«المركزي» اليمني يقر تدابير لمواجهة انقسام سعر العملة

موظف بمتجر صرافة يعدّ نقوداً قبل تحويلها لأحد العملاء (رويترز)
موظف بمتجر صرافة يعدّ نقوداً قبل تحويلها لأحد العملاء (رويترز)
TT

«المركزي» اليمني يقر تدابير لمواجهة انقسام سعر العملة

موظف بمتجر صرافة يعدّ نقوداً قبل تحويلها لأحد العملاء (رويترز)
موظف بمتجر صرافة يعدّ نقوداً قبل تحويلها لأحد العملاء (رويترز)

أقر البنك المركزي اليمني في عدن أمس (الخميس) جملة تدابير في سياق مسعاه للسيطرة على تهاوي الريال اليمني أمام العملات الأجنبية وتوحيد سعر الريال في المناطق المحررة مع سعره في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية.
ومن تلك التدابير، أقر البنك ضخ العملة المحلية من فئة الألف ريال ذات الحجم الكبير إلى السوق وفي جميع مناطق البلاد، وتكثيف التداول بها في السوق ومعاودة تعزيز استخدامها في معاملات البيع والشراء النقدي، وبمستوى حجم تعامل أكبر.
كما أقر البنك، اتخاذ إجراءات منظمة لخفض حجم المعروض النقدي وإبقائه في المستويات المقبولة والمتوافقة كمياً مع حاجة السوق لها، وذلك بناءً على الدراسات التي أعدها الخبراء المختصون في البنك، للحد من أي آثار تضخمية، وانعكاسه سلباً على قيمة العملة المحلية في عموم السوق اليمنية ومختلف المناطق.
وذكر البنك المركزي اليمني أنه أقر إلزام البنوك ومؤسسات التحويل والصرافة خلال فترة قريبة قادمة بوقف فرض عمولات جزافية وغير واقعية للتحويلات الداخلية بين مختلف مناطق البلاد، بدواعي التمييز السعري بين فئات العملة المحلية الواحدة، وقال إن مخالفي هذه التوجيهات سيتعرضون لعقوبات مشددة.
وأضاف أن «معالجة التشوهات السعرية بالعملة الوطنية يأتي تنفيذاً لقرار مجلس إدارة البنك المركزي اليمني، بشأن معالجة حالة الانقسام في السوق الاقتصادية، والتشوهات التي أحدثها اختلاف سعر صرف العملة المحلية بالفئة الواحدة نفسها في المناطق الواقعة تحت سيطرة السلطة الشرعية والأخرى خارجها».
وتأتي هذه التدابير - بحسب البنك - وفقا "«لما يقتضيه القانون وتعزيزاً للتوجه العام الرافض للعبث بواحد من أهم رموز وحدة السوق وواحدية قيمتها، وانطلاقاً مما منحه حصرياً قانون البنك المركزي رقم 14 لعام 2000، من سلطة إصدار للعملة اليمنية بمختلف فئاتها، وتحديد شكلها وقيمتها وبالتشاور مع حكومته الشرعية، وبعد مراجعة الأسباب التي أدت إلى هذا الانقسام والتشوه، واستعراض عدد من الحلول والمعالجات المقترحة لإنهاء حالة التشوهات السعرية للعملة المحلية».
وأكد البنك، أن جميع الأوراق النقدية من العملة الوطنية بجميع فئاتها المصدرة والمتداولة استناداً إلى قانون البنك المركزي اليمني تعتبر عملة قانونية ملزمة حسب قيمتها كوسيلة دفع في جميع التعاملات الداخلية في الجمهورية اليمنية، مشيراً إلى أنه سيظل مستمراً في تشديد إجراءاته في الرقابة على نشاط سوق صرف النقد، وفرض الانضباط في أدائه، وذلك لأغراض الدفاع عن قيمة العملة الوطنية ووقف تدهورها.
واعترف البنك أن هذا الإجراء من قبله «لا يعتبر حلاً لأزمة تراجع قيمة العملة المحلية، ولكنه يشكل جزءاً مهماً ضمن حزمة إجراءات سيتخذها في إطار خطواته لمعالجة هذه الأزمة».
وأشار إلى أن التشوه السعري لقيمة العملة المحلية وانقسام السوق اليمنية، إضافة إلى الاختلالات في المالية العامة للدولة، شكّل عائقاً أمام تطبيق تلك الإصلاحات التي يسعى البنك المركزي من خلالها إلى الدفع بعجلة التعافي في المنظومة المصرفية، باعتبارها قاطرة أساسية لتعزيز أداء قطاع الأعمال ورفع معاناته، ومقدمة ضرورية لتحسين بيئة النشاط الاقتصادي بشكل عام.
وكان الريال اليمني وصل في تهاويه إلى مستويات قياسية في الأيام الأخيرة حيث تجاوز الدولار الواحد ألف ريال وهو ما انعكس على ارتفاع أسعار السلع وضاعف من معاناة السكان في المحافظات المحررة.
ومع وصول الأزمة اليمنية مؤخرا إلى حالة من الانسداد السياسي ومراوحة المعارك ضد الانقلابيين في مكانها للسنة السابعة، إلى جانب الخلاف بين القوى المناوئة للانقلاب، تصاعدت كثير من الدعوات في الشارع السياسي والشعبي إلى الإسراع بإجراء إصلاحات جذرية في صفوف الشرعية للتمكين من القضاء على الانقلاب وإعادة الاستقرار إلى البلد الذي يعاني أوسع أزمة إنسانية في العالم.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».