معضلة اعتماد اللقاحات للاستخدام الطارئ

مخاوف من طرحها قبل حسم فاعليتها في التجارب السريرية الدقيقة

لقاح فيروس «كورونا» المعتمد على تقنية «آر إن إيه - المرسال»... من اليسار: عبوة اللقاح. جرعة أولى، تعقبها بعد 3 أسابيع جرعة ثانية، ثم تظهر بعد أسبوع من ذلك تأثيرات الوقاية من الفيروس
لقاح فيروس «كورونا» المعتمد على تقنية «آر إن إيه - المرسال»... من اليسار: عبوة اللقاح. جرعة أولى، تعقبها بعد 3 أسابيع جرعة ثانية، ثم تظهر بعد أسبوع من ذلك تأثيرات الوقاية من الفيروس
TT

معضلة اعتماد اللقاحات للاستخدام الطارئ

لقاح فيروس «كورونا» المعتمد على تقنية «آر إن إيه - المرسال»... من اليسار: عبوة اللقاح. جرعة أولى، تعقبها بعد 3 أسابيع جرعة ثانية، ثم تظهر بعد أسبوع من ذلك تأثيرات الوقاية من الفيروس
لقاح فيروس «كورونا» المعتمد على تقنية «آر إن إيه - المرسال»... من اليسار: عبوة اللقاح. جرعة أولى، تعقبها بعد 3 أسابيع جرعة ثانية، ثم تظهر بعد أسبوع من ذلك تأثيرات الوقاية من الفيروس

يخشى الباحثون من أن طرح لقاحات مرض «كوفيد - 19» الواعدة قبل الأوان قد يهدد دقة التجارب السريرية الجارية لحسم مدى فعالية اللقاح.
- «فايزر» و«موديرنا»
بعد أن نشرت شركتا فايزر وبيونتيك في بداية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي البيانات الأولية الخاصة بالمرحلة الثالثة من التجارب التي تجريها على اللقاح الذي تنتجه، سعت الشركتان للحصول على موافقة الهيئات التنظيمية لطرح اللقاح بموجب قواعد الاستخدام الطارئ. وفي سابقة لم تحصل إلا في حالات الطوارئ، حصل اللقاح الأربعاء الماضي على موافقة السلطات الصحية البريطانية.
وقالت شركة موديرنا الأميركية في 30 نوفمبر (تشرين الثاني) 2020 إن لقاحها فعال بنسبة 100 بالمائة في المرحلة الثالثة من التجارب. وأظهرت النتائج الجديدة التي شكلت أكثر من 30 ألف مشارك أن اللقاح فعال بنسبة 100 بالمائة في الوقاية من مخاطر لقاح كورونا الشديدة وبنسبة 94 بالمائة في الوقاية من المرض على نطاق واسع وأن النتائج كانت جيدة بما في ذلك العمر والجنس والعرق وأنها ستتقدم بطلب الحصول على إذن استخدام طارئ من إدارة الغذاء والدواء الأميركية وترخيص تسويق مشروط من وكالة الأدوية الأوروبية.
- سرعة تطوير اللقاحات
لقد تم تطوير لقاحين بسرعة مذهلة وإظهار فعالية أولية ملحوظة ليتم اعتمادهما للاستخدام في حالات الطوارئ. ومن المتوقع أن يتبعهما عدد من اللقاحات الأخرى. وهذه اللقاحات التي تمنع عدوى «كوفيد - 19» المصحوبة بأعراض لدى ما يقرب من 95 في المائة من الأشخاص الذين تم تطعيمهم كما تشير البيانات المستمدة من التجارب السريرية للقاحي «فايزر بيونتيك» و«موديرنا»، يجب أن تساعد العالم على العودة إلى الحياة الطبيعية والسفر من دون الحجر الصحي وحضور الأحداث الرياضية الحية وإقامة الأفراح والمناسبات الأخرى.
- لقاحات واعدة
تشترك لقاحات «فايزر» و«موديرنا» في أن كليهما مصنوع من الرنا المرسال (mRNA) حيث تعمل لقاحات mRNA من خلال توفير الشفرة الجينية (الخاصة بالفيروس) لخلايا جسم الإنسان بهدف إنتاج الجسم للبروتينات الفيروسية. وبمجرد إنتاج البروتينات التي لا تسبب المرض يطلق الجسم استجابة مناعية ضد الفيروس مما يمكّن الشخص من تطوير المناعة. ويمكن استخدام mRNA نظرياً لإنتاج أي بروتين، والجانب الإيجابي له، أنه أسهل بكثير في تصنيعه، من تصنيع البروتينات نفسها أو الإصدارات (النسخ) المعطلة والمضعفة من الفيروسات المستخدمة عادة في اللقاحات مثل اللقاح الصيني.
كان مفهوم استخدام mRNA لإنتاج بروتينات مفيدة لمكافحة المرض موجوداً منذ عقود ولكن حتى الآن لم تصل أي لقاحات تستخدم هذه التكنولوجيا إلى هذا الحد في التجارب السريرية. يقول نوربرت باردي اختصاصي لقاح mRNA في جامعة بنسلفانيا في الولايات المتحدة لدورية The Scientist إن نجاح لقاحات « كوفيد سارس2»: كما يطلق على الفيروس الجديد، جيد حقاً لأبحاث الحامض النووي الريبي لأنه حتى وقت قريب جداً لم يكن هناك سوى عدد قليل من الأشخاص الذين آمنوا بها. ولدينا الآن فرصة لإثبات فائدتها حقاً في حالة حدوث تفشي فعلية. وأن التغلب على عقبات لقاحات mRNA إثبات مبكر لمفهوم استخدام العلاجات القائمة على الجينات لإنتاج البروتينات اللازمة لمكافحة المرض.
- تحديات التقنية
رغم الآفاق الواعدة لها فإن هناك تحديات مرتبطة بالعمل مع mRNA، ذلك أنه ينتج مستويات منخفضة فقط من البروتينات كما يتحلل الجزيء بسرعة كبيرة جداً داخل الجسم بحيث يصعب جعله مناسباً كعلاج. علاوة على ذلك يمكن أن يطلق الحامض النووي الريبي استجابة مناعية مستقلة عن الاستجابة للبروتين الذي يشفره.
يقول باردي: «إذا قمت فقط بحقن حامض mRNA غريب في البشر أو الحيوانات يمكنك إحداث استجابة التهابية خطيرة جداً». ويضيف: «إن هذه هي آلية دفاع أجسامنا ضد الفيروسات والتي يمكن أن تستخدم إما DNA أو RNA لتخزين معلوماتها الجينية. وبسبب هذه المشاكل كان استيعاب هذه التكنولوجيا بطيئاً».
واختار العديد من العلماء التركيز بدلاً من ذلك على تطوير لقاحات باستخدام الحامض النووي «دي إن إيه»، وهو أكثر استقراراً وأسهل في العمل كما تقول مارغريت ليو رئيسة مجلس إدارة الجمعية الدولية لقاحات ورائدة اللقاحات الجينية وعضوة في المجلس الاستشاري العلمي لمعهد جينر التابع لجامعة أكسفورد الذي طور لقاح «أسترا زنيكا» ضد «كوفيد - 19».
في النهاية من السابق لأوانه تحديد سبب نجاح هذه اللقاحات حتى الآن، وهذه البيانات لمتعلقة بها لا تزال نتائج مؤقتة وغير منشورة. وما زلنا بحاجة إلى الاطلاع على قواعد بيانات الأمان الشاملة المرتبطة بهذه المنتجات. يقول بول أوفيت باحث لقاحات في مستشفى الأطفال في فيلادلفيا إن هناك أيضاً مشكلات يجب حلها مثل المخاوف بشأن الحاجة إلى تخزين اللقاحات في المجمدات خاصة في حالة لقاح «فايزر بيونتيك»، الذي يجب الاحتفاظ به عند درجة حرارة 70 درجة مئوية تحت الصفر لكن يمكن تخزين لقاح الرنا المرسال آخر ضد «كوفيد سارس 2» الذي طورته شركة CureVac الألمانية في درجة حرارة 5 مئوية. إلا أن هذا اللقاح الذي يعتمد على mRNA غير المعدل في المرحلة الأولى من التجربة السريرية، ومع ذلك فإن النجاح المبكر للقاحات mRNA لمكافحة «كوفيد - 19» جعل العلماء متفائلين بشأن مستقبل هذه التكنولوجيا.
- تحفظ الجمهور
أظهرت استطلاعات متعددة أنه في جزء كبير من الجمهور هناك تحفظ عميق على تناول لقاحات «كوفيد» ويرتفع عدم الثقة بشكل خاص بين المجتمعات السوداء واللاتينية في الولايات المتحدة، وهو أمر مقلق نظراً لأن الأشخاص الملونين يصابون ويموتون بمعدل مرتفع بشكل غير متناسب في الوباء. وأظهر استطلاع أجراه مركز بيو للأبحاث Pew Research Center poll في منتصف سبتمبر (أيلول) أن 32 في المائة فقط من البالغين السود قالوا إنهم بالتأكيد أو ربما سيتم تطعيمهم. ويُعزى هذا التردد جزئياً إلى سوء المعاملة التاريخية لمجتمعات السكان الملونين في كل من قطاعي الطب والبحوث السريرية. ومع ذلك فإن القلق بشأن اللقاحات يمتد عبر المجموعات العرقية والاجتماعية والاقتصادية. وتعتقد هايدي لارسون، مديرة مشروع ثقة اللقاح والأستاذة في كلية لندن للصحة وطب المناطق الحارة أنه يجب القيام بالمزيد لتشجيع الناس على الرغبة في التطعيم عندما يحين وقتهم للانضمام. وأضافت أنها تشعر «أننا يجب أن نفعل الكثير فيما يتعلق بإشراك المجتمعات ذات الصلة والحصول على مزيد من المعلومات حول هذه الأنواع المختلفة من اللقاحات».


مقالات ذات صلة

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

صحتك مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

توصلت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا إلى أن اتباع نظام غذائي منخفض في أحماض أوميغا 6 وغني بأحماض أوميغا 3 الدهنية، يمكن أن يبطئ سرطان البروستاتا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
صحتك مرض ألزهايمر يؤدي ببطء إلى تآكل الذاكرة والمهارات الإدراكية (رويترز)

بينها الاكتئاب... 4 علامات تحذيرية تنذر بألزهايمر

يؤثر مرض ألزهايمر في المقام الأول على الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً، ولكن ليس من المبكر أبداً أن تكون على دراية بالعلامات التحذيرية لهذا الاضطراب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

أظهرت دراسة حديثة أن تخطي وجبة الإفطار في منتصف العمر قد يجعلك أكثر بدانةً، ويؤثر سلباً على صحتك، وفقاً لصحيفة «التليغراف».

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك 10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

وصل إلى بريد «استشارات» استفسار من أحد المرضى هو: «عمري فوق الستين، ولدي مرض السكري وارتفاع ضغط الدم. وتناولت (فياغرا) للتغلب على مشكلة ضعف الانتصاب.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)
مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)
TT

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)
مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)

توصلت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس إلى أن اتباع نظام غذائي منخفض في أحماض أوميغا 6 وغني بأحماض أوميغا 3 الدهنية، إلى جانب مكملات زيت السمك، يمكن أن يبطئ بشكل كبير نمو خلايا سرطان البروستاتا لدى الرجال الذين يختارون المراقبة النشطة، ما قد يقلل من الحاجة إلى علاجات عدوانية في المستقبل، وفق ما نشر موقع «سايتك دايلي».

وجد باحثون من مركز UCLA Health Jonsson Comprehensive Cancer Center أدلة جديدة على أن التغييرات الغذائية قد تبطئ نمو الخلايا السرطانية لدى الرجال المصابين بسرطان البروستاتا الذين يخضعون للمراقبة النشطة، وهو نهج علاجي يتضمن مراقبة السرطان من كثب دون تدخل طبي فوري.

سرطان البروستاتا والتدخل الغذائي

قال الدكتور ويليام أرونسون، أستاذ أمراض المسالك البولية في كلية ديفيد جيفن للطب بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس والمؤلف الأول للدراسة: «هذه خطوة مهمة نحو فهم كيف يمكن للنظام الغذائي أن يؤثر على نتائج سرطان البروستاتا».

وأضاف: «يهتم العديد من الرجال بتغييرات نمط الحياة، بما في ذلك النظام الغذائي، للمساعدة في إدارة إصابتهم بالسرطان ومنع تطور مرضهم. تشير نتائجنا إلى أن شيئاً بسيطاً مثل تعديل نظامك الغذائي يمكن أن يبطئ نمو السرطان ويطيل الوقت قبل الحاجة إلى تدخلات أكثر عدوانية».

تحدي المراقبة النشطة

يختار العديد من الرجال المصابين بسرطان البروستاتا منخفض الخطورة المراقبة النشطة بدلاً من العلاج الفوري، ومع ذلك، في غضون خمس سنوات، يحتاج حوالي 50 في المائة من هؤلاء الرجال في النهاية إلى الخضوع للعلاج إما بالجراحة أو الإشعاع.

وبسبب ذلك، يتوق المرضى إلى إيجاد طرق لتأخير الحاجة إلى العلاج، بما في ذلك من خلال التغييرات الغذائية أو المكملات الغذائية. ومع ذلك، لم يتم وضع إرشادات غذائية محددة في هذا المجال بعد.

في حين نظرت التجارب السريرية الأخرى في زيادة تناول الخضراوات وأنماط النظام الغذائي الصحي، لم يجد أي منها تأثيراً كبيراً على إبطاء تقدم السرطان.

الاستشارة الغذائية

لتحديد ما إذا كان النظام الغذائي أو المكملات الغذائية يمكن أن تلعب دوراً في إدارة سرطان البروستاتا، أجرى الفريق بقيادة جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس تجربة سريرية مستقبلية، تسمى CAPFISH-3، والتي شملت 100 رجل مصاب بسرطان البروستاتا منخفض الخطورة أو متوسط ​​الخطورة والذين اختاروا المراقبة النشطة.

تم توزيع المشاركين بشكل عشوائي على الاستمرار في نظامهم الغذائي الطبيعي أو اتباع نظام غذائي منخفض أوميغا 6 وعالي أوميغا 3، مع إضافة زيت السمك، لمدة عام واحد.

ووفق الدراسة، تلقى المشاركون في ذراع التدخل استشارات غذائية شخصية من قبل اختصاصي تغذية مسجل. وتم توجيه المرضى إلى بدائل أكثر صحة وأقل دهوناً للأطعمة عالية الدهون وعالية السعرات الحرارية (مثل استخدام زيت الزيتون أو الليمون والخل لصلصة السلطة)، وتقليل استهلاك الأطعمة ذات المحتوى العالي من أوميغا 6 (مثل رقائق البطاطس والكعك والمايونيز والأطعمة المقلية أو المصنعة الأخرى).

كان الهدف هو خلق توازن إيجابي في تناولهم لدهون أوميغا 6 وأوميغا 3 وجعل المشاركين يشعرون بالقدرة على التحكم في كيفية تغيير سلوكهم. كما تم إعطاؤهم كبسولات زيت السمك للحصول على أوميغا 3 إضافية.

ولم تحصل مجموعة التحكم على أي استشارات غذائية أو تناول كبسولات زيت السمك.

نتائج التغييرات الغذائية

تتبع الباحثون التغييرات في مؤشر حيوي يسمى مؤشر Ki-67، والذي يشير إلى مدى سرعة تكاثر الخلايا السرطانية - وهو مؤشر رئيسي لتطور السرطان، والنقائل والبقاء على قيد الحياة.

تم الحصول على خزعات من نفس الموقع في بداية الدراسة ومرة ​​أخرى بعد مرور عام واحد، باستخدام جهاز دمج الصور الذي يساعد في تتبع وتحديد مواقع السرطان.

وأظهرت النتائج أن المجموعة التي اتبعت نظاماً غذائياً منخفضاً في أوميغا 6 وغنياً بأوميغا 3 وزيت السمك كان لديها انخفاض بنسبة 15 في المائة في مؤشر Ki-67، بينما شهدت المجموعة الضابطة زيادة بنسبة 24 في المائة.