«المُعينات الحيوية» تعزز مقاومة المرجان وتعافيه من آثار ارتفاع حرارة البحار

د. راكيل بيكسوتو عالمة البحار في «كاوست» تحقن «المُعينات الحيوية» أو البكتريا المفيدة للشعاب المرجانية «BMC» لمجموعة من الشعاب المرجانية بأحواض السمك محكمة الضبط بأحد مختبرات الجامعة (كاوست)
د. راكيل بيكسوتو عالمة البحار في «كاوست» تحقن «المُعينات الحيوية» أو البكتريا المفيدة للشعاب المرجانية «BMC» لمجموعة من الشعاب المرجانية بأحواض السمك محكمة الضبط بأحد مختبرات الجامعة (كاوست)
TT

«المُعينات الحيوية» تعزز مقاومة المرجان وتعافيه من آثار ارتفاع حرارة البحار

د. راكيل بيكسوتو عالمة البحار في «كاوست» تحقن «المُعينات الحيوية» أو البكتريا المفيدة للشعاب المرجانية «BMC» لمجموعة من الشعاب المرجانية بأحواض السمك محكمة الضبط بأحد مختبرات الجامعة (كاوست)
د. راكيل بيكسوتو عالمة البحار في «كاوست» تحقن «المُعينات الحيوية» أو البكتريا المفيدة للشعاب المرجانية «BMC» لمجموعة من الشعاب المرجانية بأحواض السمك محكمة الضبط بأحد مختبرات الجامعة (كاوست)

أظهرت دراسة تعاونية جديدة لباحثين من «جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)» دور «المُعينات الحيوية (البروبيوتيك)» في تعزيز صحة الشعاب المرجانية ومنعها من النفوق بسبب الضغوطات البيئية الشديدة؛ وعلى رأسها ارتفاع درجة حرارة البحار والمحيطات نتيجة الاحتباس الحراري.
ونُشرت الورقة البحثية لهذه الدراسة في المجلة العلمية «ساينس أدفانسيز (Science Advances)»، في 13 أغسطس (آب) 2021، وشارك في تأليفها من «كاوست» كل من: الدكتورة راكيل بيكسوتو، أستاذة مساعدة وعالمة بحار، والدكتورة إريكا سانتورو، زميلة ما بعد الدكتوراه، والدكتورة هيلينا فيليلا، عالمة أبحاث. وتوضح الورقة أن «المُعينات الحيوية»؛ وهي كائنات حية دقيقة مفيدة للشعاب المرجانية تسمى «BMC»، تساعد على التعافي من الإجهاد الحراري عن طريق تحفيز العمليات المناعية التي تساعد المرجان على إعادة بناء بيئته الميكروبية الخاصة وتعويضها. كما شرحت الورقة بالتفصيل البحث الذي أُجري في «الجامعة الفيدرالية في ريو دي جانيرو (UFRJ)» في البرازيل، ويتضمن بيانات تحليلية من الاختبارات اللاحقة التي أجريت في «مركز أبحاث البحر الأحمر» في «كاوست».
وتعدّ هذه الورقة البحثية الأولى من نوعها التي تُظهر دور المُعينات الحيوية في معالجة الشعاب المرجانية المبيضة ومنع نفوقها، وقد تلقت تمويلاً من «تحدي الابتكار في حماية الشعاب المرجانية» التابع لـ«مؤسسة الحاجز المرجاني العظيم»، والذي نادى بالخروج بأفكار جديدة لحماية الشعاب المرجانية حول العالم، وكان مدعوماً أيضاً من قبل «مؤسسة تيفاني آند كو (Tiffany & Co Foundation)».
تقول آنا مارسدن، المديرة العامة لـ«مؤسسة الحاجز المرجاني العظيم»: «تقدم مثل هذه الدراسات الرائدة الأمل لمستقبل الحاجز المرجاني العظيم والشعاب المرجانية في العالم، والتي تتعرض لضغوطات متزايدة تهدد بقاءها بسبب ظاهرة تغيّر المناخ وتبعاتها المدمرة».
وتعتقد عالمة البحار في كاوست الدكتورة راكيل بيكسوتو أن المُعينات الحيوية يمكنها أن تمنح المرجان الوقت الكافي للتعافي بحيث تبقى الطحالب فيه لفترة أطول أو تعود بسرعة أكبر بعد ابيضاضه.
يذكر أن فكرة استخدام المُعينات الحيوية لحماية المرجان تبادرت إلى ذهن راكيل أول مرة بعد أن قرأت نتائج بحث من دراسة سابقة في البرازيل، بقيادة عضو هيئة تدريس آخر في «كاوست»، وهو الدكتور ألكسندر روسادو، وتضّمن البحث مساعدة النظم البيئية لأشجار القرم (المانغروف) على التعافي من الانسكابات النفطية عبر تطوير مُعينات حيوية بشكل حبوب من بكتيريا النبات تساعد على تحلل النفط بحيث تستطيع جذور النبات امتصاصه، وكانت النتيجة باهرة حيث لم تعمل هذه المُعينات الحيوية على تحلل النفط فحسب؛ بل جعلت النباتات تنمو بصورة أقوى وأسرع.

- استخلاص البكتريا النافعة
تركزت هذه الدراسة على نوع من الشعاب المرجانية في البرازيل يحمل الاسم العلمي «Mussismilia hispida»، وأظهرت أن الشعاب المرجانية تغير ارتباطها التكافلي، وبناءً على ذلك ابتكر الباحثون مُعينات حيوية قوية باستخدام المرجان نفسه والبكتريا المرتبطة به عن طريق طحن أجزاء منه ونقعها في محلول من مياه البحر، وإطلاق البكتريا التي تعيش داخل أنسجته وعزل مئات من سلالاتها ودراسة قدرتها الوراثية والأيضية لتكون بمثابة بكتريا نافعة للمرجان (BMCs).
اختار الفريق 6 من سلالات البكتريا هذه استناداً لقدرتها على تنشيط الاستجابة المناعية الطبيعية للشعاب المرجانية، على سبيل المثال، بعض هذه البكتريا يعدّ مضادات طبيعية لمسببات الأمراض، والبعض الآخر قادر على جمع مركبات الأكسجين التفاعلية وتحطيمها، أو إعادة تدوير النيتروجين، أو توليد المغذيات للشعاب المرجانية. ويمكن جمع هذه الصفات لتطوير مُعينات حيوية قوية في صيغة «BMCs» تكون شاملة وتمنح الشعاب المرجانية القدرة على تحمل الصدمات الحرارية والبقاء على قيد الحياة.

- أبحاث «مختبر البحر الأحمر»
قامت الدكتورة بيكسوتو وفريقها في «كاوست» باستخدام البيانات المستمدة من الدراسة البرازيلية لتوسيع التجربة لتشمل نوعاً من الشعاب المرجانية الصخرية الشائعة في البحر الأحمر وأجزاء أخرى من العالم، تحمل الاسم العلمي «Pocillopora verrucosa»، ووقع اختيارهم على هذا النوع بالتحديد لأسباب عدة أهمها إلمامهم الكامل بتسلسلها الجيني؛ حيث سبق أن أجروا أبحاثاً عليها، كما أن هذا النوع من المرجان ينمو بسرعة ويوجد بكثرة في البحر الأحمر، وتوجد أوراق بحثية كثيرة عنه، فضلاً عن أن عملية إنتاج مُعينات حيوية لهذا المرجان هي نفسها المستخدمة في الشعاب المرجانية البرازيلية السابق ذكرها.
اكتملت المرحلة التجريبية في «كاوست» ويستعد العلماء الآن لاختبار هذه المُعينات الحيوية على الشعاب المرجانية الحية في البحر الأحمر باستخدام مناهج تجريبية خاضعة للرقابة، وستكون هذه هي المرة الأولى التي تجرى فيها تجربة من هذا النوع مباشرة في البيئة البحرية المفتوحة.

- نقل التجربة للبحر
اختارت الدكتورة بيكسوتو موقعاً بحرياً بالقرب من الجامعة يتوفر فيه النوع المرجاني المستهدف بكثرة على هيئة بقع صغيرة من الشعاب المرجانية، وله صفات مناسبة للتكاثر تحت ظروف فائقة الضبط تمكن من التحكم بشكل أفضل في عملية التلقيح ومراقبته بمرور الوقت، وسيجري تلقيح المُعينات الحيوية البكتيرية في شكل حبوب، أو خرز، وسيقوم العلماء بتوزيع الخرزات على الشعاب المرجانية، التي سوف تذوب ببطء في البحر المالح، وتطلق الكائنات الحية الدقيقة التي ستمتصها الشعاب المرجانية بعد ذلك. وحُدد موعد بدء عملية المعالجة هذه بأواخر أغسطس 2021.
تقول عالمة الأبحاث البحرية في كاوست، الدكتورة هيلينا فيليلا، التي عملت مع بيكسوتو في البرازيل في مشروع تحلل النفط والدراسات اللاحقة للشعاب المرجانية: «نقل أبحاثنا إلى البحر خطوة كبيرة بالنسبة لنا، وقد أجرينا كل الاستعداد والاحتياطات اللازمة من توثيق الموقع التجريبي جيداً، وضبطه على أكمل وجه، ووُضعت علامات على جميع الشعاب المرجانية الموجودة فيه».

- الخطط المستقبلية
لا يزال غير معروف كم مرة ستحتاج الشعاب المرجانية للتلقيح بعد الجرعة الأولى، ولكن الدكتورة بيكسوتو متفائلة بالنتيجة التي ستحققها هذه اللقاحات، خصوصاً في تعزيز التغيير الجيني في المرجان وتكيف انتقال المقاومة الحرارية المتوقعة للجيل التالي. ويأمل فريق «كاوست» في حال ثبت أمان وفاعلية منهجهم التجريبي، توسيع المشروع ليشمل الشعاب المرجانية في جميع البحر الأحمر، وكذلك الموجودة في أجزاء أخرى من العالم.
ولكن يبقى السؤال عما إذا كانت هذه البكتريا التي استخدموها في الشعاب المرجانية بالبحر الأحمر سيكون لها التأثير الإيجابي نفسه على الشعاب المرجانية في البيئات البحرية الأخرى والمختلفة، وهو سؤال تأمل الدكتورة بيكسوتو وفريقها في بحثه بصورة مكثفة، ولكنها تبقى مسألة وقت؛ حيث إن هذا البحث جديد ويغطي مجالات لم تُستكشف من قبل، لكن الاحتمال قائم.


مقالات ذات صلة

الاقتصاد مجموعة من الأسماك بعد الصيد في إحدى الأسواق الوطنية (واس)

ارتفاع إنتاج الاستزراع السمكي بالسعودية إلى 140 ألف طن خلال 2023

ارتفع إنتاج مشروعات الاستزراع السمكي في المياه المالحة والمياه الداخلية بالسعودية إلى 56.4 في المائة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
بيئة تأتي الحيتان الحدباء لتتكاثر وتضع صغارها في مياه بولينيزيا الفرنسية (أ.ف.ب)

طفرة في سياحة الحيتان تثير قلقاً في بولينيزيا الفرنسية

بدأ موسم الحيتان في بولينيزيا الفرنسية جنوب المحيط الهادئ، حيث تزدهر الرحلات البحرية لمشاهدة الحيتان والسباحة معها، ما يثير تساؤلات ومخاوف بشأن صحتها.

«الشرق الأوسط» (بابييتيه (فرنسا))
يوميات الشرق فرخ البطريق الملكي الضخم «بيستو» في حوض بأستراليا في 3 سبتمبر 2024 (أ.ب)

فرخ بطريق ملكي ضخم يصبح نجماً على وسائل التواصل الاجتماعي

أصبح فرخ البطريق الملكي الضخم المسمى «بيستو»، الذي يزن بقدر والديه مجتمعين، من مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي وعنصر جذب في حوض أسماك أسترالي.

«الشرق الأوسط» (ملبورن)
آسيا صورة أرشيفية تظهر حوتاً زعنفياً أمام جبال جليدية على الساحل الشمالي لجزيرة إليفانت في القارة القطبية الجنوبية (أرشيفية - أ.ف.ب)

اصطياد أول حوت زعنفي لأغراض تجارية منذ نصف قرن في المجال البحري الياباني

نشرت الشركة الرئيسية لصيد الحيتان في اليابان صوراً اليوم الأربعاء لأول حوت زعنفي يتم اصطياده لأغراض تجارية في المجال البحري الياباني منذ نحو 50 عاماً.


«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.