توجه الجنرالات الثلاثة الذين قادوا أجهزة الأمن الإسرائيلية في اجتياح الضفة الغربية وقمع الانتفاضة الثانية، قبل 18 عاماً، بإشراف رئيس الوزراء، آنذاك، الجنرال أرئيل شارون، بدعوة القيادتين السياسية والعسكرية، للخروج بحملة عسكرية واسعة يتم فيها اجتياح قطاع غزة من جديد.
والثلاثة هم رئيس أركان الجيش الذي تولى منصب وزير الأمن خلال الانتفاضة، شاؤول وفاز، ورئيس أركان الجيش، موشيه يعلون، ورئيس جهاز الأمن العام «الشاباك» آفي ديختر. وقال ديختر إن «قطاع غزة سيتحول خلال 10 سنوات إلى جنوب لبنان تحت (حزب الله)». لذلك، فإنه لا يتصور أن تأتي قيادة سياسية في إسرائيل يمكنها أن تمنع تنفيذ عملية اجتياح فيه، شبيهة باجتياح الضفة الغربية».
يذكر أنه في مثل، يوم أمس، 28 سبتمبر (أيلول)، قبل 20 سنة، أقدم رئيس حزب الليكود المعارض، أريئيل شارون، على زيارة استفزازية لساحات المسجد الأقصى تحت حماية نحو 2000 من الجنود والقوات الخاصة، وبموافقة من رئيس الحكومة في حينه إيهود براك. فخرج الفلسطينيون بمظاهرات، ووقعت مواجهات بينهم وبين قوات الاحتلال، وأطلق الجنود الرصاص، فقتل 7 فلسطينيين وجرح 250 آخرين، كما أُصيب 13 شرطياً من قوات الإسرائيلية. وبعد يومين، إثر صلاة الجمعة، تجددت أعمال الاحتجاج وتجدد القمع، ولم تقتصر على القدس، وسرعان ما امتدت إلى جميع المدن في الضفة الغربية وقطاع غزة والمدن العربية في إسرائيل، وسميت بانتفاضة «القدس والأقصى». وكانت إحدى شراراتها اللاهبة قتل الطفل محمد الدرة، في ذلك اليوم، وهو في حضن والده، في غزة، وتحول إلى رمز لهذه الانتفاضة. وبالمقابل، أقدم الفلسطينيون على قتل جنديين إسرائيليين تاها في الطريق، ودخلا رام الله بالخطأ، وتم التمثيل بجسديهما. فنفذت قوات الاحتلال عمليات انتقام واسعة. وبدأت بعدها سلسلة عمليات تفجير فلسطينية في المدن الإسرائيلية. وسقطت حكومة إيهود باراك، وفاز شارون بالحكم. وفي سنة 2002 أمر قواته باجتياح الضفة الغربية وتنفيذ عمليات اغتيال لعدد من القادة الفلسطينيين، بينهم مؤسس حركة حماس الشيخ أحمد ياسين، والأمين العام للجبهة الشعبية أبو علي مصطفى.
ولم ينتهِ الاجتياح، إلا بعد أن حاصرت قوات الإسرائيلية الرئيس ياسر عرفات في مقره في المقاطعة ودمرت معظم المباني من حوله، ثم توفي في 2004 وسط غموض وشبهات بتسميمه. وأسفرت هذه الانتفاضة عن مقتل 4412 فلسطينياً وإصابة 48322 شخصاً، ومقتل 1069 إسرائيلياً، بينهم وزير السياحة الجنرال رحبعام زئيف، وجرح 4500 آخرين. وتم اعتقال أكثر من 8000 فلسطيني. وتوقفت الانتفاضة رسمياً في 8 فبراير (شباط) 2005، بعد اتفاق هدنة بين الفلسطينيين والإسرائيليين في قمة «شرم الشيخ» المصرية.
وتحدث موفاز ويعلون وديختر، في تقرير لصحيفة «معريب» في عددها الأخير، عن المداولات التي جرت في إسرائيل في تلك الفترة، وكيف قررت القيادات العسكرية والأمنية، بقيادتهم أن عرفات يقف وراء هذه الانتفاضة، وأنه اتخذ قراراً مسبقاً وخطط لها من دون علاقة باقتحام شارون للأقصى، وأن هذا الاقتحام ما كان سوى حجة تذرع بها. لذلك قرروا اعتباره عدواً، لكنهم امتنعوا عن قتله بسبب اعتراض القيادة السياسية. وأوضحوا أن رئيس الوزراء، شارون، ونائبه وزير الخارجية، شمعون بيرس، لم يقتنعا بأن عرفات عدو، إلا في مطلع يناير (كانون الثاني) 2002، عندما ألقي القبض على سفينة «كارين إيه»، التي حملت 50 طناً من الأسلحة والذخيرة من إيران إلى فلسطين، عبر البحر الأحمر، بأمر من ياسر عرفات.
وكشف الجنرالات الثلاثة أن الجيش الإسرائيلي والمخابرات وغيرهما من أجهزة الأمن، تمكنت من رصد اجتماع لجميع القادة السياسيين والعسكريين لحركة «حماس»، عقد في عمارة في قطاع غزة في 7 ديسمبر (كانون الأول) 2003. ورووا كيف تلقت المخابرات الإسرائيلية بلاغاً من عملائها في غزة عن هذا الاجتماع قبل يومين من التئامه، وكيف تم الإعداد لتصفيتهم جميعاً وهم في الاجتماع، لكنهم لم يفلحوا لأن الاجتماع عقد في الطابق الأول من عمارة ذات 6 طوابق، داخل منطقة سكنية مزدحمة. ومع أنه كان بإمكانهم تدمير العمارة بقنبلة زنتها طن واحد، إلا أنهم خشوا من أن تدمر عمارات أخرى مجاورة من المدنيين، الأطفال والنساء، إذ إن حادثة شبيهة تم فيها اغتيال صلاح شحادة، أحد زعماء «حماس»، جعلت الضباط والوزراء الإسرائيليين تحت طائلة الاعتقال في دول غربية كثيرة، لأن اغتياله أدى لمقتل وجرح عشرات المدنيين. فقرروا «الاكتفاء» بقنبلة ربع طن، إلا أنها لم تحقق الغرض. ونجا قادة حماس يومها. وتمكنت إسرائيل لاحقاً من اغتيال الشيخ أحمد ياسين بمفرده.
جنرالات قمع الانتفاضة الثانية يطالبون باجتياح شامل لقطاع غزة
تقرير يكشف مداولات جرت في تلك الفترة
جنرالات قمع الانتفاضة الثانية يطالبون باجتياح شامل لقطاع غزة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة