«كوفيد ـ 19»... لغز بيولوجي أم تحور فيروسي؟

انتقال العدوى من مصابين لا تظهر عليهم الأعراض أهم سمات الفيروس الجديد

«كوفيد ـ 19»... لغز بيولوجي أم تحور فيروسي؟
TT

«كوفيد ـ 19»... لغز بيولوجي أم تحور فيروسي؟

«كوفيد ـ 19»... لغز بيولوجي أم تحور فيروسي؟

لقد أصبح معروفاً لدى الكثيرين أن الشكل المظهري لفيروس كورونا هو شكل يشبه التاج أو التاج الشمسي عند التصوير باستخدام مجهر إلكتروني، وأنه يصيب في المقام الأول الجهاز التنفسي؛ والجهاز الهضمي العلوي للثدييات والطيور. ورغم أن معظم أفراد عائلة الفيروس التاجي كورونا لا تتسبب إلا في حدوث أعراض شبيهة بالإنفلونزا أثناء الإصابة، فإن الفيروسين «سارس» (SARS) و«ميرس» (MERS - CoV) استطاعا إصابة مجرى التنفس العلوي والسفلي والتسبب في أمراض تنفسية شديدة ومضاعفات أخرى لدى البشر.
فماذا عن «كوفيد – 19» (Covid - 19) الفيروس الجديد الذي يؤدي إلى ظهور أعراض مشابهة لمرضي «سارس» و«ميرس»، حيث يعاني الأشخاص المصابون بهذه الفيروسات التاجية من استجابة (ردة فعل) التهابية حادة؟
تحدثت إلى «صحتك» الدكتورة إلهام طلعت قطان أستاذة الفيروسات الممرضة والجزيئية المساعدة بجامعة طيبة وكيلة الشؤون التعليمية بكليات الريان الأهلية بالمدينة المنورة، مؤكدة عدم وجود لقاح معتمد أو علاج مضاد لهذا الفيروس إلى الآن، وأننا نحتاج لفهم دورة تضاعف فيروس «كوفيد – 19» بما في ذلك مصدره وكيفية انتقاله وكيف يتكرر، من أجل التوصل إلى علاجه ومنع انتشاره.
أما عن سبب التسمية والنشأة، فاسم «كوفيد – 19» (Covid - 19) هو مشتق كالتالي «CO» أول حرفين من كلمة كورونا «CORONA»، و«VI» أول حرفين من كلمة فيروس «Virus»، و«D» أول حرف من كلمة مرض بالإنجليزية «Disease»، و«19» لعام ظهور المرض 2019، وذلك وفقاً للتقرير الذي نشرته منظمة «اليونيسف» التابعة للأمم المتحدة.

حيواني المنشأ
تقول الدكتورة قطان إن تصنيف كل من «سارس» و«ميرس» مرضين فيروسيين حيوانَي المصدر، يعني أن المرضى الأوائل الذين أصيبوا بهما حصلوا عليهما من التعامل المباشر مع الحيوانات. ورغم أن الفيروسات تتمتع بالخصوصية في عوائلها الممرضة، فإن تحورها ممكن لأن الفيروس اكتسب سلسلة من الطفرات الوراثية أثناء وجوده في العائل الحيواني وتنقله، وهو الأمر الذي سمح له بالعدوى والتكاثر داخل البشر، وغير ذلك فقد أصبح ممكناً بالتالي أن ينتقل من شخص لآخر؛ وقد كشفت الدراسات الميدانية أن المصدر الأصلي أو ما يُعرف مجازاً علمياً بالعائل الوسطي الأولي لمرض «سارس» وفيروس كورونا، وبشكل عام، هو الخفافيش.
وبالتتبع الوبائي للفيروس وتحديداً عند تفشي فيروس كورونا «كوفيد – 19»، فقد أوضحت التقارير أن المجموعة الأولى من المرضى الذين تلقوا العلاج في المستشفى كانوا من العمال أو العملاء في سوق الجملة للمأكولات البحرية المحلية التي تبيع أيضاً اللحوم المصنعة والحيوانات الحية بما في ذلك الدواجن، والحمير، والأغنام، والخنازير، والإبل، والثعالب، والغرير، وفئران الخيزران، والقنافذ والزواحف. ولم يتم التبليغ على أن كورونا يصيب الحيوانات المائية.
وكفرضية نطرح سؤالاً: هل من الممكن أن يكون فيروس كورونا «كوفيد – 19» قد نشأ من حيوانات أخرى تباع في هذه السوق؟ تفند ذلك الدكتورة إلهام قطان بأن فرضية انتشار «كوفيد – 19» أو بالأحرى قفزه من حيوان في ذلك السوق قد دُعمت بقوة من قبل نشرة علمية جديدة ضمن مجلة «علم الفيروسات الطبية»، حيث أجرى العلماء تحليلاً جزيئياً وقارنوا التسلسلات الجينية لـ«كوفيد – 19» وجميع فيروسات كورونا المعروفة الأخرى.
وكشفت الدراسة أن الرموز الوراثية لـ«كوفيد – 19» تجمع أو ترتبط ارتباطاً وثيقاً بعينتين من الفيروس التاجي الشبيه بمرض سارس من الصين، ما يشير في البداية إلى أنه مثل «سارس» و«ميرس» قد تكون الخفافيش هي مصدر العدوى أيضاً والعائل الوسطي الأول لـ«كوفيد – 19».
كما وجد الباحثون أيضاً أن تسلسل وترميز الحمض النووي الريبي (RNA) لترميز بروتين فيروس«كوفيد – 19» الذي يشكل جسيم الفيروس الذي يتعرف على المستقبلات في خلية مضيفة، يشير إلى أن الفيروس في الخفافيش ربما تحور قبل إصابة الأشخاص! ولكن عندما أجرى الباحثون تحليلاً أكثر تفصيلاً للمعلوماتية الحيوية (bioinformatics) عن تسلسل «كوفيد – 19» وُجد أن العائل الوسطي الأولي قد يكون من الثعابين!

الخفافيش والثعابين
استخدم الباحثون تحليلاً لرموز البروتين التي يفضلها فيروس كورونا الجديد وقارنوها برموز البروتين من فيروسات كورونا الموجودة في عوائل حيوانية مختلفة، مثل الطيور والثعابين والقنفذ والخفافيش والبشر. والمثير للدهشة أنهم وجدوا أن رموز البروتين في «كوفيد – 19» تشبه إلى حد كبير تلك الموجودة في الثعابين.
وتشير التقارير إلى أن الثعابين قد بيعت في سوق المأكولات البحرية المحلية في ووهان، ما زاد من احتمال أن يكون هو نفسه قد قفز من الأنواع المضيفة (الخفافيش) إلى الثعابين ثم إلى البشر، وذلك مصادفة مع بداية تفشيه في ووهان. وزادت العوامل المساعدة في انتشار العدوى بِمُعامِل تأثير قوي، كدرجة الحرارة المنخفضة ومستوى النظافة المتدني وانعدام التثقيف الصحي. ومع ذلك، فإن الطريقة التي يمكن أن يتكيف بها الفيروس مع كل من المضيفين للعوائل الوسطية الأولية من ذوات الدم البارد والدافئ لا تزال لغزاً! فهل هي كامنة داخل هذه العوائل أم ممرضة أيضاً؟ سؤال يحتاج إلى فرضية أخرى لإثباتها.
ومنذ تفشي المرض، تم تطهير وإغلاق سوق المأكولات البحرية، ما جعل من الصعوبة بمكان تتبع الحيوان العائل الوسطي الأول الذي صَدَّرَ فيروس «كوفيد – 19»، وحال دون أخذ عينات من الحمض النووي الريبي الفيروسي (RNA) من جميع الحيوانات التي تباع وتم بيعها في السوق ومن الثعابين البرية والخفافيش لتأكيد من منها أصل الفيروس. ومع ذلك، فإن النتائج التي تم الإبلاغ عنها توفر أيضاً رؤى لتطوير بروتوكولات الوقاية والعلاج التي سنوردها والتي قامت جميع وسائل الإعلام بالإعلان عنها والحرص على التنويه بها.

الإصابة والأعراض
- ارتباط الفيروس وولوجه. وهما أول خطوتان في دورة حياة الفيروس، حيث يبدأ الارتباط الأولي للفيروس بالخلية المضيفة عن طريق التفاعلات بين البروتين «إس» (S) ومستقبلاته. ويشير تفاعل البروتين ومستقبلات «S» إلى أنها المحدد الرئيسي لفيروس كورونا بشكل عام، وذلك للإصابة والتنقل بين الأنواع والعوائل المضيفة.
وبعد ربط المستقبلات، يجب أن يحصل الفيروس على الخلية الخلوية المضيفة، حيث يتم تحقيق ذلك عن طريق انقسام وتكاثر بروتين «S» المعتمد على الحمض، يتبعه اندماج الأغشية الفيروسية والخلوية، وهذا ما يؤدي بالنتيجة إلى اندماج الجينوم الفيروسي وإطلاقه في النهاية في السيتوبلازم.
- النسخ المتماثل. الخطوة التالية في دورة حياة الفيروس التاجي هي ترجمة جين النسخ المتماثل من الحمض النووي الريبي، وهذا هو مكمن التحور النشط والمتغير.
- الأعراض. من المعروف أن كلاً من فيروسي «ميرس كورونا» (MERS - CoV) و«سارس كورونا» (SARS - CoV) يسببان مرضاً شديداً عند الأشخاص، في حين أن الحالة السريرية فيما يتعلق بفيروس «كوفيد – 19» (COVID - 19) ما زالت غير مفهومة تماماً، وهذا أيضاً يظل لغزاً! وقد تراوحت الأمراض المبلغ عنها بين خفيفة إلى شديدة، بما في ذلك المرض الذي أدى إلى الوفاة.
أعراض فيروسات كورونا البشرية الشائعة هي: سيلان الأنف والتهاب الحلق وصداع الرأس وحمى وسعال وشعور عام بالتوعك. ويمكن أن تتسبب فيروسات كورونا البشرية في بعض الأحيان في أمراض الجهاز التنفسي السفلي، مثل الالتهاب الرئوي أو التهاب الشعب الهوائية. وهذا أكثر شيوعاً عند الأشخاص المصابين بأمراض القلب والرئة والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة والرضع وكبار السن.

انتقال العدوى
- مؤشر الاكتفاء عند الإصابة بـ«كوفيد – 19». كشفت الأبحاث التي أُجريت في هذا الشأن أن كل مصاب بالعدوى قد ينقل المرض إلى ما يتراوح بين 1.4 و2.5 شخص، وتقريباً فإن نسبة معيار النقل هي من 1 إلى 3، وهو حساب التكاثر الأساسي للفيروس، وبتجاوزه رقم 1 يُوصف الفيروس بأنه يتمتع «بالاكتفاء الذاتي»، وبالتالي فهو ليس من الفيروسات التي قد تنتهي وتختفي داخل العائل من تلقاء نفسها! وهذا يعدّ لغزاً ضمنياً لو جاز لنا الأمر أن يكون هكذا، فالإجراءات التي اتخذتها الصين، والدول الأخرى التي ظهر فيها الفيروس، كغلق المدن التي ظهر فيها الفيروس هي وحدها التي يمكن أن تحد من انتشاره وفتكه. وتشير الأرقام الوبائية للإصابات في تقديراتها الأولية لوضع «كوفيد – 19» في فئة الفيروسات الفتاكة مثل «سارس».
- متى تنتقل العدوى من المصاب؟ تقول الدكتورة إلهام قطان إن العلماء الصينيين قدروا أن المصابين الذين تأكدت إصابتهم بـ«كوفيد – 19» يمكنهم نقل العدوى حتى قبل أن تظهر عليهم الأعراض. وهذا أيضاً لغز! ويقدر الوقت بين الإصابة الفعلية وظهور الأعراض، المعروف بفترة حضانة الفيروس، بما يتراوح بين 1 و14 يوماً.
أما بالنسبة لـ«سارس» و«إيبولا»، فهما من الفيروسات التي لا تنتقل العدوى بهما إلا بعد ظهور الأعراض، ما يسهل التصدي لانتشار العدوى بهما ببساطة، وبإجراءات بسيطة تتمثل في اكتشاف الإصابة ثم عزل المصابين ومتابعة من كانوا يتصلون بهم. في حين أن «كوفيد – 19» يفتقر إلى هذه الخاصية، الأمر الذي يزيد معه التعقيد والتصدي، وتُعد الإنفلونزا من الأمثلة الشائعة للفيروسات التي تنتقل عدواها حتى قبل أن يدرك المصاب بها أنه مريض.
في حديث للباحثة ويندي باركلي، من قسم الأمراض المعدية بكلية لندن الملكية، قالت إنه من السهل أن يحدث انتشار لعدوى أمراض الصدر قبل ظهور الأعراض على المريض. وأضافت: «يمكن للفيروس الانتقال عبر الهواء أثناء التنفس العادي والتحدث إلى الشخص الذي تنتقل إليه العدوى». وتابعت: «لا عجب في أن ينتقل فيروس كورونا بالطريقة نفسها».
ورغم ذلك، لا يمكننا القول أو الجزم التام بأننا وصلنا إلى المرحلة التي نرجح فيها تحول الفيروس الجديد إلى وباء عالمي مثل إنفلونزا الخنازير. وتكمن المشكلة في أن ينشر المصاب العدوى قبل أن تظهر عليه أعراض الإصابة، وهذا ما يجعل مهمة السلطات المعنية بمكافحة الفيروس صعبة جداً ولكنها ليست مستحيلة.
اللغز الآخر الذي لا نعرف إجابته على الإطلاق في الوقت الحالي، هو كم عدد الحالات المصابة بالفيروس التي لا تزال في فترة الحضانة ودون ظهور الأعراض!
- سرعة انتشار الفيروس. يبدو من الوهلة الأولى أن سرعة انتشار الفيروس فائقة عند النظر إلى القفزة في أعداد المصابين من 40 مصاباً إلى 2000 مصاب في أسبوع واحد، لكن الحساب بهذه الطريقة قد يكون مضللاً. فقد ظهر هذا العدد الكبير من الحالات بسبب تحسين السلطات قدرتها على اكتشاف الحالات المصابة، لكن المحزن أنه لا تتوافر معلومات كافية عن «معدل نمو» وانتشار الفيروس، في حين أن الخبراء يرون أن عدد المصابين الفعليين قد يتجاوز إلى حد بعيد عدد الحالات التي تم الإبلاغ عنها. وهذا لغز أيضاً.
وذكر مركز البحوث الطبية للتحليل الدولي للأمراض المعدية في كلية لندن الملكية: «يبدو أن انتشار الفيروس المكتشف حديثاً في ووهان قد تسبب في الإصابة بأمراض صدر بسيطة أو خطيرة إلى حد يتجاوز عدد الحالات التي تم الإبلاغ عنها حتى الآن.
- طرق انتشار الفيروس. عادة تنتشر فيروسات كورونا البشرية الشائعة، التي بات منها «كوفيد – 19»، من شخص مصاب إلى شخص آخر عن طريق:
- السعال والعطس.
- الاتصال الشخصي الوثيق، كاللمس أو المصافحة.
- لمس كائن أو سطح به الفيروس، ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين قبل غسل اليدين.
يصاب الأشخاص عادة بفيروسات كورونا البشرية الشائعة في الخريف والشتاء، لكن الإصابة ممكنة في أي وقت من السنة. ومن المرجح أن يصاب الأطفال الصغار، ويمكن أن يصاب الأشخاص بعدوى متعددة في حياتهم.
- الفئات المعرضة للإصابة؛ هي عمال الرعاية الصحية الذين يعتنون بمرضى«كوفيد – 19» هم أكثر عرضة لخطر الإصابة؛ الأشخاص المتواصلون بشكل وثيق مع المصابين؛ المسافرون العائدون من المواقع المتأثرة بانتشار الفيروس، المدارس ومراكز رعاية الأطفال وأماكن العمل والأماكن الأخرى للتجمعات الجماهيرية.

تساؤلات محيرة
لا يوجد لحد الآن لقاح للحماية وليست هناك أدوية معتمدة للعلاج وتبقى التدخلات غير الدوائية هي أهم استراتيجية لمواجهة انتشار الفيروس. وفي الوقت نفسه تتركز الجهود العالمية الآن وبشكل متزامن لاحتواء هذا الفيروس والحد من انتشاره وتخفيف آثاره.
إنه لأمر مثير للتساؤل ويضعنا مرة أخرى أمام فرضيات كثيرة؛ أهمها هل كانت هناك حالات مصابة ولم تظهر أعراضها واكتسبت على أثرها مناعة بتكوين أجسام مضادة داخلها؟ أم أنها لتغيرات الطقس والمناخ؟ أم أن المرض حاد وفتاك للفئات والمجاميع الخطرة مثل الرضع وكبار السن ومرضى القلب والربو والكلى، وغيرهم ممن لديهم أمراض مزمنة، أم أن التدابير الوقائية هي التي حدت من انتشار الفيروس، وبالتالي تمت السيطرة بمنع انتشاره؟ أم أن التغير في السلوك البشري بالعزل بين المصابين قلل من انتشاره، وبالتالي تناقص العدد في الوفيات مقابل الإصابة؟
وإن افترضنا اعتبارياً أن الفيروس ظهر لغرض وانحسر للغرض نفسه، يظهر السؤال: ماذا بعد للتغلب عليه وعلى انتشاره، وبين طياته ألغاز وفجوات علمية ليس لها تفسير إن افترضنا أن تحوره من شكل إلى آخر كان طبيعياً وليس مكتسباً؟

احتياطات عامة وإجراءات وقائية
- احتياطات عامة
- غسل اليدين بالماء والصابون لمدة 20 ثانية على الأقل.
- تجنب لمس العينين أو الأنف أو الفم بأيدٍ غير مغسولة.
- تجنب الاتصال الوثيق مع الناس الذين يعانون من المرض.
- حماية الآخرين عندما تكون مريضاً بوضع كمامة مع الحرص على النظافة التامة والتعقيم.
- البقاء في المنزل عند كونك مريضاً.
- تغطية الفم والأنف عند السعال أو العطس.
- تنظيف وتطهير الأشياء والأسطح.
- في أماكن العمل:
- نظافة أسطح المكاتب والهواتف والحواسيب المخصصة للعمل، كون الأسطح الملوثة تعدّ إحدى الطرق الرئيسية في نقل عدوى فيروس كورونا.
- وضع أدوات التعقيم في أماكنها المخصصة بالقرب من بوابات الدخول والخروج.
- التأكد من توفر الصابون والمغاسل لغسل اليدين باستمرار لقتل الفيروس في مراحل العدوى الأولى.
- نشر التوعية الصحية الصحيحة عبر المطويات والملصقات في أماكن العمل والحث على الاهتمام بالنظافة دائماً.
• إجراءات وقائية في حالة السفر:
- ينصح بتأجيل أو إلغاء رحلة السفر إلّا في حالات الضرورة.
- تجنب اصطحاب كبار السن، وهم الأكثر عرضة للإصابة بالأمراض الفيروسية التي تشكل أعراضها تهديداً على صحتهم العامة.
- ينبغي استعمال أقنعة طبية تغطي منافذ التنفس وارتداؤها طوال فترة الترحال والسفر وتجنب الاحتكاك بالموظفين والمسافرين.
- الاحتفاظ بمعقم لليدين، واستعماله بشكل منتظم طوال محطات السفر.
- الابتعاد عن الأشخاص الذين تظهر عليهم الحمّى وأعراض المرض.
- نشر التوعية بشأن إتيكيت العطاس لمنع انتشار الفيروس في الأماكن المكتظة، (وذلك عن طريق تغطية الفم والأنف بورق المحارم أو بالذراع في حال تعذر ذلك).
إن لغز ظهور الفيروس، لأول مرة، بالصين في نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي، مسجلاً فيها أضخم حصيلة وفيات وإصابات أخرى في بلد واحد وتمدده بقوة في إيطاليا وبعض البلدان مع إصابات كثيرة وحالات وفيات؛ ثم انحساره في الصين وتدني حالات الوفاة إذ سجلت الأحد الماضي 28 حالة وفاة، وقبلها 30 حالة الجمعة الماضي.
- استشاري طب المجتمع



بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)
جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)
TT

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)
جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

وذكرت أن قبل خمس سنوات، سمع العالم التقارير الأولى عن مرض غامض يشبه الإنفلونزا ظهر في مدينة ووهان الصينية، والمعروف الآن باسم «كوفيد - 19».

وتسبب الوباء الذي أعقب ذلك في وفاة أكثر من 14 مليون شخص، وأصيب نحو 400 مليون شخص في جميع أنحاء العالم لفترة طويلة، وكذلك في صدمة للاقتصاد العالمي، وأدرك زعماء العالم أن السؤال عن جائحة أخرى ليس «ماذا إذا ظهرت الجائحة؟»، بل «متى ستظهر؟»، ووعدوا بالعمل معاً لتعزيز أنظمة الصحة العالمية، لكن المفاوضات تعثرت في عام 2024، حتى مع رصد المزيد من التهديدات والطوارئ الصحية العامة العالمية.

وإذا ظهر تهديد وبائي جديد في عام 2025، فإن الخبراء ليسوا مقتنعين بأننا سنتعامل معه بشكل أفضل من الأخير، وفقاً للصحيفة.

ما التهديدات؟

في حين يتفق الخبراء على أن جائحة أخرى أمر لا مفر منه، فمن المستحيل التنبؤ بما سيحدث، وأين سيحدث، ومتى سيحدث.

وتظهر تهديدات صحية جديدة بشكل متكرر، وأعلن مسؤولو منظمة الصحة العالمية تفشي مرض الملاريا في أفريقيا، كحالة طوارئ صحية عامة دولية في عام 2024. ومع نهاية العام، كانت فرق من المتخصصين تستكشف تفشي مرض غير معروف محتمل في منطقة نائية من جمهورية الكونغو الديمقراطية، ويعتقد الآن أنه حالات من الملاريا الشديدة وأمراض أخرى تفاقمت بسبب سوء التغذية الحاد.

وتشعر القائمة بأعمال مدير إدارة التأهب للأوبئة والوقاية منها في منظمة الصحة العالمية، ماريا فان كيرخوف، بالقلق إزاء وضع إنفلونزا الطيور، فالفيروس لا ينتشر من إنسان إلى إنسان، ولكن كان هناك عدد متزايد من الإصابات البشرية في العام الماضي.

وقالت إنه في حين أن هناك نظام مراقبة دولياً يركز بشكل خاص على الإنفلونزا، فإن المراقبة في قطاعات مثل التجارة والزراعة، حيث يختلط البشر والحيوانات، ليست شاملة بما فيه الكفاية.

وتؤكد أن القدرة على تقييم المخاطر بشكل صحيح «تعتمد على الكشف والتسلسل وشفافية البلدان في مشاركة هذه العينات».

تعلمت البشرية من جائحة «كورونا» أن لا شيء يفوق أهمية الصحتَين الجسدية والنفسية (رويترز)

وتقول إن جائحة «كوفيد - 19» تركت أنظمة الرعاية الصحية في جميع أنحاء العالم «مهتزة حقاً»، وتبعتها قائمة طويلة من الأزمات الصحية الأخرى.

وأضافت: «بدأت الإنفلونزا الموسمية في الانتشار، وواجهنا الكوليرا، والزلازل، والفيضانات، والحصبة، وحمى الضنك. إن أنظمة الرعاية الصحية تنهار تحت وطأة العبء، وتعرضت القوى العاملة الصحية لدينا على مستوى العالم لضربة شديدة، ويعاني الكثيرون من اضطراب ما بعد الصدمة. ومات الكثيرون».

وقالت إن العالم لم يكن في وضع أفضل من أي وقت مضى عندما يتعلق الأمر بالخبرة والتكنولوجيا وأنظمة البيانات للكشف السريع عن التهديد.

وتضيف أن توسيع قدرات التسلسل الجينومي في معظم البلدان في جميع أنحاء العالم، وتحسين الوصول إلى الأكسجين الطبي والوقاية من العدوى ومكافحتها، تظل «مكاسب كبيرة حقاً» بعد جائحة «كوفيد - 19». وهذا يعني أن إجابتها عمّا إذا كان العالم مستعداً للوباء التالي هي: «نعم ولا».

وتقول: «من ناحية أخرى، أعتقد أن الصعوبات والصدمة التي مررنا بها جميعاً مع (كوفيد) ومع أمراض أخرى، في سياق الحرب وتغير المناخ والأزمات الاقتصادية والسياسية، لسنا مستعدين على الإطلاق للتعامل مع جائحة أخرى، ولا يريد العالم أن يسمعني على شاشة التلفزيون أقول إن الأزمة التالية تلوح في الأفق».

وتقول إن عالم الصحة العامة «يكافح من أجل الاهتمام السياسي، والمالي، والاستثمار، بدلاً من أن تعمل الدول على البقاء في حالة ثابتة من الاستعداد».

وذكرت أن الحل الطويل الأجل «يتعلق بالحصول على هذا المستوى من الاستثمار الصحيح، والتأكد من أن النظام ليس هشاً».

هل الأموال متاحة للاستعداد للوباء؟

وجد وزير الصحة الرواندي الدكتور سابين نسانزيمانا نفسه يتعامل مع تفشي مرضين رئيسيين في عام 2024: حالة الطوارئ الصحية العامة في أفريقيا، و66 حالة إصابة بفيروس «ماربورغ» في بلاده.

ويشارك في رئاسة مجلس إدارة صندوق الأوبئة، الذي أُنشئ في 2022 كآلية تمويل لمساعدة البلدان الأكثر فقراً على الاستعداد للتهديدات الوبائية الناشئة.

ويحذر نسانزيمانا مما إذا وصل الوباء التالي في عام 2025 بقوله: «للأسف، لا، العالم ليس مستعداً، ومنذ انتهاء حالة الطوارئ الصحية العامة بسبب (كوفيد) العام الماضي، حوّل العديد من القادة السياسيين انتباههم ومواردهم نحو تحديات أخرى، ونحن ندخل مرة أخرى ما نسميه دورة الإهمال، حيث ينسى الناس مدى تكلفة الوباء على الأرواح البشرية والاقتصادات ويفشلون في الانتباه إلى دروسه».

وقال إن صندوق الأوبئة «يحتاج بشكل عاجل إلى المزيد من الموارد للوفاء بمهمته»،

وفي عام 2022، بدأت منظمة الصحة العالمية مفاوضات بشأن اتفاق جديد بشأن الجائحة من شأنه أن يوفر أساساً قوياً للتعاون الدولي في المستقبل، لكن المحادثات فشلت في التوصل إلى نتيجة بحلول الموعد النهائي الأولي للجمعية العالمية للصحة السنوية في 2024، ويهدف المفاوضون الآن إلى تحديد موعد نهائي لاجتماع هذا العام.

جائحة «كورونا» غيّرت الكثير من المفاهيم والعادات (إ.ب.أ)

وتقول الدكتورة كلير وينهام، من قسم السياسة الصحية في كلية لندن للاقتصاد: «حتى الآن، أدت المحادثات في الواقع إلى تفاقم مستويات الثقة بين البلدان»، ولا يوجد اتفاق حول «الوصول إلى مسببات الأمراض وتقاسم الفوائد»، وكذلك الضمانات التي تُمنح للدول الأكثر فقراً بأنها ستتمكن من الوصول إلى العلاجات واللقاحات ضد مرض وبائي مستقبلي، في مقابل تقديم عينات وبيانات تسمح بإنشاء هذه العلاجات».

وتشير الأبحاث إلى أن المزيد من المساواة في الوصول إلى اللقاحات في أثناء جائحة «كوفيد - 19» كان من الممكن أن ينقذ أكثر من مليون حياة.

وذكرت وينهام: «الحكومات متباعدة للغاية، ولا أحد على استعداد حقاً للتراجع».

وقالت آن كلير أمبرو، الرئيسة المشاركة لهيئة التفاوض الحكومية الدولية التابعة لمنظمة الصحة العالمية: «نحن بحاجة إلى اتفاق بشأن الجائحة يكون ذا معنى».