إعادة تدوير اللوحات الفنية المزيفة لمحاربة الجريمة

مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي يحتفظ بالآلاف منها

TT

إعادة تدوير اللوحات الفنية المزيفة لمحاربة الجريمة

أي شخص يعتقد أن الأعمال الفنية التي يجري الإعلان عن زيفها تختفي ببساطة وتتوارى أو يتم تدميرها عليه أن يتحدث إلى جين كالير، مؤلفة «الكتالوغ النقدي» الذي غطى أعمال الرسام والفنان التشكيلي النمساوي إيغون شييل. فقد كشفت كايلر أنها قد عُرض عليها لوحة الألوان المائية المزيفة المزعومة للفنان شييل نفسها للتحقق من صحتها 10 مرات من قبل 10 جامعي أعمال فنية مختلفين.
يمكنك أيضاً الحديث مع ديفيد إل هول، المدعي الفيدرالي السابق الذي اعتاد التعامل مع القضايا التي حقق فيها فريق مكافحة الجرائم الفنية في مكتب التحقيقات الفيدرالي، وسيخبرك بمعلومات عن لوحة مائية منسوبة إلى أندرو ويث ظهرت في السوق ثلاث مرات بعد أن أفاد ويث نفسه بأنها مزيفة.
دفع أحد التجار 20 ألف دولار مقابل ذلك، وعندما حاول بيعها في مزاد عام 2008، تعرف عليها أمين مجموعة ويث واتصل بمكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)، الذي قام بمصادرتها. قام مكتب التحقيقات في النهاية بإهدائها إلى ديفيد هول تقديراً للسنوات التي قضاها في متابعة القضايا التي حقق فيها.
قال هول، الذي يعمل الآن في مكتبه الخاص للمحاماة، في مقابلة: «إن اللوحة موجودة على رف في مكتبي. عندما حصلت عليها، كتبت كلمة (مزورة) بالحبر على ظهرها».
رغم أنه قد يكون من المريح أن نسمع عن المنتجات المزيفة التي أمر القضاة بإتلافها أو تم تمييزها بوضوح على أنها مزيفة وعن عمليات احتيال، فإن الواقع أكثر تعقيداً.
غالباً ما تتمتع الأعمال التي يُعلن أنها مزيفة بما يمكن أن نطلق عليه حياة لاحقة، وفقاً لمسؤولي إنفاذ القانون والعلماء الأكاديميين والمتمرسين في سوق الفن. تحتفظ الجامعات ببعضها كأدوات للدراسة، وتم استخدام بعض هذه اللوحات في بعض العمليات البوليسية السرية.
لكن العديد من الأعمال، بحسب الخبراء، لها حياة ثانية تشبه إلى حد كبير حياتها الأولى، مثل المنتجات المقلدة المعاد تدويرها للمشترين المخدوعين.
في هذا السياق، قال تيموثي كاربنتر، الوكيل الخاص المشرف لفريق مكافحة الجرائم الفنية في مكتب التحقيقات الفيدرالي، «نرى أن الأشياء تعود إلى السوق. أعتقد أنها تحدث بشكل روتيني».
المشكلة معقدة بسبب حقيقة أن اكتشاف أن شيئاً ما مزيف غالبا ما يكون مجرد رأي خبير يمكن الاعتماد عليه في كثير من الحالات ولكنه مع ذلك يظل مجرد رأي. إن مالكي هذه العناصر ليسوا دائماً على استعداد لتقبل أنهم تعرضوا للخداع، خاصة إذا كانوا قد دفعوا الكثير مقابل عمل فاق المصداقية.
قال جيمس راوندل، مدير متجر ديكنسون المقيم في لندن، الذي رأس يوما ما قسم الفن الانطباعي والحديث في دار مزادات «كريستيز»، «في بعض الأحيان، تتغير الخبرة عبر الأجيال. عندما يخبر شخص ما مالك مجموعة أن لديه شيئا غير أصلي، فإن جامع التحف في هذه الحالة لا يرغب أن يعلن للعالم الخارجي أنه يمتلك قطعة مزيفة».
قال كاربنتر إنه يتذكر حالة اشترى فيها جامع مبتدئ ما يقرب من 300 مطبوعة، جميعها تقريباً مزيفة، وتم رفضها عندما حاول بيعها من خلال دار مزادات.
قال كاربنتر إن دار المزاد اتصلت بمكتب التحقيقات الفيدرالية، مضيفاً: «صادرنا كل هذه القطع، لكن هذا الرجل لم يعجبه. كان يعتقد أن دار المزاد على خطأ. كان يعتقد أننا لا نعرف ما نفعله. سمح لنا بالاحتفاظ بـ40 منها أو نحو ذلك، لكنه طالب بإعادة الباقين، وهو ما حدث لأنها ملكه».
قال كاربنتر إن الجامع وضع المطبوعات في النهاية في منشأة تخزين، حيث سُرقت منها، لكن «هذه المطبوعات عادت إلى السوق بشكل شبه مؤكد».
رغم أن هناك الكثير في عالم الفن الذين يعتقدون أن أولئك الذين يفتنون بالمنتجات المزيفة يبالغون في انتشارها في السوق، إلا أنه لا يوجد شك في أن الأعمال المشبوهة لديها طريقة للانتشار.
قال جاري فيكان، المدير السابق لمتحف والترز للفنون في بالتيمور، إن المتحف يحتوي على مئات المنتجات المقلدة، مشيرا إلى «أنها في الأساس أعمال رومانية من العصور الوسطى وعصر النهضة كان قد حصل عليها المؤسس هنري والترز في عام 1902، تم بيع بعض الأعمال له كلوحات لمايكل أنجلو وتيشان ورافاييل».
ووفقا لمتحدث، يمتلك مكتب المدعي العام في مانهاتن 14 مطبوعة مزيفة لداميان هيرست تم العثور عليها في شقة مزور في عام 2016.
من ضمن الجامعات التي تمتلك مجموعات كبيرة من المنتجات المقلدة كل من جامعتي نيويورك وهارفارد، وغالبا ما يستخدمونها كأدوات تعليمية.
في هذا الصدد، قالت مارجريت إليس، الأستاذة الفخرية في ترميم الورق في مركز الترميم التابع لمعهد الفنون الجميلة بجامعة نيويورك: «لدينا حوالي 1000 قطعة تم التبرع بها كقطع مزيفة من قبل التجار وهواة الجمع ودور المزادات». «ولكن يتم التبرع بالأشياء من حين لآخر للجامعات والمتاحف التي تم تحديدها لاحقاً على أنها مزيفة».
استطردت إليس: «تتراوح الأعمال ما بين أعمال البرونز اليوناني القديم المزيَف، ولوحات مزيفة عن أعمال لفنانين عمالقة أمثال رامبرانتس وتيرنر وفان جوخ. تساعد هذه الأعمال الطلاب على معرفة ما يبحثون عنه ويمكن أن تكون تعليمية للغاية عندما تضعهم جنباً إلى جنب مع العمل الحقيقي. يكتشف طلاب تاريخ الفن أن التحليل الأسلوبي يحتاج إلى دعم من خلال التحليل الفني».
صادر مكتب التحقيقات الفيدرالي آلاف المنتجات المقلدة، التي لم يتم إتلافها عادة، ولكن تم تخزينها في العديد من الأماكن. وقال كاربنتر: «لا يمكنني إعطاءك رقما دقيقا، لكن العدد الإجمالي يزيد على 3000. إنها مطبوعات لفنانين مثل بابلو بيكاسو، ومارك شاغال، وروي ليختنشتاين، وآندي وارهول وجوان ميرو. لن أقول إنها في كل مكتب ميداني. الأشياء منتشرة نوعا ما، لكن الجزء الأكبر منها موجود في مرافق التخزين في نيويورك وميامي وشيكاغو وفيلادلفيا ولوس أنجليس».
نادراً ما يعرض مكتب التحقيقات الفيدرالي بعضا من منتجاته المزيفة. لكن جامعة فوردهام استضافت معرضا بعنوان «Caveat Emptor» في عام 2013 وشمل لوحات تُنسب عن طريق الخطأ إلى رامبرانت، وغوغان، ورينوار، وغري، وماتيس، وشاغال.
قال روبرت ويتمان، الرئيس السابق لفريق مكافحة الجرائم الفنية بمكتب التحقيقات الفيدرالية، إنه في عام 2007، عندما كان عميلاً سرياً متنكراً في صورة تاجر فنون مشبوه، استعار ست لوحات مزيفة من المفترض أنها لدالي، وديغا، وأوكيف، وكليمت وشاغال من مستودع لمكتب التحقيقات الفيدرالي في ميامي «لأثبت لاثنين من أفراد العصابات الفرنسيين أنني تاجر حقيقي».
عرفه رجال العصابات باسم بوب كلاي، وقال: «باستخدام اسمي الأول الحقيقي، كنت أتبع قاعدة أساسية للعمل السري: حافظ على الأكاذيب إلى الحد الأدنى. فكلما زاد كذبك، كلما كنت مطالباً بتذكر المزيد منها».
ذكر محضر التحقيق أن ويتمان كان من المفترض أن يبيع الأعمال لتاجر مخدرات كولومبي على متن يخت قبالة سواحل فلوريدا. كان تاجر المخدرات، وكذلك القبطان والمضيفة وخمس نساء على متن الطائرة من عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي. تم الانتهاء من البيع بألماس مزيف وتحويل مصرفي مفترض، لكن رجال العصابات اختفوا في النهاية.
قال ويتمان: «كان السبب وراء استخدام الفن للإيقاع بالعصابة هو أن جزءاً من أسطورتي كعميل سري هو أنني تعاملت مع اللوحات المسروقة. وهذا كان ليثبت أنني متورط في نشاط إجرامي».
- خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

جيجي لامارا ينفي استيلاء نانسي عجرم على حقوق الأطرش

يوميات الشرق الفنانة اللبنانية نانسي عجرم (إنستغرام)

جيجي لامارا ينفي استيلاء نانسي عجرم على حقوق الأطرش

ما زال خلاف فيصل الأطرش وريث الفنان السوري الراحل فريد الأطرش، والفنانة اللبنانية نانسي عجرم، يحتل مساحة كبيرة من اهتمام الجمهور العربي.

محمود الرفاعي (القاهرة)
يوميات الشرق نانسي عجرم (حسابها على إنستغرام)

«أنا وانت وبس» تفجر خلافاً بين ورثة فريد الأطرش ونانسي عجرم

فجَّر إعلان الفنانة اللبنانية نانسي عجرم الجديد الذي روجت فيه لإحدى شركات المنتجات المثلجة خلافاً بينها وبين وريث الفنان السوري الراحل فريد الأطرش.

محمود الرفاعي (القاهرة)
يوميات الشرق رئيس مجلس المؤلّفين والملحّنين اللبنانيين الفنان أسامة الرحباني متحدّثاً عن أوضاع حقوق المؤلّفين (الشرق الأوسط)

أسامة الرحباني: الغناء ليس ممنوعاً لكنّ حقوق المؤلّفين في خطر

في لقاء إعلامي وحقوقي، رفع المؤلف والمنتج الموسيقي اللبناني أسامة الرحباني الصوت حيال ما يتعرّض له كتّاب الأغنية وملحّنوها بسبب التقاعس في جباية حقوقهم.

كريستين حبيب (بيروت)
تكنولوجيا يثير تطوير الذكاء الاصطناعي التوليدي مخاوف من تهديدات عدّة تطال المجال الموسيقي وقدرته خصوصاً على استنساخ أصوات شهيرة

200 نجم موسيقي يدعون لحماية الابتكارات الفنية من الذكاء الاصطناعي

دعا أكثر من 200 فنان شهير إلى حماية أفضل للأعمال الفنية وحقوق المؤلفين في ظل التهديدات التي ينطوي عليها الذكاء الاصطناعي

نسيم رمضان (لندن)
يوميات الشرق الفأر الذي لعب دور قبطان (شاترستوك)

«ديزني» تفقد حقوق الملكية الفكرية للنسخة الأولى من «ميكي ماوس»

لم تعد النسخة الأولى من شخصية «ميكي ماوس» التي تعد واحدة من أكثر الشخصيات شهرة في الثقافة الشعبية تحظى بحماية لحقوق الملكية الفكرية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.