موقف مصر من التدخل التركي في ليبيا «نقطة تحول» إقليمية

الرئيس السيسي خلال تفقده القوات المسلحة المصرية قرب الحدود مع ليبيا السبت (الرئاسة المصرية)
الرئيس السيسي خلال تفقده القوات المسلحة المصرية قرب الحدود مع ليبيا السبت (الرئاسة المصرية)
TT

موقف مصر من التدخل التركي في ليبيا «نقطة تحول» إقليمية

الرئيس السيسي خلال تفقده القوات المسلحة المصرية قرب الحدود مع ليبيا السبت (الرئاسة المصرية)
الرئيس السيسي خلال تفقده القوات المسلحة المصرية قرب الحدود مع ليبيا السبت (الرئاسة المصرية)

لم يكن الموقف الحازم الذي أعلنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمس (السبت)، إزاء التدخلات التركية على الحدود الغربية لبلاده، تطوراً كبيراً في مجريات الصراع الليبي فحسب، بل شكّل «نقطة تحول في المواجهة الإقليمية» مع المحور التركي - القطري - «الإخواني»، بحسب دبلوماسيين.
هذا «التحول» فرضته «محاولة تركيا حصار مصر من حدودها الغربية، وتجربة القاهرة مع الجماعات التابعة للمحور التركي - القطري التي كانت تسيطر على شرق ليبيا»، بحسب دبلوماسي عربي.
ولفت الدبلوماسي الذي تضطلع بلاده بدور أساسي في الأزمة الليبية، إلى أنه «ليس سراً أن القاهرة لم تكن مرتاحة» للدعم العسكري التركي الآخذ في التزايد لميليشيات «الوفاق» التي يشكل تنظيم «الإخوان» سوادها الأعظم، كما تضم في صفوفها عناصر حركات خرجت من رحم «القاعدة».

منصة لتنظيمات إرهابية
ووفرت ميليشيات تقاتل تحت راية «الوفاق»، المأوى لمطلوبين مصريين إبان سيطرتها وحلفائها على شرق ليبيا، ومنحتهم نقطة انطلاق لعمليات إرهابية استهدفت الجيش والشرطة في مصر، وأدت إلى سقوط عشرات الضحايا خصوصاً في منطقة الواحات.
واعتقلت قوات الجيش الوطني الليبي مؤسس تنظيم «المرابطون» التابع لـ«القاعدة» هشام عشماوي في درنة، وسلمته إلى القاهرة التي نفذت حكماً بإعدامه قبل أسابيع لتورطه في عمليات قتل جنود مصريين قرب الحدود مع ليبيا. كما قُتل مطلوبون مصريون آخرون في شرق ليبيا.

محاولة لـ«حصار» مصر
وأوضح الدبلوماسي العربي لـ«الشرق الأوسط» أن «تكثيف تركيا تجنيد المرتزقة والمتطرفين من الجماعات التابعة لها في سوريا كان مؤشراً مقلقاً لمصر، لكن نقطة التحول الحقيقية تمثلت بإفصاح تركيا علناً عن وجودها العسكري في ليبيا بعد معركة طرابلس، وبدئها بإملاء الشروط على أطراف الصراع، لتمكين حلفائها من التقدم شرقاً لحصار مصر».
هذا التقدم «خط أحمر» بالنسبة إلى القاهرة التي لن تتسامح مع «محاولة حصارها» بوجود تركي على حدودها الأطول، ولن تقبل بتكرار تجربة وجود جماعات مسلحة بامتدادات إقليمية ودولية على مرمى حجر منها، ولهذا شدد السيسي في حديثه على أهمية سرت والجفرة.

أبعاد إقليمية
غير أن الموقف المصري ليس بعيداً أيضاً عن حسابات المواجهة الإقليمية مع مشروع تركيا التوسعي للسيطرة على المنطقة. ولعل هذا بدا ترجمته المواقف العربية الواضحة التي خرجت، أمس، للتشديد على دعم القاهرة، باعتبار تحركها «دفاعاً عن الأمن القومي العربي».
ويرى مسؤول عربي تحدث إلى «الشرق الأوسط» أن «دور مصر سيكون له ما بعده، وسيجبر من يراهنون على سيطرة الميليشيات على ليبيا بدعم أنقرة وأموال الدوحة وفتاوى الإخوان، على مراجعة مواقفهم». وأضاف أن «القاهرة وضعت العصا في عجلة المشروع العثماني الجديد».
وذكّر بأن «المشروع التركي - القطري - الإخواني واجه هزيمته الأكبر في المنطقة على يد مصر في 30 يونيو (حزيران) 2013. ويمكن القول ان 20 يونيو 2020 يمثل علامة فارقة في المواجهة بين مشروع الدولة العربية الوطنية ذات السيادة التي يدعمها الجيش المصري العريق، وبين المخطط الهادف إلى نشر الفوضى الخلاقة والخلافة العثمانية - الإخوانية المزعومة».
وشدد على أن «الجيش المصري قادر على إنهاء عبث تركيا ومرتزقتها وحلفائها المتطرفين في ليبيا وكسر أوهام الخلافة التي يسعى إردوغان لإعادتها بقوة الاحتلال من البوابة الليبية».



سباق بين سلالات حاكمة تاريخية على عرش إيران

أنصار شاه إيران السابق يرفعون صورته وصورة نجله خلال مشاركتهم في مظاهرة للمعارضة أمام مقر البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ الأسبوع الماضي (أ.ب)
أنصار شاه إيران السابق يرفعون صورته وصورة نجله خلال مشاركتهم في مظاهرة للمعارضة أمام مقر البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ الأسبوع الماضي (أ.ب)
TT

سباق بين سلالات حاكمة تاريخية على عرش إيران

أنصار شاه إيران السابق يرفعون صورته وصورة نجله خلال مشاركتهم في مظاهرة للمعارضة أمام مقر البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ الأسبوع الماضي (أ.ب)
أنصار شاه إيران السابق يرفعون صورته وصورة نجله خلال مشاركتهم في مظاهرة للمعارضة أمام مقر البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ الأسبوع الماضي (أ.ب)

وسط غابة خضراء في مكان مجهول، وقف رجل سبعيني ليخاطب الإيرانيين بالفيديو باقتباسات من كبار الشعراء الفارسيين، معلناً أنه «شاه عباس سلجوقي، ملك الملوك وإمبراطور إيران، آخر المتبقين من سلالة السلاجقة، ومن الأتراك الإيرانيين».
قد تبدو مزاعم الرجل في حكم إيران مثار تندر، نظراً إلى أن إمبراطورية السلالة السلجوقية التي يدعي التحدر منها أفلت قبل أكثر من ثمانية قرون. لكنه مجرد متسابق بين كثيرين يحاولون طرح أنفسهم بديلاً للنظام الحالي، في ظل تزايد السخط الشعبي على أدائه.

وتداولت فيديوهات لأشخاص يزعمون انتسابهم إلى السلاسات التي حكمت إيران بعد سقوط الصفوية في القرن الثامن عشر، وبعضهم يرشح نفسه لاستعادة عرش أجداده.
وأصبح الشغل الشاغل للإيرانيين على شبكات التواصل الاجتماعي تتبع أخبار من يتحدرون من السلالات التاريخية التي حكمت بلادهم قبل قرون، عبر فيديوهات مزاعم حق العرش التي تثير دهشتهم أو منشورات ساخرة.

صراع على تركة القاجار

ونشر شخص يدعي بابك ميرزا قاجار يقول إنه يتحدر من السلالة القاجارية التي حكمت البلاد من 1794 حتى 1925، قبل إطاحة آخر ملوكها أحمد شاه قاجار، على يد رئيس وزرائه رضا خان بهلوي الذي جلس على العرش وأسس الحكم البهلوي.
وقبل أيام، أعادت قناة «تي آرتي» التركية في خدمتها الفارسية التذكير بتقرير نشر في عام 2016 يزعم وجود أحد أحفاد السلسلة القاجارية في إسطنبول. ونقلت عمن وصفته بأنه «بابك ميرزا أحد الباقين من سلالة القاجار الإيرانية»: «في هذا التوقيت المضطرب، أرى تقارباً في العلاقة بين تركيا وإيران... أنا قادم من إيران وأتحدث التركية، وأكثر من نصف الإيرانيين قادرون على فهم اللغة التركية».

وتداول مغردون بياناً لـ«رابطة قاجار»، ومقرها جنيف وتقول إنها تمثل أبناء السلالة القاجارية، نفى أي صلة بين بابك ميرزا والقاجار. وقالت الرابطة: «اطلعنا على مزاعم شخص يدعى بابك بيتر بادار ويدعي وراثة العرش والتاج الملكي للقاجاريين، وينوي بهذه الأوهام القيام بأنشطة سياسية. هذا الشخص غير معروف للرابطة وأطلعت على وجوده عبر وسائل الإعلام».
وأضاف بيان الرابطة: «نحن كأسرة القاجار نقف إلى جانب الشعب الإيراني، ونطرد أي شخص يحاول انتحال هوية مزيفة للوصول إلى مصالح شخصية واستغلال الأوضاع الصعبة».

«دار المجانين»

وبينما انشغل الإيرانيون بمتابعة صور وفيديوهات بابك ميرزا، ظهر فيديو الرجل السبعيني الذي وقف في الغابة معلناً أنه «شاه عباس سلجوقي ملك الملوك وإمبراطور إيران».
وكتب مغرد يدعى فريد خان: «بعد بابك ميرزا قاجار، ظهر أمير سلجوقي هو الأمير عباس سلجوقي كبير أسرة السلاجقة ومن دعاة إعادة تأسيس النظام الشاهي في إيران... البلاد تحولت إلى دار المجانين».
وقال مغرد آخر: «الأمير عباس سلجوقي مستعد للتنافس مع أربعة مرشحين من السلالة الصفوية والأفشارية والقاجارية والبلهوية الذين أعلنوا استعدادهم مسبقاً لإعادة تأسيس النظام الشاهي».
وكتبت مغردة تدعى شرارة: «في سباق العودة التاريخي، ظهر أمير سلجوقي... على أمراء السلاسات الأخرى الإسراع لأن الغفلة تؤدي إلى الندم، على رضا بهلوي الانتحار لأن منافسيه يزدادون».
ورضا بهلوي هو نجل شاه إيران السابق الذي يلتف حوله أنصار والده وبعض المشاهير، لطرح بديل لنظام الجمهورية الإسلامية في إيران. لكن نجل الشاه يواجه معارضة من شريحة واسعة بين أبناء الشعوب غير الفارسية، مثل الأكراد والعرب والأتراك والبلوش.
وتأتي الظاهرة الجديدة بينما تحاول السلطات الإيرانية إخماد الاحتجاجات بأساليب من بينها التوسع في عقوبة الإعدام وتنفيذها حتى الآن في أربعة متظاهرين.
وكان لافتاً خلال الأيام الأخيرة نشر فيديوهات من قنوات «الحرس الثوري» تشبه النظام الحالي بالحكم الصفوي الذي حاول منافسة العثمانيين على حكم العالم الإسلامي.