مشاورات روسية ـ إيرانية ـ تركية حول اللجنة الدستورية وإدلب

TT

مشاورات روسية ـ إيرانية ـ تركية حول اللجنة الدستورية وإدلب

أُعلن في موسكو، أمس، أن سادات أونال، نائب وزير الخارجية التركي، أجرى محادثات في الخارجية الروسية تناولت الوضع في سوريا.
وشكّلت الزيارة التي أعلنت السفارة التركية لدى روسيا عنها، استمراراً لجولات النقاش الروسية - التركية. وكان الطرفان عقدا جولتي مناقشات خلال الأسابيع الماضية فشلتا في تقريب وجهات النظر حول ترتيبات الوضع في إدلب، لكن إعلان أنقرة أخيراً استعدادها سحب بعض نقاط المراقبة الواقعة جنوب طريق حلب - اللاذقية، فتح على مجالات للتوصل إلى تفاهمات حول وضع آليات جديدة لترتيب الوضع الميداني في إدلب.
وكانت وسائل إعلام روسية نقلت عن مصادر، أن «القرار التركي جاء بعد تعمد روسيا عرقلة أو تأخير وصول الإمدادات إلى عدد من نقاط المراقبة التركية التي باتت محاصرة بالكامل من جانب الجيش السوري».
ورغم أن موسكو لم تعلق على مجريات محادثات أونال، فإن مصادر روسية رجّحت أن يكون الطرفان في طريقهما لوضع تفاهمات كاملة حول إعادة التموضع التركي، وترتيبات لاحقة في المنطقة.
وجاءت الحوارات الروسية - التركية حول سوريا بعد مرور يوم واحد على محادثات أجراها مبعوث الرئيس الروسي لسوريا، ألكسندر لافرنتييف في طهران، وتم التركيز خلالها على التطورات في سوريا والوضع الميداني في إدلب. والتقى لافرنتييف، مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية، علي أصغر حاجي.
وناقش الجانبان المستجدات في سوريا، بما في ذلك العملية السياسية واللجنة الدستورية، والأوضاع الميدانية في إدلب، إلى جانب المبادرات المطروحة للمساعدة في تحسين الوضع الاقتصادي والإنساني في سوريا.
وأكد لافرنتييف على «النتائج الإيجابية للتعاون الإيراني - الروسي في سوريا، على الصعيد الثنائي وفي إطار عملية آستانة»، مشدداً على ضرورة مواصلة وتعزيز المشاورات والتعاون بين البلدين على مختلف المستويات السياسية والميدانية.
من جانبه، أشار حاجي إلى جهود إيران وروسيا لدفع عمل اللجنة الدستورية، وشدد على «الدور الرئيسي لعملية آستانة في تشكيل هذه اللجنة»، التي وصفها بأنها «أهم نقلة على طريق إيجاد حل سياسي للأزمة السورية»، وقال إن موقف طهران الثابت يقوم على ضرورة «دعم عمل اللجنة الدستورية من دون تدخل خارجي، وفي إطار بناء الثقة بين أعضاء اللجنة». كما شدد حاجي على أهمية «التعاون الاستراتيجي بين إيران وروسيا في سوريا على الصعيدين الميداني والسياسي»، ورحب بتعزيز التعاون في الشؤون الإنسانية وعودة السلام والهدوء إلى سوريا.
وتوجه الوفد التركي إلى موسكو، أمس الخميس، ويضم مسؤولين بوزارتي الخارجية والدفاع وجهاز المخابرات التركي، حيث يجري مباحثات في ظل تطورات متسارعة في إدلب فيما يتعلق بسحب النقاط التركية من مناطق سيطرة النظام بدأت بسحب نقطة مورك أكبر النقاط التركية في منطقة خفض التصعيد في شمال غربي سوريا، والتي كانت تقع في ريف حماة الشمالي ونقلها إلى قاعدة جديدة أنشئت منذ أيام على تلة استراتيجية قرب قرية قوقفين في منطقة جبل الزاوية جنوب إدلب.
ومن المتوقع أيضا أن تسحب تركيا نقاط مراقبتها العسكرية في شير مغار بريف حماة الغربي، والصرمان وتل الطوقان وترنبة ومرديخ ومعرحطاط ونقطة شرق سراقب، التي تقع في ريفي إدلب الشرقي والجنوبي الشرقي، تنفيذا لاتفاق مع موسكو. وينتظر الانتهاء من سحب جميع النقاط التركية من مناطق النظام خلال شهرين.
ونشرت تركيا خلال العامين الماضيين 12 نقطة مراقبة في إدلب، ضمن 69 نقطة في شمال غربي سوريا، وفق اتفاق أستانة مع روسيا وإيران، قبل محاصرة بعضها من جانب قوات النظام أواخر العام الماضي.
ويسعى الجانبان خلال اجتماعات موسكو إلى التوصل لاتفاق جديد بشأن إدلب ومناطق الانتشار التركي في شمال سوريا.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».