إصلاحات غير مسبوقة للسعوديات في 5 سنوات

ارتفاع نسبة العاملات بـ31 %... وتعديلات قانونية لتعزيز مساهمة المرأة

السعوديات أصبحن صانعات قرار (غيتي)
السعوديات أصبحن صانعات قرار (غيتي)
TT
20

إصلاحات غير مسبوقة للسعوديات في 5 سنوات

السعوديات أصبحن صانعات قرار (غيتي)
السعوديات أصبحن صانعات قرار (غيتي)

بعد عقود من الغياب عن المجال العام، تشهد المرأة السعودية اليوم تغييرات تاريخية تقودها إلى الواجهة، شريكة في مشروع تحديثي عملاق ينقل بلادها إلى المستقبل، لتستبدل باسمها المستعار المجهول اسمها الحقيقي الثابت لكيانها.
وقادت «رؤية السعودية 2030» في وقت سريع قرارات قفزت بدور المرأة السعودية وأكدت الالتزام بخطة تعزيز مشاركتها في قطاعات مختلفة داخل الدولة وفي القطاع الخاص وفي مختلف مجالات الحياة العامة. هذا التغيير كانت قاطرته مؤسسات استحدثتها الرؤية وتعديلات قانونية ومبادرات حكومية لدعم حقوق المرأة السعودية في عدد من المجالات.
ومنذ السماح للسعوديات بقيادة السيارة في 2017، قطعت الإصلاحات شوطاً كبيراً في إنصاف المرأة ورفع القيود عنها وضمان تكافؤ الفرص والحقوق بين الجنسين، ما ساعد السعوديات على الإسهام في ميادين متعددة جعلتهن جزءاً أساسياً من تحديث البنية الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية في البلاد.
فمن السماح للنساء بالترشح في المجالس المنتخبة ودخولهن البلديات، إلى اختيار أول امرأة في منصب نائب مجلس الشورى، وهي الدكتورة حنان الأحمدي، حقق تمثيل النساء في الحياة العامة قفزة لافتة.
كما بات للسعودية سفيرتان في الخارج للمرة الأولى، هما الأميرة ريما بنت بندر التي تمثل المملكة في واشنطن منذ يوليو (تموز) 2019، والسفيرة آمال بنت يحيى المعلمي التي كلفت بتمثيل بلادها في النرويج منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
ورفع الحظر عن دخول النساء وظائف عدة في مؤسسات الدولة، من الأمن والجيش والحرس والوطني، وصولاً إلى وزارة العدل التي عينت كاتبات عدل للمرة الأولى، والمطارات التي شهدت تولي مراقبات جويات تسيير حركة الملاحة.
هذه الإصلاحات أدت إلى زيادة نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل بنسبة 31.4 في المائة، وترافقت مع إجراءات لتعزيز تلك المساهمة وحمايتها. ونوه البنك الدولي في تقرير حديث، بعدد من أهم القرارات المستحدثة بشأن المرأة السعودية، منها حظر فصل الحامل من العمل، والأمر بعدم التمييز على أساس النوع في إتاحة الحصول على الائتمان، وحظر التمييز على أساس النوع في التوظيف، والمساواة في سن التقاعد بين النساء والرجال.
وأُتبِعت هذه الإصلاحات برفع القيود عن عمل النساء ليلاً وإجازة عملهن بجميع القطاعات، بما فيها التعدين والقطاع العسكري. كما وصلت نسبة النساء العاملات السعوديات إلى 35.2 في المائة في 2020. ولم تكن هذه القفزة عددية فحسب، بل كانت نوعية أيضاً مع تولي نساء مواقع بارزة في المؤسسات المختلفة.
تطلب هذا التطور الكبير في وضع المرأة السعودية إصلاحات قانونية واسعة، منها موافقة مجلس الوزراء في 2019 على تخفيف قيود مفروضة على المرأة السعودية بما يسمى بـ«قوانين الوصاية»، وأنهى شرط الحصول على إذن ولي أمرها - الذي عادة يكون الزوج، الأب، الابن، الأخ - في مسائل العمل والشؤون المالية والقانونية والصحية وشؤونها الحياتية كافة.
وتسمح المراسيم الأخرى التي شملها التعديل بتقديم المرأة طلباً للحصول على جواز السفر وتسجيل الزواج أو الطلاق أو ولادة طفل، وإصدار وثائق أسرية رسمية، مما أدى إلى تخفيف العقبات التي تواجهها النساء في الحصول على بطاقة هوية وطنية. كذلك، ينص على أنه يمكن للأب أو الأم أن يكونا وصيين قانونيين على أطفالهما.
وبموجب القواعد الجديدة، تتمكن المرأة السعودية من السفر إلى الخارج من دون الحاجة إلى الحصول على موافقة ولي أمرها من الذكور.
كما أن باستطاعتها التقدم بطلب الحصول على جواز السفر بنفسها عند بلوغ 21 عاماً. وتلك الإصلاحات تضع النساء السعوديات على قدم المساواة مع الرجال فيما يتعلق بحرية السفر.
وتحت مظلة حماية حقوق الإنسان وصيانة خصوصية الفرد وكرامته وحريته الشخصية، وضمن نظام مكافحة جريمة التحرش من عام 2018، أدرج في مطلع هذا العام قانون «جواز ‫التشهير بالمتحرش في الصحف بعد تضمين ذلك في الحكم القضائي» لحماية المرأة من المضايقات والتجاوزات.
ورأى مجلس الشورى السعودي أن العقوبة بعد التعديل القانوني باتت أكثر صرامة وردعاً، إذ تلتصق وصمة العار بالمتحرش بعد إعلان اسمه كاملاً في وسائل الإعلام، في حين أن عقوبة خمسة أعوام سجن وغرامة 300 ألف ريال (80 ألف دولار)، قد لا تردع البعض.
في مجال التعليم، شهد الحضور النسائي قفزات، فمن عام 1941 والتحاق المرأة السعودية بـ«الكتاتيب» والمدارس في القرى والمدن، مروراً بالمضي في الابتعاث الخارجي من عام 2005 للتعلم واستكمال دراستها، لتصل نسبة الخريجات من التعليم العالي إلى 55.8 في المائة من الخريجين في عام 2019، حسب الهيئة العامة للإحصاء.
وفي العام ذاته، وحسب التقديرات السكانية الأولية لهيئة العامة للإحصاء، تمثل نسبة السعوديات نصف المجتمع السعودي بنسبة 49 في المائة من إجمالي السكان السعوديين.


مقالات ذات صلة

اعتقال 200 امرأة في تركيا بعد مظاهرة بمناسبة «يوم المرأة العالمي»

شؤون إقليمية مظاهرة بمناسبة «اليوم العالمي للمرأة» في إسطنبول (أ.ب)

اعتقال 200 امرأة في تركيا بعد مظاهرة بمناسبة «يوم المرأة العالمي»

أفاد منظمون بأن الشرطة التركية اعتقلت نحو 200 امرأة في إسطنبول، مساء السبت، إثر خروج مسيرة ليلية بمناسبة يوم المرأة العالمي شاركت فيها نحو 3 آلاف امرأة.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
شؤون إقليمية مسيرة حاشدة للاحتفال باليوم العالمي للمرأة في إسطنبول (أ.ف.ب)

تركيا: حظر واعتقالات ورسالة من أوجلان في «يوم المرأة»

شهدت تركيا احتجاجات واعتقالات خلال مسيرات للاحتفال باليوم العالمي للمرأة الذي يوافق 8 مارس (آذار) من كل عام.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
يوميات الشرق في يومها العالمي تعلو الأصوات من أجل إنصاف المرأة (رويترز)

يوم المرأة... سعيٌ إلى تعزيز الدفاع عن حقوقها وكَسْر الصمت القاتل

نمرّ على أحوال نساء في أكثر من بقعة جغرافية، وعلى مواقف ومشهديات تُبيّن الحاجة إلى ضرورة ألا يقتصر السعي إلى إنصاف المرأة على يوم واحد في السنة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية سيرينا ويليامز إحدى بطلات التنس اللواتي عدن للعبة بعد إجازة أمومة (حساب اللاعبة على إنستغرام)

رسمياً… إجازة أمومة مدفوعة للاعبات التنس لأول مرة

أعلن اتحاد لاعبات التنس المحترفات عن تقديم إجازة أمومة مدفوعة الأجر لمدة تصل إلى عام كامل لأول مرة للاعبات المحترفات برعاية من صندوق الاستثمارات السعودي.

مهند علي (الرياض)
آسيا نساء وأطفال أفغان ينتظرون الحصول على مساعدات غذائية من مؤسسة خيرية محلية (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة تدعو «طالبان» لرفع القيود المفروضة على النساء الأفغانيات

دعت بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان، اليوم السبت، حكومة «طالبان» إلى رفع القيود المستمرة المفروضة على النساء والفتيات الأفغانيات.

«الشرق الأوسط» (كابل)

بتوجيه من ولي العهد... التزام سعودي بدعم جهود حل الأزمة الأوكرانية - الروسية

0 seconds of 21 secondsVolume 90%
Press shift question mark to access a list of keyboard shortcuts
00:00
00:21
00:21
 
TT
20

بتوجيه من ولي العهد... التزام سعودي بدعم جهود حل الأزمة الأوكرانية - الروسية

ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في اجتماع مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بجدة (إ.ب.أ)
ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في اجتماع مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بجدة (إ.ب.أ)

بتوجيه من الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، استضافت السعودية، في جدة محادثات أميركية - أوكرانية ضمن مساعيها لحل الأزمة، بفضل علاقاتها المتوازنة مع مختلف الأطراف.

وعُقدت المحادثات بين وفدَي الولايات المتحدة وأوكرانيا بفندق «الريتز كارلتون» بحضور وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، ووزير الدولة عضو مجلس الوزراء مساعد العيبان.

وفدا الولايات المتحدة الأميركية وأوكرانيا بحضور وزير الخارجية ومستشار الأمن الوطني السعوديَّين قبيل بدء اجتماعات جدة (واس)
وفدا الولايات المتحدة الأميركية وأوكرانيا بحضور وزير الخارجية ومستشار الأمن الوطني السعوديَّين قبيل بدء اجتماعات جدة (واس)

في حين مثّل الجانب الأميركي في جلسة المحادثات وزير الخارجية ماركو روبيو، ومستشار الأمن القومي مايكل والتز. ومثّل الجانب الأوكراني مدير مكتب الرئيس الأوكراني أندريه يرماك، ووزير الخارجية أندري سيبها، ووزير الدفاع رستم عمروف.

وتأتي هذه المحادثات ضمن مساعي المملكة لحل الأزمة في أوكرانيا، بفضل علاقاتها المتوازنة مع مختلف الأطراف، وضمن جهودها لتعزيز الأمن والسلام العالميَّين، وانطلاقاً من إيمانها بأهمية الالتزام بالقوانين والأعراف الدولية، وأن الحوار هو الوسيلة الأنجح لحل النزاعات وتقريب وجهات النظر، بما يسهم في ترسيخ الأمن والاستقرار الدوليَّين.

ومنذ اندلاع الأزمة الأوكرانية - الروسية، كثَّف ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، اتصالاته لدعم الجهود والمساعي الدولية الهادفة إلى حل الأزمة، وتحقيق السلام، والتخفيف من تداعياتها الإنسانية.

وأكد الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، الاثنين، حرص المملكة ودعمها جميع المساعي والجهود الدولية الرامية لحل الأزمة الأوكرانية، والوصول إلى السلام.

ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لدى استقباله الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في جدة... مايو 2023 (واس)
ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لدى استقباله الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في جدة... مايو 2023 (واس)

وفي ظلِّ التزامها بسياسة الحياد والتوازن في النزاعات الدولية، وترسيخها مكانتها وسيطاً موثوقاً، تُعيد المملكة العربية السعودية رسم ملامح دورها في الدبلوماسية العالمية، لتصبح ساحةً تجمع الفرقاء ومنصةً رئيسيةً للمفاوضات الحساسة بين القوى الإقليمية والدولية.

الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، بدوره قال، إن بلاده تعتمد على «الدعم السعودي النشط والمستمر للوصول إلى صيغة للسلام».

في أغسطس (آب) 2023، استضافت مدينة جدة، المطلة على البحر الأحمر، اجتماعاً لمستشاري الأمن القومي من نحو 40 دولة. وتأتي الاجتماعات الأميركية - الأوكرانية اليوم امتداداً للجهود المستمرة لتعزيز الأمن والاستقرار الدوليَّين، واستكمالاً للمبادرات القائمة منذ اندلاع الأزمة الأوكرانية، من خلال التنسيق والتشاور مع الأطراف المعنية، وبحث سبل حلها.

جانب من اجتماع جدة التشاوري لمستشاري الأمن القومي بشأن الأزمة الأوكرانية بمشاركة أكثر من 40 دولة ومنظمة (واس)
جانب من اجتماع جدة التشاوري لمستشاري الأمن القومي بشأن الأزمة الأوكرانية بمشاركة أكثر من 40 دولة ومنظمة (واس)

وكانت السعودية قدَّمت لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2023، حزمتين من المساعدات بقيمة 410 ملايين دولار، حيث قام الصندوق السعودي للتنمية بدعم أوكرانيا بالغاز المسال ومشتقات النفط بمبلغ 300 مليون دولار بوصفه منحةً مقدمةً من الحكومة السعودية، كما قدَّم «مركز الملك سلمان للإغاثة» مساعدات إنسانية بقيمة 100 مليون دولار.

كما وقَّع «مركز الملك سلمان للإغاثة» اتفاقيتَي تعاون مشترك لتقديم مساعدات طبية وإيوائية للاجئين من أوكرانيا إلى الدول المجاورة، خصوصاً بولندا، مع منظمة الصحة العالمية والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بقيمة 10 ملايين دولار أميركي؛ مناصفة بينهما، حيث بلغ إجمالي الدعم المقدم لأوكرانيا 410 ملايين دولار أميركي.

وصول إحدى الطائرة الإغاثية السعودية التي تحمل مساعدات للشعب الأوكراني (واس)
وصول إحدى الطائرة الإغاثية السعودية التي تحمل مساعدات للشعب الأوكراني (واس)

ويرى مراقبون أن اختيار السعودية لاستضافة المباحثات الحالية يعكس تقدير القيادتين الأميركية والأوكرانية لولي العهد السعودي، ومكانة المملكة السياسية والاقتصادية، وثقلها ودورها المحوري على المستويين الإقليمي والدولي.

كما يعكس تحوّل الرياض إلى وجهة لقادة الولايات المتحدة وروسيا مكانةَ المملكة وثقلها السياسي، والدور القيادي لولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان.

وقال المبعوث الأميركي السابق لمنطقة الشرق الأوسط دنيس روس، إن مشاركة الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، في القمة الأميركية - الروسية المرتقبة تشير إلى «علاقة ثقة مع كل من الرئيسين ترمب وبوتين».

وأضاف في تصريحات سابقة لـ«الشرق الأوسط» أن «الرياض حافظت على علاقات جيدة مع جميع أطراف الصراع، مما يوفر بيئةً مريحةً، ويجعلها موقعاً منطقياً لاستضافة المحادثات».

تواصل الدبلوماسية السعودية تكثيف جهودها في الوساطة بين الدول؛ سعياً لحل النزاعات عبر السبل السلمية، وتعزيز الحوار والتفاهم لتحقيق تقارب يمهِّد لسلام مستدام، حسبما أكد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان.

من اليسار: مستشار الأمن القومي الأميركي مايك والتز ووزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان ووزير الدولة السعودي مساعد العيبان ورئيس مكتب الرئاسة الأوكراني أندريه يرماك ووزير الدفاع الأوكراني روستم عمروف خلال المباحثات في جدة... الثلاثاء (أ.ف.ب)
من اليسار: مستشار الأمن القومي الأميركي مايك والتز ووزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان ووزير الدولة السعودي مساعد العيبان ورئيس مكتب الرئاسة الأوكراني أندريه يرماك ووزير الدفاع الأوكراني روستم عمروف خلال المباحثات في جدة... الثلاثاء (أ.ف.ب)

وتأتي الجهود السعودية في الوساطة، في سياق تصاعد التوترات بين القوى الكبرى، لا سيما في أوروبا منذ اندلاع الحرب الروسية - الأوكرانية قبل نحو 3 سنوات، إلى جانب محاولات الغرب احتواء نفوذ الصين وروسيا.

في 19 فبراير الماضي، احتضنت الرياض محادثات أميركية - روسية جمعت وزيرَي خارجية البلدين، في أول لقاء بهذا المستوى منذ اندلاع الحرب الأوكرانية في فبراير 2022.

وأسفرت المحادثات عن اختراق دبلوماسي مهم، إذ اتفق الطرفان على إعادة موظفي البعثتين الدبلوماسيتين، وتعزيز التعاون الاقتصادي، واصفين المناقشات بأنها «مثمرة» و«خطوة مهمة إلى الأمام».