مينسك «تنتقم» من أوروبا بتسهيل مرور اللاجئين عبر الحدود

ليتوانيا تتحدث عن «حرب هجينة» وتستعد لإعلان حالة الطوارئ

تعليقات تفيد بأن الدافع الأساسي للرئيس ألكسندر لوكاشينكو الانتقام من الغرب وليتوانيا (أ.ب)
تعليقات تفيد بأن الدافع الأساسي للرئيس ألكسندر لوكاشينكو الانتقام من الغرب وليتوانيا (أ.ب)
TT

مينسك «تنتقم» من أوروبا بتسهيل مرور اللاجئين عبر الحدود

تعليقات تفيد بأن الدافع الأساسي للرئيس ألكسندر لوكاشينكو الانتقام من الغرب وليتوانيا (أ.ب)
تعليقات تفيد بأن الدافع الأساسي للرئيس ألكسندر لوكاشينكو الانتقام من الغرب وليتوانيا (أ.ب)

بدا أمس، أن استغلال الأزمات الإنسانية، وخصوصاً ملف اللاجئين الساعين للعبور من منطقة الشرق الأوسط إلى أوروبا، عاد إلى الواجهة هذه المرة من البوابة البيلاروسية، بعدما كانت تركيا استخدمته أكثر من مرة في السابق. وحمل فتح مينسك أخيراً، مناطقها الحدودية مع بلدان أوروبية على تشجيع مئات من اللاجئين على محاولات تجاوز الحدود، ووصفت بلدان أوروبية الوضع بأنه ابتزاز من جانب مينسك التي تواجه عقوبات أوروبية بسبب التضييق على المعارضة. وأعلنت أمس، ليتوانيا أنها تتوقع زيادة في تدفق المهاجرين غير الشرعيين من أراضي بيلاروسيا.
وأشارت إلى وصول ثلاث رحلات جوية جديدة قادمة من العراق إلى مينسك. ومحملة بمئات الراغبين في الهجرة إلى أوروبا. ووصفت فيلنيوس الوضع بأنه «حرب هجينة» أطلقتها بيلاروسيا بهدف تعزيز أوراقها التفاوضية مع الأوروبيين. وبدأت دائرة الحدود الليتوانية أول من أمس، في إعادة الدفعات الأولى من المهاجرين غير الشرعيين الذين جاءوا من أراضي بيلاروسيا. وقال نائب وزير الداخلية في ليتوانيا أرنولداس أبرامافيسيوس، إن « مجموعات عدة قد أعيدت بالفعل».
وأوضح، أن «ليتوانيا لم تعد تقبل التدفق المتزايد باستمرار للاجئين، بالإضافة إلى أن عبور الحدود بهذه الطريقة هو عمل غير قانوني». وقال نائب الوزير مازحاً، إن حرس الحدود الليتوانيين يعتبرون المهاجرين غير الشرعيين «سياحاً ضائعين». وفي غمز من قناة الأوضاع الداخلية المضطربة في بيلاروسيا، قال المسؤول الأوروبي «بعد كل شيء، جاءوا إلى بيلاروسيا البلد الرائع، وأعجبوا بطبيعتها وضاعوا قرب الحدود، يمكنهم الآن مواصلة جولاتهم السياحية في بيلاروسيا».
وكانت وزيرة الداخلية الليتوانية أجني بيلوتايت أكدت وضع خطط لإعادة أولئك المهاجرين. وجاء في بيان، أنه «من أجل حماية حدود الدولة ومنع الدخول إلى أراضي ليتوانيا، سيتم توجيه الأشخاص الذين يعبرون الحدود بشكل غير قانوني خارج نقاط التفتيش إلى أقرب نقطة تفتيش دولية عاملة على الحدود». ولفتت وسائل إعلام ليتوانية إلى أنه من المقرر عقد جلسة استثنائية للبرلمان الليتواني يوم الثلاثاء المقبل، لمناقشة «كيفية التعامل مع الظروف عندما تشن بيلاروسيا المجاورة حرباً هجينة ضد ليتوانيا».
ومن المتوقع أن يبحث البرلمان إمكانية إعلان حالة الطوارئ. وقال برلمانيون، إن الحديث يدور ليس عن إعلان حال الطوارئ في البلد كله، بل في المناطق الحدودية (5 كيلومترات على طول الشريط الحدودي مع بيلاروسيا)، فضلاً عن البلدات والمناطق السكنية المجاورة للحدود. ووفقاً لمصادر ليتوانية، فإن «فرض حال الطوارئ لن يحل المشكلة، لكنه سيسمح باستخدام الجيش لحراسة الحدود». وكان حرس الحدود أعلن في بيان، أنه وفقاً لمعطيات متوافرة، فإن 2000 مهاجر ينتظرون دورهم في غرودنو للعبور إلى ليتوانيا. وقالت مصادر، إنه «تأكدت صحة التوقعات القلقة لليتوانيين من خلال زيادة عدد الرحلات الجوية أخيراً من العراق إلى بيلاروسيا». ووفقاً للمعطيات الليتوانية، فقد وصلت بالفعل رحلة جوية من السليمانية يوم الاثنين تقل مهاجرين، وستصل من البصرة اليوم (الخميس) رحلة أخرى، تليها رحلة من أربيل يوم السبت. وفي إشارة إلى تعمد بيلاروسيا توسيع هذه المشكلة ودفع اللاجئين نحو الحدود الأوروبية، نشرت وكالة أمن الحدود الخارجية التابعة للاتحاد الأوروبي (فرونتكس)، التي تساعد حرس الحدود الليتوانيين، مقطع فيديو تظهر فيه سيارة ترافق مجموعة من المهاجرين غير الشرعيين. وقال حرس الحدود الليتوانيون، إن هذه مركبة تابعة للأجهزة البيلاروسية الخاصة. في المقابل، نفت مينسك أي تورط لها في زيادة تدفق المهاجرين. وأفاد بيان حكومي، بأنه «كان هناك دائماً الكثير من اللاجئين الطامحين بالعبور إلى أوروبا، لكن حرس الحدود البيلاروسي كان يواجه محاولاتهم. ولم يعد يفعل ذلك حالياً، لأن ليتوانيا وبلدان الاتحاد الأوروبي قد انتهكت جميع الاتفاقات السابقة ورفضت فتح أي حوار».
ولفتت وسائل إعلام بيلاروسية إلى أنه منذ أبريل (نيسان) 2021، أعربت بيلاروسيا مراراً عن رغبتها في إجراء مشاورات حول قضايا الهجرة من خلال القنوات القليلة التي ظلت مفتوحة للحوار مع بروكسل. مشيرة إلى أن تعليق برامج التعاون السابقة مع الاتحاد الأوروبي فاقم من المشكلة. وأشار الممثل الرسمي لوزارة الخارجية البيلاروسية أناتولي جلاز أول من أمس، إلى إن «اقتراحات مينسك حول موضوع اللاجئين، وكذلك المبادرات الأخرى في مجالات مهمة للجميع، ظلت دون أي رد». وذكّر باستعداد مينسك لاستئناف الحوار مع أوروبا، لكنه انتقد في الوقت ذاته «عدم وجود أي صوت واحد في الاتحاد الأوروبي ينادي باستئناف حوار مع مينسك يهدف إلى حل مشترك للمشكلة التي نشأت». ونقلت صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا» الروسية عن خبراء، أن «مينسك تلعب لعبتها الخاصة، والتي لها هدف واضح إلى حد ما، الأمر يتعلق بخلق مشكلة ليس فقط لليتوانيا... ولكن بالنسبة للاتحاد الأوروبي بأسره يمكن أن تصبح موضوعاً للمساومة والحوار» وفقاً للخبير بيوتر كوزنتسوف الذي قال، إن الهدف الأساسي «إبعاد الاهتمام عن السجالات الجارية حول أجندة حقوق الإنسان والقمع داخل البلاد، وتحويل الأنظار نحو مشكلة اللاجئين».
ولفتت تعليقات صحافية إلى أن «الدافع الأساسي للرئيس ألكسندر لوكاشينكو عاطفي ويتمثل في الانتقام من الغرب بشكل عام وليتوانيا على وجه الخصوص، التي كانت من أوائل من فرضوا لوائح عقوباتهم فردية حتى قبل أن يفعل الاتحاد الأوروبي ذلك».


مقالات ذات صلة

دول أوروبية تعلق طلبات اللجوء المقدمة من سوريين بعد الإطاحة بالأسد

العالم العربي دول أوروبية تعلق البت في طلبات اللجوء المقدمة من سوريين (أ.ف.ب)

دول أوروبية تعلق طلبات اللجوء المقدمة من سوريين بعد الإطاحة بالأسد

علقت دول أوروبية كثيرة التعامل مع طلبات اللجوء المقدمة من سوريين بعد استيلاء المعارضة على دمشق وهروب الرئيس بشار الأسد إلى روسيا بعد 13 عاماً من الحرب الأهلية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شمال افريقيا عملية إنقاذ سابقة لمهاجرين غير نظاميين غرب ليبيا (جهاز مكافحة الهجرة)

سلطات طرابلس تضبط 40 باكستانياً قبل تهريبهم إلى أوروبا

يقول «جهاز دعم الاستقرار» الليبي بطرابلس إنه «تم جلب هؤلاء المهاجرين عبر تشكيل عصابي دولي يتقاضى 20 ألف دولار أميركي من كل مهاجر مقابل إرساله إلى ليبيا».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي قوات بحرية مصرية تحبط محاولة هجرة غير شرعية لمركب بالبحر المتوسط (المتحدث العسكري)

الجيش المصري يحبط محاولة هجرة غير شرعية عبر البحر المتوسط

أعلن الجيش المصري، الاثنين، تمكنه من إحباط محاولة هجرة غير شرعية لمركب على متنه 63 فرداً، بينهم 3 سودانيين، بالبحر المتوسط.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من ترحيل السلطات الليبية عدداً من المهاجرين المصريين (جهاز مكافحة الهجرة)

الإعلان عن «تحرير» 9 مصريين من قبضة عصابة بشرق ليبيا

قالت سلطات أمنية بشرق ليبيا إنها نجحت في «تحرير» 9 مصريين من قبضة عصابة في عملية وصفتها بـ«المُحكمة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا قوات بحرية إسبانية تعترض قارب مهاجرين غير نظاميين انطلق من سواحل موريتانيا (أ.ف.ب)

مهاجرون باكستانيون عالقون على الحدود بين مالي وموريتانيا

«رغم المسافة الكبيرة التي تفصل موريتانيا عن باكستان، والتي تقدر بنحو 7700 كيلومتر، فإنها أصبحت وجهة للمهاجرين الآسيويين».

الشيخ محمد (نواكشوط)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.