اجتماع جدة... نحو بلورة كافة مبادرات السلام للأزمة الأوكرانية

محللون: السياسة السعودية المتوازنة مكنتها من لعب دور فاعل على المشهد الدولي

ولي العهد السعودي خلال استقباله الرئيس الأوكراني على هامش القمة العربية في جدة مايو الماضي (واس)
ولي العهد السعودي خلال استقباله الرئيس الأوكراني على هامش القمة العربية في جدة مايو الماضي (واس)
TT

اجتماع جدة... نحو بلورة كافة مبادرات السلام للأزمة الأوكرانية

ولي العهد السعودي خلال استقباله الرئيس الأوكراني على هامش القمة العربية في جدة مايو الماضي (واس)
ولي العهد السعودي خلال استقباله الرئيس الأوكراني على هامش القمة العربية في جدة مايو الماضي (واس)

ينطلق اليوم في مدينة جدة (غرب السعودية)، اجتماع مُستشاري الأمن الوطني وممثلي نحو 40 دولة بشأن الأزمة الأوكرانية التي بدأت قبل نحو 18 شهراً، في مسعى لإحداث اختراق والخروج برؤية موحدة باتجاه تحقيق السلام.

وتوقع محللون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن يتوصل المجتمعون إلى خارطة طريق مهمة تبلور كافة المبادرات التي قدمت لحل الأزمة الأوكرانية التي طالت تأثيراتها العالم أجمع، واصفين الاجتماع بمثابة «رمي حجر في المياه الراكدة».

فيما يعتقد المحللون أن عقد هذا الاجتماع والمشاركة الدولية الواسعة فيه، بمدينة جدة، يبرزان الدور السعودي المؤثر والفاعل على الساحة الدولية، باعتبارها «رمانة الميزان» بين الشرق والغرب، نظير توازن علاقاتها وتميزها مع الجميع.

ويؤكد الدكتور عبد الله العساف أستاذ الإعلام بجامعة الملك سعود أن مشاركة مستشاري الأمن القومي لنحو 40 دولة في اجتماع جدة، تعني أن «الأمن العالمي مهتز، وأن المجتمعين يسعون لاستقرار العالم، وإعادة الأمن لأسواقه وغذائه، والأمن بشكل عام».

وكان السياسي الأميركي المخضرم هنري كيسنجر قال في مايو (أيار) الماضي إن المفاوضات لتحقيق السلام في أوكرانيا يمكن أن تتم في وقت لاحق من هذا العام، مشيراً إلى أن دخول الصين في العملية يمكن أن يعزز مفاوضات السلام.

وأضاف العساف في حديثه لـ«الشرق الأوسط» بقوله «علينا ألا نفرط كثيراً في التفاؤل، لكن هذا الاجتماع بمثابة رمي الحجر في المياه الراكدة، وهو امتداد لجهود ولي العهد السعودي عندما قدم مبادرته في بداية الأزمة في فبراير (شباط) 2022، وعرض وساطته على الجانبين لما يحظى به من قبول لكافة الأطراف، السعودية اليوم هي لاعب وفاعل قوي على الساحة الدولية في العمل الدبلوماسي ولديها خبرة كبيرة جداً تتكئ عليها».

ويرى أستاذ الإعلام بجامعة الملك سعود أن «السعودية اليوم تقف على نقطة الصفر من الجميع، وهي الوسيط الأمثل في هذه المرحلة». متوقعاً بأن «يخرج الاجتماع بخارطة طريق مهمة جداً للسلام سيتم نقلها لاحقاً إلى روسيا».

عن أهمية المشاركة الصينية في الاجتماع، يعتقد العساف بأنه إلى جانب أن بكين دولة فاعلة وأحد الخمسة الكبار على المشهد الدولي، فإنها لها مصلحة حيوية في استقرار الأمن لا سيما لمشروعها «الحزام والطريق» والذي قد يتعثر بسبب هذه الحرب.

وأعلنت الخارجية الصينية أن المبعوث الخاص لشؤون أوراسيا، لي هوي، سيزور جدة لحضور المحادثات، وأكد وانغ ون بين، المتحدث باسم الوزارة في بيان أن بلاده «على استعداد للعمل مع المجتمع الدولي للعب دور بناء في دعم حل سياسي للأزمة».

وأضاف الدكتور عبد الله بقوله «الصين بحاجة لإطفاء هذه النار، كمن يريد إطفاء النار في بيت جاره حتى لا تنتقل إليه، إضافة إلى علاقتها الجيدة مع روسيا ولديها اتفاقية أمنية فهي تسعى لتقريب وجهات النظر بلا شك». فيما يعتبر الدكتور عبد الله عدم مشاركة روسيا في الاجتماع ظاهرة صحية على حد قوله، واستطرد قائلاً «أرى أن عدم حضور روسيا ظاهرة صحية، حتى لا يتحول الاجتماع لحلبة صراع ورمي التهم».

وفي قراءته للدور السعودي، قال الدكتور العساف إن «المملكة اليوم هي رمانة الميزان بين الشرق والغرب وتريد إحداث التوازن، ونزع فتيل الأزمات، حيث قام ولي العهد السعودي بدور مهم عبر تأسيس الشرق الأوسط الجديد الذي سيكون شريكا في النظام العالمي الجديد (...) ولن ننتظر العالم أن يكون وصياً علينا أو يخطط لنا».

من جانبه، أشار الدكتور عبد العزيز بن صقر رئيس مركز الخليج للأبحاث ومقره جدة، إلى أن الاجتماع سيناقش «كل المبادرات السابقة بشأن الأزمة الأوكرانية الروسية، مثل المبادرة التركية، الصينية، الأفريقية وغيرها».

وأضاف بن صقر في حديث لـ«الشرق الأوسط» بقوله «هناك أكثر من 30 مبادرة طرحت وفقا للمتحدثة باسم الخارجية الروسية، النقاش سيكون على مستوى مستشاري الأمن القومي ليناقش الأبعاد جميعها السياسية والأمنية والاقتصادية والإنسانية، ويتم الخروج برؤية موحدة».

وتابع «الجميل أن الاجتماع رغم عدم مشاركة روسيا يحظى بدعمها، والمملكة سوف تبلغها بنتائج الاجتماع، حيث أصبحت السعودية طرفا مقبولا من الجميع، وموقفها متوازن وجيد من كل الأطراف».

وكان الرئيس زيلينسكي عبّر عن امتنانه للسعودية والدول المشاركة في اجتماع جدة للأمن دعماً للاستقرار العالمي وتأسيس قاعدة انطلاق صلبة لحوار سلام شامل، في المقابل، ذكر دميتري بيسكوف الناطق باسم الكرملين، أن «روسيا ستتابع هذا الاجتماع»، وقال: «نحن بحاجة إلى فهم أهداف المحادثات المزمعة، وما الذي ستجري مناقشته». مشيراً إلى أن «أي محاولة لتعزيز تسوية سلمية تستحق تقييماً إيجابياً».

ويأتي اجتماع جدة استكمالاً لنقاشات حول السلام، استضافتها العاصمة الدنماركية كوبنهاغن في يونيو (حزيران) الماضي، بمشاركة مسؤولين كبار من أوكرانيا ودول مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي، ودول السعودية والبرازيل والهند وجنوب أفريقيا وتركيا.


مقالات ذات صلة

زيلينسكي: مقتل 15 ألف جندي روسي خلال القتال في كورسك

أوروبا دبابة روسية مدمرة في منطقة كورسك (أ.ب)

زيلينسكي: مقتل 15 ألف جندي روسي خلال القتال في كورسك

أكد مسؤول عسكري أوكراني، الاثنين، أن قواته تكبّد قوات موسكو «خسائر» في كورسك بجنوب روسيا، غداة إعلان الأخيرة أن أوكرانيا بدأت هجوماً مضاداً في هذه المنطقة.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يلقي كلمته أمام السفراء الفرنسيين 6 يناير 2025 بقصر الإليزيه في باريس (رويترز)

ماكرون يدعو أوكرانيا لخوض «محادثات واقعية» لتسوية النزاع مع روسيا

قال الرئيس الفرنسي ماكرون إن على الأوكرانيين «خوض محادثات واقعية حول الأراضي» لأنهم «الوحيدون القادرون على القيام بذلك» بحثاً عن تسوية النزاع مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا جندي روسي خلال تدريبات عسكرية في الخنادق (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)

روسيا تعلن السيطرة على «مركز لوجيستي مهم» في شرق أوكرانيا

سيطرت القوات الروسية على مدينة كوراخوف بشرق أوكرانيا، في تقدّم مهم بعد شهور من المكاسب التي جرى تحقيقها بالمنطقة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا صورة تظهر حفرة بمنطقة سكنية ظهرت بعد ضربة صاروخية روسية في تشيرنيهيف الأوكرانية (رويترز)

روسيا تعلن اعتراض 8 صواريخ أميركية الصنع أُطلقت من أوكرانيا

أعلن الجيش الروسي اليوم (السبت)، أنه اعترض 8 صواريخ أميركية الصنع أطلقتها أوكرانيا في اتجاه أراضيه.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا رجال إنقاذ أوكرانيون في موقع هجوم مسيّرة روسية بكييف (إ.ب.أ)

مقتل 5 أشخاص على الأقل بهجمات متبادلة بين روسيا وأوكرانيا

أسفرت هجمات روسية بمسيّرات وصواريخ على أوكرانيا، يوم الجمعة، عن مقتل ثلاثة أشخاص على الأقلّ، في حين قُتل شخصان في ضربات أوكرانية طالت مناطق روسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو - كييف)

الإمارات تجدد تأكيد أهمية الأمن والاستقرار للشعب السوري لتحقيق التنمية

الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية الإماراتي خلال اللقاء مع أسعد الشيباني وزير الخارجية في الحكومة السورية الانتقالية (وام)
الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية الإماراتي خلال اللقاء مع أسعد الشيباني وزير الخارجية في الحكومة السورية الانتقالية (وام)
TT

الإمارات تجدد تأكيد أهمية الأمن والاستقرار للشعب السوري لتحقيق التنمية

الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية الإماراتي خلال اللقاء مع أسعد الشيباني وزير الخارجية في الحكومة السورية الانتقالية (وام)
الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية الإماراتي خلال اللقاء مع أسعد الشيباني وزير الخارجية في الحكومة السورية الانتقالية (وام)

بحث الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الإماراتي، وأسعد الشيباني وزير الخارجية في الحكومة السورية الانتقالية، سبل تعزيز العلاقات بين البلدين والشعبين في المجالات ذات الاهتمام المشترك.

وبحث الطرفان خلال لقاء في أبوظبي مجمل التطورات في سوريا، والأوضاع الإقليمية الراهنة، إضافةً إلى عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك.

ورحب الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان بأسعد الشيباني والوفد المرافق، وجدد وزير الخارجية الإماراتي خلال اللقاء تأكيد موقف الإمارات الثابت في دعم استقلال سوريا وسيادتها على كامل أراضيها. كما أكد وقوف دولة الإمارات إلى جانب الشعب السوري، ودعمها كل الجهود الإقليمية والأممية التي تقود إلى تحقيق تطلعاته في الأمن والسلام والاستقرار والحياة الكريمة.

وأشار الشيخ عبد الله بن زايد إلى أهمية توفير عوامل الأمن والاستقرار كافة للشعب السوري، من أجل مستقبل يسوده الازدهار والتقدم والتنمية.

حضر اللقاء عدد من المسؤولين الإماراتيين وهم: محمد المزروعي، وزير الدولة لشؤون الدفاع، وريم الهاشمي، وزيرة دولة لشؤون التعاون الدولي، وخليفة المرر، وزير دولة، ولانا زكي نسيبة، مساعدة وزير الخارجية للشؤون السياسية، وسعيد الهاجري، مساعد وزير الخارجية للشؤون الاقتصاديّة والتجارية، وحسن الشحي، سفير الإمارات لدى سوريا. فيما ضمّ الوفد السوري مرهف أبو قصرة، وزير الدفاع، و عمر الشقروق، وزير الكهرباء، ومعالي غياث دياب، وزير النفط والثروة المعدنية، وأنس خطّاب، رئيس جهاز الاستخبارات العامة.