توقعات بأثر إيجابي لأسعار النفط على إجمالي العائدات السعودية

مختصون لـ«الشرق الأوسط»: الارتفاعات المستمرة تدعم تحسن الناتج المحلي

أسعار النفط تعزز تصاعد عائدات المالية السعودية خلال السنوات المقبلة (الشرق الأوسط)
أسعار النفط تعزز تصاعد عائدات المالية السعودية خلال السنوات المقبلة (الشرق الأوسط)
TT

توقعات بأثر إيجابي لأسعار النفط على إجمالي العائدات السعودية

أسعار النفط تعزز تصاعد عائدات المالية السعودية خلال السنوات المقبلة (الشرق الأوسط)
أسعار النفط تعزز تصاعد عائدات المالية السعودية خلال السنوات المقبلة (الشرق الأوسط)

في وقت تصاعدت فيه أسعار النفط الخام عالمياً بشكل بارز لمستويات تاريخية الأسبوع الماضي، توقع مختصون انعكاسات الأثر الإيجابي على إجمالي إيرادات الميزانية العامة للسعودية للعام الحالي، إذا ما استمرت الأسعار في الأسواق العالمية التي تخطت في تعاملاتها 80 دولاراً للبرميل الواحد.
ويرى المختصون أن تصاعد أسعار النفط، وفقاً لما هو متفق عليه على مستوى كميات الإنتاج في منظومة «أوبك بلس»، ستدعم منظور بقاء الأسعار في مستوياتها العالية، ما يجعلها محفزاً أقوى لاستقراء نمو عائدات الاقتصاد السعودية للفترة المقبلة.

- سمات الموازنات
وكانت ميزانية السعودية التقديرية قد أعلنت الأسبوع الماضي عن توقعات الإيرادات للسنوات الثلاث المقبلة، مفصحة عن استمرار السياسة المالية الإنفاقية، حيث قدرت في موازنة العام المقبل 2022 حجم الإنفاق بقيمة 955 مليار ريال (254.6 مليار دولار)، مقابل إيرادات قوامها 903 مليارات ريال (24 مليار دولار).
وبحسب الإعلان التمهيدي لموازنة العام المقبل، تتضح 3 ملامح رئيسية، هي: التركيز على استمرار العمل بمنهجية تعزيز كفاءة الإنفاق، والمحافظة على الاستدامة المالية، وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والمالية، عملاً بمستهدفات «رؤية المملكة 2030». وفي جانب العام الحالي 2021، تشير تقديرات وزارة المالية المعلنة أمس إلى أن العام الحالي سينتهي بإجمالي نفقات عند 1.01 تريليون ريال (270.6 مليار دولار)، في وقت سيبلغ فيه إجمالي الإيرادات المالية للدولة 930 مليار ريال (248 مليار دولار) بنهاية العام، وهو ما يمثل إجمالي عجز قدره 85 مليار ريال.
وحسبما أعلنت وزارة المالية، قدرت نمو الإيرادات للعام ما بعد المقبل (2023) بإجمالي 968 مليار ريال، قياساً بصرف 941 مليار ريال، وهو ما يمثل إعلان أول عام تتحرر فيه الميزانية من العجز منذ 9 سنوات (عام 2013)، وتحقق فائضاً سيكون تقديره 27 مليار ريال (7.2 مليار دولار).
وتنبأت توقعات موازنة مالية السعودية لعام 2024 نمو الإيرادات كذلك إلى 992 مليار ريال، مقابل 951 مليار ريال، بفائض قدره 42 مليار ريال.
ووفق وزارة المالية، سيكون مسار الدَّين العام مستقراً خلال السنوات الثلاث المقبلة عند مستوى 989 مليار ريال (263 مليار دولار)، في حين سيكون الدَّين عند 937 مليار ريال بنهاية العام الحالي.

- الأثر البارز
وقال المحلل المالي تركي فدعق لـ«الشرق الأوسط» إنه في المجمل يكون هناك انعكاسات إيجابية مع أي ارتفاع لأسعار النفط في الأسواق العالمية، موضحاً أن وصول سعر البرميل إلى 80 دولاراً سيكون أثره في المرحلة الأولى على إجمالي الإيرادات جلياً، حيث ستكون أعلى من المتوسط للأرباع الثلاثة الأولى من العام الحالي.
وأضاف أنه إذا استمر الارتفاع للبرميل في التعاملات العالمية لما بين 80 و100 دولار، فسيدعم ذلك خفض العجز في الربع الرابع للميزانية، لافتاً في الوقت ذاته إلى أن متوسط سعر البرميل الذي بني عليه مالية الدولة هو في محيط 60 دولاراً للبرميل.
ويؤكد المحلل المالي أن استمرار الارتفاع للبرميل لما فوق 80 دولاراً سيكون له أثر في موازنة الربع الرابع من العام الحالي، قياساً بإيرادات الأرباع الثلاثة الماضية، لا سيما انخفاض العجز.
ويرى أن المشروعات الحيوية والرئيسية لن تتأثر بتراجع أو ارتفاع أسعار النفط، نظير استنادها إلى جدولة والتزام بانعقادها والانتهاء من تسليمها في موعدها في إطار المشروع التنموي للبلاد.

- أسباب الصعود
وأرجع فدعق أسباب ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية لعوامل عدة، في مقدمتها أن العالم يستقبل فصل الشتاء. وهذا الفصل يرتفع فيه الطلب على استهلاك النفط الخام، قياساً بباقي فصول العام، وذلك لمواجهة الشتاء والاستخدامات المختلفة، موضحاً أنه من المهم أن ينظر في الجانب الآخر بالتركيز على تفاهمات «أوبك بلس» الذي حدد آلية الضخ، فإن كان هناك زيادة أو تخفيض في الإنتاج، فقد تؤثر على الأسعار من الآن حتى نهاية العام.

- آثار جانبية
ومن جانب آخر، أكد الدكتور سالم باعجاجة، أستاذ الاقتصاد في جامعة جدة، أن الارتفاعات المستمرة في أسعار النفط ستؤثر بالقطع على ارتفاع الإيرادات النفطية للمملكة، وبالتالي سيكون تأثيرها الإيجابي ملموساً على تحسن الناتج المحلي، لكنه في المقابل لا بد من إدراك أن هناك آثاراً أخرى مصاحبة.
وقال باعجاجة إن ارتفاع أسعار النفط بدوره سيؤدي إلى ارتفاع مقابل على مستوى التضخم، حيث سيتضح في أسعار السلع، لا سيما مع تحسن مستويات دخل الفرد والأسر، ما يزيد من الإنفاق الاستهلاكي.

- حال النفط
وفي الوقت الذي ارتفع فيه سعر برميل نفط خام القياس العالمي «برنت» للعقود الآجلة الأسبوع المنصرم، حينما وصل إلى 80.05 دولار أميركي للبرميل، مع زيادة سعر برميل خام غرب تكساس الوسيط للعقود الآجلة 1.02 في المائة إلى 76.22 دولار للبرميل، يبرز تساؤل حول مستقبل هذا الصعود، حيث يقول مختصون لـ«الشرق الأوسط» إن هناك أزمة طاقة عالمية سببها شح المعروض للغاز الطبيعي، مما تسبب في ارتفاع أسعار النفط.
وتوقع الخبراء أن يستمر ارتفاع حجم الطلب على النفط إلى العام المقبل، مؤكدين أن الأسعار وصلت إلى مستويات لم تشهدها منذ أكثر من 3 أعوام، وأن أهم عوامل الارتفاع تمكن «أوبك+» من تمديد اتفاقيات تخفيض الإنتاج.
وقال كبير مستشاري وزير النفط السعودي سابقاً الدكتور محمد الصبان لـ«الشرق الأوسط» إنه منذ بداية العام الحالي، زاد الطلب العالمي على النفط، بما لا يقل عن 53 في المائة، في حين هناك زيادات منتظمة من قبل تحالف «أوبك بلس» في حدود 400 ألف برميل يومياً، على أساس شهري.
وزاد الدكتور الصبان أن ارتفاع أسعار النفط لم يكن مستبعداً تجاوزه الـ80 دولاراً لخام برنت لأن هناك أزمة طاقة عالمية سببها شح المعروض للغاز الطبيعي، قائلاً: «نحن مقبلون على فصل الشتاء في ظل إعطاء روسيا أولوية لتغطية طلبها المحلي، وعدم تزويد أوروبا بكميات كافية، وبالتالي هنالك نقص في المعروض، يقابله زيادة في الطلب على النفط لتوليد الطاقة الكهربائية».
وأضاف الصبان أن المصانع تشهد بعض الانقطاعات في الكهرباء، مما يؤدي إلى مزيد من المشكلات والصعوبات التي يمر بها سوق الطاقة، مشيراً إلى أن اجتماع «أوبك+» في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل سيحدد عملية الإنتاج، بعد دراسة متعمقة لطبيعة التغيرات التي حدثت في الآونة الأخيرة، وسيبحث التحالف، بقيادة وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، إذا كانت هناك حاجة لزيادة الكمية المعروضة من النفط لأكثر من 400 ألف برميل أو الإبقاء على المستوى نفسه.

- انخفاض الاستثمارات
ومن ناحيته، أوضح الخبير النفطي محمد المهنا لـ«الشرق الأوسط» أن الارتفاع في أسعار النفط كان متوقعاً بسبب تمكن «أوبك+» من تمديد اتفاقيات تخفيض الإنتاج، ولكن دول التحالف، وعلى رأسهم المملكة، لا ترغب في زيادات حادة قد تؤدي إلى انهيارات مقبلة.
وأبان المهنا أن من أهم العوامل في زيادة الأسعار انخفاض الاستثمارات في الإنتاج، واستكشاف مصادر جديدة في معظم دول العالم بسبب انخفاض الطلب الشديد تحت وطأة وباء «كوفيد - 19»، وإغلاق كثير من حقول الإنتاج، ولأن إعادة مستويات الإنتاج إلى ما قبل كورونا تحتاج مدة طويلة. وتابع الخبير النفطي أن بعض السياسات والتدخلات الحكومية وسياسات وكالة الطاقة الدولية في الحث المبالغ فيه، ومحاولة إجبار الأسواق على اتباع إجراءات الحياد الكربوني التي تحاول الحكومات وفقها إجبار الناس والأسواق، أدت إلى إحجام الشركات عن الاستثمار في النفط.


مقالات ذات صلة

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

الاقتصاد السعودية تصدرت قائمة دول «العشرين» في أعداد الزوار الدوليين بـ 73 % (واس)

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

واصلت السعودية ريادتها العالمية بقطاع السياحة؛ إذ صعدت 15 مركزاً ضمن ترتيب الدول في إنفاق السيّاح الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج مبادرات «رؤية 2030» جعلت من الإنسان محوراً لجميع برامجها ومشاريعها التطويرية (واس)

السعودية تنفي مزاعم بشأن ظروف العمل

نفى «مجلس السلامة المهنية» السعودي صحة ما تداولته منصات إعلامية من مزاعم بشأن ازدياد أعداد حالات الوفاة للعاملين بسبب ظروف العمل في البلاد.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد لقاء بين وزير الاقتصاد السعودي والرئيس التنفيذي لـ«بلاك روك» على هامش مؤتمر «مبادرة مستقبل الاستثمار» بالرياض (واس)

«بلاك روك» الأميركية تحصل على ترخيص تأسيس مقر إقليمي في الرياض

حصلت شركة «بلاك روك» على موافقة السعودية لإنشاء مقرها الإقليمي بالرياض، في أحدث علامة على نجاح المملكة في جذب مزيد من المؤسسات المالية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد الاقتصاد السعودي يستعيد نموه بدعم الأنشطة غير النفطية

الاقتصاد السعودي يستعيد نموه بدعم الأنشطة غير النفطية

استعاد الاقتصاد السعودي نموه في الربع الثالث من العام الحالي، مع استمرار نمو القطاع غير النفطي بسرعة، ليسجل ما نسبته 2.8 في المائة على أساس سنوي.

زينب علي (الرياض)
الاقتصاد أميت ميدا يتوسط الفريق في الجناح الخاص لشركة «آلات» في المعرض المصاحب لـ«مبادرة مستقبل الاستثمار» (الشرق الأوسط)

«آلات» تركز على بناء مركز صناعات عالمي فائق التقنية في السعودية

أكد الرئيس التنفيذي لـ«آلات» أميت ميدا لـ«الشرق الأوسط» أن الشركة تركز على تحقيق هدفها المتمثل في إنشاء مركز تصنيع عالمي في السعودية يعتمد على الطاقة النظيفة.

بندر مسلم (الرياض)

السيولة النقدية ترتفع لـ325 مليار دولار... وارن بافيت يخفض حيازته لأسهم «أبل» لمستوى قياسي

عملاء يسيرون أمام شعار «أبل» داخل متجر الشركة بمحطة «غراند سنترال» في نيويورك (رويترز)
عملاء يسيرون أمام شعار «أبل» داخل متجر الشركة بمحطة «غراند سنترال» في نيويورك (رويترز)
TT

السيولة النقدية ترتفع لـ325 مليار دولار... وارن بافيت يخفض حيازته لأسهم «أبل» لمستوى قياسي

عملاء يسيرون أمام شعار «أبل» داخل متجر الشركة بمحطة «غراند سنترال» في نيويورك (رويترز)
عملاء يسيرون أمام شعار «أبل» داخل متجر الشركة بمحطة «غراند سنترال» في نيويورك (رويترز)

واصل رجل الأعمال الأميركي وارن بافيت وشركة بيركشاير هاثاواي، تخارجهما من سوق الأسهم في الربع الثالث، إذ خفضا حيازاتهما في «أبل» لتصل حجم السيولة النقدية للشركة إلى مستوى قياسي يبلغ 325.2 مليار دولار.

وأعلنت بيركشاير هاثاواي أيضاً انخفاض أرباحها التشغيلية ستة في المائة في الربع الثالث، وهو ما يرجع بصورة كبيرة إلى ارتفاع الالتزامات التأمينية بسبب عدة عوامل، منها الإعصار هيلين.

وفي تقريرها الفصلي الصادر السبت، قالت بيركشاير هاثاواي إنها باعت نحو 100 مليون سهم أو 25 في المائة من أسهمها في «أبل» خلال الصيف، لينخفض عدد أسهمها إلى 300 مليون تقريباً.

كما باعت بيركشاير هاثاواي أسهماً في بنك أوف أميركا بعدة مليارات من الدولارات.

واشترت بيركشاير هاثاواي أسهماً تصل قيمتها إلى 1.5 مليار دولار في الربع الثالث، لكنها لم تشتر مجدداً أيّاً من أسهمها التي باعتها من قبل، مما يشير إلى أن بافيت نفسه لا ينظر إلى أسهم شركته بعدّها صفقة مربحة.

وانخفضت الأرباح التشغيلية لشركة بيركشاير إلى 10.09 مليار دولار، وهو ما يعادل نحو 7019 دولاراً لكل سهم من الفئة أ، مقارنة مع 10.76 مليار في الفترة ذاتها من العام الماضي.

ويقود بافيت (94 عاماً) شركة بيركشاير منذ عام 1965، ومن المتوقع أن تنتقل قيادة الشركة من بعده إلى نائب الرئيس جريج أبيل (62 عاماً).

ويقع مقر بيركشاير هاثاواي في أوماها بولاية نبراسكا، وتضم شركات مثل بيركشاير هاثاواي إنيرجي وعدداً كبيرا من الشركات الصناعية وشركة وساطة عقارية كبيرة وشركات لبيع التجزئة، مثل ديري كوين وفروت أوف ذا لوم.