«النهضة» التونسية تدعو إلى «مصالحة» مع رموز النظام السابق

TT

«النهضة» التونسية تدعو إلى «مصالحة» مع رموز النظام السابق

دعا لطفي زيتون، القيادي في حركة النهضة التونسية (إسلامية) والمستشار السياسي لراشد الغنوشي، رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيد، ورئيس الحكومة هشام المشيشي إلى العفو عن أبناء الرئيس الراحل زين العابدين بن علي وأصهاره، وأن يتم السماح لهم بالعودة إلى تونس وطنهم الأم، وأن تمنح لهم جوازات سفر تونسية باعتبارها عنوانا لارتباطهم ببلدهم، وألا يتركوا نهبا للغرباء، على حد تعبيره.
وأضاف زيتون أن الرئيس سعيد يملك الصلاحيات الدستورية الكافية لإصدار عفو رئاسي عن أبناء بن علي وأصهاره، كما أن رئيس الحكومة له صلاحيات إدارية كافية لمنح وثائق رسمية لهم، وضمان حرية تنقلهم من وإلى بلادهم، على حد تعبيره.
كما دعا زيتون، الذي يمثل توجها إصلاحيا داخل حركة النهضة، إلى الابتعاد عن كل أشكال التنكيل بأبناء الرئيس الأسبق، ومنعهم من العودة إلى بلدهم، ومنع أصهاره من حق العودة لوطنهم.
وفي معرض حديثه عن وضعيات أبناء الرئيس الراحل وأصهاره، قال زيتون: «من عوقب منهم فقد دفع الضريبة، ومن يزال فارا فليسمح لأبنائه وزوجته بالعودة إلى بلدهم محفوظي الحقوق، ومن تعلقت بهم قضايا يجب أن تضمن لهم محاكمة عادلة».
وأنهى زيتون دعوته للمصالحة بقوله: «لقد حان الوقت كي نغلق هذا الملف، وأن نرتقي ببلادنا إلى مصاف الدول المتحضرة التي يحكمها القانون... والقانون فقط».
يذكر أن الرئيس الراحل زين العابدين بن علي توفي في 19 من سبتمبر (أيلول)2019 ودفن في المدينة المنورة بالمملكة العربية السعودية، التي لجأ إليها منذ الإطاحة بنظامه سنة2011، ولا تزال زوجته وابنه وأصهاره، خاصة صخر الماطري وبلحسن الطرابلسي، مستقرين في الخارج، خشية إصدار أحكام قضائية انتقامية منهم. وفي المقابل نجح سليم شيبوب، صهر الرئيس السابق، في إبرام مصالحة مع الحكومة التونسية وهو مستقر حاليا في تونس.
في السياق ذاته، كان راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة، قد دعا بدوره إلى مصالحة شاملة بين مختلف العائلات السياسية، ومن بينها رموز النظام السابق، كما انضم إلى هذه المبادرة حزب «قلب تونس»، بزعامة نبيل القروي أحد مؤسسي حزب النداء، الذي تزعمه الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي. لكن القواعد الانتخابية ومناصري الأحزاب السياسية الكبرى لا توافق على هذا التوجه.
على صعيد آخر، أنهت كتلة حركة النهضة الأيام البرلمانية، التي تواصلت على مدى ثلاثة أيام (من الجمعة إلى الأحد) بمدينة المهدية (وسط شرقي)، وحددت أولوياتها مع اقتراب الدورة النيابية الثانية، المتمثلة أساسا في استكمال انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية، وتنقيح القانون الانتخابي، وتعديل النظام الداخلي للبرلمان التونسي.
وقدمت الأيام البرلمانية لكتلة حركة النهضة تقييما لأداء الكتلة والبرلمان بصفة عامة خلال الدورة الماضية، وناقشت توزيع المسؤوليات داخل هياكل البرلمان بين نواب الكتلة، باعتبارها الكتلة الأكبر والتي لها أولوية اختيار اللجان التي ستترأسها، كما ناقشت الأيام البرلمانية العلاقة مع الائتلاف البرلماني المتكون من حزب «قلب تونس» (ليبرالي)، وكتلة ائتلاف الكرامة المؤيد للتيار الإسلامي.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».