ابتزاز النساء... مصدر آخر لثراء قادة حوثيين

شارع مطل على المدينة القديمة في صنعاء (إ.ب.أ)
شارع مطل على المدينة القديمة في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

ابتزاز النساء... مصدر آخر لثراء قادة حوثيين

شارع مطل على المدينة القديمة في صنعاء (إ.ب.أ)
شارع مطل على المدينة القديمة في صنعاء (إ.ب.أ)

قبل نحو عام كتب أحد الصحافيين الحوثيين عن الكيفية التي يستخدم بها جهاز مخابرات الميليشيات منازل سرية لاعتقال النساء وابتزاز أسرهن، والثروات التي جمعها سلطان زابن القيادي الحوثي الذي كان يدير هذه العملية، وبعده بأيام كتب قيادي آخر في الميليشيات يشتكي من تجنيد نساء للإيقاع ببعض السياسيين والبرلمانيين الذين يشكون في ولائهم، لكن الرجل القوي في الميليشيات أحمد حامد والذي يمسك بمكتب رئيس حكم الانقلاب ويشرف على جهاز المباحث العامة ذهب لتكريم زابن ومن ثم إلى ترقيته.
ناجيات من قبضة الميليشيات الحوثية تحدثن عن الكيفية التي يتم من خلالها ابتزازهن أو تجنيدهن للعمل مع الميليشيات التي استخدمت الدعارة وسيلة للإيقاع بالسياسيين والبرلمانيين، وحتى رجال الأعمال ليسهل عليها ابتزازهم.
وقالت إحدى النساء اللائي تمكنت من الانتقال إلى خارج اليمن بعد الإفراج عنها مقابل مبلغ مالي كبير دفعته أسرتها، إنها اختطفت من قبل عناصر مباحث الميليشيات على خلفية تسلمها حوالات مالية من أخيها من إحدى شركات الصرافة حيث اتهموها بتلقي أموال من التحالف وبعد شهور من الإخفاء في البيوت السرية التي تديرها الزينبيات (الجناح النسائي في جهاز أمن الجماعة).
وذكرت هذه الناجية أنها ظلت أربعة أشهر في المعتقل السري وأنهم عرضوا عليها العمل معهم في الإيقاع بسياسيين وبرلمانين، وعندما رفضت ذلك هددوها بالإحالة إلى المحاكمة والتشهير بها، وأن أسرتها اضطرت لدفع أكثر من خمسة ملايين ريال (الدولار حوالي 600 ريال) لأحد المشرفين الحوثيين تولى مهمة التوسط والإفراج عنها بشرط عدم الحديث عما تعرضت له إطلاقا.
ومنذ أيام أصدرت محكمة تديرها الميليشيات حكما بتبرئة خمس نساء من التهم التي وجهتها مباحث الميليشيات ونيابتها، ولكن بعد سنة على اختطافهن وتعرضهن للتعذيب حيث وجهت لهن تهم الدعارة والاتجار وتعاطي المخدرات والتزوير. الحكم الذي أصدره القاضي الابتدائي أبطل إجراءات القبض والتحقيق وأكد ثبوت تعرضهن للإكراه في انتزاع أقوالهن، وهي حالة نادرة الحدوث منذ سيطرة الميليشيات على العاصمة، وسط غضب شعبي واسع من الأساليب اللاأخلاقية التي تتبعها ميليشيات الحوثي في التعامل مع النساء.
ناشطات في المجال النسوي تساءلن عمن سيرد لهؤلاء النساء الخمس اعتبارهن، بعد أن دمرت ميليشيات الحوثي حياتهن ومستقبلهن وسمعتهن، وأكدن أن ما تقوم به الميليشيات ليس عملا فرديا بل عمل منظم وممنهج لتركيع المجتمع وإخضاعه ليس فقط المناوئين لها.
هذا الأمر أكده عضو البرلمان أحمد سيف حاشد الذي كان يعمل مع الحوثيين والذي قال إنه خاض معركة تشبه الانتحار حول قضية احتجاز النساء وابتزازهن منذ عام ونصف.
وقال حاشد إن سلطة الميليشيات التي نفت ذلك ردت على الحملة التي قادها وقامت بعزل وكيل نيابة البحث الجنائي القاضي نبيل الجنيد من منصبه لأنه «رفض أن يكون أداة لشرعنة وقوننة تلك الأفعال»، وأنه وبعد أن حكم القضاء ببراءة تلك النساء ظل مدير البحث الجنائي في منصبه، وأكثر من هذا تم ترقية المسؤول الأول عن هذه الجريمة وصار رئيسا لجهاز الأمن والمخابرات، وذكر أنهم لم يكشفوا إلا عن واحد في المائة من هذه القضايا.
ولا يقتصر الأمر على ابتزاز النساء فقط بل إن الاعتقالات أضحت مصدر إثراء لقادة ومشرفين في ميليشيات الحوثي، فكل أسرة لديها معتقل ينبغي عليها البحث عن مشرف أو قيادي صاحب نفوذ ودفع ملايين الريالات ليتدخل ويطلق سراح ابنها.
وفي حالات كثيرة لا تستطيع الأسر الوصول إلى مشرف أو قيادي حوثي نافذ فتلجأ لأحد شيوخ القبائل الذي يعمل لتجنيد مقاتلين للميليشيات، حيث تقوم بدفع مبالغ كبيرة لهذا الشيخ ليتدخل لدى أحد القيادات البارزة ويقنعه بالإفراج عن المعتقل بضمانة أنه لا يؤيد الشرعية ولا التحالف الداعم لها.
وفي أحدث ردود الفعل على انتهاكات الجماعة بحق النساء طالبت الحكومة اليمنية المجتمع الدولي والمنظمات المعنية بحقوق الإنسان للتدخل من أجل توفير حماية للنساء من بطش الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الانقلابية.
وبحسب ما أوردته وكالة «سبأ» طالب وزير الإعلام معمر الإرياني المجتمع الدولي والمنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان وحماية المرأة باتخاذ موقف حازم إزاء التنكيل الذي تمارسه ميليشيا الحوثي بالنساء اليمنيات، والضغط على الميليشيا لوقف تلك الجرائم والانتهاكات غير المسبوقة في تاريخ اليمن، والإطلاق الفوري لجميع المختطفات في معتقلاتها الخاصة.
وقال الوزير اليمني إن «الشهادات التي دونها عدد من البرلمانيين والحقوقيين والناشطين المدنيين بعد زيارتهم للفنانة انتصار الحمادي في السجن المركزي الخاضع لسيطرة ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران، تعيد فتح ملف واحدة من أخطر الجرائم والانتهاكات التي ارتكبتها بحق النساء دون وازع من دين أو ضمير أو أخلاق».


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.