الشارات الملكية على أواني وأدوات المطبخ الخاصة بحكام وملوك أسرة محمد علي بمصر، تحمل الكثير من الدلالات التاريخية والتراثية إلى جانب قيمتها كقطع أثرية نادرة، إذ يرتبط بعضها بإبراز التباين بين شخصيات الأمراء، بينما يبرز بعضها الآخر بتمازج الشارة مع الزخارف الفنية لكل قطعة سواء كانت أطباقاً أو ملاعق وأواني مختلفة، وقامت دراسة حديثة بتوثيق أدوات المائدة الخاصة بأسرة محمد علي الموجودة ضمن مقتنيات متحف قصر المنيل وتفاصيل زخارفها الفنية ودلالاتها التاريخية.
دراسة الماجستير التي أعدتها الباحثة هبة موسى، مفتشة الآثار بوزارة السياحة والآثار المصرية تناولت 90 قطعة من أدوات المائدة الزجاجية والخزفية الموجودة بمتحف قصر المنيل بالقاهرة، وثقت خلالها الشارات الملكية لعدد من أمراء وأميرات أسرة محمد علي، انطلاقاً من خصوصية كل شارة وشكلها ودلالاتها، وأساليب الزخرفة والعناصر الفنية لكل قطعة.
وتتنوع العناصر الزخرفية الموجودة على التحف الزجاجية والخزفية من أدوات المائدة بين زخارف نباتية من أفرع نباتية وأوراق وأزهار وورود وثمار فاكهة، وأيضاً نقوش كتابية بالحروف اللاتينية أو العربية، ورسوم لأشكال هندسية متنوعة من دوائر ومربعات ومعينات، بالإضافة للزخارف الفلكية كالهلال والنجوم خُماسية وثُمانية الأطراف، وشعاع الشمس أو شارات ملكية كالتاج الملكي أو شعار وظيفي كشعار البحرية، ورسوم الرايات والأعلام ورسوم الأسلحة، حسبما تروي الباحثة هبة موسى لـ«الشرق الأوسط».
ورصدت الدراسة الشارة الملكية لعدد كبير من ملوك وأمراء أسرة محمد علي، من بينهم الخديو إسماعيل الذي كان يستخدم العديد من الشارات التي تنوعت بين حروف اسمه الأولى مع نقوش فنية متنوعة مثل رمزَي الهلال والنجمة، ورسومات رايات وصور أسدين، والخديو محمد توفيق، الذي استخدم إلى جانب حروف اسمه الأولى رمز الهلال مع غصنين، بينما اكتفى الخديو عباس حلمي الثاني بحرفَي «H A» وسط رمز التاج الملكي، وكان بعض الأمراء يكتبون أسماءهم كاملة باللغة العربية وسط نقوش الشارة بديلاً عن استخدام الأحرف الأولى.
ومن بين السمات الفنية الواضحة في أواني وأدوات المطبخ استخدام وتوظيف الألوان كأحد العناصر الزخرفية لإبراز خصوصية الشارة الملكية بمهارة فريدة عن طريق توظيف التداخل بين الألوان الباردة والدافئة، والتدرج الفني ما بين الألوان الزاهية والشاحبة خصوصاً في الرموز والشارات التي تمثل صور حيوانات أو نباتات، إذ نُقشت على أواني المطبخ بدرجة لون تحاكي لونها في الطبيعة، كما أبرز بعض الأواني التي كانت تُصنع خصيصاً في أوروبا حرفية فن التذهيب «الطلاء بقشرة من الذهب» أو الرسم بماء الذهب عن طريق الحفر.
ولم تقتصر الشارات الملكية لأواني الطهي على أمراء وملوك أسرة محمد علي الرجال فقط، بل توجد مجموعات متنوعة من الشارات الملكية الخاصة بأميرات الأسرة على بعض أدوات المطبخ، أبرزهن البرنسيسة نعمت هانم، ابنة الخديو إسماعيل والأخت غير الشقيقة للملك فؤاد، وكانت شارتها الملكية تضم اسمها باللغة العربية ورموز الهلال والنجمة وبعض الأغصان، بينما ضمت شارة خوشيار هانم، الملقبة بـ«الوالدة باشا» وهي أم الخديو إسماعيل، حرفين من اسمها «K P» مع رمزَي الهلال والنجمة. واستخدم الكثير من أميرات الأسرة العلوية حروف أسمائهن الأولى في شاراتهن الملكية، مثل إقبال هانم، الزوجة الأولى للخديو عباس حلمي الثاني، والتي كانت تستخدم رمزَي الهلال والنجمة.
ويضم متحف قصر المنيل مجموعات متنوعة من أواني وأدوات الطهي الخاصة بأمراء وأميرات الأسرة العلوية. يقول ولاء الدين بدوي، مدير عام المتحف لـ«الشرق الأوسط» إن «بعض المقتنيات من أدوات وأواني الطهي الخاصة بأسرة محمد علي تضم شارات ملكية تمزج في زخارفها بين الطابع الأوروبي الذي كان شائعاً وقتها والزخارف الإسلامية، ورغم وجود الكثير من الشارات الملكية الخاصة بأميرات الأسرة، فإن الأواني التي كانت تُستخدم في الحفلات الرسمية أو استقبال الضيوف تكون شاراتها خاصة بالخديو أو الأمير للحفاظ على الطابع الرسمي، بينما يتم استخدام الأواني التي تحمل شارة الأميرة في المناسبات العائلية فقط أو الاستخدام اليومي المعتاد».
وتشير الدراسة إلى أن تنوع الزخارف وثرائها الفني على الشارات الملكية الخاصة بأواني المطبخ أبرز جانباً من فن زخرفة الخط العربي، خصوصاً عندما تتم كتابة اسم صاحب الشارة كاملاً باللغة العربية أو ألقابه الشرفية. كما تم استخدام زخارف الخط العربي خلال كتابة الأحرف الأولى لصاحب القطعة.
نقوش نادرة توثّق «الشارات الملكية» على أدوات طعام الأسرة العلوية
دراسة مصرية تبرز رموزها الفنية والزخرفية
نقوش نادرة توثّق «الشارات الملكية» على أدوات طعام الأسرة العلوية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة