مهرجان «كان» يبرز أفلاماً حول المرأة

آلاف الزوار يجرون فحصاً يومياً لـ «كوفيد ـ 19»

TT

مهرجان «كان» يبرز أفلاماً حول المرأة

أعلن فرنسوا دَروسو، السكرتير العام لمهرجان «كان» أنّ معدل الإصابات بـ«كوفيد - 19» حتى الآن هي ثلاثة يومياً. وكشف أنّه في اليوم الأول من المهرجان (الثلاثاء السادس من هذا الشهر) سُجّلت 6 إصابات «لكن لا شيء منها كان فادحاً».
جاء هذا التصريح من باب التأكيد على أنّ إجراءات المهرجان الفرنسي بخصوص الوباء وتفاعلاته برهنت على فاعليّتها، وأمّنت للمهرجان استمراره (حتى الآن) من دون عوائق أو عراقيل.
من بين هذه الإجراءات، إلزام الآتين من دول ما يعرف بـ«أورانج كنتريز» (بينها بريطانيا والسويد والأرجنتين مثلاً) إجراء فحص كل يومين، حتى ولو كانوا تلقوا التلقيح سابقاً. هذا لجانب ألوف لم يختاروا التلقيح حتى الآن، ما يفرض عليهم التوجه إلى العيادة القائمة على غير بُعد يُذكر لإجراء الفحص كل يومين، وانتظار النتيجة قبل أخذ صورة عنه (إذا كان سلبياً) كشرط لدخول الصالة.
يقول دَروسو إنّ عدة آلاف شخص يجرون الفحص يومياً، وإنّه بالنظر إلى معدل الإصابات في أرجاء الدولة الفرنسية، فإنّ مدينة «كان» لديها نسبة أقل من سواها من المدن الفرنسية. هذا لم يمنع من توجيه إدارة المهرجان كل العاملين فيها لإجراء الفحص ذاته كل يومين. وكان القرار السابق هو إجراء هذا الفحص المُلزم كل خمسة أيام.
بالنسبة للمصابين، فإنّ عملهم سيتوقف تماماً لأسبوع على الأقل، إذا ما ظهرت النتائج إيجابية. هذا يعني أنّ الصحافي إذا ما كان مُصاباً فسيلتزم فندقه أو شقّته، ولن يتمكّن من حضور فاعليات المهرجان المختلفة، بما فيها عروض الأفلام أو إجراء المقابلات.
وبينما الصفوف طويلة أمام صالات السينما، هناك (حسب مصادر متخصصة) نشاط محدود في سوق المهرجان. لكن الإعلام، في كل قطاعاته، يساند الدورة، واصفاً قرار إقامتها، رغم الوباء، بالصائب، والنتائج، إلى الآن، بالناجحة.

- مرسال خاص
انطلاقاً، هل يكون امتناع المخرج الأميركي وس أندرسن عن حضور مؤتمر صحافي عن فيلمه المشترك في المسابقة، «مرسال فرنسي»، له علاقة بالخوف من الوباء؟
لا يبدو السبب في امتناعه واضحاً. المؤتمر لن يُعقد من دونه، لذلك لن يُعقد مطلقاً، وذلك بناءً على طلبه في «مرسال» خاص إلى إدارة «كان».
تبعاً لذلك، فإنّ ممثلي وممثلات الفيلم لن يحضروا أي مؤتمر صحافي له علاقة بهذا الفيلم. ليس أنّ هناك عدداً كبيراً من أبطال «المرسال الفرنسي» حاضر. تيلدا سوينتون وصلت من اسكوتلندا، وليا سيدو من باريس. أمّا أدريان برودي وبنينو دل تورو وبل موراي وأوون ولسون ووليم دافو فلم يحضروا بعد.
لكن ربما أن السبب لا يكمن في الخوف من الوباء، بل على الأرجح لسبب مفاده أنّ أندرسن لا يود إفشاء الفيلم للإعلام. يُقال في هذا الصدد إنّ المخرج الأميركي الذي استوطن باريس بدوره وافق على عرض خاص لغير الصحافيين، وطلب تأجيل العرض الصحافي ليوم آخر.

- آن فرانك مرسومة
كالعادة، تأتي أفلام هذه الدورة بمواضيع مختلفة، بعضها ينبش في الماضي، وبعضها يتناول شؤوناً نسائية، وبعضها الآخر يزور الحياة التي طمح إليها البشر ولم يبلغوها. وفي أرجاء هذه الدورة، وكما هو معتاد أيضاً، الفيلم الروائي الحي، والفيلم التسجيلي، وحفنة من أفلام الرسوم المتحركة.
أبرز ما عُرض في إطار أفلام الأنيميشن هو: «أين هي آن فرانك» (من دون علامة استفهام) للمخرج الإسرائيلي آري فولمن. هذا كان شارك في مسابقة المهرجان بفيلمه السياسي «الرقص مع بشير» (2008)، الذي ذكر فيه أنّ تعاوناً قام بين قائد حزب الكتائب الراحل، بشير الجميّل، والقوّات الإسرائيلية، خلال مذبحة صبرا وشاتيلا في بيروت، خلال سنوات الحرب الأهلية. كان ذلك الفيلم تسجيلياً بالرسوم وحدها (ولم يسبق لهذا الناقد أن شاهد مثل هذا المزج بين النوعين)، لكنّه خرج من المسابقة بلا جائزة، ولو أنّه توجه بعد ذلك ليمثل إسرائيل في سباق أوسكار أفضل فيلم أجنبي، من دون أن ينال تلك الجائزة أيضاً.
مدخل المخرج لسرد حكاية آن فرانك، الشخصية الحقيقية التي وضعت مذكراتها خلال فترة السُّلطة النازية، يختلف عما قامت به أفلام سينمائية عدّة بتوفيره من حكايات وأنواع سرد. في الواقع هناك ما لا يقل عن 20 فيلماً حول سيرتها الذاتية استناداً على مذكراتها الشخصية التي وضعتها في مخبئها، في منزل بالعاصمة أمستردام، ما بين 1942 و1944.
أول هذه الأفلام كان تلفزيونياً من ألمانيا الشرقية (آنذاك)، أنجزه إميل شتور سنة 1958. أشهرها فيلم جورج ستيفنز الأميركي «مفكرة آن فرانك» (1959). الإنتاجات التي دارت حول هذه الشخصية (لاقت حتفها لاحقاً في الاعتقال) تشمل أعمالاً من بريطانيا وفرنسا وهولندا وجمهورية التشيك وإيطاليا، لجانب تلك الأميركية (ستة). قبل قيام فورمان بتحقيق هذه النسخة الكارتونية حقّق الإسرائيلي إيام بووَرز فيلماً بعنوان «زميلات آن فرانك» سنة 2008.

- إسرائيلي يعادي إسرائيل
داخل المسابقة فيلم إسرائيلي آخر للمخرج ناداف لابيد، عنوانه «رُكبة عهد» (Ahed‪’‬s Knee). العنوان يذكّرنا بعنوان فيلم إريك رومير «رُكبة كلير» (1970)، لكن لا شيء آخر يربط بين الفيلمين. عهد التميمي هي الفتاة الفلسطينية التي صفعت جندياً إسرائيلياً بلا وجل سنة 2018، وحُكم عليها بالسجن لذلك. والمفاد هنا إشارة المخرج لابيد لمطالبة عضو في الكنيست بإطلاق النار على ساق عهد حتى لا تشترك في المظاهرات بعد اليوم.
لا يخفي لابيد مطلقاً عداءه لإسرائيل، كما وُضعت تحت أيدي السُلطات المتطرّفة. هو عن مخرج يريد صنع الفيلم الذي في باله، لكن هناك رقابات وقوانين تصدّه. في مشهد ذي دلالة يقول بطل الفيلم أفشالوم بولاك موجّهاً حديثه إلى أحد المسؤولين: «سأتقيأ إسرائيل من دمي في وجه وزير(ة) الثقافة».
يقول بطله في الفيلم معبّراً عن المخرج ذاته «كل ما سترونه في الفيلم حقيقي. فقط انتبهوا إلى الأسلوب». وأسلوبه هنا أكثر حدّة، كما يبدو، من أسلوبه في فيلمه السابق «مترادفات» الذي كان فاز، قبل ثلاث سنوات بذهبية مهرجان برلين.
في ذلك الفيلم كذلك، حمل المخرج على إسرائيل ما لا يمكن اعتباره أقل من عداء شامل. في أحد المشاهد المهمة يقول، متحدثاً لصديق فرنسي يقف وإياه ليلاً على جسر فوق نهر السين: «هربت من إسرائيل لأنّها دولة قاسية، منحطة، عدائية، ذات قلب لئيم، فضائحية، ذات روح شريرة»، ويتبع كل هذه النعوت بكثيرة أخرى قبل أن يقول له الشاب الذي يستمع له مستغرباً: «من المستحيل أن تكون كل تلك الصفات مجتمعة في بلد واحد».
لكن بطل ذلك الفيلم، واسمه يوواف (قام به توم مرسييه الذي اكتشفه المخرج على بعض مسارح تل أبيب)، واثق من موقفه. هارب من ماضيه. وهو يندفع في مهاجمة الدولة التي جاء منها إلى باريس، رافضاً التحدث بالعبرية بعد اليوم.

- مثالان عن المرأة
القضايا النسائية متوفرة في كثير من الأفلام. في الأساس، لم يجرؤ مهرجان «كان» (ولا العديد من المهرجانات الرئيسية الأخرى، نستثني فينيسيا) على تجاهل الجماعات النسوية التي تضغط في سبيل الوجود على شاشة المهرجان أو خلفها (في لجان التحكيم). كما سبقت الإشارة، فإنّ غالبية أعضاء لجنة تحكيم المسابقة من النساء. والعديد من الأفلام المعروضة في المسابقة وخارجها نسائية التحقيق. لكن هذا لا يمنع أنّ قضايا المرأة يعالجها الرجال جيداً، كما الحال في فيلم بول فرهوفن «بنيديتا».
أفلام فرهوفن الأوروبية (هو هولندي وأفلامه الأخيرة فرنسية من إنتاج سعيد بن سعيد) مستفزّة، و«بنيديتا» لا يقل في ذلك عن أي منها. مشاهدو الفيلم تابعوا حكاية راهبة شاّبة (فرجيني إفيرا) ارتبطت بعلاقة عاطفية مع راهبة أخرى. يصوّر المخرج العلاقة بتفاصيلها، لكنّه يصوّر كذلك المواجهة العنيفة (طبيعياً) ضد بطلته من قِبل الكنيسة الكاثوليكية).
فيلم المخرج التشادي محمد صالح هارون «لينغوي» هو عمل آخر متوّج ببحثه في المرأة. يدور حول أم (أشواك أكبر سليمان) وابنتها (ريحان عليو)، يواجهان مجتمعاً لا يرحم عندما تظهر عوارض حمل الفتاة (التي ما زالت دون السادسة عشر). يصاحب المخرج بطلتيه في وضع صعب، لكنّه صادق، في بيئة من التقاليد الصارمة.
بحث هارون في البيئات الإسلامية الأفريقية ملحوظ في أعماله السابقة، مثل: «فصل جاف» و«الرجل الصارخ» و«أبونا». لكن الفارق هنا هو أنّ بؤرته نسائية وليست رجالية، كحال تلك الأفلام. والذي لفت أنظار مشاهدي «لينغوي» هو أنّه يصوّر متاعب الأم، عوض ما اعتادت عليه أفلام أوروبية وأميركية من تركيز على معضلة الفتاة الحبلى.


مقالات ذات صلة

أربعينات القرن الماضي تجذب صناع السينما في مصر

يوميات الشرق أحمد عز في لقطة من فيلم «فرقة الموت» (الشرق الأوسط)

أربعينات القرن الماضي تجذب صناع السينما في مصر

يبدو أن سحر الماضي دفع عدداً من صناع السينما المصرية إلى اللجوء لفترة الأربعينات من القرن الماضي بوصفها مسرحاً لأحداث أفلام جديدة.

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق مهرجان القاهرة السينمائي لتنظيم ورش على هامش دورته الـ45 (القاهرة السينمائي)

«القاهرة السينمائي» يدعم صناع الأفلام بالتدريبات

أعلن «مهرجان القاهرة السينمائي الدولي» عن تنظيم مجموعة متخصصة من الورش لصنّاع الأفلام.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق المخرج معتز التوني يتوسط وأمينة خليل فريق العمل خلال العرض الخاص بالقاهرة (الشركة المنتجة)

«X مراتي» فيلم مصري جديد يراهن على «الضحك» فقط

يرفع الفيلم المصري «X مراتي» شعار «الضحك للضحك» عبر كوميديا المواقف الدرامية التي تفجرها قصة الفيلم وأداء أبطاله.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق  الحدث يهتم بالتنوّع البيولوجي والسينما (مهرجانات ريف)

انطلاق «مهرجانات ريف»... ومشكلات بيئة جنوب لبنان في الصدارة

تُعدّ «مهرجانات ريف» المُقامة في بلدة القبيات، الوحيدة لبنانياً التي تتناول موضوعات البيئة، فتضيء على مشكلاتها وتزوّد روّادها بحلول لمعالجتها.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق حورية فرغلي (إنستغرام)

حديث حورية فرغلي عن حياتها الشخصية يلفت الانتباه في مصر

لفتت الفنانة المصرية، حورية فرغلي، الانتباه في مصر بعد حديثها عن تفاصيل في حياتها الشخصية، والسبب الذي لأجله قالت إنها «تمنت الموت».

محمد الكفراوي (القاهرة )

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».