أكد الفنان المصري رشوان توفيق، رفضه العمل في ظل المنظومة الفنية المصرية الحالية، التي اتهمها بأنها «لا تقدر كبار الفنانين»، وقال في حواره مع «الشرق الأوسط»، إنه لا يحتاج للوجود كممثل بجانب غيره من كبار الممثلين إذا لم يكن الدور ملائماً لهم، مشيراً إلى أنه يعتز كثيراً بأنه لم يقدم عملاً واحداً يخجل منه.
وقدم رشوان توفيق أعمالاً فنية مسرحية وتلفزيونية ودرامية ناجحة عبر مسيرة طويلة منذ تخرجه بمعهد التمثيل في ستينات القرن الماضي، واشتهر بشخصيته الطيبة وعلاقته المثالية مع زملائه من مختلف الأجيال.
ووصف توفيق أسلوب العمل الحالي مع جيل الكبار من الفنانين بـ«المهين»، قائلاً: «من الطبيعي أن أطالع السيناريو قبل تحديد موقفي من العمل، وأن تصلني منه نسخة كاملة حتى لو كان دوري مجرد مشاهد معدودة، لأفهم علاقة الشخصية التي أؤديها بالشخصيات الأخرى في المسلسل، لا بد أن يكون السيناريو معي قبل شهر من بدء التصوير حتى أذاكره وأستعد له جيداً، لكنهم الآن يكتفون بإرسال المشاهد التي تخص الممثل فقط، فهل هناك إهانة أكبر من ذلك».
ويضيف: «بعد ذلك يخبروننا بأن مدة التصوير 5 أيام، ليحدد أجر الفنان باليومية، هنا لا يمكن لفنان يحترم نفسه وتاريخه أن يقبل بذلك، الحمد لله عمري 88 سنة ولن أقدم عملاً أهين به نفسي ثم أتحسر على روحي، فلم أقدم في حياتي عملاً تحت أي ضغوط، وهذه ليست مشكلة الممثلين فقط، بل مشكلة كل الكبار الذين يجلسون في بيوتهم، فالمؤلفون الكبار أمثال جلال عبد القوي، ومصطفى محرم، ويسري الجندي ومجدي صابر، جميعهم لديهم سيناريوهات جاهزة، لكن لا أحد يسعى إليهم، وكذلك المخرجون الكبار أمثال محمد فاضل وإنعام محمد علي، ورباب حسين، لا يستطيعون العمل في ظل هذه المنظومة السيئة».
واستشهد توفيق بأحد المواقف السابقة، قائلاً: «قبل شهر رمضان الماضي، اتصل بي أحدهم يرشحني لدور في مسلسل وسألته عن السيناريو، فقال لي إنه لا يزال في مرحلة الكتابة، فاعتذرت بالطبع لأن هذا تهاون كبير في العمل لا أقبله، ولم أعتده فلا بد أن يكون النص متكاملاً قبل بدء التصوير، وتجري له بروفات عديدة، ولا بد من الاهتمام بكل الأدوار. المشكلة كلها أن الدولة لم تعد تنتج وانصرفت الكتابة لخدمة النجم الواحد، ولم يعد هناك اهتمام بالشخصيات الأخرى».
ضيوف الشرف
عن مدى تقبله للظهور كـ«ضيف شرف»، يقول: «صديقي الفنان الكبير عبد الرحمن أبو زهرة، وصف هذه الأدوار بشكل دقيق عندما قال إنها بلا ملامح أو تأثير درامي في العمل، بالتالي لا أهمية لها».
لا يرى توفيق سناً لاعتزال الفنان: «إنني أؤمن بمقولة الفنان الكبير يوسف وهبي بأن الممثل لا يعتزل أبداً، إلا إذا فقد ذاكرته أو صحته، وهناك ممثلون كبار ظلوا يمثلون لآخر لحظة في عمرهم مثل حسن البارودي وشفيق نور الدين، وأنا شخصياً إذا عرض عليّ دور جيد أرحب به، لكن لا أقبل بضيف شرف بهذه الصيغة». وقدم الفنان الكبير أدواراً اجتماعية لاقت صدى واسعاً في مسلسلات عديدة، من بينها: «الليل وآخره، المال والبنون، لن أعيش في جلباب أبي، أين قلبي، سلسال الدم»، مشيراً إلى أن «أغلب ما تطرحه الدراما حالياً يجعلني أتعصب للمستوى الذي وصلت إليه، في الوقت نفسه هناك أعمال جيدة مكتوبة للكبار، ولا أحد يعيرها اهتماماً، فالدراما الآن تتنافس على مشاهد الضرب والقتل والحوارات الهابطة التي لا تليق أن تشاهدها الأسرة، فالفن يجب أن يرتقي بالناس لا أن يهبط بهم، في الماضي كان أسامة أنور عكاشة يقع في صدام مع الرقابة لرغبته في هامش حرية أكبر لطرح قضايا اجتماعية من دون تجاوز لفظي».
فنان قدير
وحصل توفيق على لقب «فنان قدير» لمسيرته المسرحية الناجحة: «حصلت على هذا اللقب بقرار من رئيس الوزراء أنا والفنان الراحل صلاح قابيل في قرار واحد، وكنت بدأت العمل بمسرح التلفزيون أنا وصديقي وزميل دفعتي الراحل عزت العلايلي والمخرج أحمد توفيق، رحمهما الله، وقمنا برفع مذكرة لوزير الإعلام في فترة الستينيات لإنشاء مسرح التلفزيون وكان يخرج المسرحيات السيد بدير، وكنا نعرض أعمالنا في أقاليم مصر كافة، وشاركنا بعروضنا في احتفالات الثورة الجزائرية عام 1963. لقد كانت حياتي كلها كفاح أنا ونجوم جيلي، كنا نتقاضى أجوراً زهيدة ونعمل بكل حب وحماس».
وفاز توفيق بجائزة التمثيل عن فيلم «جريمة في الحي الهادئ» عام 1967. كما شارك في أفلام عديدة من بينها «بين القصرين»، و«نادية» أمام سعاد حسني، و«الملاعين» مع فريد شوقي، كما شارك أخيراً في فيلم «خيال مآتة» أمام أحمد حلمي، ورغم تقديمه لأدوار الشر في بعض أعماله مثل مسلسل «الشاهد الوحيد»، وفيلم «جريمة في الحي الهادئ»، فإنه لم يواصل مسيرته فيها، قائلاً: «أنا كممثل أحب أدوار الشر جداً، وتمثل لي تحدياً كبيراً لأنها نقيض شخصيتي الحقيقية، بل إنني قدمت في تخرجي بمعهد التمثيل مسرحية (عطيل) وجسدت شخصية (ياجو) الشرير، لكن حين قدمت هذه النوعية كان الجمهور يغضب ويعاتبني: لماذا تقدم هذه الأدوار، فلم أعد إليها مثلما حدث مع الفنان الكبير حسين رياض».
مسلسلات دينية
شارك توفيق في بطولة مسلسلات دينية، من بينها «عمر بن عبد العزيز، أبو حنيفة النعمان، والقضاء في الإسلام، الإمام الشافعي، محمد رسول الله»، كما قدم أعمالاً تاريخية على غرار «الفرسان، هارون الرشيد»، يقول عن ذلك: «هذه النوعية من الدراما تكاد تنقرض لأنها تتطلب ميزانيات كبيرة في الملابس والديكور والممثلين، ففي مسلسل (الأبطال) تم بناء منطقة قصور ملكية على الطريقة المملوكية، وهذا أمر لن يقدم عليه المنتج الفرد، ولا بد من عودة الدولة للإنتاج».
ويعتز رشوان توفيق بأدواره الدينية بشكل خاص: «أعتبر المسلسل الديني فضلاً من الله علي، أسعد به كثيراً لأنه يقدم رسالة الإسلام، ويفيد الناس».
وكشف أنه قام بأداء فريضة الحج 7 مرات: «كنت كلما سافرت لدولة الإمارات لتصوير عمل أسافر بعدها للحج أو العمرة، وسبحان الله كانت التأشيرة تستخرج لي من دون عناء من الأشقاء السعوديين، حيث اعتمرت نحو 20 مرة، وأحمد الله أنني على مدى عمري لم أقدم دوراً أتبرأ منه، ولا مشهداً أخجل منه».
وفاء لزوجته
كانت صورة الفنان رشوان توفيق قد تصدرت الترند قبل نحو عامين وهو يودع زوجته الراحلة في حزن شديد، التي يقول عنها: «لقد أعطتني عمرها كله، كانت أجورنا قليلة، ولم تشعرني في بداية حياتنا بأي أزمة، كنت أعطيها ما أحصل عليه وأحصل على مصروفي منها، كما قامت بتربية أولادي على أفضل ما يكون، ابنتي هبة المذيعة بالتلفزيون، وابنتي آية وابني الراحل توفيق، وحينما مرضت قبل وفاتها كنت أقوم بتمريضها وأطعمها بيدي، ومنذ وفاتها شعرت بأنني فقدت جزءاً عزيزاً من نفسي».