دعوات لاعتماد الشفافية في توزيع المساعدات على الأسر الفقيرة في لبنان

TT

دعوات لاعتماد الشفافية في توزيع المساعدات على الأسر الفقيرة في لبنان

تصاعدت الدعوات لاعتماد أقصى معايير الشفافية، والابتعاد عن الاستنسابية في عملية توزيع المساهمات النقدية من الحكومة اللبنانية للأسر الأكثر حاجة.
ويضع مجلس الوزراء في جلسته المزمع عقدها اليوم، آلية تنفيذية لتوزيع المساعدات بعد موافقة الحكومة عليها أول من أمس الثلاثاء. وبينما لم يتبلغ الجيش اللبناني بعد أي تفصيل حول دوره في توزيع المساعدات التي قالت الحكومة إنها ستوزع عبره، ينظر كثيرون بارتياح إلى هذه الخطوة، كونها تعزز الشفافية في عملية التوزيع.
وقالت وزيرة الإعلام بعد انتهاء جلسة مجلس الوزراء أول من أمس، إن تقديم المساهمة النقدية بقيمة 400 ألف ليرة (266 دولاراً وفق سعر الصرف الرسمي) تدفع للأسر الأكثر حاجة، هي من ضمن الخطة التي وضعتها وزارة الشؤون الاجتماعية، وتوجد معايير دقيقة جداً، وعند التوزيع سيتم توضيح كيفية توزيعها على الجمهور، وهذه ضمن إمكانات الدولة؛ لافتة إلى أن كل التفاصيل الأخرى سيتم بحثها في جلسة اليوم.
وتصاعدت الدعوات لاعتماد الشفافية في توزيع المساعدات، وأعربت النائبة ديما جمالي عن خشيتها «من الاستنسابية التي قد ترافق تنفيذ هذا المشروع»، مطالبة الحكومة بتحديد المعايير التي على أساسها سيتم اختيار العائلات التي ستوزع عليها المساعدات، وتحديد قائمة المعلومات التي استندت إليها، وما إذا كان تم تحديث القائمة، ومن هو مصدر هذا التحديث، بعدما تغيرت المعطيات من الانتفاضة الشعبية في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي حتى اليوم، وفقدان آلاف العائلات اللبنانية مصدر رزقها، وارتفاع البطالة.
من جهته، أسف عضو كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب أكرم شهيب؛ لأنه «لا يزال النقاش سطحياً داخل الحكومة حول أزمة (كورونا) بتداعياتها وعواقبها الصحية والاقتصادية والاجتماعية»، وقال إن آخر «داتا» موجودة للأسر الفقيرة تعود إلى زمن تولي الوزير وائل أبو فاعور وزارة الشؤون الاجتماعية. «وحتى اليوم، لا نعلم إذا كانت الحكومة ستعتمد اللوائح الموجودة، أم أنهم سيأخذون بلوائح جديدة. وما هي المعايير التي سيتم اعتمادها في إعداد اللوائح الأخرى».
وسأل: «إذا سلمنا جدلاً بأن المساعدات توفرت، فكيف ستصل تلك الموارد إلى الناس المحتاجة؟ لا يجوز أن تدخل السياسة إلى موضوع المساعدات، كما لا يجوز أن يسيطر القرار السياسي لهذه الحكومة التي هي بتوجيه سياسي واحد؛ بحيث تصل المساعدات لفئة محددة من الناس دون الآخرين».
وشدد على أهمية «أن يكون هناك دور أساسي للجيش مع البلديات، بشرط ألا يخطط أي رئيس بلدية إلى إعادة انتخابه كرئيس للبلدية من خلال هذه المساعدات».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.