بنك إنجلترا يؤكد متانة المصارف ويحذّر من «اضطرابات بريكست»

بيلي يثق ببقاء لندن مركزاً مالياً رئيساً

قال أندرو بيلي محافظ بنك إنجلترا المركزي إن هيمنة لندن كمركز مالي عالمي ستستمر بعد «بريكست» (أ.ف.ب)
قال أندرو بيلي محافظ بنك إنجلترا المركزي إن هيمنة لندن كمركز مالي عالمي ستستمر بعد «بريكست» (أ.ف.ب)
TT

بنك إنجلترا يؤكد متانة المصارف ويحذّر من «اضطرابات بريكست»

قال أندرو بيلي محافظ بنك إنجلترا المركزي إن هيمنة لندن كمركز مالي عالمي ستستمر بعد «بريكست» (أ.ف.ب)
قال أندرو بيلي محافظ بنك إنجلترا المركزي إن هيمنة لندن كمركز مالي عالمي ستستمر بعد «بريكست» (أ.ف.ب)

رغم الظروف الاقتصادية المعقّدة والخلاف القائم مع الاتحاد الأوروبي، قال أندرو بيلي محافظ بنك إنجلترا المركزي أمس (الجمعة)، إن هيمنة لندن كمركز مالي عالمي ستستمر بعد أن تستكمل بريطانيا انفصالها عن الاتحاد الأوروبي.
وقال بيلي في مؤتمر صحافي عقب نشر تقرير الاستقرار المالي الصادر عن البنك المركزي: «لندن مركز مالي عالمي، كانت كذلك لوقت طويل جداً، وستظل». وأضاف أن فقدان الوظائف في القطاع المالي أقل بكثير مما توقع البعض بعد تمخض استفتاء بريطانيا في 2016 عن قرار بمغادرة الاتحاد الأوروبي.
وفي تقريره، أكد بنك إنجلترا المركزي أن المصارف البريطانية قادرة على الصمود أمام المخاطر المشتركة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ووباء «كوفيد - 19»، لكن من المحتمل أن تحدث «اضطرابات» في الخدمات المالية بعد الفترة الانتقالية.
ورأى بنك إنجلترا أن «المصارف البريطانية الرئيسية القادرة على امتصاص خسائر بقيمة مائتي مليار جنيه إسترليني (263 مليار دولار)، مع العلم أن التوقعات الاقتصادية الحالية «أقل حدة بكثير» من هذا السيناريو. وتابع أنه إذا تم احتواء «معظم المخاطر التي يواجهها الاستقرار المالي البريطاني» تمهيداً للفترة الانتقالية ما بعد «بريكست»، فقد ترافقها «تقلبات في السوق واضطرابات في الخدمات المالية».
وتسود أجواء تشاؤم في مفاوضات «بريكست» بعدما أعلن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين، خلال عشاء عاصف في بروكسل، عن مهلة تنتهي (الأحد) لاتخاذ قرار بشأن مواصلة المحادثات أو وقفها.
وتعهد جونسون (الخميس) ببذل مزيد من الجهد للتوصل إلى اتفاق تجاري لمرحلة ما بعد «بريكست»، لكنه طلب من حكومته الاستعداد لخروج بريطانيا من السوق الموحدة للاتحاد الأوروبي من دون اتفاق.
إلى ذلك، اختتمت فيتنام وبريطانيا مفاوضاتهما (الجمعة)، من أجل التوصل إلى اتفاقية تجارة حرة، وذلك حسبما أعلنت وزيرة التجارة الدولية البريطانية ليز تروس، ووزير التجارة الفيتنامي تران توان، في مؤتمر صحافي مشترك في هانوي.
وقالت تروس: «تشترك المملكة المتحدة وفيتنام في الالتزام الاستراتيجي بالتجارة العالمية والتدفق الحر لرأس المال والاستثمارات... ويسعدني أن أُنهي مع الوزير تران توان اتفاقية التجارة الحرة الثنائية تلك، والتي ستوفر استمرارية حيوية لعلاقتنا التجارية سريعة النمو والديناميكية».
من جهته، أعرب وزير التجارة الفيتنامي عن ترحيبه الشديد بتلك الاتفاقية التي يأمل أن تسهم بشكل ملحوظ في زيادة معدلات التجارة بين البلدين والحد من «الحمائية التجارية».
وقد نما حجم التبادل التجاري بين البلدين بمقدار ثلاثة أضعاف خلال الفترة ما بين 2010 و2019 ليسجل 7.5 مليار دولار.
وعلى الرغم من الإعلان عن انتهاء المفاوضات بين الجانبين، فإنه سيتم توقيع اتفاقية التجارة الحرة بشكل رسمي في غضون الأسابيع المقبلة. وسيقوم البلدان بموجب الاتفاقية، التي من المتوقع أن تدخل حيز التنفيذ اعتباراً من بداية العام المقبل، بخفض نحو 99% من الرسوم على صادراتهما. ومن المتوقع أن توفر الاتفاقية لفيتنام ما يزيد قليلاً على 150 مليون دولار من الرسوم الجمركية، في حين ستوفر بريطانيا رسوماً جمركية تقدر بنحو 47 مليون دولار.
وأضافت تروس أن الاتفاقية تمثل خطوة أخرى نحو انضمام بريطانيا في نهاية المطاف إلى الاتفاقية الشاملة والمتقدمة للشراكة عبر المحيط الهادئ، والتي تأمل أن تدخل حيز التنفيذ في أوائل عام 2021.



​فوز ترمب يعقّد مهمة «الفيدرالي» في لجم التضخم وخفض الفائدة

صورة من عام 2017 تظهر ترمب وباول (رويترز)
صورة من عام 2017 تظهر ترمب وباول (رويترز)
TT

​فوز ترمب يعقّد مهمة «الفيدرالي» في لجم التضخم وخفض الفائدة

صورة من عام 2017 تظهر ترمب وباول (رويترز)
صورة من عام 2017 تظهر ترمب وباول (رويترز)

في حملته الانتخابية، وعد دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية أكثر صرامة على شركاء الولايات المتحدة التجاريين، وترحيل ملايين المهاجرين غير الشرعيين، وتمديد تخفيضاته الضريبية لعام 2017.

لكن هذه السياسات، إذا تم تنفيذها، قد تفرض ضغوطاً تصاعدية على الأسعار والأجور والعجز الفيدرالي. وهو ما من شأنه أن يعقد مهمة الاحتياطي الفيدرالي الساعي إلى خفض التضخم إلى هدف 2 في المائة، وحماية سوق العمل.

وفي خضم هذه المهمة الدقيقة، قد يقع البنك المركزي تحت دائرة الضوء السياسية غير المريحة إذا اتبع ترمب نمطه السابق في مهاجمة رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول علناً.

لقد تعهد ترمب بإعادة فرض التعريفات الجمركية على الواردات، واقترح تعريفة بنسبة 60 في المائة على المنتجات الصينية، وتعريفة بنسبة 10 في المائة على الواردات من دول أخرى.

ووفق «مورغان ستانلي»، فإن هذه التعريفات، إلى جانب التخفيضات الضريبية، قد تدفع التضخم إلى الارتفاع بنحو 2.5 نقطة مئوية. في حين يتوقع «غولدمان ساكس» أن تدفع سياسات ترمب المقترحة التضخم الأساسي إلى ما يزيد على 3 في المائة خلال عام 2025.

وإذا ارتفع التضخم بشكل كبير، فقد لا يكون أمام الاحتياطي الفيدرالي خيار سوى الاستجابة بسياسة نقدية أكثر صرامة.

أنصار ترمب يحتفلون في فلوريدا (إ.ب.أ)

اجتماع الاحتياطي الفيدرالي

ومن المتوقع على نطاق واسع أن يخفض مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي يوم الخميس أسعار الفائدة المرجعية بمقدار ربع نقطة مئوية، وهي الخطوة التي ستأتي في أعقاب خفض بمقدار نصف نقطة في سبتمبر (أيلول). وقد توقعوا خفضاً آخر بمقدار ربع نقطة هذا العام، في ديسمبر (كانون الأول)، ونقطة كاملة إضافية من التخفيضات في عام 2025.

من المؤكد تقريباً أن باول سيواجه أسئلة حول كيفية تأثير الانتخابات على توقعات الاحتياطي الفيدرالي عندما يعقد مؤتمراً صحافياً الخميس بعد اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة.

لقد كان رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي يثير غضب ترمب بشكل متكرر خلال فترة ولايته الرئاسية الأولى. واستمرت هذه الانتقادات اللاذعة، حيث قال ترمب مؤخراً في أغسطس (آب) إن باول كان «مبكراً بعض الشيء ومتأخراً بعض الشيء» في اتخاذ القرارات.

وقال ترمب أيضاً إنه يعتقد أن الرؤساء يجب أن يكون لهم «رأي» في سياسة أسعار الفائدة في بنك الاحتياطي الفيدرالي، ولفت إلى أن صنّاع السياسات تصرفوا لأسباب سياسية عندما خفضوا أسعار الفائدة بنسبة نصف نقطة مئوية أكبر من المعتاد في سبتمبر.

باول ورئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في فيلادلفيا باتريك هاركر يتأهبان للمشاركة بمؤتمر نقدي (الاحتياطي الفيدرالي)

إبداء الرأي

في مقابلة أجريت في أكتوبر (تشرين الأول) مع «بلومبرغ»، قال ترمب إنه لا يعتقد بأنه يجب أن يكون قادراً على إصدار أوامر إلى الاحتياطي الفيدرالي بما يجب فعله، لكن لديه الحق في التعليق على اتجاه أسعار الفائدة. ومع ذلك، أثار مجمل خطابه تكهنات بأنه قد يسعى إلى الحد من استقلالية بنك الاحتياطي الفيدرالي، وإنهاء ممارسة استمرت لعقود من الزمن تتمثل في السماح للبنك المركزي بإجراء السياسة النقدية بشكل مستقل عن السلطة التنفيذية.

زعزعة الثقة

وقالت سارة بايندر، أستاذة العلوم السياسية بجامعة جورج واشنطن، إن الانتقادات العلنية والصريحة التي يوجهها الرئيس إلى بنك الاحتياطي الفيدرالي قد تزرع الشك.

وقالت بايندر: «من المؤكد أن هناك استقلالاً هيكلياً. ولكن لا يمكن لأي درجة من العزل الهيكلي أن تحميه إذا بدأ الناس يشكون في أنه سيفعل ما يقول إنه سيفعله».

وقد رفض بعض مستشاري ترمب المخاوف بشأن سعيه إلى التدخل في بنك الاحتياطي الفيدرالي. وقال سكوت بيسنت، أحد كبار مستشاريه الاقتصاديين، والرئيس التنفيذي لصندوق التحوط «كي سكوير غروب» إنه يريد فقط أن يكون صوتاً مسموعاً. وقال في مقابلة مع «بلومبرغ» إنه «يفهم أن استقلال البنك المركزي يرسخ توقعات التضخم طويلة الأجل التي ترسخ أسعار الفائدة طويلة الأجل».

وقال كيفن هاسيت، الذي شغل منصب رئيس مجلس المستشارين الاقتصاديين للبيت الأبيض خلال فترة ولاية ترمب الأولى، في مقابلة مع «غولدمان ساكس» نُشرت في أكتوبر، إن الشكوك حول التنسيق بين الاحتياطي الفيدرالي والسلطة التنفيذية «يجب أن تؤخذ على محمل الجد، ويجب على الإدارة المقبلة اختيار قيادة محايدة لبنك الاحتياطي الفيدرالي».

تتجمع السحب العاصفة فوق مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن قبل عاصفة رعدية (رويترز)

تأثير موارب

ستأتي الطريقة الأكثر مباشرة لترمب للتأثير على بنك الاحتياطي الفيدرالي من خلال تعيين موظفين رئيسيين في السنوات المقبلة. قال بالفعل إنه لن يعيد تعيين باول، الذي تنتهي فترة ولايته في مايو (أيار) 2026. وتنتهي فترة ولاية محافظ بنك الاحتياطي الفيدرالي أدريانا كوغلر في يناير (كانون الثاني) 2026، بينما يصبح منصب محافظ بنك الاحتياطي الفيدرالي شاغراً في يناير 2028، وبالتالي، ستتاح لترمب الفرصة لتسمية المعينين لكل من هذه المناصب.

وقالت مصادر متعددة مقربة من حملة ترمب إن هاسيت قد يكون الخيار النهائي لترمب لرئاسة الاحتياطي الفيدرالي. كما سيكون الرئيس المنتخب قادراً على ترشيح نائب رئيس للإشراف، وهو دور تنظيمي قوي يشرف على أكبر البنوك في البلاد. وقد عيّن الرئيس جو بايدن لهذا المنصب مايكل بار، الذي تنتهي ولايته في يوليو (تموز) 2026، وأثار بار انتقادات حادة من صناعة الخدمات المصرفية والجمهوريين بشأن اقتراح أولي لتعزيز رأس المال الذي يجب أن تحتفظ به البنوك.

وكتب مايكل فيرولي، كبير خبراء الاقتصاد الأميركي في «جيه بي مورغان تشيس آند كو»، في مذكرة بحثية في أكتوبر، أن شاغلي منصب بار استقالوا بعد وقت قصير من انتخاب رئيس من الحزب المعارض. أضاف فيرولي: «إذا اتبع بار هذه السابقة بعد فوز ترمب، فيمكن للرئيس الجديد التأثير بسرعة على السياسة التنظيمية، حتى لو كان تأثيره على السياسة النقدية أقل مباشرة».