جوائز «غولدن غلوبز»... نجاح متوقع وانتقادات حادّة

‫بين السطور وخلف الكواليس

TT

جوائز «غولدن غلوبز»... نجاح متوقع وانتقادات حادّة

التوقيت كان مدمّراً. قبل أسبوع من إقامة حفل توزيع جوائز «غولدن غلوبز» لهذا العام، قامت صحيفة «ذا لوس أنجليس تايمز» بنشر تحقيق موسّع حملت فيه على «جمعية مراسلي هوليوود الأجانب» وفنّدت فيه اتهامات متعددة تطال الأسس التي قامت عليها الجمعية وعملت بمقتضاها طوال سبعة عقود.
من بين الاتهامات قيام إدارتها بتوزيع حصص مالية على بعض الأعضاء، وذلك في خروج عن قانون الضرائب. فالجمعية بما أنها خاصّة وغير ربحية، لا يحق لها، كأي جمعية أخرى في مثل وضعها، التحوّل إلى معين مالي لأحد يتجاوز الرئاسة وأعضاء مجلس إدارتها. لكن الجمعية في الأعوام الخمسة الماضية توسّعت في إنشاء لجان متفرّعة ودفعت لرئيس كل لجنة وأعضائه لقاء عملهم. التقدير الأولى بأن نحو 2 مليون و200 ألف دولار هي حصيلة الاستفادات المادية التي تمّت بمقتضى هذا التوجه. هذا بصرف النظر عن أن الجمعية ذاتها وزّعت هبات تقدّر بأكثر من 40 مليون دولار استفادت منها جمعيات ومؤسسات خيرية وسينمائية عديدة خلال السنوات القريبة الماضية.
ضربة أخرى مباشرة على الوجه كانت في تبنّي الصحيفة قضية مراسلة أميركية من النرويج حاولت مراراً وتكراراً دخول عرين الجمعية وقدّمت كل أوراقها الداعمة لكنها صُدّت في كل مرّة، وذلك بسبب ما كانت ستسببه من منافسة بين أعضاء يعملون لصالح الصحافة النرويجية والإسكندنافية. الصحافية توجهّت إلى المحكمة ورفعت قضية والجمعية شعرت بأنها حققت انتصاراً كبيراً عليها عندما رفضت المحكمة دعواها بعدما كشف الدفاع (عن الجمعية) بأن الصحافية تعمل بشكل منتظم وناجح من دون أن تكون عضواً في الجمعية وعليه فإن المسألة بأسرها مسألة داخلية تتبع شروط الجمعية وليس القضايا القانونية.
لكن «ذا لوس أنجليس تايمز» عادت وفتحت هذه القضية مجدداً ثم تحدّثت عن حقيقة أنه لا يوجد صحافي أفرو - أميركي أو أفريقي واحد في الجمعية.
للإيضاح، ومن عضو انتمى إليها من عام 1999. سعت الجمعية في الماضي غير البعيد لإيجاد صحافي أسود يكتب لصحف خارج الولايات المتحدة ولم تجد. وأكثر من ذلك، تضم الجمعية صحافيين ونقاد من أكثر من 30 دولة من القارات الخمس بينهم المسلم والمسيحي واليهودي ونسبة كبيرة (نحو 27 في المائة) من النساء لكنها لم تنجح (وربما لم تسع على نحو حثيث) للبحث عن مراسل من جذور أفريقية.
لجانب ما سبق، حوى التحقيق على ما سبق لتحقيقات أخرى اتهمت نقاد وصحافيي الجمعية بأنهم مرتزقة يصوّتون لقاء خدمات شركات الإنتاج.
- ‫مساحة منفردة‬
هزّ التحقيق وما تبنّاه من تقارير مختلفة الجمعية على نحو لم تتوقعه ولم ترغب فيه، خصوصاً في الفترة التي تسبق مباشرة إطلاق حفلتها الجديدة لتوزيع جوائز «غولدن غلوبز». وقبل يومين أصدرت بياناً تذكر فيه بأنها أوصت بعمل سريع لإضافة أعضاء من ذوي البشرة السوداء. لم يأت البيان على باقي الاتهامات لكن الاجتماع بحث في كل ما ورد ذلك التحقيق والكلمة الثابتة أنها أوصت بالحذر الشديد حيال خرق قانوني قد يعود عليها بالضرر إذا ما قامت السلطات الأميركية بفتح تحقيقها حول مسألة المكافآت الكبيرة التي يحصل عليها البعض.
كيف، إذن، يتراءى كل ذلك على مشهد الحفل الكبير الذي سيُقام مساء هذا اليوم (الأحد) افتراضياً وهل سينجح التحقيق الصحافي الذي نشرته «ذا لوس أنجليس تايمز» (وأعيد نشر مقتطفات منه حول العالم) في ردم النجاح الإعلامي والفني الكبيرين الذي حققتهما الجمعية في السنوات العشرين الأخيرة على الأقل؟
‫أول ما هو مُنتظر خروج رئيس الجمعية علي سار (تركي الأصل خلف الإيطالي لورنزو سيرا بعدما توفي هذا في منتصف العام الماضي) بخطاب موجز سيأتي فيه على ذكر الوضع المُثار بأقل عدد ممكن من الكلمات. سيقول شيئاً مثل أن النقد الموجه لم يكن صحيحاً في كل ما ذهب إليه لكن الأشهر المقبلة، ستحمل تغييرات أساسية ضمن الدور الكبير الذي لعبته الجمعية طوال سبعة عقود ماضية.‬
تبعاً، ستختلف الدورة 78 من جوائز «غولدن غلوبز» عن الدورات العديدة السابقة في أنها تُقام وسط، ورغم، العاصفة. هذا بالإضافة إلى حقيقة أنها ستُقام كذلك في زمن حوّل كل حفل إلى متابعة تلفزيونية فارضاً تغيير نظم ونسف حفلات وتأسيس تقاليد جديدة شملت كل حفل سينمائي وفني في الولايات المتحدة وخارجها.
لا يتوقع أحد هنا، في هوليوود، أن يترك التحقيق الصحافي ذلك الأثر السلبي الكبير الذي توخّاه، خصوصاً أن صحفاً عديدة قبل التحقيق وبعده تقف إلى جانب الجمعية وتدفع باتجاه تحييد الحفل عن تلك القضايا المُثارة. والمرجح نجاح الحفل، ولو إلى حد معيّن، وذلك تبعاً للظروف جميعاً، وخروجه من تحت العاصفة سليماً ولو إلى حين.
الذي سيلعب دوراً حاسماً في هذا الاتجاه حقيقة أن المناسبة المُقامة هذا العام ليست فقط أولى المناسبات السينمائية السنوية الكبيرة، بل هي أيضاً المناسبة التي لن تليها سريعاً أي مناسبة أخرى. ذلك لأن كل المناسبات الكبيرة الأخرى (بافتا، جوائز جمعيات الممثلين والمصوّرين والكتّاب والمنتجين) تأجلت إلى وقت لاحق هو أقرب لموعد إقامة حفل توزيع جوائز الأوسكار - ستقام الدورة 93 في الخامس والعشرين من أبريل (نيسان) - منه إلى موعد توزيع جوائز «غولدن غلوبز».
هذا يعني أن «غولدن غلوبز» سيستفيد من هذه المساحة المنفردة أكثر من المعتاد. هذا إلى جانب أن تأجيل الأوسكار إلى ذلك التاريخ سيعني العودة إلى أيام ما كانت جوائز «غولدن غلوبز» تعمل كمؤشر لجوائز الأوسكار. فحتى سنوات قليلة ماضية كان التصويت على جوائز الأوسكار يتم بعد صدور نتائج جمعية المراسلين الأجانب، مما يترك بصمته على اختيار أعضاء الأكاديمية من الأفلام والسينمائيين المرشّحين والفائزين. ما عمدت إليه الأكاديمية منذ نحو خمس سنوات تقديم الترشيحات إلى ما قبل إعلان جوائز «غولدن غلوبز»، بحيث يحد ذلك من السير على الخطى ذاتها.
هذا العام وبسبب «كورونا» والارتباك الذي حصل في عمليات الإنتاج المختلفة قررت الأكاديمية نقل حفلتها إلى ذلك الموعد المتأخر.
- الترجيحات
- أفضل فيلم ـ دراما
تشترك الأفلام الخمسة المرشّحة، وهي «الأب» (بريطانيا)، مانك (من إنتاج نتفليكس)، «نومادلاند»، «امرأة شابّة واعدة» و«محاكمة شيكاغو 7» بأنها لا تلتقي على خط واحد يجمع فعلياً بينها. هي مثل تلك الاجتماعات التي تنتهي بالقول «اتفقنا على أن لا نتفق».
«الأب» لفلوريان زَلر هو فيلم عن مأساة فردية لا علاقة لها بما يدور حولنا من مسائل وقضايا ملحّة. حتى المرض الذي يعاني منه بطل الفيلم (أنطوني هوبكنز)، وهو مرض الخرف لا علاقة له بالوباء الذي يحصد حياة البشر حالياً. هذا بالطبع تبعاً لكون الفيلم مأخوذاً عن مسرحية تم تقديمها قبل سنوات من انتشار الوباء. وهو يدور في معظمه في رحى المكان الداخلي، وفي هذا فقط يلتقي بفيلم آرون سوركِن «محاكمة شيكاغو 7».
في المقابل المضاد تماماً، «نومانلاند» للأميركية كلوي زاو من حيث إنه فيلم مصوّر، في نحو 80 في المائة من مشاهده خارجياً. هذا بالطبع لتبيان بعض الفوارق الفعلية بين هذه الأفلام لأنه حين التصويت لا ينظر أحد إلى ما إذا كان التصوير داخلياً أو خارجياً.
«مانك» فيلم آخر منفرد: مخرجه ديفيد فينشر هو الوحيد المخضرم بين كل مخرجي الأفلام الخمسة المشتركين. أكثر من ذلك، الفيلم هو الوحيد القائم على سيرة حياة بينما يدخل الخيال في ساحات رحبة في كل الأفلام الأخرى.
«الأب» و«مانك» و«نومادلاند» هي الأفضل في القائمة والاحتمال الأكثر توقعاً هو خروج «نومادلاند» بجائزة أفضل فيلم درامي. إذا ما فعل ذلك فسيكون أول فيلم من إخراج امرأة ينجز هذه المهمّة في إطار هذه المسابقة.
‫- أفضل فيلم ـ كوميدي أو موسيقي
تضم هذه المسابقة «فيلم بورات اللاحق» لجاسون ويلينر، «هاملتون» لتوماس كايل، و«بالم سبرينغز» لماكس بارباكوف و«حفل التخرج» (The Prom) لرايان مورفي و«ميوزيك» لمخرجة تكتفي باسم Sia.
سبق وذكر هذا الناقد، أول ما خرجت الترشيحات في مطلع هذا الشهر، أن هذه الأفلام جميعاً أما وسطية القيمة فنياً أو رديئاً. ما يمكن إضافته هنا حقيقة أن التوجه العام للمصوّتين في «جمعية مراسلي هوليوود الأجانب» موزع، بالتساوي تقريباً، بين «هاملتون» (المأخوذ عن مسرحية مصوّرة بالاسم ذاته) و«فيلم بورات اللاحق» (المستوحى من فيلم «بورات» الذي أُنتج سنة 2006). «حفل التخرّج» أفضل الثلاثة الباقية ويعزز ضعفه النسبي حقيقة أن الفيلم الذي سيفوز سيكون نتيجة منافسة بين الكوميديا الهازلة المتمثّلة بـ«فيلم بورات اللاحق» (Borat Subsequent Moviefilm) وبين الميوزيكال المتمثّل بفيلم «هاملتون» الذي هو أفضل الأفلام المرشّحة هنا ويستحق الفوز. في كل الحالات فإن المنافسة الأشد هي بين هذين الفيلمين وكذلك ترجيح الفوز.
‫- أفضل فيلم أجنبي
بين الفيلم الدنماركي «دورة أخرى» لتوماس فنتربيرغ، والفيلم الغواتيمالي «لا لورونا» ليايرو بوستامنتي والفيلم الإيطالي «الحياة المقبلة» لإدواردو بونتي ثم الدراما الفرنسية «كلانا» لفيليبو مينيغتي و«ميناري»، وهو فيلم أميركي الإنتاج كوري اللغة والممثلين للي تشانغ. يبدو «دورة أخرى» طافياً فوق صفحة الفوز. لكن إذا ما كان هناك إدراك للجهد المبذول فنياً ودرامياً في فيلم «لا لورونا» لا ندفع هذا الفيلم الغواتيمالي إلى القمة من دون منازع.
لكن كلاهما يواجهان «ميناري» البسيط في تكوينه والفاعل في تأثيره الدرامي. هذا الفيلم كان من جملة مآخذ منتقدي اختيارات الجمعية على أساس أنه كان يستحق أن يكون ضمن الأفلام الرئيسية في قسم الدراما. لكن هذا الناقد لا يرى ذلك كونه فيلماً ناطقاً بالكورية رغم أنه إنتاج أميركي.
- ‫أفضل إخراج
تقودنا المسابقتان السابقتان إلى قراءة احتمالات ما ستنتهي عليه مسابقة أفضل مخرج.
المتنافسون هم: ديفيد فينشر عن «مانك» ورجينا كينغ عن «ليلة واحدة في ميامي» وكلوي زاو عن «نومادلاند». الآخران هما إيمرالد فَنل عن «امرأة شابة واعدة» وآرون سوركِن عن «محاكمة شيكاغو 7».
ثلاثة من المخرجين المرشّحين هنا هم نساء (رجينا كينغ وإميرالد فَنل وكلوي زاو) وإذا فازت إحداهن فستكون المرّة الثانية التي تفوز بها مخرجة أنثى بهذه الجائزة بعد فضيحة فوز باربرا سترايسند عن فيلمها «ينتل» (عجز عن الوصول إلى ترشيحات الأوسكار في مسابقتي أفضل فيلم وأفضل مخرج واكتفى بفوز واحد هو أوسكار أفضل تأليف موسيقي).
وواحدة من هؤلاء المخرجات ستفوز على نحو شبه مؤكد. كلوي زاو هي الأكثر تقدّماً بين الجميع تلحق بها رجينا كينغ على مسافة بعيدة نوعاً. ثم باقي المرشحين والمرشّحات على مسافة أبعد.
- ‫أفضل ممثل - دراما
المرشّحون هنا هم ريز أحمد عن «صوت المعدن» وشادويك بوزمان عن «مؤخرة ما رايني السوداء» وأنطوني هوبكنز عن «الأب» ثم غاري أولدمن عن «مانك» وطاهر رحيمي عن «الموريتاني». كل واحد من هؤلاء يستحق جائزة بمفرده.
واحدة من المنافسات الصعبة هنا لكن العديد من الترجيحات التي نُشرت مؤخراً في المواقع المتخصصة تتنبأ بفوز شادويك بوزمان عن «مؤخرة ما رايني السوداء». بوزمان يستحق هذه الجائزة وسواها وقد يفوز بها فعلاً، لكن السؤال هو كم من الأصوات التي ستحدد ذلك متأثرة بحقيقة أن الممثل الشاب رحل مؤخراً بعد سلسلة من الأدوار الرائعة التي أداها؟
إذا ما كانت النسبة العاطفية مرتفعة فإن بوزمان هو الفائز، أما إذا كان التقدير فني صرف فإن أنطوني هوبكنز هو الوميض الأقوى في هذا المجال واحتمالات فوزه مرتفعة.
هناك مرشّحان مسلمان في هذه المسابقة (ريز أحمد والفرنسي طاهر رحيمي) لكنه من المستبعد فوزهما، كذلك مستبعد فوز غاري أولدمَن (والأرجح هو خروج فيلم «مانك» الذي قام ببطولته خالي الوفاض من كل الجوائز). هذا يؤكد التنافس بين هوبكنز وشادويك مع العلم بأن فوز شادويك (الأكثر احتمالاً) سيكون المرّة الثانية في تاريخ هذه الجائزة التي يفوز بها ممثل راحل (بعد فوز بيتر فينش عن دوره في «نتوورك» وكان توفي، سنة 1977. قبل نحو أسبوعين من حفلة غولدن غلوبز في تلك السنة).
- ‫أفضل ممثلة - دراما
المنافسة هنا صعبة. تقودها‫ فيولا ديفيز عن دورها في «مؤخرة ما رايني السوداء» (Ma Rainey’s Black Bottom) وفرنسيس مأكدورمند عن «نومادلاند». ساندرا داي عن «الولايات المتحدة ضد بيلي هوليداي» و«فنيسيا كيربي عن «أجزاء امرأة» ثم كاري مولغن عن «امرأة شابة واعدة». ‬
لكن ديفيز ليست الوحيدة في مقدّمة هذا السباق بل تشاركها الريادة الممثلة البريطانية المولد كاري موليغن التي يُرجح فوزها اليوم. إذا ما حصل هذا ستكون المرّة الثانية في تاريخ الجائزة التي تنال فيها ممثلة مولودة في بريطانيا بهذه الجائزة بعد كيت ونسلت سنة 2009 عن «طريق الثورة».
- ‫أفضل ممثل - كوميديا أو ميوزيكال
هم ساشا بارون كوهن عن «فيلم بورات اللاحق» وجيمس كوردن عن «حفل التخرج» ولين - مانويل ميراندا عن «هاملتون» ودف باتل عن «التاريخ الشخصي لديفيد كوبرفيلد» ثم إندي سامبورغ عن «بالم سبرينغز».
معظم المتابعين والنقاد يتنبأون بفوز ساشا بارون كوهن عن «فيلم بورات اللاحق». لن أختلف هنا عن هذا التوقع، لكن لا بد من القول إن من لن يفز (لين - مانويل ميراندا عن «هاملتون») هو الممثل الوحيد بين المجموعة الذي يستحق الجائزة وأن التصويت لسواه (خصوصاً لساشا بارون كوهن) هو لزوم البهرجة أكثر من أي شيء آخر.
- ‫أفضل ممثلة - كوميديا أو ميوزيكال
المرشّحات في نطاق أفضل تمثيل نسائي في فيلم كوميدي أو موسيقي هن ماريا باكالوفا عن «فيلم بورات اللاحق» وكيت هدسون عن «ميوزيك» وميشيل فايفر عن «مخرج فرنسي” (French Exit) وروزمند بايك عن «أهتم كثيراً» (I Care a Lot) وأنيا تايلور - جوي عن «إيما».
ما نرجحه هنا هو فوز ميشيل فايفر. أداؤها هنا جيّد بلا مبالغة، لكن ما سيرجح فوزها هو أنه من النوع الذي تستجيب له عضوات الجمعية أكثر من سواه. هناك النوستاليجا بماضٍ مشع لهذه الممثلة وهناك الحالة الدرامية التي تؤدي من خلالها دورها في هذه الكوميديا كونها المرأة التي صرفت مالها على المظاهر ثم لجأت لباريس للعيش في شقة مجانية لجانب عنصر الإجادة ذاك.
<‬ أفضل ممثلة في دور مساند
المرشّحات هنا هن غلن كلور القائمة عن «مرثاة متخلفة» (Hillbilly Elegy) وأوليفيا كولمن عن «الأب» كما جودي فوستر عن «الموريتاني» وأماندا سايفراد عن «مانك» وهيلينا زنغل عن «أخبار العالم».
هناك من يتوقع فوز الممثلة الألمانية هيلينا زنغل ويؤيده وذلك عن دورها في «أخبار العالم» لجانب توم هانكس الذي خرج من حفل الترشيحات بلا ذكر. لكن هذا سيكون نقطة انحدار كبيرة كون الفتاة (أجادت أم لم تجدّ) لم تمثل شخصية تتطور أمام العين بل حالة تبقى على حالها.
الباقيات كلهن أجدر خصوصاً غلن كلوز وجودي فوستر. على أن الفائزة ستكون أوليفيا كولمن عن دورها في «الأب».
- ‫أفضل ممثل في دور مساند
هنا يتبارى ساشا بارون كوهن ثانية إنما عن دوره في «محاكمة شيكاغو 7» ودانيال لكالويا عن «جوداس والمسيح الأسود» ثم يارد ليتو عن «الأشياء الصغيرة» وبل موراي عن «أون ذ روكس» ثم لسلي أودوم عن «ليلة في ميامي».
المرجح أكثر من سواه هو دانيال لكالويا عن دوره في «يهوذا والمسيح الأسود» لأنه بالنظر إلى أداء يارد ليتو (الجيد) فإن دوره أصغر من أن يحمل ثقل الجائزة. بل موراي عادي في «أون ذا روكس» وساشا بارون كوهن سيفوز في سباق آخر. المنافس الفعلي لكالويا هو لسلي أودوم جونيور عن «ليلة واحدة في ميامي» لكن كالويا الأقرب إلى الفوز منه.
- الترجيحات والمسابقات الأخرى
<‬ «غولدن غلوب» أفضل رسوم: Soul من المرجح له الفوز بجائزتي بافتا والأوسكار في هذا المجال أيضاً.
<‬ «غولدن غلوب» أفضل سيناريو: «محاكمة شيكاغو 7».
<‬ «غولدن غلوب» أفضل تأليف موسيقي خاص: «مانك» (ترنت رزنور وأتيكوس روس اللذان سبقا لهما الفوز عن «ذا سوشال نتوورك» سنة 2010).
< «غولدن غلوب» أفضل مسلسل تلفزيوني - دراما: «التاج» و«أوزارك»: كلاهما من إنتاج نتفليكس لكن أولهما ما زال يشق طريقه بنجاح جيد من عام 2017.
<‬ «غولدن غلوب» أفضل مسلسل تلفزيوني - كوميدي: مسلسلان متنافسان هنا أكثر من سواهما: «تد لاسو» (على قناة آبل تي ڤي) و«شيتس كريك» وما يرجح الثاني ليس جودته، بل براعته في إثارة الهزل وحقيقة أنه نال أربع جوائز إيمي التلفزيونية قبل أشهر قليلة.
<‬ «غولدن غلوب» أفضل فيلم تلفزيوني أو مسلسل محدود الحلقات: «مناورة الملكة»: تقود آنا تايلور - جوي بطولته كبطلة شطرنج التي تواجه احتمال الخسارة بسبب إدمانها الكحول.
<‬ «غولدن غلوب» أفضل ممثلة في دراما تلفزيونية: أوليفيا كولمن هي الاحتمال الأكثر توقعاً عن دورها في «التاج» لجانب لورا ليني عن دورها في «أوزارك».
<‬ «غولدن غلوب» أفضل ممثل في دراما تلفزيونية: يغلب الاعتقاد هنا أن جاسون بايتمن هو من سيفوز بها عن «أوزارك» (مسلسل تشويقي داكن النبرة). لا أستبعد جوش أو كونور عن «التاج» وأستبعد كثيراً آل باتشينو عن «صيادون» ليس لنواحٍ فنية بل لأخرى إعلامية.
<‬ «غولدن غلوب» أفضل ممثلة في كوميديا تلفزيونية: كاثرين أوهارا هي أفضل المرشّحات فعلياً (الباقيات إيلي فانينغ وكايلي كيوكو وليلي كولينز وجين ليفي). في «شيتس كريك» تبرهن على ذلك بجدارة.
<‬ «غولدن غلوب» أفضل ممثل في كوميديا تلفزيونية: قد تذهب إلى غير المعروف جاسون سوديكيس عن «تد لاسو» متجاوزة رامي يوسف (عن «رامي») ودون شيدل («بلاك مونداي») ونيكولاس هولت («العظيم») ويوجين ليفي («شيتس كريك»).


مقالات ذات صلة

كلينت إيستوود ناقد السُلطات والباحث عن عدالة غائبة

سينما المخرج إيستوود مع نيكولاس هاولت (وورنر)

كلينت إيستوود ناقد السُلطات والباحث عن عدالة غائبة

ماذا تفعل لو أنك اكتشفت أن الشخص المتهم بجريمة قتل بريء، لكنك لا تستطيع إنقاذه لأنك أنت من ارتكبها؟ لو اعترفت لبرّأت المتهم لكنك ستحلّ مكانه في السجن

محمد رُضا‬ (بالم سبرينغز)
سينما من «الفستان الأبيض» (أفلام محمد حفظي)

شاشة الناقد: دراما نسوية

في فن صنع الأفلام ليس ضرورياً أن يتقن المخرج الواقع إذا ما كان يتعامل مع قصّة مؤلّفة وخيالية.

محمد رُضا‬ (بالم سبرينغز)
يوميات الشرق مشهد من فيلم «هُوبَال» الذي يُعرض حالياً في صالات السينما السعودية (الشرق الأوسط)

بعد أسبوع من عرضه... لماذا شغل «هُوبَال» الجمهور السعودي؟

يندر أن يتعلق الجمهور السعودي بفيلم محلي إلى الحد الذي يجعله يحاكي شخصياته وتفاصيله، إلا أن هذا ما حدث مع «هوبال» الذي بدأ عرضه في صالات السينما قبل أسبوع واحد.

إيمان الخطاف (الدمام)
لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سينما صُناع فيلم «إيميليا بيريز» في حفل «غولدن غلوب» (رويترز)

«ذا بروتاليست» و«إيميليا بيريز» يهيمنان... القائمة الكاملة للفائزين بجوائز «غولدن غلوب»

فاز فيلم «ذا بروتاليست» للمخرج برادي كوربيت الذي يمتد لـ215 دقيقة بجائزة أفضل فيلم درامي في حفل توزيع جوائز «غولدن غلوب».

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)