تحذير من كارثة صحية تحيق باليمنيين في مناطق سيطرة الميليشيات

TT
20

تحذير من كارثة صحية تحيق باليمنيين في مناطق سيطرة الميليشيات

حذرت مصادر طبية من كارثة صحية تحيق بمناطق سيطرة الميليشيات الحوثية مع التفشي المتزايد لفيروس كورونا، وغياب أي إجراءات احترازية أو تجهيزات طبية للعناية بالمصابين، حيث يواصل الفيروس حصد أرواح العشرات يومياً، مع استمرار الميليشيات في رفض تسلم كمية اللقاحات التي كانت مخصصة لتلك المناطق، في حين فتحت الحكومة اليمنية أبواب مراكزها لإعطاء الجرعة الأولى من اللقاح للعاملين في قطاع الصحة ومن يعانون من أمراض مزمنة في مناطق سيطرة الميليشيات.
مصادر طبية في صنعاء أكدت لـ«الشرق الأوسط»، أن المدينة تسجل يومياً مئات الإصابات بفيروس كورونا، ولكن السلطات الصحية لميليشيات الحوثي تحجب هذه الأرقام، في حين يفارق الحياة العشرات في المدن الرئيسية والفرعية للمحافظات، بينما لا يعرف على وجه الدقة أعداد الضحايا في المناطق الريفية والتي يعيش فيها نحو 70‎ في المائة‎ من سكان البلاد، في حين رفضت ميليشيات الحوثي فرض أي إجراءات احترازية أو تخصيص مراكز للعزل والرعاية واكتفت بتحويل مستشفيين في العاصمة لرعاية قادتها والمسؤولين في حكومتها التي لا يعترف بها أحد.
وذكر طبيب سبق أن عمل في أحد مراكز العزل هناك خلال المرحلة الأولى من الجائحة لـ«الشرق الأوسط»، أن المدينة خلت من أي إجراءات احترازية وحتى الإجراءات المتعلقة بالرعاية للمصابين الذين يحتاجون إلى رعاية طبية وأجهزة تنفس صناعي والعزل للمخالطين انتهت تماماً ولا تظهر وزارة الصحة في حكومة الميليشيات أي اهتمام بهذا الأمر؛ ما فاقم من تفشي الوباء وقد يتحول إلى كارثة؛ إذ إن الأسواق مفتوحة والمساجد مزدحمة والمنشآت الطبية من دون أي إجراءات وقائية.
في حين تحدث طبيب آخر يدير أحد المختبرات في العاصمة عن ارتفاع ضحايا الفيروس في القطاع الصحي بسبب انعدام الإجراءات ولأن السلطات الصحية تشجع السكان على التساهل والتراخي، وختمت أفعالها برفض تسلم الكمية المخصصة لتلك المناطق من اللقاحات والتي كانت ستخصص للعاملين في القطاع الصحي والأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة، ووصف الوضع بأنه «كارثي بكل ما للكلمة من معنى». ويضيف، أصبت واثنان من زملائي بهذا الفيروس، ولا نعلم كيف وصل إلينا رغم الاحتياطات التي نتخذها لأن التعامل اليومي مع مئات المرضى يجعل انتقاله واقعاً معيشاً.
وفي عدن، أكد الدكتور علي الوليدي، وكيل وزارة الصحة في الحكومة اليمنية لـ«الشرق الأوسط»، أن مراكز التلقيح تلقت تعليمات واضحة باستقبال الكوادر الصحية وكبار السن ومن يعانون من الأمراض المزمنة في مناطق سيطرة ميليشيات الحوثي للحصول على اللقاح في أي منطقة من مناطق سيطرة الشرعية، وخلال جولة «الشرق الأوسط» بعدد من مراكز التلقيح يبدو تدني الإقبال بسبب الإشاعات التي انتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي عن الأعراض الجانبية للقاح. وقالت إحدى العاملات في المركز، إن الإقبال متوسط، لكنه لم يكن بحجم التوقعات بسبب تصديق الناس للإشاعات.
وكانت ميليشيات الحوثي رفضت تسلم الكمية المقترحة لمناطق سيطرتها والمقدرة بأكثر من مائة وستين ألف جرعة، وطالبت بعشرة آلاف جرعة فقط، لكنها عادت وطلبت ألف جرعة واشترطت أن تتصرف بها بعيداً عن إشراف منظمة الصحة العالمية، وهو أمر رفضته الأخيرة، حيث إن البروتوكول الموقّع بين الحكومة ومنظمة الصحة العالمية وتحالف اللقاح العالمي ينص على أن تشرف المنظمة على توزيع اللقاحات والتأكد من أنها تعطى بصورة صحيحة.
بدورها أعلنت اللجنة الوطنية العليا لمواجهة وباء فيروس كورونا، إيقاف رحلات الطيران من وإلى الهند، حتى إشعار آخر، وكلفت سفارة اليمن في الهند بمتابعة وضع المواطنين المتأثرين بهذا الإجراء والرفع بالتوصيات اللازمة لمساعدتهم.


مقالات ذات صلة

اتهامات للحوثيين بارتكاب 13 ألف انتهاك حقوقي في البيضاء خلال عشر سنوات

العالم العربي جانب من المؤتمر الصحافي الذي عقد بمحافظة مأرب عن انتهاكات جماعة الحوثي في البيضاء (سبأ)

اتهامات للحوثيين بارتكاب 13 ألف انتهاك حقوقي في البيضاء خلال عشر سنوات

كشف تقرير حقوقي يمني عن توثيق نحو 13 ألف انتهاك لحقوق الإنسان في محافظة البيضاء (وسط اليمن) ارتكبتها ميليشيا الحوثي خلال السنوات العشر الأخيرة

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ خلال أحدث إحاطاته أمام مجلس الأمن (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة لـ«الشرق الأوسط»: غروندبرغ ملتزم بالوساطة... والتسوية اليمنية

في أعقاب فرض عقوبات على قيادات حوثية، أكد مكتب المبعوث الأممي التزامه بمواصلة جهوده في الوساطة، والدفع نحو تسوية سلمية وشاملة للنزاع في اليمن.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي الحوثيون يحكمون قبضتهم على مناطق شمال اليمن ويسخرون الموارد للتعبئة العسكرية (أ.ب)

عقوبات أميركية على قيادات حوثية

فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة أمس على سبعة من كبار القادة الحوثيين المتحالفين مع إيران في اليمن.

علي ربيع (عدن)
المشرق العربي الأمم المتحدة تخطط للوصول إلى 12 مليون يمني بحاجة إلى المساعدة هذا العام (إ.ب.أ)

انعدام الأمن الغذائي يتفاقم في 7 محافظات يمنية

كشفت بيانات أممية عن تفاقم انعدام الأمن الغذائي في 7 من المحافظات اليمنية، أغلبها تحت سيطرة الجماعة الحوثية، وسط مخاوف من تبعات توقف المساعدات الأميركية.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي الشراكات غير العادلة في أعمال الإغاثة تسبب استدامة الأزمة الإنسانية في اليمن (أ.ف.ب)

انتقادات يمنية لأداء المنظمات الإغاثية الأجنبية واتهامات بهدر الأموال

تهيمن المنظمات الدولية على صنع القرار وأعمال الإغاثة، وتحرم الشركاء المحليين من الاستقلالية والتطور، بينما تمارس منظمات أجنبية غير حكومية الاحتيال في المساعدات.

وضاح الجليل (عدن)

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.