تأكيد مصري ـ كويتي على «متانة» العلاقات بعد احتواء «مشاحنات غير رسمية»

الرئيس السيسي يدعو الشيخ نواف الصباح لزيارة القاهرة

أمير الكويت يطلع على رسالة الرئيس المصري لدى استقباله وزير الخارجية المصري اليوم (كونا)
أمير الكويت يطلع على رسالة الرئيس المصري لدى استقباله وزير الخارجية المصري اليوم (كونا)
TT

تأكيد مصري ـ كويتي على «متانة» العلاقات بعد احتواء «مشاحنات غير رسمية»

أمير الكويت يطلع على رسالة الرئيس المصري لدى استقباله وزير الخارجية المصري اليوم (كونا)
أمير الكويت يطلع على رسالة الرئيس المصري لدى استقباله وزير الخارجية المصري اليوم (كونا)

في مسعى لتأكيد احتواء «مشاحنات غير رسمية» نشبت خلال الأشهر الماضية بين أفراد من البلدين، شدد مسؤولون بارزون في مصر والكويت، اليوم (الأحد)، على «متانة العلاقات» بين الدولتين، بينما وجه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الدعوة لأمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح. والتقى وزير الخارجية المصري سامح شكري، اليوم، خلال زيارته للكويت، أمير البلاد وسلّمه رسالة خطية من الرئيس المصري. كما اجتمع الوزير المصري مع الشيخ مشعل الأحمد الصباح ولي عهد الكويت، والشيخ صباح الخالد الصباح رئيس مجلس الوزراء، ووزير الخارجية الدكتور أحمد الناصر. وتأتي زيارة الوزير المصري إلى الكويت بعد أشهر شهدت محطات متفرقة من «مشاحنات» أقدم عليها مواطنون في البلدين، غير أن أبرزها كان في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بسبب تصريحات اعتُبرت «مُسيئة»، صدرت عن مسؤول كبير بوزارة «القوى العاملة» المصرية عبر صفحته على موقع «فيسبوك»، وبينما استدعت الكويت السفير المصري لإبلاغه استهجانها لتلك التصريحات، فإن الحكومة المصرية أعلنت إقالة ذلك المسؤول من منصبه وبدء تحقيقات معه بشأنها، مؤكدة أن ما صدر عنه لا يعبّر عن الدولة المصرية.
وحسب الخارجية المصرية، فإن أمير الكويت الشيخ نواف الصباح، استقبل وزير الخارجية المصري الذي نقل للأمير «تهنئة الرئيس المصري بتولي مقاليد الحكم، وتسمية الشيخ مشعل الأحمد الصباح ولياً للعهد» كما قام بتسليم رسالة موجهة من السيسي متضمنةً دعوة لزيارة مصر.‬
وأعرب شكري عن تطلع مصر للاستمرار في «تعزيز العلاقات الوطيدة مع الكويت وتحقيق مزيد من الاختراق في مجالات التعاون الثنائي خلال المرحلة القادمة، وبما يصُب في مصلحة البلدين والشعبين الشقيقين».
وأوضح وزير الخارجية تقدير بلاده، قيادةً وحكومة وشعباً، لـ«مواقف دولة الكويت الداعمة لمصر خلال السنوات الأخيرة، وللدور المُقدر للأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد في دعم مسيرة العلاقات الثنائية». وطلب أمير الكويت نقل تحياته إلى الرئيس المصري، وتطلعه إلى «تلبية الدعوة في أقرب فرصة ممكنة»، مؤكداً «الدور المهم الذي تلعبه مصر كركيزة للأمن والاستقرار في المنطقة، وعلى وقوف الكويت مع الشقيقة مصر فيما تتخذه من إجراءات لحماية مصالحها وفي سبيل تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المنشودة، وأهمية مواصلة التنسيق والتشاور رفيع المستوى بين البلدين على ضوء العلاقات التاريخية والروابط الوثيقة القائمة بينهما». وقالت الخارجية المصرية إن ولي عهد الكويت «أثنى على مستوى التنسيق المتميز القائم بين البلدين في مختلف المجالات وما تشهده مجالات التعاون من تطور ملحوظ، مُعرباً كذلك عن تقديره لدور الجالية المصرية ومساهماتها». كما أشاد الشيخ مشعل الصباح بـ«دور مصر وما قدمته من دعم تاريخي ومساندة للكويت»، مؤكداً «المكانة الخاصة لمصر في المنطقة ودورها المهم في تحقيق الاستقرار الإقليمي».
وأوضح أحمد حافظ، المُتحدث الرسمي باسم الخارجية المصرية، أن اللقاء بين وزير الخارجية المصرية، ورئيس الوزراء الكويتي، «استهدف مناقشة مجالات التعاون الثنائي المختلفة بين البلدين الشقيقين بشكل مُفصل، والتطرق إلى بحث سبل تعميق أوجه التعاون في عدد من القطاعات ذات الأولوية خلال المرحلة القادمة». وأشار المتحدث الرسمي إلى أن «الجانبين أكدا عمق وتاريخية العلاقات التي تجمع البلدين وشعبيهما»، وشددا على أن «العلاقات الأخوية المتجذرة بينهما هي علاقات متينة لا تشوبها شائبة، كما أثنيا على الدور المُقدر للجالية المصرية في الكويت، كما نقل شكري تقدير مصر لما تقدمه حكومة الكويت من رعاية للجالية المصرية المُقيمة في أراضيها».



مغامرة بوتين في أوكرانيا... أمام الامتحان

مغامرة بوتين في أوكرانيا... أمام الامتحان
TT

مغامرة بوتين في أوكرانيا... أمام الامتحان

مغامرة بوتين في أوكرانيا... أمام الامتحان

لم يصدف في التاريخ أن كانت الحرب معزولة عن السياسة. فالحرب هي السياسة، لكن بوسائل أخرى، حسب كارل فون كلوزفيتز. والحرب تُخاض لأهداف سياسية بحتة، شرط أن تكون هذه الأهداف قابلة للتحقيق. والعكس قد يعني أن استراتيجيّة الحرب المرسومة سوف تناقض طبيعتها. فاستراتيجيّة الحرب بشكل عام، هي تلك الطريقة (الكيف في التنفيذ) التي تربط الأهداف بالوسائل، شرط التوازن بين الاثنتين.
أن تدخل الحرب بثقة زائدة، متجاهلاً الكثير والكثير من متطلّبات النجاح، لهو أمر قاتل. وأن تدخل الحرب ومفتاح نجاحها بيد الأعداء، لهو أمر يعكس السطحيّة الاستراتيجيّة للمخطّطين. لكن المصيبة تكمن، بالثمن المدفوع لأي تعثّر. فمن يرِدْ أن يكون قوّة عظمى فعليه تجميع عناصر القوّة لمشروعه.
وإذا تعذّر ذلك، فعليه ابتكار استراتيجيّة فريدة من نوعها، تجمع «القوّة الطريّة» مع القوّة الصلبة، بهدف التعويض عن أيّ نقص من عناصر القوّة.

فشل منظومة بوتين
لردع الغرب!
لم يستطع الرئيس بوتين وبعد سنة على عمليته العسكريّة في أوكرانيا، تركيب منظومة ردعيّة فاعلة وقادرة على تسهيل حربه. بكلام آخر، لم تنفع استراتيجيّته والمُسمّاة استراتيجيّة الرجل المجنون (Mad Man Theory)، في ردع الغرب. فهو أراد حماية حربه التقليديّة بمظلّته النوويّة، مُظهراً نفسه لاعباً غير عقلانيّ (Irrational). فمن التهديد النوويّ المتكرّر من قبله، ومن قبل الرئيس الروسي السابق ميدفيديف، إلى وزير الخارجيّة سيرغي لافروف. كان ردّ الغرب عبر اتباع استراتيجيّة القضم المُتدرّج لخطوط بوتين الحمراء.
وللتذكير فقط، استعمل الرئيس الأميركي الراحل ريتشارد نيكسون، وبالتعاون والتنسيق مع هنري كيسنجر، استراتيجيّة الرجل المجنون في حربه على فيتنام. فصوّر نيكسون نفسه آنذاك على أنه لاعب غير عقلاني قد يذهب إلى استعمال النووي في حال لم تلبَّ مطالبه، وذلك مقابل حركيّة كيسنجر العقلانيّة لإيجاد مخرج من مستنقع فيتنام.

من يريد كلّ شيء، قد
لا يحصل على شيء
وضع الرئيس بوتين لنفسه أهدافاً تعجيزيّة. من طلبه عودة وضع حلف «الناتو» إلى منتصف التسعينات، إلى إلغاء الدولة الأوكرانيّة، وضمّها إلى روسيا على أنها جزء لا يتجزّأ من مناطق النفوذ الروسيّ، إلى قيادة الانتفاضة العالميّة ضد الإمبرياليّة الأميركيّة، إلى رسم نظام عالميّ جديد تكون فيه روسيا لاعباً كونيّاً وقوّة عظمى على غرار أميركا والصين. كلّ ذلك، باقتصاد ودخل قوميّ يوازي الدخل القومي لمدينة نيويورك. كل ذلك مع تصنيع حربيّ متواضع، يعود أغلبه إلى أيام الاتحاد السوفياتيّ، ودون تصنيع محلّي للشرائح الذكيّة، التي تعد حيويّة لتشغيل أسلحة القرن الحادي والعشرين. كل ذلك مع جيش أغلبه من الأقليات التي تعيش في المناطق النائية وعلى هامش حياة الشعب الروسي في المدن الرئيسّية. جيش لا يحسن القتال المشترك للأسلحة (Combined). جيش مؤلّف من عدّة جيوش، منها الجيش الروسيّ الرسمي، إلى الفرق الشيشانيّة، وحتى شركة «فاغنر» الخاصة. حتى إن هذه الجيوش لا يقاتل بعضها مع بعض، وهي ليست على وفاق، لا بل تتصارع علناً، إن كان حول الاستراتيجيات العسكريّة، أو حتى في طريقة إدارة الحرب. جيش لم يخطط للسيناريو السيّئ، فوقع في فخ الرضا المسبق عن الذات.
بوتين الحائر
بين الاستراتيجيّة والتكتيك
في المرحلة الأولى للحرب حول كييف، خسر بوتين في الاستراتيجيّة والتكتيك. غيّر الاستراتيجيّة وتوجّه نحو إقليم الدونباس فحقق نجاحات تكتيكيّة، لكنها لم تُصَب وتتراكم لتؤمّن النجاحات الاستراتيجيّة.
بعد الدونباس، خسر الرئيس بوتين التكتيك في إقليم خاركيف، كما أجبر على الانسحاب من مدينة خيرسون. وبذلك، تراكمت الخسائر التكتيكيّة والاستراتيجيّة على كتف الرئيس بوتين لتعيده إلى مربّع الخسارة الأول حول العاصمة كييف.

التقييدات على سلوك بوتين
في المرحلة المقبلة
• لا يمكن للرئيس بوتين أن يخسر مرّتين متتاليتين في أوكرانيا.
• فالخسارة تعني بالحدّ الأدنى الإطاحة به سياسياً، حتى ولو لم تتظهّر معارضة داخلية حتى الآن.
• تاريخيّاً، لا مكان للضعفاء في الكرملين. فكلمة الكرملين وهي من أصل تتريّ، تعني القلعة المُحصّنة. وكلّما كان هناك تعثّر عسكريّ روسي في الخارج، كان التغيير السياسي في الداخل النمط المعتاد.
• لا بد للرئيس بوتين من تقديم نصر عسكريّ للداخل الروسي، حتى لو كان محدوداً. وقد يكون هذا النصر في إقليم الدونباس أولاً، وفي إقليم زابوريجيا ثانياً. فهو قد ضمّ هذين الإقليمين إلى جانب إقليم خيرسون.
• لكن السيطرة على الأقاليم الثلاثة: الدونباس وزابوريجيا وخيرسون، بأكملها، ليس بالأمر السهل، وذلك استناداً إلى التجارب السابقة مع الجيش الروسيّ. فعلى سبيل المثال لا الحصر، لم يستطع الجيش الروسي، و«فاغنر» إسقاط مدينة بخموت حتى الآن، وبعد مرور أكثر من سبعة أشهر على العمليّة العسكريّة حولها.

المنتظر من بوتين
• بدل النوعيّة أغرق الرئيس بوتين الجبهات بالكميّة، خصوصاً من العسكر الجديد. ألم يقل الزعيم السوفياتي الراحل جوزيف ستالين: «إن للكميّة نوعيّة بحد ذاتها؟»، وبذلك يحاول بوتين اختبار جاهزيّة الانتشار الأوكراني على طول الجبهة لرصد نقاط الضعف.
• تقول المعلومات إن الجيش الروسي قد حشد كثيراً من الطائرات الحربيّة والطوافات على حدود أوكرانيا استعداداً لاستعمالها في المعركة المقبلة، خصوصاً أن جاهزيّة السلاح الجويّ الروسي تتجاوز نسبة 80 في المائة.
• كما تقول المعلومات إن التجمعات العسكريّة بدأت تظهر داخل الأراضي الروسيّة خصوصاً في مدينة كورسك، التي تقع خارج مدى راجمات «الهايمرس».
• يحاول الرئيس بوتين استرداد زمام المبادرة من يد الجيش الأوكراني، وذلك استباقاً لوصول المساعدات الغربيّة، خصوصاً الدفاعات الجويّة ودبابات القتال الرئيسيّة.
• وأخيراً وليس آخراً، قد يحاول الرئيس بوتين زرع الفوضى في المحيط الجغرافي لأوكرانيا، إن كان في مولدوفا، أو انطلاقاً من إقليم كاليننغراد الروسي والواقع على بحر البلطيق. هذا عدا إمكانيّة ضرب خطوط الإمداد لأوكرانيا على ثلاثة ممرات بريّة؛ تمرّ عبر كل من: سلوفاكيا ورومانيا وبولندا.
في الختام، هذه هي صورة الجبهّة الروسيّة. لكن رقصة «التانغو» بحاجة إلى شخصين كي تكتمل. فكيف ستكون عليه الجاهزيّة الأوكرانيّة؟ خصوصاً أننا عاينّا في هذه الحرب نماذج الحرب من العصر الزراعي، كما من العصر الصناعي، ودون شكّ من العصر التكنولوجيّ.
بعد عام على الحرب... هل باتت روسيا أكثر أمناً؟
مستقبل الحرب... واحتمالات توسعها وخروجها عن السيطرة
كيف أساءت روسيا تقدير موقف ألمانيا؟
أوروبا... تساؤلات حول مآلات الدعم لأوكرانيا
الأزمة... والدور «المشلول» لمجلس الأمن