أول ملامح ما بعد «بريكست»... استقرار في النقل والأسواق ومخاوف غلاء

توقعات بزيادة تكلفة الغذاء في بريطانيا 8 %

شهدت الحدود بين بريطانيا وفرنسا حركة سلسة في مستهل أسبوع العمل الأول بعد «بريكست» (رويترز)
شهدت الحدود بين بريطانيا وفرنسا حركة سلسة في مستهل أسبوع العمل الأول بعد «بريكست» (رويترز)
TT

أول ملامح ما بعد «بريكست»... استقرار في النقل والأسواق ومخاوف غلاء

شهدت الحدود بين بريطانيا وفرنسا حركة سلسة في مستهل أسبوع العمل الأول بعد «بريكست» (رويترز)
شهدت الحدود بين بريطانيا وفرنسا حركة سلسة في مستهل أسبوع العمل الأول بعد «بريكست» (رويترز)

شهدت بورصة لندن ارتفاعاً بأكثر من 1.5 في المائة، الاثنين، في بداية قوية لعام 2021، في أول يوم تداول منذ خروج بريطانيا رسمياً من السوق الموحدة والاتحاد الجمركي للاتحاد الأوروبي.
وارتفع مؤشر «فوتسي 100» المرجعي بنسبة 1.54 في المائة، وبلغ 6.560.33 نقطة عند الافتتاح، بعدما خسر ليلة رأس السنة الجديدة 1.5 في المائة عند التداول به للمرة الأخيرة.
وخرجت المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي رسمياً في 31 يناير (كانون الثاني) 2020، لكنها بقيت في مرحلة انتقالية حتى 31 ديسمبر (كانون الأول)، فيما كان الجانبان يتفاوضان على اتفاق تجاري لمرحلة ما بعد «بريكست» تم إبرامه في 24 ديسمبر. وغادرت بريطانيا رسمياً الاتحاد الجمركي الأوروبي والسوق الموحدة عند الساعة 23:00 بتوقيت غرينيتش يوم 31 ديسمبر.
وقال ريتشارد هانتر رئيس قسم الأسواق في «إنتراكتيف إنفستور»: «ما زالت الآثار الفعلية لخروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي غير معروفة، لكن التوصل إلى اتفاق تجاري قبل الموعد النهائي يزيل بعض العبء الذي كان يطارد المؤشر لبعض الوقت».
ومن جهة أخرى، انتقل تداول الأسهم المقومة باليورو من لندن إلى منصات جديدة في الاتحاد الأوروبي، الاثنين. وتنامى تداول الأسهم المقومة باليورو في سيبو يوروب ووحدات تركويز لبورصة لندن في أمستردام ومنصة بورصة أكويس الجديدة في باريس باطراد عند بدء التداول من دون حدوث مشاكل.
وفي غضون ذلك، واجهت بريطانيا الاثنين، أول اختبار فعلي لها بعد خروجها من السوق الأوروبية الموحدة والاتحاد الجمركي لمعرفة إن كان عبور آلاف الشاحنات الحدود عبر بحر المانش سيتم من دون عوائق بعد عطلة نهاية أسبوع هادئة، أم لا.
وشهدت الحدود بين بريطانيا وفرنسا حركة سلسة في مستهل أسبوع العمل الأول بعد خروج بريطانيا من السوق الداخلية والاتحاد الجمركي للاتحاد الأوروبي. وقالت مسؤولة بمدينة كاليه الساحلية شمال فرنسا، لوكالة الأنباء الألمانية، إن الوضع لا يزال هادئاً.
وسيكون نجاح مرحلة ما بعد «بريكست» أساسياً لرئيس الوزراء بوريس جونسون الذي يجد نفسه أمام ملفات أخرى ملحة، إذ تعاني المملكة المتحدة من فيروس كورونا المستجد بقوة مع أكثر من 75 ألف حالة وفاة، وهي من أسوأ الحصائل في أوروبا مع ما يرافق ذلك من أزمة اقتصادية.
ويسمح اتفاق تجاري أبرم عشية عيد الميلاد بين لندن والاتحاد الأوروبي بتجنب فرض رسوم جمركية ونظام حصص. وكان الفشل في التوصل إلى اتفاق في اللحظة الأخيرة ليتسبب بفوضى عند الحدود. إلا أن عودة المعاملات الجمركية التي اختفت مدة عقود قد تؤدي إلى اضطرابات اعتباراً من الاثنين مع معاودة النشاط الكامل.
فللسماح لها بالتنقل على طرقات محافظة كنت، ينبغي على الشاحنات الأوروبية أن تحصل على إذن يوفر إلكترونياً يثبت أنها استكملت مسبقاً المعاملات الضرورية. ويواجه المخالفون غرامة قدرها 300 جنيه إسترليني (334 يورو). وتخشى الحكومة أن يتوجه سائقو الشاحنات إلى دوفر من دون هذا الإذن، ما قد يؤدي إلى تأخر واختناقات في هذا المرفأ ومحيطه.
وترى الحكومة أن غالبية الشركات الكبيرة باتت جاهزة لاحترام القواعد الجديدة؛ إلا أن نصف الشركات الصغيرة والمتوسطة قد لا تكون اتخذت الإجراءات الضرورية للتصدير إلى أوروبا. ولتجنب الاختناقات، أقامت الحكومة موافق شاحنات شاسعة واعتمدت أذونات لدخول منطقة كنت.
لكن من جانب آخر، يتوقع اتحاد شركات الأغذية والمشروبات البريطاني ارتفاع أسعار السلع الغذائية في بريطانيا خلال العام الحالي بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، رغم تجنب المتاجر الفوضى التي كان يمكن أن يسببها خروج بريطانيا من الاتحاد بدون اتفاق.
وبحسب اتحاد شركات الأغذية والمشروبات، فإن قواعد الفحص الجديدة للسلع المقبلة من دول الاتحاد الأوروبي يمكن أن تضيف نحو 3 مليارات جنيه إسترليني (4.1 مليار دولار) إلى نفقات مستوردي المواد الغذائية، وهو ما يعني زيادة التكلفة بنسبة 8 في المائة، حيث يمكن تمرير بعض هذه الزيادة إلى السعر النهائي للمستهلك.
ونقلت وكالة «بلومبرغ» للأنباء عن دومينيك جودي رئيس إدارة التجارة الدولية في اتحاد شركات الأغذية والمشروبات البريطاني القول: «نحن ننتقل الآن من حالة التجارة دون أي احتكاكات، إلى التجارة مع قدر كبير من الاحتكاكات»، مضيفاً أنه يجب أخذ أي حديث عن أن هذه الزيادة في النفقات لن تؤدي إلى زيادة في الأسعار بقدر من الاستخفاف.
يذكر أن بريطانيا تحصل على نحو نصف احتياجاتها من المواد الغذائية من الخارج وأغلبها يأتي من دول الاتحاد الأوروبي. وحتى قبل خروج بريطانيا من الاتحاد كان الأمن الغذائي لبريطانيا على المحك بسبب الاعتماد الكبير على الاستيراد.
وفي حين يحسب الموردون الذين يعانون بالفعل من انكماش هوامش أرباحهم، التكاليف الجديدة للانفصال عن الاتحاد الأوروبي، فإن السؤال هو من سيتحمل الجزء الأكبر من تكاليف الانسحاب، حيث تشير تقديرات مجلس تنمية الزراعة والمحاصيل البستانية في بريطانيا إلى ارتفاع نفقات القطاع بعد خروج بريطانيا من الاتحاد بما يتراوح بين 5 و8 في المائة بالنسبة للمنتجات الحيوانية، وبما يتراوح بين 2 و5 في المائة بالنسبة لتجارة المحاصيل الزراعية.
وقال ويل هيلار، خبير أسواق السلع الغذائية في شركة أو.سي أند سي ستراتيجي كونسالتنتس ليمتد للاستشارات، إنه من المنتظر وجود مناقشات ساخنة بين الموردين ومتاجر التجزئة في بريطانيا بشأن الزيادة في الأسعار في ظل الحاجة إلى الإبقاء على الأسعار تنافسية بالنسبة للمتاجر.



شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
TT

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)

سجلت شركات البتروكيميائيات المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) تحولاً كبيراً نتائجها المالية خلال الربع الثالث من 2024، مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، لتتحول إلى الربحية وبنسبة نمو تجاوزت 200 في المائة.إذ وصلت أرباحها إلى نحو 525 مليون دولار (1.97 مليار ريال) مقارنةً بتسجيلها خسائر في العام السابق وصلت إلى 516 مليون دولار (1.93 مليار ريال).

ويأتي هذا التحول للربحية في النتائج المالية لشركات القطاع، وتحقيقها لقفزة كبيرة في الأرباح، بفعل ارتفاع الإيرادات ودخل العمليات والهامش الربحي وزيادة الكميات والمنتجات المبيعة.

ومن بين 11 شركة تعمل في مجال البتروكيميائيات مدرجة في «تداول»، حققت 8 شركات ربحاً صافياً، وهي: «سابك»، و«سابك للمغذيات»، و«ينساب»، و«سبكيم»، و«المجموعة السعودية»، و«التصنيع»، و«المتقدمة»، و«اللجين»، في حين واصلت 3 شركات خسائرها مع تراجع بسيط في الخسائر مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، وهي: «كيمانول»، و«نماء»، و«كيان».

وبحسب إعلاناتها لنتائجها المالية في «السوق المالية السعودية»، حققت شركة «سابك» أعلى أرباح بين شركات القطاع والتي بلغت مليار ريال، مقارنةً بتحقيقها خسائر بلغت 2.88 مليار ريال للعام السابق، وبنسبة نمو تجاوزت 134 في المائة.

وحلت «سابك للمغذيات» في المركز الثاني من حيث أعلى الأرباح، رغم تراجع أرباحها بنسبة 21 في المائة، وحققت أرباحاً بقيمة 827 مليون ريال خلال الربع الثالث 2024، مقابل تسجيلها لأرباح بـ1.05 مليار ريال في الربع المماثل من العام السابق.

وفي المقابل، حققت «اللجين»، أعلى نسبة نمو بين الشركات الرابحة، وقفزت أرباحها بنسبة 1936 في المائة، بعد أن سجلت صافي أرباح بلغ 45.8 مليون ريال في الربع الثالث لعام 2024، مقابل أرباح بلغت 2.25 مليون ريال في العام السابق.

مصنع تابع لشركة كيميائيات الميثانول (كيمانول) (موقع الشركة)

توقعات استمرار التحسن

وفي تعليق على نتائج شركات القطاع، توقع المستشار المالي في «المتداول العربي» محمد الميموني خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن تستمر حالة التحسن في أرباح شركات قطاع البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، بفعل حالة ترقب التحسن في الاقتصاد الصيني الذي يعد من أهم وأكبر المستهلكين لمنتجات شركات البتروكيميكال، والاستقرار المتوقع في الأوضاع الجيوسياسية، مضيفاً أن تلك العوامل ستعمل على بدء انفراج في أسعار منتجات البتروكيميكال، وتجاوزها للمرحلة الماضية في تدني وانخفاض أسعارها. وقال «لا أتوقع أن يكون هناك مزيد من التراجع، ومن المتوقع أن يبدأ الاستقرار في أسعار منتجات البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، وهو مرهون بتحسن أسعار النفط، وتحسن الطلب على المنتجات».

وأشار الميموني إلى أن أسباب تراجع أرباح بعض شركات القطاع أو استمرار خسائرها يعود إلى انخفاض متوسط أسعار مبيعات منتجات البتروكيميكال نتيجة لاتجاه السوق والأسعار نحو الانخفاض بالإضافة إلى فترة الصيانة الدورية لعدد من مصانع شركات القطاع، وكذلك ارتفاع تكلفة وقود الديزل في الفترة منذ بداية يناير (كانون الثاني) 2024 وارتفاع تكلفة الشحن بسبب الاضطرابات الجيوسياسية التي أثرت على مسار الشحن من خلال مسار البحر الأحمر، وارتفاع تكاليف التمويل، ورغم اتجاه أسعار الفائدة نحو الانخفاض منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، فإنه لم ينعكس بشكل جيد على وضع نتائج شركات البتروكيميكال حتى الآن، مجدِّداً توقعه بتحسن النتائج المالية لشركات القطاع خلال الربعين المقبلين.

تحسن الكفاءة التشغيلية

من جهته، قال المحلل المالي طارق العتيق، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن شركات القطاع أظهرت منذ بداية السنة تحسناً في الكفاءة التشغيلية لجميع عملياتها وأدائها، وارتفاع في أعداد الكميات المنتجة والمبيعة، وتكيّف شركات القطاع مع تغير ظروف السوق. وقابل ذلك تحسّن ظروف السوق وزيادة الطلب على المنتجات البتروكيماوية، وتحسّن الهوامش الربحية ومتوسط الأسعار لبعض منتجات البتروكيميائيات الرئيسة.

وعّد العتيق تسجيل 8 شركات من أصل 11 شركة تعمل في القطاع، أرباحاً صافية خلال الربع الثالث، أنه مؤشر مهم على تحسن عمليات وأداء شركات القطاع، ومواكبتها لتغير الطلب واحتياج السوق، مضيفاً أن القطاع حساس جداً في التأثر بالظروف الخارجية المحيطة بالسوق وأبرزها: تذبذب أسعار النفط، والظروف والنمو الاقتصادي في الدول المستهلكة لمنتجات البتروكيميائيات وأهمها السوق الصينية، والأحداث الجيوسياسية في المنطقة وتأثيرها على حركة النقل والخدمات اللوجستية، لافتاً إلى أن تلك الظروف تؤثر في الطلب والتكاليف التشغيلية لمنتجات البتروكيميائيات، إلا أنها قد تتجه في الفترة الراهنة باتجاه إيجابي نحو تحسن السوق والطلب على منتجات البتروكيميائيات.