جنرالات قمع الانتفاضة الثانية يطالبون باجتياح شامل لقطاع غزة

تقرير يكشف مداولات جرت في تلك الفترة

مدنيون في مخيم النصيرات بغزة يحتمون من نيران إسرائيلية في مارس 2004 (إ.ف.ب)
مدنيون في مخيم النصيرات بغزة يحتمون من نيران إسرائيلية في مارس 2004 (إ.ف.ب)
TT

جنرالات قمع الانتفاضة الثانية يطالبون باجتياح شامل لقطاع غزة

مدنيون في مخيم النصيرات بغزة يحتمون من نيران إسرائيلية في مارس 2004 (إ.ف.ب)
مدنيون في مخيم النصيرات بغزة يحتمون من نيران إسرائيلية في مارس 2004 (إ.ف.ب)

توجه الجنرالات الثلاثة الذين قادوا أجهزة الأمن الإسرائيلية في اجتياح الضفة الغربية وقمع الانتفاضة الثانية، قبل 18 عاماً، بإشراف رئيس الوزراء، آنذاك، الجنرال أرئيل شارون، بدعوة القيادتين السياسية والعسكرية، للخروج بحملة عسكرية واسعة يتم فيها اجتياح قطاع غزة من جديد.
والثلاثة هم رئيس أركان الجيش الذي تولى منصب وزير الأمن خلال الانتفاضة، شاؤول وفاز، ورئيس أركان الجيش، موشيه يعلون، ورئيس جهاز الأمن العام «الشاباك» آفي ديختر. وقال ديختر إن «قطاع غزة سيتحول خلال 10 سنوات إلى جنوب لبنان تحت (حزب الله)». لذلك، فإنه لا يتصور أن تأتي قيادة سياسية في إسرائيل يمكنها أن تمنع تنفيذ عملية اجتياح فيه، شبيهة باجتياح الضفة الغربية».
يذكر أنه في مثل، يوم أمس، 28 سبتمبر (أيلول)، قبل 20 سنة، أقدم رئيس حزب الليكود المعارض، أريئيل شارون، على زيارة استفزازية لساحات المسجد الأقصى تحت حماية نحو 2000 من الجنود والقوات الخاصة، وبموافقة من رئيس الحكومة في حينه إيهود براك. فخرج الفلسطينيون بمظاهرات، ووقعت مواجهات بينهم وبين قوات الاحتلال، وأطلق الجنود الرصاص، فقتل 7 فلسطينيين وجرح 250 آخرين، كما أُصيب 13 شرطياً من قوات الإسرائيلية. وبعد يومين، إثر صلاة الجمعة، تجددت أعمال الاحتجاج وتجدد القمع، ولم تقتصر على القدس، وسرعان ما امتدت إلى جميع المدن في الضفة الغربية وقطاع غزة والمدن العربية في إسرائيل، وسميت بانتفاضة «القدس والأقصى». وكانت إحدى شراراتها اللاهبة قتل الطفل محمد الدرة، في ذلك اليوم، وهو في حضن والده، في غزة، وتحول إلى رمز لهذه الانتفاضة. وبالمقابل، أقدم الفلسطينيون على قتل جنديين إسرائيليين تاها في الطريق، ودخلا رام الله بالخطأ، وتم التمثيل بجسديهما. فنفذت قوات الاحتلال عمليات انتقام واسعة. وبدأت بعدها سلسلة عمليات تفجير فلسطينية في المدن الإسرائيلية. وسقطت حكومة إيهود باراك، وفاز شارون بالحكم. وفي سنة 2002 أمر قواته باجتياح الضفة الغربية وتنفيذ عمليات اغتيال لعدد من القادة الفلسطينيين، بينهم مؤسس حركة حماس الشيخ أحمد ياسين، والأمين العام للجبهة الشعبية أبو علي مصطفى.
ولم ينتهِ الاجتياح، إلا بعد أن حاصرت قوات الإسرائيلية الرئيس ياسر عرفات في مقره في المقاطعة ودمرت معظم المباني من حوله، ثم توفي في 2004 وسط غموض وشبهات بتسميمه. وأسفرت هذه الانتفاضة عن مقتل 4412 فلسطينياً وإصابة 48322 شخصاً، ومقتل 1069 إسرائيلياً، بينهم وزير السياحة الجنرال رحبعام زئيف، وجرح 4500 آخرين. وتم اعتقال أكثر من 8000 فلسطيني. وتوقفت الانتفاضة رسمياً في 8 فبراير (شباط) 2005، بعد اتفاق هدنة بين الفلسطينيين والإسرائيليين في قمة «شرم الشيخ» المصرية.
وتحدث موفاز ويعلون وديختر، في تقرير لصحيفة «معريب» في عددها الأخير، عن المداولات التي جرت في إسرائيل في تلك الفترة، وكيف قررت القيادات العسكرية والأمنية، بقيادتهم أن عرفات يقف وراء هذه الانتفاضة، وأنه اتخذ قراراً مسبقاً وخطط لها من دون علاقة باقتحام شارون للأقصى، وأن هذا الاقتحام ما كان سوى حجة تذرع بها. لذلك قرروا اعتباره عدواً، لكنهم امتنعوا عن قتله بسبب اعتراض القيادة السياسية. وأوضحوا أن رئيس الوزراء، شارون، ونائبه وزير الخارجية، شمعون بيرس، لم يقتنعا بأن عرفات عدو، إلا في مطلع يناير (كانون الثاني) 2002، عندما ألقي القبض على سفينة «كارين إيه»، التي حملت 50 طناً من الأسلحة والذخيرة من إيران إلى فلسطين، عبر البحر الأحمر، بأمر من ياسر عرفات.
وكشف الجنرالات الثلاثة أن الجيش الإسرائيلي والمخابرات وغيرهما من أجهزة الأمن، تمكنت من رصد اجتماع لجميع القادة السياسيين والعسكريين لحركة «حماس»، عقد في عمارة في قطاع غزة في 7 ديسمبر (كانون الأول) 2003. ورووا كيف تلقت المخابرات الإسرائيلية بلاغاً من عملائها في غزة عن هذا الاجتماع قبل يومين من التئامه، وكيف تم الإعداد لتصفيتهم جميعاً وهم في الاجتماع، لكنهم لم يفلحوا لأن الاجتماع عقد في الطابق الأول من عمارة ذات 6 طوابق، داخل منطقة سكنية مزدحمة. ومع أنه كان بإمكانهم تدمير العمارة بقنبلة زنتها طن واحد، إلا أنهم خشوا من أن تدمر عمارات أخرى مجاورة من المدنيين، الأطفال والنساء، إذ إن حادثة شبيهة تم فيها اغتيال صلاح شحادة، أحد زعماء «حماس»، جعلت الضباط والوزراء الإسرائيليين تحت طائلة الاعتقال في دول غربية كثيرة، لأن اغتياله أدى لمقتل وجرح عشرات المدنيين. فقرروا «الاكتفاء» بقنبلة ربع طن، إلا أنها لم تحقق الغرض. ونجا قادة حماس يومها. وتمكنت إسرائيل لاحقاً من اغتيال الشيخ أحمد ياسين بمفرده.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.