مصدر أميركي: لا نسعى لإسقاط الأسد بل نريد تغييرات جوهرية في سياساته

«عدة آلاف» من عناصر «حزب الله» ما زالوا في سوريا

بشار الأسد (الشرق الأوسط)
بشار الأسد (الشرق الأوسط)
TT

مصدر أميركي: لا نسعى لإسقاط الأسد بل نريد تغييرات جوهرية في سياساته

بشار الأسد (الشرق الأوسط)
بشار الأسد (الشرق الأوسط)

رغم تردي العلاقات الأميركية - الروسية أكان ذلك بسبب الملف الليبي والاتهامات الأميركية لموسكو بتغذية النزاع هناك عبر مجموعة «فاغنر»، أو المحاولات السيبرانية لقرصنة نتائج الأبحاث المخبرية الأميركية والبريطانية لإيجاد لقاح ضد «كوفيد - 19»، أو بسبب مواقف موسكو في مجلس الأمن مؤخراً فيما خص الملف السوري، فإن المشاورات بين واشنطن وموسكو ما زالت قائمة على قدم وساق.
وأفاد مصدر رسمي أميركي رفيع المستوى، أول من أمس، في إطار لقاء عبر تطبيق «حِواري»، بأن بلاده «مستمرة في التواصل الوثيق مع الطرف الروسي» من أجل التفاهم حول كيفية العمل للعودة إلى القرار الدولي رقم 2254، اقتناعاً منها بأن «الحل العسكري لا يمكن فرضه في سوريا، إذ إنه سيقود إلى طريق مسدود أو الأسوأ من ذلك إلى حرب واسعة النطاق»، مضيفاً أن هناك نوعاً من الإجماع بين أطراف الأسرة الدولية على هذه القراءة.
اللافت في كلام المصدر الأميركي أن واشنطن التي تنظر إلى حدٍّ بعيد إلى الأزمة السورية من خلال نزاعها المفتوح والمعلن مع النظام الإيراني، ما زالت تؤكد أن سياستها إزاء سوريا «لا تركز على الأشخاص الذين هم على رأس الدولة»، (في إشارة إلى الرئيس بشار الأسد)، بل إن ما تسعى إليه هو «دفع النظام إلى إحداث تغيير جوهري وواسع في سياسات الدولة السورية والضغط عليه وعلى حلفائه من أجل إلزامهم بالمضي في تنفيذ مضمون القرار الدولي المشار إليه». وكما هو واضح، لا تتوقف الضغوط الأميركية عند إيران وروسيا وإنما تشمل الدول الأوروبية والعربية وغيرها وأي جهة أخرى والتي تدفعها واشنطن للبقاء بعيداً عن النظام السوري وحرمانه من أي عون مباشر أو غير مباشر من خلال المساهمة في عملية إعادة الإعمار التي لم تَبدُ بعد، ويندرج تحت ذلك «قانون قيصر» بما يتضمنه من عقوبات في هذا الإطار وقد أخذت مفاعيله تظهر «ميدانياً» على الاقتصاد السوري المتهالك. ومن الدلائل الإضافية التي أشار إليه المصدر الأميركي أن النظام الإيراني «أخذ يجد صعوبات في دفع الأموال للمقاتلين» الذين جاءت بهم طهران إلى سوريا إضافةً إلى الصعوبات المالية التي اعترف بها مسؤولو «حزب الله» اللبناني، لجهة انخفاض المخصصات الإيرانية التي كانت تصل إليه دورياً.
في مجمل المقاربة الأميركية، يبقى «حزب الله» في وسطها. فالمسؤول الأميركي اتهمه باستحداث مشكلة إضافية من خلال سعيه لنشر منظومات صاروخية في مناطق جديدة، وفق ما أشارت إليه تسريبات إسرائيلية منها القريبة من قصر بعبدا أو من وزارة الدفاع اللبنانية. والجديد في كلامه أنه يؤكد أن الحزب وإيران يسعيان لإيجاد «تهديد جديد ضد إسرائيل وضد أطراف أخرى جارة للبنان» لم يبين هويتها. وبذلك يخلق «حزب الله» وإيران «دينامية جديدة من شأنها زيادة مخاطر الحرب التي سيكون من شأنها معاقبة الشعب اللبناني وحده».
هل ثمة علاقة مباشرة بين هذا الواقع وبين تذبذب أعداد المقاتلين الممولين إيرانياً على الجبهات السورية وبين ما يقال عن انسحابات لأعداد من هذه الميليشيات من سوريا؟
يرفض المصدر الأميركي إعطاء أرقام دقيقة إنما يؤكد أن هناك «عدة آلاف» من مقاتلي «حزب الله» ما زالوا موجودين على الأراضي السورية، وأن أعدادهم «غير ثابتة»، وثمة «عمليات تبديل تحصل». إلا أن أكثرية أعداد «حزب الله» تتمركز، وفق المعلومات الأميركية، في محيط مدينة حلب وبين العاصمة السورية والحدود اللبنانية وبين دمشق ومرتفعات الجولان. وبالتوازي، فإن العناصر الإيرانية «أقل عدداً من (حزب الله)»، ولكن يتعين أن تضاف إليها الميليشيات التي جاءت بها إيران إلى سوريا ومنها كتيبة من «الحشد الشعبي العراقي» وميليشيا «الفاطميون» وآخرون باكستانيون وميليشيات سوريا تتكفل بها إيران مالياً وهي تتكون من عشرات الآلاف.
يرى المسؤول الأميركي وجود تداخل بين الأزمتين المالية والاقتصادية في لبنان وسوريا. ورغم إعادة تأكيده أن «قانون قيصر» ليس غرضه معاقبة اللبنانيين بل «فقط معاقبة من هو مسؤول عن المجازر التي ارتُكبت بحق الشعب السوري»، فإنه في الوقت عينه «يحذّر» اللبنانيين من أن شراء النفط الإيراني ودفع أثمانه بالعملة اللبنانية يعد مخالفة لقانون العقوبات الأميركي، وبالتالي يتعين على اللبنانيين «الابتعاد عن ذلك»، مضيفاً أنه «ما دام اللبنانيون بعيدين عنه فإنهم لن يتعرضوا لعقوبات قيصر». ولا يحصر المسؤول الأميركي ندرة الدولار في السوق المالية اللبنانية بإقبال النظام السوري على امتصاصها، بل إن ذلك يصح أيضاً على النظام الإيراني الذي كانت تمثل له بيروت مصدراً للحصول على العملة الأميركية. ولكن ما قيمة الأموال بالدولار التي سُحبت من السوق اللبنانية؟ يعترف المصدر الأميركي بأن لديه أرقاماً حول السؤال المذكور إلا أنه يرفض البوح بها مكتفياً بالقول إنه «عندما حُرمت إيران من الولوج إلى السوق المالية الدولية استدارت نحو دمشق وبيروت للحصول عليها».
وأخيراً، فإن المسؤول الأميركي أكد أن بلاده «ليست طرفاً» بالنسبة إلى ملف ترسيم الحدود البرية والبحرية بين لبنان وإسرائيل بل مستعدة لتقديم خدماتها وأنها اليوم في وضعية «الانتظار وترقب ما يحصل»، مضيفاً أن أساس المشكلة «ليس تقنياً»، بمعنى أنه سياسي بالدرجة الأولى.



السودانيون يتداولون أسماء لتولي رئاسة الحكومة المدنية

وصول مساعدات المعونة الأميركية إلى ميناء بورتسودان أمس (أ.ف.ب)
وصول مساعدات المعونة الأميركية إلى ميناء بورتسودان أمس (أ.ف.ب)
TT

السودانيون يتداولون أسماء لتولي رئاسة الحكومة المدنية

وصول مساعدات المعونة الأميركية إلى ميناء بورتسودان أمس (أ.ف.ب)
وصول مساعدات المعونة الأميركية إلى ميناء بورتسودان أمس (أ.ف.ب)

بدأ سباق إعلامي على خلفية التسريبات من الغرف المغلقة حول أسماء المرشحين لتولي منصب رئيس وزراء الحكومة المدنية المرتقبة في السودان، فيما أكدت مصادر موثوقة لـ«الشرق الأوسط»، أن هذا الأمر سابق لأوانه، وأن البعض ربما يحاول تسويق بعض الأسماء، لكن الجهات المعنية بأمر العملية السياسية تتمسك بأن اختيار رئيس الوزراء يحتاج إلى توافق كبير بين الأطراف المختلفة التي تشكل الحاضنة الجديدة للسلطة الانتقالية التي لم تتشكل بعد.
وأفادت المصادر ذاتها بأن موضوع الأسماء غير مطروح في الوقت الحالي لأن العملية السياسية لا تزال في بداياتها ويمكن الحديث عن الترشيحات عقب التوقيع على «الاتفاق الإطاري» بين المدنيين والعسكريين. وأكدت أن «تحالف الحرية والتغيير، والمجموعات الأخرى، لم تبدأ في أي نقاش حول هذا الأمر، لكن هذا لا يمنع أي جهة كانت أن تتقدم بالمرشح الذي تراه مناسباً». وأوضحت أن المرشح لمنصب رئيس الوزراء سيخضع للتشاور بين أطراف كثيرة، وأن الوصول إلى التوافق على شخص لقيادة الحكومة المدنية في هذا الوقت لن يكون سهلاً، لكن ليس أمام قوى الانتقال مفر من التوافق على مرشح يجد قبولاً واسعاً وسط القوى السياسية وحراك الشارع.
ومن بين الأسماء التي ترددت لتولي منصب رئيس الوزراء، طه عثمان، وهو من قيادات تحالف «الحرية والتغيير» التي قادت المفاوضات مع قادة الجيش خلال الفترة الماضية حتى تم التوصل إلى «تفاهمات حول مسودة الوثيقة الدستورية، التي أعدتها نقابة المحامين»، والتي تحدد هياكل وصلاحيات مؤسسات وأجهزة السلطة الانتقالية المتفق عليها.
كما برز اسم وزير المالية الأسبق، إبراهيم البدوي، الذي عمل في حكومة رئيس الوزراء المستقيل، عبد الله حمدوك. وتردد أيضاً اسم وزير العدل الأسبق، نصر الدين عبد الباري، الذي عمل أيضاً في حكومة حمدوك، وتتردد إشاعات بأنه يحظى بدعم مقدر من قوى دولية. وتقول المصادر إنه بصرف النظر عن الأسماء، فلا شك أن هناك مجموعات ضغط (لوبيات) تدفع باتجاه تقديم المرشح الأقوى لرئاسة الحكومة الانتقالية المدنية، التي لا بد أن تتخذ قرارات صعبة، وربما مواجهات سياسية مع أنصار النظام المعزول من الإسلاميين المنتمين إلى حزب المؤتمر الوطني الذي كان يرأسه الرئيس السابق عمر البشير.
لكن غالبية المصادر أشارت إلى أن هذه الترشيحات لا تخرج عن كونها ترويجاً وسباقاً لبعض القوى السياسية والمدنية لرسم المشهد السياسي في البلاد قبل اكتمال العملية السياسية، التي تحتاج إلى خطوات كبيرة للوصول إلى الاتفاق النهائي. وقالت المصادر: «في الوقت الراهن لا يمكن الحديث عن أي حظوظ للأسماء المطروحة للتنافس على المنصب»، لكنها توقعت أن ترتفع وتيرة الحملات الإعلامية في الفترة المقبلة في محاولة للتسويق السياسي لهذه الأسماء.
ونصّت التفاهمات التي توصل إليها تحالف «الحرية والتغيير» مع القيادة العسكرية في البلاد، وفق مسودة الدستور المقترح، على أن يكون رئيس الوزراء ومجلسه من الكفاءات الوطنية المستقلة، بعيداً عن المحاصصات الحزبية، وأن تختارهم القوى السياسية التي ستوقع على «الإعلان السياسي الجديد، مع مراعاة التمثيل العادل للنساء والتنوع العرقي والجهوي دون الإخلال بمبدأ الكفاءة».
وأكد القيادي في تحالف «الحرية والتغيير» ياسر عرمان، في حديث أول من أمس، أن اختيار رئيس الوزراء «يجب أن يتم بالتشاور بين قوى الثورة، بما في ذلك أطراف عملية السلام (الفصائل المسلحة)، بالإضافة إلى قوى الانتقال الديموقراطي». وتنقسم العملية السياسية إلى مرحلتين، الأولى التوقيع على «الاتفاق الإطاري» بما تم التوصل إليه من توافق حول مسودة الدستور، ومن ثم الانتقال إلى المرحلة الثانية بالتوقيع على «الاتفاق النهائي»، الذي يعقبه تشكيل الحكومة التنفيذية.