صلاح ستيتية... {الجسر بين ضفتين} رحل محبطاً من «ربيع» لم يزهر

الشاعر اللبناني توفي في باريس عن 91 عاماً

صلاح ستيتية... {الجسر بين ضفتين} رحل محبطاً من «ربيع» لم يزهر
TT

صلاح ستيتية... {الجسر بين ضفتين} رحل محبطاً من «ربيع» لم يزهر

صلاح ستيتية... {الجسر بين ضفتين} رحل محبطاً من «ربيع» لم يزهر

على عكس الكثير من الشعراء، كان صلاح ستيتية يحيا كما يكتب. وهو من القلة الذين لم يعتبروا الشعر انزواء، ووحدانية واعتكافاً، بل على العكس، نشر ديوانه الأول متأخراً بعد حياة دبلوماسية طويلة، صاخبة، واجتماعية كثيفة. وهو من الذين أحبوا المؤتمرات، والندوات، والأمسيات، ولعبت علاقاته الثقافية دوراً رئيسياً في حياته، إن لجهة تأثره بالكثير ممن تعرف إليهم وتفاعله الحيوي مع أعمالهم، أو لتساعده هذه الشبكة مع شعراء آخرين، في تعزيز حضور الشعر والدفاع عن دوره.
وبرحيل الشاعر اللبناني صلاح ستيتية عن عمر 91 عاماً، في مغتربه الفرنسي، وهو الذي لم يكتب أبداً إلا بلغة موليير، صفحة فرنكوفونية تطوى، بعد أن لعب دوراً محورياً فيها إلى جانب أدباء لبنانيين من جيله مثل فينوس خوري غاتا، ربما حتى الفرنسيون أنفسهم لا يعرفون قدرها، وهذا محزن.
ومع أن ستيتية نال الكثير من الجوائز المرموقة، وقدّر في الأوساط الثقافية والشعرية والأكاديمية، إلا أنه لم يصبح شاعراً معروفاً في البلاد التي كتب بلغتها وأعطاها من روحه، بقدر ما يتداول اسمه، في بلده الأم لبنان.
هو ابن بيروت، ومولود فيها عام 1929، حرص والده على أن يتعلم الفرنسية بطلاقة منذ طفولته واختار له مدرسة تحقق له هذا الطموح، ثم التحق بالجامعة اليسوعية لدراسة الحقوق، وحصل على منحة أهّلته للسفر وإكمال دراسته في السوربون في مجال «سوسيولوجيا الإسلام»، وتتلمذ هناك على يد المستشرق الشهير لويس ماسينيون مترجم الحلاج وابن عربي إلى الفرنسية، وعلى يديه تعمق بالصوفية وكان لتأثير هذين المتصوفين على كتابته بعد ذلك، ما لفت النقاد. ورأى ستيتية في هذا الجانب الصوفي لديه، ما يوازن صرامة الدبلوماسية، ويشذّب جلافة الحياة اليومية التي يعيشها بكليته. وستيتية إلى جانب الشعر الكلاسيكي العربي كان مفتوناً بالشعر الحديث ومتابعاً حثيثاً لنتاجاته، وصديقاً لرواده.
وكان صلاح ستيتية الطفل، قد لفت مدير مدرسته غابرييل بونور لتفوقه ونباهته؛ وهو ما دفعه ليتدبر له أمر المنحة الفرنسية. وممن تأثر بهم في هذه الفترة اللبنانية المبكرة الأديب بالفرنسية جورج شحادة الذي كان لشعره سطوة عليه وهيبة. وبعد عودة ستيتية من فرنسا، التحق بالخارجية اللبنانية ليصبح سفيراً لبلاده في اليونيسكو، ومن ثم في هولندا والمغرب. حياة دبلوماسية طويلة، تركت أثرها عليه، بالتأكيد، لكنه في الأربعينات من عمره، كسر الحاجز الذي كان قد جعله يهاب الشعر وأصدر ديوانه الأول «الماء البارد المحفوظ» 1972 ولقيت القصائد صدى كبيراً ومشجعاً في فرنسا. وكرّت الدواوين ومؤلفات في مجالات متنوعة. فالرجل إضافة إلى كونه شاعراً، هو ناقد، باحث، وكاتب مقال ومترجم أيضاً. إذ إنه ترجم قصائد عربية إلى الفرنسية لكثير من الكتاب مثل أدونيس والسياب، وكذلك جبران خليل جبران.
وإذا كان من دور رئيسي لعبه باستمرار، وبكثير من الاندفاع، فهو اعتبار نفسه جسراً بين ضفتين، ولغتين، بل وحضارتين. ولذلك؛ فهو رغم إصراره على أنه بيروتي، من بين المسلمين القلة من جيله في ثلاثينات القرن الماضي الذين تلقوا تعليماً فرنسياً، فإنه بقي يذكّر بأنه ابن محمود ستيتية الشاعر الكلاسيكي، والعلاّمة في اللغة الذي كان يقصد لمعارفه اللغوية العربية، وأنه من هنا نهل، ومن أرض وطنه الأم اكتنزت مخيلته بالصور، ولا وعيه بالاستعارات التي شكلت مادته الشعرية الأولى. لكن ستيتية هو أيضاً إنساني، كان يعرف أن دوره الأول هو مد جسور الحوار، والانفتاح على قيم التسامح. وكتبه ودواوينه بالفرنسية ترجمت إلى العربية من قبل كتاب عدة، مثل مصباح الصمد، أدونيس، عيسى مخلوف، مروان فارس وآخرين، وهو ما يدلل على الاهتمام اللبناني بالشاعر المغترب. لكن كتبه بالفرنسية ترجمت أيضا إلى لغات كثيرة، وفتحت لها آفاقاً أبعد من فرنسا وأوروبا.
وبقي صلاح ستيتية رغم إقامته الباريسية الطويلة، يحرص على أن يطل على قرائه في لبنان، فكان ضيفاً دائماً على معارض الكتب والأنشطة الفرنكوفونية، وموقّعاً مدمناً على كتبه الجديدة.
وفي مذكراته «حفلة جنون» التي صدرت عام 2014 حكى بإسهاب عن فترة المخاض الثقافي التي عاشها في بيروت قبل سفره، وكأنما به حنين إلى الطفولة، وكتب عن لقائه في تلك الفترة بالكبير أندريه جيد الذي جاء إلى بيروت بدعوة من مدير مدرسته غبريال بونور. وحاز الكتاب جائزتين كبيرتين، هما: جائزة سان سيمون الكبرى (ترأسها المؤسسة الفرنسية بإشراف غبريـال دو بروغلي من «الأكاديمية الفرنسية»)، وجائزة جان جاك روسو الكبرى «الفرنسية - السويسرية».
في قصائده كما في نثره، بقي ستيتية شاعرياً، وفي الفرنسية بقي عربياً، يحب أن يكرر ما قاله عنه أدونيس يوماً، أنه «شاعر عربي بالفرنسية». كان يعجب بهذا مع أنه يكره الكلام عن إقامته في غربة أو في منفى. يعتبر أن الفرنسية عاش معها وبها، وأنها لازمته حتى ذاب فيها. شديد الاعتزاز بصداقاته التي حاكها على مرّ السنين، بالكبار الذين رافقهم، فقد عرف رينيه شار، وبروتون، وبيكاسو، ويشار كمال، ونجيب محفوظ، وأوكتافيو باث، وكاتب ياسين، وبراك، وأليشنسكي، ومحمود درويش، وجان بول سارتر، وألبير كامو، وسيمون دو بوفوار.
وحرص ستيتية على علاقة خاصة جمعته بالكثير من الرسامين التشكيلين منذ كان في بيروت، وهو ما حمّسه دائماً لأن يقرن كلمته بلوحة، أو أن يكون عملاً فنياً مصدر إلهامه. ويوجد عشرات الكتب الفنية التي شارك فيها الشاعر محباً لهذا النوع من التزاوج الإبداعي. وله مقتنيات فنية بالمئات، عرض جزءاً منها في متحف «بول فاليري» في مدينة ست الفرنسية، ومن ثم انتقلت إلى «المكتبة الوطنية» في باريس. وقد أراد لهذه المجموعة أن تعرض في حياته، وأن يقام لها مزاد علني في وجوده.
من نتاجاته «حمّى الأيقونة وشفاؤها» ترجمة (رواد طربيه)، و«قراءة امرأة» ترجمة (مصباح الصمد)، وله أيضاً «أجزاء قصيدة» ترجمة (مروان فارس)، وكتب أخرى كثيرة مثل «حملة النار»، كما مقالات في الكثير من المجلات الأدبية. وصدرت مجموعته الشعرية الكاملة عن «دار الفارابي»، وله «صيف الغمام العظيم»، و«ابن الكلمة»، و«تعاكس الشجرة».
رحل حزيناً صلاح ستيتية، فقد خذله الربيع العربي، وبقيت فلسطين حسرة في قلبه، وحال لبنان المتردي لم يسعفه بأمل. وهو على أي حال لم يكن بعيداً عن كل ما يحدث حين كتب:
من يُنقذُ هذه البلاد
من جَلْجَلة جنودٍ يتقدَّمون تحت لواء النصر
ليخطَفوا الماءَ الباردَ المحروس ويأْخذوه؟
أَيها النُّورُ النَّهرُ - يا نُــوري
أَيها العَذْبُ العاري
وفوقكَ سماءٌ صلبة
هي السماءُ الأُخرى
لا تلك الإِسفنجة الزرقاء.



اهتمام «سوشيالي» واسع بنبيل الحلفاوي إثر مرضه

الفنان نبيل الحلفاوي (إكس)
الفنان نبيل الحلفاوي (إكس)
TT

اهتمام «سوشيالي» واسع بنبيل الحلفاوي إثر مرضه

الفنان نبيل الحلفاوي (إكس)
الفنان نبيل الحلفاوي (إكس)

حظي الفنان المصري نبيل الحلفاوي باهتمام واسع على «السوشيال ميديا» إثر مرضه، وانتقاله للعلاج بأحد مستشفيات القاهرة، وتصدر اسم الفنان «الترند» على «إكس» في مصر، الجمعة، بعد تعليقات كثيرة من أصدقائه ومتابعيه على منصة «إكس»، داعين له بالسلامة، ومتمنين له سرعة الشفاء والعودة لكتابة «التغريدات».

صورة للفنان نبيل الحلفاوي (متداولة على إكس)

واشتهر الحلفاوي بنشاط تفاعلي على منصة «إكس»، معلقاً على العديد من القضايا؛ سواء العامة أو السياسية أو الفنية، أو الرياضية بالتحديد، بوصفه واحداً من أبرز مشجعي النادي الأهلي المصري.

وكتب عدد من الفنانين داعين للحلفاوي بالسلامة والتعافي من الوعكة الصحية التي أصابته والعودة لـ«التغريد»؛ من بينهم الفنان صلاح عبد الله الذي كتب على صفحته على «إكس»: «تويتر X ما لوش طعم من غيرك يا بلبل»، داعياً الله أن يشفيه.

وكتب العديد من المتابعين دعوات بالشفاء للفنان المصري.

وكان بعض المتابعين قد كتبوا أن أسرة الفنان نبيل الحلفاوي تطلب من محبيه ومتابعيه الدعاء له، بعد إصابته بأزمة صحية ونقله إلى أحد مستشفيات القاهرة.

ويعد نبيل الحلفاوي، المولود في القاهرة عام 1947، من الفنانين المصريين أصحاب الأعمال المميزة؛ إذ قدم أدواراً تركت بصمتها في السينما والتلفزيون والمسرح، ومن أعماله السينمائية الشهيرة: «الطريق إلى إيلات»، و«العميل رقم 13»، ومن أعماله التلفزيونية: «رأفت الهجان»، و«لا إله إلا الله»، و«الزيني بركات»، و«غوايش»، وفق موقع «السينما دوت كوم». كما قدم في المسرح: «الزير سالم»، و«عفريت لكل مواطن»، و«أنطونيو وكليوباترا».

نبيل الحلفاوي وعبد الله غيث في لقطة من مسلسل «لا إله إلا الله» (يوتيوب)

ويرى الناقد الفني المصري أحمد سعد الدين أن «نبيل الحلفاوي نجم كبير، وله بطولات مميزة، وهو ممثل مهم لكن معظم بطولاته كانت في قطاع الإنتاج»، مستدركاً لـ«الشرق الأوسط»: «لكنه في الفترة الأخيرة لم يكن يعمل كثيراً، شارك فقط مع يحيى الفخراني الذي قدّر موهبته وقيمته، كما شارك مع نيللي كريم في أحد المسلسلات، فهو ممثل من طراز فريد إلا أنه للأسف ليس اجتماعياً، وليس متاحاً كثيراً على (السوشيال ميديا). هو يحب أن يشارك بالتغريد فقط، ولكن لا يتفاعل كثيراً مع المغردين أو مع الصحافيين. وفي الوقت نفسه، حين مر بأزمة صحية، وطلب المخرج عمرو عرفة من الناس أن تدعو له بالشفاء، ظهرت مدى محبة الناس له من أصدقائه ومن الجمهور العام، وهذا يمكن أن يكون فرصة لمعرفة قدر محبة الناس للفنان نبيل الحلفاوي».