة الرجلين توترت بشكل كبير منذ رفض بنس عرقلة المصادقة على نتيجة الانتخابات واقتحام الكونغرس من قبل مناصري ترمب الذين هتفوا شعارات تدعو إلى «شنق بنس».
واللافت للاهتمام أن 78 في المائة من الجمهوريين يعتقدون حتى اليوم بأن الانتخابات مزورة، بحسب استطلاع لشبكة «سي إن إن» أظهر في الوقت نفسه أن أكثر من نصف الجمهوريين يعتقدون أن هناك دلائل قاطعة، تشير إلى أن الرئيس الحالي جو بايدن لم يفز بالانتخابات، رغم دحض هذه الادعاءات من قبل المحاكم وغالبية القيادات الجمهورية.
ويزور الرئيس السابق الأسبوع المقبل، ولاية أيوا التي تعدّ من الولايات المهمة في الانتخابات الرئاسية، وذلك في دلالة أخرى على ازدياد احتمالات ترشحه. وكان ترمب كرر في أكثر من مناسبة أنه «ليس لديه خيار» سوى الترشح مجدداً بسبب «الأزمات التي تمر بها البلاد»، مشيراً إلى أزمة الدين العام الحالية والتجاذب الداخلي بين الديمقراطيين لإقرار مشاريع تمويلية ضخمة.
كما هاجم الرئيس السابق سياسات خلفه الخارجية خصوصاً فيما يتعلق بالانسحاب من أفغانستان، مدافعاً عن قرار إدارته التفاوض مع حركة «طالبان». فقال في المقابلة مع «ياهو فاينانس»: «لقد كنت من الداعمين الكبار للانسحاب من أفغانستان. لكن الانسحاب بكرامة، والانسحاب من دون سقوط قتلى. لو كنت أنا من نفذ الانسحاب لكنت بدأت بسحب المدنيين الأميركيين أولاً والذين يستحقون الإجلاء ثم القوات الأميركية». وانتقد ترمب قرار سحب القوات الأميركية قبل المدنيين، فقال: «إن إخراج القوات أولاً بدأ هذا الوضع المؤسف. لقد كان قراراً تشوبه الأخطاء. فقد خسرنا 13 عنصراً من شبابنا… كما تركنا وراءنا 85 مليار دولار من المعدات».



مغامرة بوتين في أوكرانيا... أمام الامتحان

مغامرة بوتين في أوكرانيا... أمام الامتحان
TT

مغامرة بوتين في أوكرانيا... أمام الامتحان

مغامرة بوتين في أوكرانيا... أمام الامتحان

لم يصدف في التاريخ أن كانت الحرب معزولة عن السياسة. فالحرب هي السياسة، لكن بوسائل أخرى، حسب كارل فون كلوزفيتز. والحرب تُخاض لأهداف سياسية بحتة، شرط أن تكون هذه الأهداف قابلة للتحقيق. والعكس قد يعني أن استراتيجيّة الحرب المرسومة سوف تناقض طبيعتها. فاستراتيجيّة الحرب بشكل عام، هي تلك الطريقة (الكيف في التنفيذ) التي تربط الأهداف بالوسائل، شرط التوازن بين الاثنتين.
أن تدخل الحرب بثقة زائدة، متجاهلاً الكثير والكثير من متطلّبات النجاح، لهو أمر قاتل. وأن تدخل الحرب ومفتاح نجاحها بيد الأعداء، لهو أمر يعكس السطحيّة الاستراتيجيّة للمخطّطين. لكن المصيبة تكمن، بالثمن المدفوع لأي تعثّر. فمن يرِدْ أن يكون قوّة عظمى فعليه تجميع عناصر القوّة لمشروعه.
وإذا تعذّر ذلك، فعليه ابتكار استراتيجيّة فريدة من نوعها، تجمع «القوّة الطريّة» مع القوّة الصلبة، بهدف التعويض عن أيّ نقص من عناصر القوّة.

فشل منظومة بوتين
لردع الغرب!
لم يستطع الرئيس بوتين وبعد سنة على عمليته العسكريّة في أوكرانيا، تركيب منظومة ردعيّة فاعلة وقادرة على تسهيل حربه. بكلام آخر، لم تنفع استراتيجيّته والمُسمّاة استراتيجيّة الرجل المجنون (Mad Man Theory)، في ردع الغرب. فهو أراد حماية حربه التقليديّة بمظلّته النوويّة، مُظهراً نفسه لاعباً غير عقلانيّ (Irrational). فمن التهديد النوويّ المتكرّر من قبله، ومن قبل الرئيس الروسي السابق ميدفيديف، إلى وزير الخارجيّة سيرغي لافروف. كان ردّ الغرب عبر اتباع استراتيجيّة القضم المُتدرّج لخطوط بوتين الحمراء.
وللتذكير فقط، استعمل الرئيس الأميركي الراحل ريتشارد نيكسون، وبالتعاون والتنسيق مع هنري كيسنجر، استراتيجيّة الرجل المجنون في حربه على فيتنام. فصوّر نيكسون نفسه آنذاك على أنه لاعب غير عقلاني قد يذهب إلى استعمال النووي في حال لم تلبَّ مطالبه، وذلك مقابل حركيّة كيسنجر العقلانيّة لإيجاد مخرج من مستنقع فيتنام.

من يريد كلّ شيء، قد
لا يحصل على شيء
وضع الرئيس بوتين لنفسه أهدافاً تعجيزيّة. من طلبه عودة وضع حلف «الناتو» إلى منتصف التسعينات، إلى إلغاء الدولة الأوكرانيّة، وضمّها إلى روسيا على أنها جزء لا يتجزّأ من مناطق النفوذ الروسيّ، إلى قيادة الانتفاضة العالميّة ضد الإمبرياليّة الأميركيّة، إلى رسم نظام عالميّ جديد تكون فيه روسيا لاعباً كونيّاً وقوّة عظمى على غرار أميركا والصين. كلّ ذلك، باقتصاد ودخل قوميّ يوازي الدخل القومي لمدينة نيويورك. كل ذلك مع تصنيع حربيّ متواضع، يعود أغلبه إلى أيام الاتحاد السوفياتيّ، ودون تصنيع محلّي للشرائح الذكيّة، التي تعد حيويّة لتشغيل أسلحة القرن الحادي والعشرين. كل ذلك مع جيش أغلبه من الأقليات التي تعيش في المناطق النائية وعلى هامش حياة الشعب الروسي في المدن الرئيسّية. جيش لا يحسن القتال المشترك للأسلحة (Combined). جيش مؤلّف من عدّة جيوش، منها الجيش الروسيّ الرسمي، إلى الفرق الشيشانيّة، وحتى شركة «فاغنر» الخاصة. حتى إن هذه الجيوش لا يقاتل بعضها مع بعض، وهي ليست على وفاق، لا بل تتصارع علناً، إن كان حول الاستراتيجيات العسكريّة، أو حتى في طريقة إدارة الحرب. جيش لم يخطط للسيناريو السيّئ، فوقع في فخ الرضا المسبق عن الذات.
بوتين الحائر
بين الاستراتيجيّة والتكتيك
في المرحلة الأولى للحرب حول كييف، خسر بوتين في الاستراتيجيّة والتكتيك. غيّر الاستراتيجيّة وتوجّه نحو إقليم الدونباس فحقق نجاحات تكتيكيّة، لكنها لم تُصَب وتتراكم لتؤمّن النجاحات الاستراتيجيّة.
بعد الدونباس، خسر الرئيس بوتين التكتيك في إقليم خاركيف، كما أجبر على الانسحاب من مدينة خيرسون. وبذلك، تراكمت الخسائر التكتيكيّة والاستراتيجيّة على كتف الرئيس بوتين لتعيده إلى مربّع الخسارة الأول حول العاصمة كييف.

التقييدات على سلوك بوتين
في المرحلة المقبلة
• لا يمكن للرئيس بوتين أن يخسر مرّتين متتاليتين في أوكرانيا.
• فالخسارة تعني بالحدّ الأدنى الإطاحة به سياسياً، حتى ولو لم تتظهّر معارضة داخلية حتى الآن.
• تاريخيّاً، لا مكان للضعفاء في الكرملين. فكلمة الكرملين وهي من أصل تتريّ، تعني القلعة المُحصّنة. وكلّما كان هناك تعثّر عسكريّ روسي في الخارج، كان التغيير السياسي في الداخل النمط المعتاد.
• لا بد للرئيس بوتين من تقديم نصر عسكريّ للداخل الروسي، حتى لو كان محدوداً. وقد يكون هذا النصر في إقليم الدونباس أولاً، وفي إقليم زابوريجيا ثانياً. فهو قد ضمّ هذين الإقليمين إلى جانب إقليم خيرسون.
• لكن السيطرة على الأقاليم الثلاثة: الدونباس وزابوريجيا وخيرسون، بأكملها، ليس بالأمر السهل، وذلك استناداً إلى التجارب السابقة مع الجيش الروسيّ. فعلى سبيل المثال لا الحصر، لم يستطع الجيش الروسي، و«فاغنر» إسقاط مدينة بخموت حتى الآن، وبعد مرور أكثر من سبعة أشهر على العمليّة العسكريّة حولها.

المنتظر من بوتين
• بدل النوعيّة أغرق الرئيس بوتين الجبهات بالكميّة، خصوصاً من العسكر الجديد. ألم يقل الزعيم السوفياتي الراحل جوزيف ستالين: «إن للكميّة نوعيّة بحد ذاتها؟»، وبذلك يحاول بوتين اختبار جاهزيّة الانتشار الأوكراني على طول الجبهة لرصد نقاط الضعف.
• تقول المعلومات إن الجيش الروسي قد حشد كثيراً من الطائرات الحربيّة والطوافات على حدود أوكرانيا استعداداً لاستعمالها في المعركة المقبلة، خصوصاً أن جاهزيّة السلاح الجويّ الروسي تتجاوز نسبة 80 في المائة.
• كما تقول المعلومات إن التجمعات العسكريّة بدأت تظهر داخل الأراضي الروسيّة خصوصاً في مدينة كورسك، التي تقع خارج مدى راجمات «الهايمرس».
• يحاول الرئيس بوتين استرداد زمام المبادرة من يد الجيش الأوكراني، وذلك استباقاً لوصول المساعدات الغربيّة، خصوصاً الدفاعات الجويّة ودبابات القتال الرئيسيّة.
• وأخيراً وليس آخراً، قد يحاول الرئيس بوتين زرع الفوضى في المحيط الجغرافي لأوكرانيا، إن كان في مولدوفا، أو انطلاقاً من إقليم كاليننغراد الروسي والواقع على بحر البلطيق. هذا عدا إمكانيّة ضرب خطوط الإمداد لأوكرانيا على ثلاثة ممرات بريّة؛ تمرّ عبر كل من: سلوفاكيا ورومانيا وبولندا.
في الختام، هذه هي صورة الجبهّة الروسيّة. لكن رقصة «التانغو» بحاجة إلى شخصين كي تكتمل. فكيف ستكون عليه الجاهزيّة الأوكرانيّة؟ خصوصاً أننا عاينّا في هذه الحرب نماذج الحرب من العصر الزراعي، كما من العصر الصناعي، ودون شكّ من العصر التكنولوجيّ.
بعد عام على الحرب... هل باتت روسيا أكثر أمناً؟
مستقبل الحرب... واحتمالات توسعها وخروجها عن السيطرة
كيف أساءت روسيا تقدير موقف ألمانيا؟
أوروبا... تساؤلات حول مآلات الدعم لأوكرانيا
الأزمة... والدور «المشلول» لمجلس الأمن