بدا أمس، أن استغلال الأزمات الإنسانية، وخصوصاً ملف اللاجئين الساعين للعبور من منطقة الشرق الأوسط إلى أوروبا، عاد إلى الواجهة هذه المرة من البوابة البيلاروسية، بعدما كانت تركيا استخدمته أكثر من مرة في السابق. وحمل فتح مينسك أخيراً، مناطقها الحدودية مع بلدان أوروبية على تشجيع مئات من اللاجئين على محاولات تجاوز الحدود، ووصفت بلدان أوروبية الوضع بأنه ابتزاز من جانب مينسك التي تواجه عقوبات أوروبية بسبب التضييق على المعارضة. وأعلنت أمس، ليتوانيا أنها تتوقع زيادة في تدفق المهاجرين غير الشرعيين من أراضي بيلاروسيا.
وأشارت إلى وصول ثلاث رحلات جوية جديدة قادمة من العراق إلى مينسك. ومحملة بمئات الراغبين في الهجرة إلى أوروبا. ووصفت فيلنيوس الوضع بأنه «حرب هجينة» أطلقتها بيلاروسيا بهدف تعزيز أوراقها التفاوضية مع الأوروبيين. وبدأت دائرة الحدود الليتوانية أول من أمس، في إعادة الدفعات الأولى من المهاجرين غير الشرعيين الذين جاءوا من أراضي بيلاروسيا. وقال نائب وزير الداخلية في ليتوانيا أرنولداس أبرامافيسيوس، إن « مجموعات عدة قد أعيدت بالفعل».
وأوضح، أن «ليتوانيا لم تعد تقبل التدفق المتزايد باستمرار للاجئين، بالإضافة إلى أن عبور الحدود بهذه الطريقة هو عمل غير قانوني». وقال نائب الوزير مازحاً، إن حرس الحدود الليتوانيين يعتبرون المهاجرين غير الشرعيين «سياحاً ضائعين». وفي غمز من قناة الأوضاع الداخلية المضطربة في بيلاروسيا، قال المسؤول الأوروبي «بعد كل شيء، جاءوا إلى بيلاروسيا البلد الرائع، وأعجبوا بطبيعتها وضاعوا قرب الحدود، يمكنهم الآن مواصلة جولاتهم السياحية في بيلاروسيا».
وكانت وزيرة الداخلية الليتوانية أجني بيلوتايت أكدت وضع خطط لإعادة أولئك المهاجرين. وجاء في بيان، أنه «من أجل حماية حدود الدولة ومنع الدخول إلى أراضي ليتوانيا، سيتم توجيه الأشخاص الذين يعبرون الحدود بشكل غير قانوني خارج نقاط التفتيش إلى أقرب نقطة تفتيش دولية عاملة على الحدود». ولفتت وسائل إعلام ليتوانية إلى أنه من المقرر عقد جلسة استثنائية للبرلمان الليتواني يوم الثلاثاء المقبل، لمناقشة «كيفية التعامل مع الظروف عندما تشن بيلاروسيا المجاورة حرباً هجينة ضد ليتوانيا».
ومن المتوقع أن يبحث البرلمان إمكانية إعلان حالة الطوارئ. وقال برلمانيون، إن الحديث يدور ليس عن إعلان حال الطوارئ في البلد كله، بل في المناطق الحدودية (5 كيلومترات على طول الشريط الحدودي مع بيلاروسيا)، فضلاً عن البلدات والمناطق السكنية المجاورة للحدود. ووفقاً لمصادر ليتوانية، فإن «فرض حال الطوارئ لن يحل المشكلة، لكنه سيسمح باستخدام الجيش لحراسة الحدود». وكان حرس الحدود أعلن في بيان، أنه وفقاً لمعطيات متوافرة، فإن 2000 مهاجر ينتظرون دورهم في غرودنو للعبور إلى ليتوانيا. وقالت مصادر، إنه «تأكدت صحة التوقعات القلقة لليتوانيين من خلال زيادة عدد الرحلات الجوية أخيراً من العراق إلى بيلاروسيا». ووفقاً للمعطيات الليتوانية، فقد وصلت بالفعل رحلة جوية من السليمانية يوم الاثنين تقل مهاجرين، وستصل من البصرة اليوم (الخميس) رحلة أخرى، تليها رحلة من أربيل يوم السبت. وفي إشارة إلى تعمد بيلاروسيا توسيع هذه المشكلة ودفع اللاجئين نحو الحدود الأوروبية، نشرت وكالة أمن الحدود الخارجية التابعة للاتحاد الأوروبي (فرونتكس)، التي تساعد حرس الحدود الليتوانيين، مقطع فيديو تظهر فيه سيارة ترافق مجموعة من المهاجرين غير الشرعيين. وقال حرس الحدود الليتوانيون، إن هذه مركبة تابعة للأجهزة البيلاروسية الخاصة. في المقابل، نفت مينسك أي تورط لها في زيادة تدفق المهاجرين. وأفاد بيان حكومي، بأنه «كان هناك دائماً الكثير من اللاجئين الطامحين بالعبور إلى أوروبا، لكن حرس الحدود البيلاروسي كان يواجه محاولاتهم. ولم يعد يفعل ذلك حالياً، لأن ليتوانيا وبلدان الاتحاد الأوروبي قد انتهكت جميع الاتفاقات السابقة ورفضت فتح أي حوار».
ولفتت وسائل إعلام بيلاروسية إلى أنه منذ أبريل (نيسان) 2021، أعربت بيلاروسيا مراراً عن رغبتها في إجراء مشاورات حول قضايا الهجرة من خلال القنوات القليلة التي ظلت مفتوحة للحوار مع بروكسل. مشيرة إلى أن تعليق برامج التعاون السابقة مع الاتحاد الأوروبي فاقم من المشكلة. وأشار الممثل الرسمي لوزارة الخارجية البيلاروسية أناتولي جلاز أول من أمس، إلى إن «اقتراحات مينسك حول موضوع اللاجئين، وكذلك المبادرات الأخرى في مجالات مهمة للجميع، ظلت دون أي رد». وذكّر باستعداد مينسك لاستئناف الحوار مع أوروبا، لكنه انتقد في الوقت ذاته «عدم وجود أي صوت واحد في الاتحاد الأوروبي ينادي باستئناف حوار مع مينسك يهدف إلى حل مشترك للمشكلة التي نشأت». ونقلت صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا» الروسية عن خبراء، أن «مينسك تلعب لعبتها الخاصة، والتي لها هدف واضح إلى حد ما، الأمر يتعلق بخلق مشكلة ليس فقط لليتوانيا... ولكن بالنسبة للاتحاد الأوروبي بأسره يمكن أن تصبح موضوعاً للمساومة والحوار» وفقاً للخبير بيوتر كوزنتسوف الذي قال، إن الهدف الأساسي «إبعاد الاهتمام عن السجالات الجارية حول أجندة حقوق الإنسان والقمع داخل البلاد، وتحويل الأنظار نحو مشكلة اللاجئين».
ولفتت تعليقات صحافية إلى أن «الدافع الأساسي للرئيس ألكسندر لوكاشينكو عاطفي ويتمثل في الانتقام من الغرب بشكل عام وليتوانيا على وجه الخصوص، التي كانت من أوائل من فرضوا لوائح عقوباتهم فردية حتى قبل أن يفعل الاتحاد الأوروبي ذلك».
مينسك «تنتقم» من أوروبا بتسهيل مرور اللاجئين عبر الحدود
ليتوانيا تتحدث عن «حرب هجينة» وتستعد لإعلان حالة الطوارئ
مينسك «تنتقم» من أوروبا بتسهيل مرور اللاجئين عبر الحدود
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة