بدانة الأطفال وفيروس «كورونا المستجد»

عامل خطورة على الكبار والصغار

بدانة الأطفال وفيروس «كورونا المستجد»
TT

بدانة الأطفال وفيروس «كورونا المستجد»

بدانة الأطفال وفيروس «كورونا المستجد»

البدانة يمكن أن تأتي، من جهة، نتيجة لجائحة «كورونا»، نظراً إلى الاحتمالات الكبيرة لزيادة الوزن المرتقبة، جراء بقاء الأطفال والمراهقين في المنازل لفترات طويلة، بدون مجهود بدني كافٍ، وزيادة الوزن. ولكن من جهة أخرى، وفي الحقيقة، فإن علاقة البدانة بمرض «COVID- 19» ربما تكون علاقة سببية في المقام الأول، حيث ربطت بعض الدراسات بين البدانة وزيادة فرص الإصابة به لدى البالغين.
- البدانة والإصابة
أحدث هذه الدراسات نشرت في مطلع شهر يونيو (حزيران) من العام الحالي في مجلة «الرابطة الطبية الأميركية لطب الأطفال» (journal JAMA Pediatrics)، وقام بها باحثون من جامعة «كولومبيا» الأميركية، أوضحت أن البدانة ربما تكون من العوامل المهمة لتفاقم حالات الأطفال مرضى «كورونا».
كانت الدراسة قد تم إجراؤها على 50 من الأطفال الأميركيين المصابين بـ«كورونا» بواقع 27 من الذكور و23 من الإناث. وكان هناك طفل واحد فقط قد أصيب بالعدوى من خلال وجوده في العيادة أو المستشفى، بينما تمت إصابة الـ49 الآخرين من خلال التجمعات المجتمعية الأخرى. وكانت حالتهم جميعاً من الشدة بالقدر الذي استلزم دخولهم إلى المستشفيات.
ومن هؤلاء كان هناك 11 طفلاً يعانون من البدانة، وهو ما يماثل 22 في المائة من أطفال الدراسة العلمية، فضلاً عن 8 أطفال عانوا من زيادة في الوزن، وهو ما يعادل 16 في المائة. ومن ضمن 9 أطفال استلزمت حالتهم وضعهم على جهاز التنفس الصناعي، كان هناك 6 أطفال من هؤلاء يعانون من البدانة، وهو ما يماثل نسبة 66 في المائة، وهي نسبة كبيرة جداً، خصوصاً وأن الحاجة للجوء إلى التنفس الصناعي تعد أسوأ مضاعفات تحدث للمريض، وتكون نسب الوفاة مرتفعة جداً في هذه المرحلة الحرجة.
وتعد هذه الدراسة هي الأولى التي رصدت دور السمنة في تطور «كورونا»، أو الإصابة به عند الأطفال.
وأوضح الأطباء أنه على الرغم من ارتفاع معدلات الإصابة في الأطفال الذين يعانون من البدانة، وتعرضهم للمضاعفات، إلا أن المرض أخذ الشكل المعتاد في الإصابة، بمعنى أنه لا توجد إصابات في أي من الأطفال بالتهاب الأوعية الدموية الملازم لـ«كورونا» في بعض الأطفال، والذي يشبه مرض «كاواسكي» الشهير الخاص بالأوعية.
- عامل خطورة
كما أثبتت الدراسة أن للبدانة بالنسبة للأطفال، مثل البالغين، هي عامل خطورة لزيادة فرص الإصابة، حيث تزيد فرص إصابتهم البالغين البدناء بـ«كوفيد - 19»، 3 أضعاف الأشخاص العاديين، وهو الأمر الذي تم رصده من خلال دراسة صينية سابقة على المصابين. ونصح الأطباء بضرورة تجنب الأطفال للبدانة حتى لا تصل النسبة إلى نسبة البالغين نفسها.
وقام الباحثون بتتبع التقارير الطبية لهؤلاء الأطفال، الذين تم علاجهم بداية من نهاية شهر مارس (آذار) وبداية أبريل (نيسان) الماضي، وتبين أن نسبة 18 في المائة منهم عانوا من أعراض حادة، ومعظمهم كانوا في متوسط عمر الـ14.
ومن ضمن هذه الأعراض كان ارتفاع درجة الحرارة هو العرض الأكثر حدوثاً في العينة، ونسبته 80 في المائة، ثم أعراض الجهاز التنفسي مثل السعال وقصر النفس بنسبة بلغت 64 في المائة. وأيضاً كانت هناك نسبة بسيطة بلغت 3 في المائة عانوا من أعراض الجهاز الهضمي، مثل الإسهال وآلام البطن والقيء والإحساس بالامتلاء. وكانت المفاجأة السارة لفريق البحث هي عدم زيادة فرص الإصابة بالفيروس للأطفال الذين يعانون من نقص المناعة لسبب أو لآخر مثل الأورام أو مرض السكرى عن أقرانهم العاديين.
- استجابة للعلاج
أوضح الأطباء أن إقامة الأطفال في المستشفيات لم تستمر لفترات طويلة، ومعظمهم تم خروجهم بعد فترة قصيرة من العلاج، حيث كانت الاستجابة سريعة، وبنسبة عالية، وعلى وجه التقريب تم خروج 76 في المائة من الأطفال بعد 3 أيام فقط من حجزهم، ونسبة بسيطة فقط هي التي تعرضت لمضاعفات سيئة، واحتاجوا لعلاج الجهاز التنفسي بشكل مكثف، بجانب الأدوية، سواء عن طريق الأكسجين في البداية، أو الأطفال التسعة الذين احتاجوا إلى جهاز التنفس الصناعي.
وهناك طفلان فقط ساءت حالتهما بشكل كبير، وتوفي أحدهم بعد أن هبط مستوى الأكسجين في الدم إلى أدنى مستوى، وحدث توقف في عضلة القلب بالسكتة القلبية. ورجح الباحثون احتمالية أن تكون الوفاة في الأغلب نتيجة لجلطة في الشريان الرئوي. ومن المعروف أن مرض «كوفيد - 19» يزيد من احتمالية تكوين الجلطات، وهو السبب الذي يؤدي في الأغلب للوفاة، ما جعل إعطاء الأدوية التي تزيد من سيولة الدم بمثابة روتين في العلاج.
حذر الباحثون من إمكانية أن تؤدى البدانة إلى إصابة الأطفال بأنواع أشد من المرض تختلف عن المتعارف عليه من الأعراض البسيطة، حيث إن البدانة يمكن أن تكون عائقاً أمام التنفس بشكل منتظم، نظراً لإمكانية أن تقوم بعرقلة حركة الحجاب الحاجز بشكل كامل في الشهيق والزفير، ويمكن أيضاً أن يكون للبدانة دور في ضعف المناعة بشكل عام، مما يهيئ الجسم للإصابة بالفيروس، فضلاً عن دور البدانة المعروف في التسبب في مرض السكري من النوع الثاني، وأثره على مناعة الجسم بشكل عام.
وهناك أثر غير مباشر للبدانة من كمية الضغوط النفسية التي تضعها على المراهق، الذي يكون عرضة أكثر من أقرانه للتنمر، مما يمكن أن نعكس بشكل سلبي على الجهاز الدوري والقلب.
ونصحت الدراسة الآباء بضرورة الحفاظ على أطفالهم بصحة جيدة، وتجنب زيادة الوزن، قدر الإمكان، خصوصاً في أوقات الحظر، حيث إنها تعد عاملاً إضافياً من عوامل الخطورة لحدوث المرض.
- استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
TT

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً يأملون أن يشكل بديلاً لأطقم الأسنان أو عمليات الزرع.

على عكس الزواحف والأسماك التي عادة ما تكون قادرة على استبدال أنيابها، من المعروف على نطاق واسع أنّ البشر ومعظم الثدييات الأخرى لا ينمو في فمها سوى مجموعتين من الأسنان. لكن تحت اللثة ثمة براعم نائمة من مجموعة ثالثة، بحسب رئيس قسم جراحة الفم في المركز الطبي التابع لكلية البحوث الطبية في أوساكا، كاتسو تاكاهاشي.

في أكتوبر (تشرين الأول)، أطلق فريقه تجارب سريرية في هذا المستشفى، موفراً لأشخاص بالغين دواء تجريبياً يقول الفريق الطبي إنّه قادر على تحفيز نمو هذه الأسنان المخفية. ويقول تاكاهاشي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إنها تقنية «جديدة تماماً» في العالم.

وغالباً ما يُنظر إلى العلاجات المستخدمة للأسنان المفقودة بسبب التسوس أو الالتهابات على أنها مكلفة وتتطلب تدخلاً جراحياً. ويؤكد تاكاهاشي، قائد المشروع، أن «استعادة الأسنان الطبيعية لها بالتأكيد حسناتها».

وتشير الاختبارات التي أُجريت على فئران وقوارض إلى أن وقف عمل بروتين «أوساغ-1» (USAG-1) يمكن أن يوقظ المجموعة الثالثة من الأسنان، وقد نشر الباحثون صوراً مخبرية لأسنان حيوانات نمت من جديد.

وفي دراسة نُشرت العام الماضي، قال الفريق إن «العلاج لدى الفئران فعّال في تجديد الأسنان، ويمكن أن يشكل اختراقاً على صعيد علاج تشوهات الأسنان لدى البشر».

«ليست سوى البداية»

في المرحلة الراهنة، يعطي أطباء الأسنان الأولوية للاحتياجات «الماسة» للمرضى الذين خسروا ستاً من الأسنان الدائمة أو أكثر منذ الولادة.

ويشير تاكاهاشي إلى أنّ الجانب الوراثي يؤثر على نحو 0.1 في المائة من الأشخاص الذين قد يواجهون صعوبة كبيرة في المضغ، وفي اليابان غالباً ما يمضون معظم مراهقتهم وهم يضعون كمامة لإخفاء الفجوات الواسعة في أفواههم. ويضيف أنّ «هذا الدواء قد يكون نقطة تحوّل لهم»؛ لذلك يستهدف الدواء الأطفال في المقام الأول، ويريد الباحثون إتاحته قبل عام 2030.

ولا يعرف أنغراي كانغ، وهو أستاذ في طب الأسنان لدى جامعة كوين ماري في لندن، سوى فريق واحد آخر يسعى إلى تحقيق الهدف المماثل باستخدام الأجسام المضادة لجعل الأسنان تنمو من جديد أو لإصلاحها.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول الخبير في تكنولوجيا المناعة وغير المنخرط في البحث الياباني، إنّ «مجموعة تاكاهاشي تقود المسار».

ويعتبر كانغ أنّ عمل تاكاهاشي «مثير للاهتمام ويستحق المتابعة»؛ لأنّ دواء للأجسام المضادة يستهدف بروتيناً مطابقاً تقريباً لـ«USAG-1» يُستخدم أصلاً لعلاج هشاشة العظام.

ويضيف: «السباق لتجديد أسنان الإنسان ليس قصيراً، لكنه مجموعة من سباقات الماراثون المتتالية، على سبيل التشبيه». ويتابع: «إنها ليست سوى البداية».

ويرى الأستاذ في علاج جذور الأسنان في جامعة هونغ كونغ، تشينفي تشانغ، أنّ طريقة تاكاهاشي «مبتكرة وتحمل إمكانات».

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «التأكيد على أن البشر يمتلكون براعم أسنان مخفية قادرة على إنتاج مجموعة ثالثة من الأسنان، هو مسألة ثورية ومثيرة للجدل».

ويشير إلى أنّ «النتائج التي لوحظت لدى الحيوانات لا يمكن دائماً ترجمتها بشكل مباشر إلى البشر». ويقول تشانغ إن نتائج التجارب على الحيوانات تثير «تساؤلات بشأن ما إذا كانت الأسنان الجديدة قادرة وظيفياً وجمالياً على أن تحل محل الأسنان المفقودة».

«في قمة السعادة»

يشير تاكاهاشي إلى أنّ موقع السنّ الجديدة في الفم يمكن التحكم به إن لم يكن تحديده، من خلال موقع حقن الدواء.

وفي حال نمت الأسنان في المكان الخطأ فيمكن نقلها عن طريق تقويم الأسنان أو الزرع، على حد قوله.

ولم يشارك أي مريض صغير يعاني من مشكلة خلقية في الأسنان في التجربة السريرية الأولى؛ إذ إن الهدف الرئيس هو اختبار سلامة الدواء لا فاعليته؛ لذا فإن المشاركين في المرحلة الحالية هم بالغون صحتهم جيدة خسروا سناً واحدة على الأقل.

ومع أنّ تجديد الأسنان ليس الهدف الصريح للتجربة هذه المرة، فإن هناك فرصة ضئيلة لحدوث ذلك للمشاركين، بحسب تاكاهاشي.

وإذا نمت أسنانهم، فسيكون الباحثون قد أكدوا أن الدواء فعّال لمَن يعانون من خسارة أسنان، وهو ما سيشكل نجاحاً طبياً. ويقول تاكاهاشي: «سأكون في قمة السعادة في حال حدث ذلك».

وقد تلقى هذه الأنباء ترحيباً خاصاً في اليابان التي تضم ثاني أعلى معدّل من السكان في العالم. وتظهر بيانات وزارة الصحة أن أكثر من 90 في المائة من الأشخاص الذين تتخطى أعمارهم 75 عاماً خسروا سنّاً واحدة على الأقل.

ويقول تاكاهاشي: «ثمة توقّعات عالية بأن تكون تقنيتنا قادرة بشكل مباشر على إطالة متوسط العمر الصحي المتوقع».