الأزمة المالية تهدد مستشفيات لبنان بالإقفال

مطالبات بحصولها على مستحقاتها من الدولة... وتشكيك وحديث عن فواتير وهمية

إضراب نفذه موظفون في مستشفى «الأمل» العام الماضي للمطالبة بصرف مستحقاتهم (الوكالة الوطنية)
إضراب نفذه موظفون في مستشفى «الأمل» العام الماضي للمطالبة بصرف مستحقاتهم (الوكالة الوطنية)
TT

الأزمة المالية تهدد مستشفيات لبنان بالإقفال

إضراب نفذه موظفون في مستشفى «الأمل» العام الماضي للمطالبة بصرف مستحقاتهم (الوكالة الوطنية)
إضراب نفذه موظفون في مستشفى «الأمل» العام الماضي للمطالبة بصرف مستحقاتهم (الوكالة الوطنية)

في خضمّ مواجهة أزمة وباء «كورونا» والوضع الاقتصادي المتأزم في لبنان، برزت مشكلة جديدة تهدد القطاع الاستشفائي وتحديداً المستشفيات الخاصة التي بات عدد منها معرضاً للإقفال نتيجة الأزمات المتلاحقة وعدم حصولها على مستحقاتها من الدولة التي وصلت إلى ألفي مليار ليرة (نحو مليار و333 ألف دولار بسعر الصرف الرسمي)، وهو الرقم الذي يشكك فيه البعض، عادّاً أن جزءاً كبيراً منه عبارة عن فواتير وهمية إضافة إلى الأرباح الهائلة التي تجنيها المستشفيات.
وأول من حذّر من هذه الأزمة كان رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان، متحدثاً عن «أسبوع صحي كارثي». وكتب في حسابه على «تويتر»: «ينذر الأسبوع بكارثة في القطاع الاستشفائي الخاص؛ حيث بلغت ديون الدولة للقطاع ذروتها، وارتفعت كلفة التشغيل مع ارتفاع الدولار وتوقف كامل عن الدفع، ليخيم شبح الإقفال على عدد من المستشفيات في كسروان، المتن وبيروت»، مؤكداً: «الحل بقانون برنامج يعالج الأزمة بتقسيط الدفعات».
ومع هذا التحذير؛ تحرّك كل من رئيس الحكومة حسان دياب ووزير المال غازي وزني، وتواصلا مع كنعان الذي تواصل بدوره مع نقيب المستشفيات الخاصة في لبنان سليمان هارون، بحسب ما قال الأخير لـ«الشرق الأوسط»، وطلب منه إعداد تصوّر للحل ليطرح على طاولة مجلس الوزراء.
وتطرق أمس وزير الصحة حمد حسن لهذه القضية، مؤكداً أن عقود المستشفيات جاهزة للدفع، لافتاً إلى أنه تم دفع المستحقات حتى حدود شهر يونيو (حزيران) 2019، وأن أشهر نهاية العام في طريقها إلى الدفع، وقال إنه يمكن إعطاء المستشفيات التي تعاني من ضائقة مالية سلفة عن عام 2020.
ومع تأكيده أنه لم يحصل على وعد من المعنيين حيال أي حل وإنما طلب منه فقط تقديم طرح في هذا الإطار، أوضح هارون لـ«الشرق الأوسط» أن «الطرح الذي ستقدمه نقابة المستشفيات هو أن يكون عبر تقسيط المبلغ عبر دفعات شهرية للمستشفيات لتقوم هي بدورها بدفع رواتب موظفيها وما عليها من مستحقات للمستوردين في هذه المرحلة، إلى حين إيجاد خطة واضحة ومتكاملة بعد انتهاء الأزمة».
ويشدد نقيب المستشفيات على أن الأزمة ليست جديدة، وأن عمرها سنوات، قائلاً: «لطالما نبّهنا من هذا الأمر وتداعياته، إلى أن بدأت الأزمة تتفاقم شيئاً فشيئاً؛ إذ، وإضافة إلى عدم تسديد الدولة مستحقاتها، أتت مشكلة ارتفاع سعر صرف الدولار، وأخيراً وباء (كورونا)». ويوضح: «نشتري كل المستلزمات الطبية من أَلِفِها إلى يائِها بالدولار الأميركي الذي تضاعف سعر صرفه، لكن نقدم الفواتير إلى الدولة بسعر الصرف الذي حدده المصرف المركزي»، مشيراً كذلك إلى أن «هناك أجزاءً من المستحقات متراكمة على الدولة منذ سنة 2012 ومستحقات كاملة عن أشهر عدة حتى شهر مارس (آذار) من هذا العام والتي تبلغ قيمتها ألفي مليار ليرة، كانت تساوي نحو مليار و350 مليون ليرة، أصبحت اليوم نحو 700 مليون دولار، وهو ما يشكل خسارة كبيرة لنا».
ويلفت هارون إلى أنه «مع أزمة (كورونا) اضطرت المستشفيات إلى اتخاذ قرار بعدم استقبال المرضى إلا في الحالات الطارئة، مما أدى إلى تراجع نسبة الإشغال إلى الربع، بينما بقيت المصاريف على حالها، ما أدى إلى خسارة إضافية للمستشفيات». من هنا يحذّر هارون من أن عدم دفع المستحقات سيؤدي إلى إقفال عدد منها، مشيراً إلى أن «(مستشفى سيدة لبنان) في منطقة جونية وعمره 60 عاماً ويعمل فيه 350 موظفاً، يتجه إلى الإقفال»، مشيراً إلى أن «بقاء الوضع على ما هو عليه سيؤدي إلى إقفال نحو 20 مستشفى في الأسابيع المقبلة، من أصل 126 مستشفى خاصاً في لبنان».
ومع العلم بأنه، إضافة إلى المستشفيات الحكومية التي تعمل الدولة على تجهيزها، هناك 20 مستشفى خاصاً بدأت تعمل للدخول على خط مواجهة «كورونا»، بحسب هارون، لافتاً إلى أن «8 منها باتت جاهزة لاستقبال المرضى، والبقية تحتاج إلى بعض الوقت، وجميعها من المتوقع أن تؤمن 500 سرير لمعالجة المصابين بالفيروس».
في المقابل، ومع إقراره بالأزمة التي تمر بها المستشفيات في المرحلة الأخيرة، وضرورة حصولها على «مستحقاتها الشرعية»، يبدي رئيس الهيئة الوطنية الصحية النائب السابق إسماعيل سكرية تحفظه على أرقام المستحقات، محملاً الدولة أيضاً مسؤولية عدم قيامها بواجباتها لجهة المراقبة الدقيقة. ويوضح لـ«الشرق الأوسط»: «على ذمّة حسابات المستشفيات تبلغ مستحقاتها من الدولة ألفي مليار، لكن الواقع يقول إن أصحابها يجنون أرباحاً هائلة غير مشروعة، إضافة إلى أن ما لا يقل عن نصف الفواتير التي تقدمها إداراتها إلى الدولة وهمية، وهناك ملفات كثيرة سبق لي أن قدمّتها إلى القضاء، ومنها ملف قبل 8 أعوام يثبت أنه من أصل 15 آلاف فاتورة؛ هناك 7 آلاف مريض وهمي».
ويعطي سكرية مثالاً على ذلك، قائلاً: «في عام 1998 حين كنت نائباً وطرحت هذه القضية، في مجلس النواب، استدعاني رئيس الحكومة آنذاك، الراحل رفيق الحريري للاستيضاح مني، وبعدها عمد إلى شطب 50 في المائة من مستحقات المستشفيات واكتفى بإعطائهم نصفها فقط، وأخذوا المبلغ من دون أي اعتراض».


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

مصر: «حماس» ستطلق سراح 33 محتجزاً مقابل 1890 فلسطينياً في المرحلة الأولى للاتفاق

طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

مصر: «حماس» ستطلق سراح 33 محتجزاً مقابل 1890 فلسطينياً في المرحلة الأولى للاتفاق

طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

أعلنت وزارة الخارجية المصرية، السبت، أن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة ستشهد إطلاق حركة «حماس» سراح 33 محتجزاً إسرائيلياً مقابل 1890 فلسطينياً.

وعبرت الوزارة، في بيان، عن أملها في أن يكون الاتفاق البداية لمسار يتطلب تكاتف الجهود الإقليمية والدولية لتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني.

ودعت مصر المجتمع الدولي، خاصة الولايات المتحدة، لدعم وتثبيت الاتفاق والوقف الدائم لإطلاق النار، كما حثت المجتمع الدولي على تقديم كافة المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني، ووضع خطة عاجلة لإعادة إعمار غزة.

وشدد البيان على «أهمية الإسراع بوضع خارطة طريق لإعادة بناء الثقة بين الجانبين، تمهيداً لعودتهما لطاولة المفاوضات، وتسوية القضية الفلسطينية، في إطار حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس».

وأشارت الخارجية المصرية إلى التزامها بالتنسيق مع الشركاء: قطر والولايات المتحدة، للعمل على التنفيذ الكامل لبنود اتفاق وقف إطلاق النار من خلال غرفة العمليات المشتركة، ومقرها مصر؛ لمتابعة تبادل المحتجزين والأسرى، ودخول المساعدات الإنسانية وحركة الأفراد بعد استئناف العمل في معبر رفح.

وكانت قطر التي أدت مع مصر والولايات المتحدة وساطة في التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، أعلنت أن 33 رهينة محتجزين في غزة سيتم الإفراج عنهم في إطار المرحلة الأولى من الاتفاق.

وكانت وزارة العدل الإسرائيلية أعلنت أن 737 معتقلا فلسطينيا سيُطلق سراحهم، إنما ليس قبل الساعة 14,00 ت غ من يوم الأحد.

ووقف إطلاق النار المفترض أن يبدأ سريانه الأحد هو الثاني فقط خلال 15 شهرا من الحرب في قطاع غزة. وقُتل أكثر من 46899 فلسطينيا، معظمهم مدنيون من النساء والأطفال، في الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة، وفق بيانات صادرة عن وزارة الصحة التي تديرها حماس وتعتبرها الأمم المتحدة موثوقا بها.

وأعربت الخارجية المصرية في البيان عن «شكرها لدولة قطر على تعاونها المثمر»، كما ثمّنت «الدور المحوري الذي لعبته الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لإنهاء الأزمة إلى جانب الرئيس الأميركي جو بايدن».