برلين ترحّل 180 «متطرفاً» منذ عملية العامري الإرهابية

ميركل سلّمت دول شمال أفريقيا لوائح بمواطنين تريد ألمانيا ترحيلهم

TT

برلين ترحّل 180 «متطرفاً» منذ عملية العامري الإرهابية

منذ الاعتداء الإرهابي الذي نفّذه التونسي أنيس العامري على سوق للميلاد في برلين عام 2016، بدأت ألمانيا زيادة جهودها لترحيل الأشخاص المرفوضة طلبات لجوئهم والمصنفين خطيرين.
وحسبما نقلت صحيفة «سودويتشه تزايتونغ» وتلفزيون «في دي آر» عن متحدث باسم الداخلية الألمانية، فقد رحّلت ألمانيا منذ ذلك الحين 177 مشتبهاً به إلى دولهم. وعلى رأس هذه الدول الجزائر والمغرب وتونس وأفغانستان وتركيا، ومن بين الدول كذلك العراق وباكستان ولبنان والصومال وطاجيكستان.
كانت ألمانيا قد رفضت طلباً للجوء تقدم به العامري عام 2015، إلا أنها امتنعت عن ترحيله إلى بلده رغم تصنيفه أنه خطر وكان قد ارتكب عدداً من الجرائم خلال الأشهر القليلة التي قضاها في البلاد.
ولكنها بدأت تكثف عمليات الترحيل بعد تنفيذ العامري للعملية الإرهابية التي تسببت بمقتل 11 شخصاً وإصابة 55 آخرين تعرضوا للدهس بشاحنة كان يقودها بعد أن سرقها من صاحبها. والعام الماضي وحده، تم ترحيل 54 متطرفاً إلى دولهم.
وحسب صحيفة «سودويتشه تزايتونغ»، فإن ممثلين من سلطات أمنية مختلفة في ألمانيا يجتمعون بشكل دوري في برلين للتشاور في ترحيل متطرفين خطيرين بأسرع طريقة ممكنة إلى دولهم.
ورغم أن هناك قانوناً في ألمانيا يتعلق بترحيل أشخاص يشكّلون خطراً إرهابياً على الدولة، تم تبنيه بعد اعتداءات 11 سبتمبر (أيلول)، فإنه نادراً ما يطبّق. وحسبما نقلت الصحيفة عن مصادر أمنية، فإن عبء إثبات المخاطر التي يمثلها الأشخاص أمام المحكمة كبير جداً، واستخدام هذا القانون لترحيل الخطيرين لا يُعتمد إلا في حالات نادرة. ففي يناير (كانون الثاني) الماضي مثلاً، رفضت محكمة في ولاية ساكسونيا السفلى طلب ترحيل مواطن تركي من غوتينغن، تصنفه السلطات الأمنية متطرفاً. إلا أن المحكمة قالت إنها لم تجد أدلة كافية على ذلك. وتبحث الآن السلطات الألمانية عن سبل أخرى لترحيل الرجل إلى تركيا.
وتستند ألمانيا عادةً لأسباب أخرى لترحيل هؤلاء الأشخاص، مثل تورطهم في جرائم أو رفض طلب لجوئهم. وأحياناً تلعب الدبلوماسية كذلك دوراً في عمليات الترحيل هذه. وذكّرت الصحيفة بأن المستشارة أنجيلا ميركل نفسها سلّمت دول شمالي أفريقيا لوائح بأسماء أشخاص من هذه الدول يعدّون خطيرين في ألمانيا وتودّ الدولة الألمانية ترحيلهم.
وتقول الداخلية الألمانية إن هناك حالياً قرابة الـ600 شخص لا يحملون الجنسية الألمانية مصنفون «خطرين» وهم من المتطرفين الأصوليين. وتصنف كذلك 500 شخص آخر على أنهم «ذات اهتمام»، من بين هؤلاء مؤيدون لجماعات متطرفة أو أئمة متطرفون. ولكن معظم هؤلاء في الفئة الأخيرة يحملون كذلك الجنسية الألمانية ولا يمكن بالتالي ترحيلهم.
وإضافةً إلى هذا، فإن ألمانيا لا يمكنها رفض عودة متطرفين يحملون الجنسية الألمانية، وهذه هي مشكلتها الرئيسية في التعاطي مع مقاتلي «داعش» وعائلاتهم. وهي ترفض حتى الآن استقبال مقاتلي «داعش» الذين يحملون الجنسية الألمانية والقابعين في سجون لدى الأكراد في كردستان العراق. وهي ترفض إرسال دبلوماسيين للقائهم. ولكن في حال تمكن أحد هؤلاء من الوصول إلى قنصلية ألمانية وطلب العودة، فهي لا يمكنها رفض طلبه هذا.
وتتحجج برلين اليوم بعدم وجود روابط دبلوماسية وممثلين لها في كردستان العراق لاستعادة هؤلاء. ولكنها فعلياً تخشى عودتهم لعدم قدرتها على محاكمتهم جميعاً بالضرورة، لعدم حيازتها أدلة على ذلك. ولكنها في المقابل، تستعيد نساء وأطفال هؤلاء المقاتلين، بعد حكم من محكمة محلية أجبرها على ذلك لعيشهم في ظروف سيئة في مخيمات الأكراد.
وغالباً ما تُعتقل نساء المقاتلين الأجانب لدى وصولهن إلى المطار في ألمانيا ويُحاكمن بتهم التورط في الإرهاب. ولكن العقوبات التي تصدر بحقهن هي غالباً عقوبات خفيفة، لا تتعدى السجن لبضعة سنوات يخرجن بعدها ليتابعن حياتهن بشكل عادي في ألمانيا. وتحاول السلطات تجنيب تطرف الأطفال العائدين من مناطق القتال، كذلك من خلال برامج اجتماعية وضعتها مؤخراً لهذا الهدف.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».