«عاصفة السيتوكين»... متلازمة مرتبطة بكورونا تصيب الأطفال وتهدد حياة البالغين

طفلان يرتديان كمامتين خوفاً من فيروس كورونا (أرشيف - رويترز)
طفلان يرتديان كمامتين خوفاً من فيروس كورونا (أرشيف - رويترز)
TT

«عاصفة السيتوكين»... متلازمة مرتبطة بكورونا تصيب الأطفال وتهدد حياة البالغين

طفلان يرتديان كمامتين خوفاً من فيروس كورونا (أرشيف - رويترز)
طفلان يرتديان كمامتين خوفاً من فيروس كورونا (أرشيف - رويترز)

تشير دراسة جديدة إلى أن الأطفال الذين تصيبهم حالة التهابية نادرة ومهددة للحياة مرتبطة بفيروس «كورونا» قد يعانون مما يسمى «عاصفة السيتوكين»، المسؤولة عن وفاة العديد من المرضى البالغين، وفقاً لصحيفة «ديلي ميل» البريطانية.
ولا يصاب كثير من الأطفال بفيروس «كورونا المستجد»، ولكن في أبريل (نيسان)، ظهرت لدى الأطفال نتائج اختبارات إيجابية ترتبط بـ«كوفيد - 19»، وأعراض تشبه إلى حد كبير «متلازمة كاواساكي».
والمتلازمة هي حالة نادرة تصيب الأطفال، وتتميز بالتهاب محتمل يهدد الأوعية الدموية، وعادة ما يسبقه حمّى وطفح جلدي.
ولم يكن الأطباء متأكدين مما يجب عليهم فعله لمعرفة العلاقة الواضحة بين المتلازمة و«كورونا»، لكن الاتصال كان قوياً بما فيه الكفاية، والأعراض خطيرة بما يكفي لدرجة أن مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها أصدرت تحذيراً للأطباء بخصوصها.
والآن، أصدر الأطباء في كلية طب «ماونت سيناي» الأميركية أحد التقارير التفصيلية الأولى حول الظاهرة.
ومن تقريرهم عن أربعة من هؤلاء المرضى، يبدو أن الأطفال أطيبوا بعاصفة «السيتوكين» التي يمكن أن تتحول إلى مميتة، حتى بعد شفائهم من «كورونا».
ولا شك في أن عبء الفيروس التاجي هو الأثقل على المرضى الأكبر سناً.
وحتى الآن، أصيب أكثر من 16 ألف شخص تتراوح أعمارهم بين 24 عاماً أو أقل بـ«كورونا».
وبالنسبة لمعظم الأطفال، تكون العدوى خفيفة أو حتى بدون أعراض.
لكن 19 طفلاً على الأقل، يبلغون من العمر 14 أو أقل، توفوا بسبب الفيروس وفقًا لـ«مركز السيطرة على الأمراض»، بالإضافة إلى 93 آخرين تتراوح أعمارهم بين 15 و 24 عاماً.
وتم تشخيص ما لا يقل عن 100 طفل أميركي بحالة تشبه كاواساكي إلى جانب «فيروس كورونا»، وبرزت هذه الظاهرة في أوروبا والمملكة المتحدة أيضًا.
ويشير الأطباء الآن إلى أنها متلازمة الالتهاب متعدد الأنظمة لدى الأطفال (بي إم آي إس)، ويتدافعون لمعرفة كيف يمكن أن يسببها الفيروس التاجي وكيفية علاجها.
وظهرت لدى أربعة أطفال - تتراوح أعمارهم بين 15 و12 و5 و10، أعراض تتناسب مع «بي إم آي إس»، في غرفة الطوارئ مستشفى «ماونت سيناي» بين نهاية أبريل (نيسان) وبداية مايو (أيار).
وجاء جميع الأطفال الأربعة إلى المستشفى وهم مصابون بالحمى التي استمرت ليوم واحد على الأقل.
وكان لديهم أيضاً شكل من أشكال اضطراب المعدة، بما في ذلك الإسهال والألم أو فقدان الشهية. وعانى بعضهم من ضربات قلب سريعة وخطيرة.
وقد ظهرت نتائج فحوصات «فيروس كورونا» سلبية للأطفال الأربعة، ولكن كانت نتائج اختبار الأجسام المضادة أتت إيجابية. وأظهر أحد الأطفال نتائج إيجابية لـ«كورونا»، قبل أكثر من أسبوعين.
وقبل الدخول إلى المستشفى، كان الأطفال يتمتعون بصحة جيدة، ولكن في نهاية المطاف انتهى بهم الأمر في وحدة العناية المركزة، حيث كانوا بحاجة إلى دعم طبي يتناول وظائف الرئة ومستويات بروتينات الدم المختلفة.
وكان لديهم «بي إم آي إس» ومتلازمة الصدمة السامة ومستويات عالية من علامات الالتهاب في الدم.
وفي الدراسة التي نُشرت في «المجلة الأميركية للطب المعدي»، قال الأطباء إن الأطفال الأربعة جميعهم لديهم نفس علامات «عاصفة السيتوكين» - وهو التهاب ناتج عن استجابة مناعية كبيرة - شوهدت لدى المرضى البالغين الذي يعالجون من «كورونا» في المستشفيات.
في الواقع ، كان ثلاثة من هؤلاء الأطفال الأربعة مصابين بـ«كورونا» من قبل دون أن يُظهِروا أعراضاً. ولكن في وقت لاحق، مرضوا بشدة.
ويشك الأطباء الآن في أن مستقبلات «إيه سي إي 2» الموجودة على سطح الرئة والأوعية الدموية والخلايا الأخرى، التي يدخل من خلالها فيروس التاجية، لم يتم تطويرها بالكامل بعد لدى الأطفال، مما قد يفسر جزئياً حالات العدوى الخفيفة.
واقترحت دراسة حديثة أخرى أن الأطفال لديهم مستويات منخفضة من الإنزيم الموجود لدى البالغين، الذي يساعد الفيروس بالفعل على دخول خلايا الرئة، مما يعني أن أجسام الأطفال لا تفعل سوى القليل لتغذية العدوى.
وكتب باحثو كلية «ماونت سيناي»: «من المحتمل أن متلازمة السيتوكين التي تصيب الأطفال بعد الإصابة بـ(كورونا) هي ظاهرة ما بعد العدوى المرتبطة برد فعل الأجسام المضادة في أجسامهم».


مقالات ذات صلة

صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تعلمت البشرية من جائحة «كورونا» أن لا شيء يفوق أهميةً الصحتَين الجسدية والنفسية (رويترز)

بعد ظهوره بـ5 سنوات.. معلومات لا تعرفها عن «كوفيد 19»

قبل خمس سنوات، أصيبت مجموعة من الناس في مدينة ووهان الصينية، بفيروس لم يعرفه العالم من قبل.

آسيا رجل يرتدي كمامة ويركب دراجة في مقاطعة هوبي بوسط الصين (أ.ف.ب)

الصين ترفض ادعاءات «الصحة العالمية» بعدم التعاون لتوضيح أصل «كورونا»

رفضت الصين ادعاءات منظمة الصحة العالمية التي اتهمتها بعدم التعاون الكامل لتوضيح أصل فيروس «كورونا» بعد 5 سنوات من تفشي الوباء.

«الشرق الأوسط» (بكين)

صفعات وضرب بالهواتف والمأكولات... بعض هدايا جمهور الحفلات إلى المغنِّين

المغنية الأميركية بيبي ريكسا مصابة بجرح في الحاجب بعد أن رماها معجب بهاتفه (إنستغرام)
المغنية الأميركية بيبي ريكسا مصابة بجرح في الحاجب بعد أن رماها معجب بهاتفه (إنستغرام)
TT

صفعات وضرب بالهواتف والمأكولات... بعض هدايا جمهور الحفلات إلى المغنِّين

المغنية الأميركية بيبي ريكسا مصابة بجرح في الحاجب بعد أن رماها معجب بهاتفه (إنستغرام)
المغنية الأميركية بيبي ريكسا مصابة بجرح في الحاجب بعد أن رماها معجب بهاتفه (إنستغرام)

خلال إحدى حفلاته الأخيرة في بيروت، فوجئ المغنّي السوري «الشامي» بأحد الحاضرين الذي صعد إلى المسرح ووجّه إليه حركة نابية، بعد أن رفض الفنان الشاب ارتداء الكوفيّة نزولاً عند رغبة المعجب. أثارت تلك الحادثة الاستغراب، فبعد أن كان المعجبون يقتحمون خشبات المسارح لاستراق قبلة أو صورة مع مطربيهم المفضّلين، ها هم يحطّمون الحواجز الأخلاقية بينهم وبين الفنان.

لكن إذا كانت تلك التصرّفات العدائية من قبل المعجبين تجاه الفنانين طارئة على العالم العربي، فهي تُعد سلوكاً رائجاً في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا منذ عام 2021، وتحديداً بعد عودة الحفلات الموسيقية عقب جائحة «كورونا».

تعرَّض المغني الشامي قبل أسابيع لحركة نابية من معجب اقتحم المسرح (إنستغرام)

هاتف وسِوار على وجهَي ريكسا وأيليش

قبل أسابيع، وخلال حفلٍ لها في أريزونا، التقطت عدسات الكاميرا الفنانة الأميركية الشابة بيلي أيليش وهي تتلقّى سواراً على وجهها. بدت أيليش ممتعضة من هذا التصرّف الذي قام به أحد الحاضرين، فما كان منها إلا أن رمت السوار جانباً. أيليش، محبوبة الجيل الصاعد، معتادة على مواقف كهذا؛ في عام 2019 جرى تطويقها من قبل مجموعة من المعجبين؛ حيث حاول أحدهم خنقها بينما سرق آخر خاتمها.

قبل أيليش، تعرَّض عدد كبير من الفنانين لاعتداءات بأغراضٍ من العيار الثقيل، وأكثر أذى من مجرّد سوار. كان على المغنية بيبي ريكسا التوجّه من حفلها في نيويورك إلى المستشفى مباشرة، بعد أن رماها شخصٌ من بين الحضور بهاتفه على وجهها. وفي وقتٍ ظهرت ريكسا بعد الإصابة مجروحة الحاجب، جرى توقيف المعتدي الذي قال إنه تصرّف على هذا النحو آملاً في أن تلتقط الفنانة صوراً بهاتفه.

دجاج مقلي ومشروبات ورماد موتى

من بين الحوادث الصادمة، الصفعة التي تلقّتها المغنّية آفا ماكس من شخصٍ صعد إلى المسرح، بينما كانت تؤدّي أغنية خلال حفل لها في لوس أنجليس. أما المغنّي هاري ستايلز فكانت حصّته من هذه الظاهرة المستجدة قطعة دجاج مقلي أصابت عينه خلال إحدى حفلاته.

إلى جانب الهواتف التي نال مغنّي الراب دريك نصيبه منها كذلك خلال حفل في شيكاغو عام 2023، غالباً ما يلجأ الحضور إلى رمي الفنانين بالدّمى، وقطع الملابس، والمأكولات، والمشروبات. هذا ما حصل مع المغنية كاردي بي التي وجّه إليها أحد حاضري حفلها في لوس أنجليس كوباً من المشروب، فما كان منها سوى أن رمته بالميكروفون. إلا أن صدمة المغنية بينك كانت الأكبر من بين زملائها، فخلال إحيائها حفلاً في لندن، قام فردٌ من الحضور بنَثر رماد والدته المتوفّاة على المسرح!

مغنية الراب كاردي بي تضرب معجباً بالميكروفون بعد أن رماها بالمشروب (يوتيوب)

إن لم يتطوّر الأمر إلى رمي الفنان بأداة ما، غالباً ما يلجأ الحاضرون مفتعلو المشكلات إلى حِيَل أخرى، كتصويب فلاشات الكاميرا إلى وجه المغنّي بهدف إزعاجه، أو كالصراخ والسعي إلى الانخراط في محادثة معه.

في المقابل، يلوم بعض متابعي هذا المشهد المستجدّ الفنانين أنفسهم، على اعتبار أنّ بعضهم يعمد إلى رمي الجمهور بأغراض خاصة به، مثل القبعات والملابس والنظارات، ما دفع بالحضور إلى اكتساب تلك العادة والقيام بالمثل.

يلجأ بعض حضور الحفلات إلى إزعاج المغنِّين بالصراخ أو بفلاشات الكاميرات (رويترز)

لماذا يعنّف الجمهور الفنانين؟

* كورونا وعزلة الحَجْر

إذا كان الجمهور في الماضي يرمي الفنان بالبيض أو الطماطم في حال لم يعجبه الأداء، فإنّ وسائل التعبير وأسباب الامتعاض تبدّلت كثيراً على أيادي «الجيل زد». يعزو خبراء العروض الموسيقية وعلماء النفس والاجتماع تفاقم تلك الظاهرة في السنوات الأخيرة، إلى الحجْر الذي فرضته جائحة «كورونا». بسبب العزلة وتوقّف العروض الترفيهية المباشرة، نسي بعض الناس لياقة التصرّف وأدبيّات السلوك خلال الحفلات، ولا سيما منهم الجيل الصاعد.

* أوهام السوشيال ميديا وأرقامُها

السبب الثاني الذي جعل المعجب يرفع الكلفة مع الفنان، ويعد نفسه متساوياً معه محطّماً الحواجز كلها، هي وسائل التواصل الاجتماعي التي أوهمت الجمهور بأنّ الفنان صديق له، وبأنّ ما بينهما معرفة ومشاعر حقيقية وليست افتراضية. يظنّ المعجبون أنهم بمتابعتهم للفنان، وبمعرفتهم أموراً كثيرة عنه، قد كسروا جدار البروتوكول، ونالوا اهتمام الشخصية المشهورة.

تتحمّل «السوشيال ميديا» كذلك مسؤولية تحويل الحفلات الموسيقية إلى عروضٍ من العنف ضد الفنان، بسبب هوَس الجيل الصاعد بمفهوم «التريند» وتجميع المشاهدات، ولا سيما على «تيك توك». يسعى الحاضرون إلى افتعال تلك المواقف النافرة بهدف أن يصيروا جزءاً من العرض، وأن ينشروا بالتالي فيديوهات لتلك اللحظات الغريبة على أمل أن تنال الرواج على المنصة، فيدخلون بدَورهم نادي المشاهير، ولو لأيام قليلة.

* حقدٌ ماليّ

من بين الأسباب التي حوّلت حفلات أشهر الفنانين إلى عروض من العنف، أسعار البطاقات التي قد تكون خيالية في بعض الأحيان. يلجأ الحاضرون إلى التعبير عن امتعاضهم من الغلاء، بأن ينتقموا على طريقتهم من الفنان. وما يزيد الأمر سوءاً ويستفزّ البعض، ظهور الفنانين أمام الناس وهم يرتدون الملابس والحلي ذات الأثمان الباهظة والماركات العالمية.

يترافق ذلك وقناعة لدى أفراد الجمهور الذين يقومون بأعمال نافرة، بأنّ عشقَهم للشخصية المشهورة يبرر العنف ضدّها إن لم تبادلهم الاهتمام؛ خصوصاً إذا أنفقوا الكثير من أموالهم لشراء بطاقات الحفل. فبعض الجمهور يذهب في إعجابه إلى حدّ اعتبار أنّ أي شيء مبرّر من أجل الحصول على لفتة انتباه أو نظرة من الفنان، حتى وإن اضطرّه ذلك إلى افتعال مشكلة أو ضرب المغنّي بأداة حادّة!

يعد بعض جمهور الحفلات كل التصرفات مبررة من أجل لفت انتباه الفنان (رويترز)

أدبيات سلوك الحفلات

من ليدي غاغا، إلى دوا ليبا، مروراً بجاستن بيبر، وكولدبلاي، وليس انتهاءً بمايلي سايرس وتايلور سويفت؛ لم ينجُ أحد من اعتداءات الجمهور الغريبة. فرض ذلك اتّخاذ مواقف من قبل الفنانين تجاه ما يحصل، فخلال إحدى حفلاتها في لوس أنجليس رفعت المغنية البريطانية أديل الصوت قائلة: «هل لاحظتم كم نسي الناس أخلاقيات الحفلات؟ إذا تجرّأ أحد على أن يرميني بغرض ما، فسأقتله».

أما رابطة معجبي تايلور سويفت، فقد ابتكرت دليلاً لأدبيّات السلوك في الحفلات، خوفاً على محبوبتهم من التعدّيات. مع العلم بأنّ المغنية الأميركية الشابة كانت قد نالت نصيبها من تلك التصرفات، وقد عاشت إحدى أكثر اللحظات غرابة، عندما هجم أحد المعجبين باتّجاه المسرح، وحاول التقاط قدمِها بينما كانت تغنّي، قبل أن يلقي عناصر الأمن القبض عليه.