الميليشيات تنكل بسكان مناطق التماس مع المحافظات المحررة

عنصر حوثي في صنعاء (إ.ب.أ)
عنصر حوثي في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الميليشيات تنكل بسكان مناطق التماس مع المحافظات المحررة

عنصر حوثي في صنعاء (إ.ب.أ)
عنصر حوثي في صنعاء (إ.ب.أ)

بعد إيقاف الميليشيات الحوثية رواتب مئات الآلاف من الموظفين الحكوميين في مناطق سيطرتها، ومنعها تداول الطبعة الجديدة من العملة الوطنية، بدأت حملة جديدة هدفها التنكيل بسكان مناطق التماس مع مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، سواء تحت دعاوى ملاحقة من يحوزون الطبعة الجديدة من العملة، أو لمنع دخول المشتقات النفطية والغاز المنزلي، لأنها تباع بنصف سعرها في مناطق سيطرة الجماعة الانقلابية.
سكان في مناطق التماس في محافظتي الضالع وإب قالوا لـ«الشرق الأوسط»، إن ممثلي الميليشيات في مناطقهم نفذوا حملات دهم واعتقالات ومصادرة للمحلات التجارية، تحت مبرر البحث عن الطبعة الجديدة من العملة، التي حظرت ميليشيات الحوثي تداولها في مناطق سيطرتها.
وطالت هذه الحملة، وفق السكان، حتى باعة نبتة «القات»، وصادرت ما بحوزتهم من مبالغ مالية، حتى من العملات الأجنبية، وتسببت هذه الممارسات الانقلابية في أزمة سيولة، لأن تعاملات هذه المناطق تتم مع مناطق سيطرة الشرعية، وليس مع مناطق سيطرة ميليشيات الحوثي، إذ يشتري التجار بضائعهم من هناك، كما أن الموظفين الحكوميين يتسلمون رواتبهم من الحكومة الشرعية.
وقال السكان في مديريات دمت وجبن والحشاء التابعة إدارياً لمحافظة الضالع، لكنها تحت سيطرة ميليشيات الحوثي، إنهم يواجهون تهديداً وجودياً «يتمثل في أن اقتصاد هذه المديريات قائم على عائدات القات الذي يباع في مناطق الشرعية، بالطبعة الجديدة من العملة، كما أن الرواتب ترسل من عدن بالطبعة نفسها، فيما الحوثيون يمنعون تداولها، وهو ما جعلهم غير قادرين على استخدام العملة الجديدة لشراء احتياجاتهم».
ورأى السكان في هذه المناطق أن على الميليشيات إلغاء قرار منع تداول العملة الجديدة، أو فتح الطريق إلى مناطق سيطرة الشرعية، حتى يتمكن السكان من التسوق من هناك، وإلا فإن الوضع سيؤدي إلى بروز مقاومة مسلحة ضد الحوثيين من هذه المديريات.
والأمر ذاته يواجهه سكان مناطق محافظة الجوف الذين ترتبط حياتهم المعيشية بمناطق سيطرة الشرعية في مأرب، ويتسلمون رواتبهم من الحكومة الشرعية، ويتزودون بالوقود ومشتقاته من مناطق الشرعية، إذ صادرت الميليشيات ما بحوزتهم من عملات، كما منعتهم من التزود بالوقود والغاز المنزلي من مناطق سيطرة الشرعية بنصف السعر الذي يباع به من قبل سلطة الميليشيات.
ومع التنكيل الذي يتعرض له السكان في مناطق التماس، امتدت الممارسات التعسفية لميليشيات الحوثي إلى عشرات الآلاف من الموظفين والمتقاعدين المدنيين، الذين يتسلمون رواتبهم من الحكومة الشرعية المرسلة إلى مناطق سيطرة الميليشيات، إذ فرضت الجماعة رسوماً على تحويل المبالغ المالية بنسبة 31 ‎في المائة، الأمر الذي جعل هؤلاء يفقدون ثلث رواتبهم الشهرية، رغم ضآلة هذه الرواتب مقارنة بالارتفاع الكبير في أسعار السلع وقيمة الدولار مقارنة بالريال اليمني.
وذكر موظفون لـ«الشرق الأوسط»، أن شركات الصرافة تأخذ ثلث الرواتب التي ترسل لهم من مناطق سيطرة الشرعية إلى مناطق سيطرة الحوثيين، لكنها تفرض نسبة لا تتجاوز الواحد في المائة على أي مبالغ مالية يتم تحويلها من مناطق سيطرة ميليشيات الحوثي إلى مناطق سيطرة الشرعية.
وطالب الموظفون، الحكومة الشرعية، ممثلة بالبنك المركزي اليمني، بوضع حد لمثل هذه الممارسات التي يتعرضون لها على يد شركات الصرافة والتحويلات. وأكدوا أن هناك تلاعباً ومضاربة بالعملة الوطنية بين الطبعة القديمة والطبعة الجديدة، وفارقاً في سعر صرف الدولار بين مناطق سيطرة الجماعة والمناطق المحررة.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».