مخاوف «اتفاق التجارة» تبدأ في الظهور

بكين: مشترياتنا الأميركية لن تكون على حساب أسواق أخرى

TT

مخاوف «اتفاق التجارة» تبدأ في الظهور

بينما بدأت تَلوح في الأفق تساؤلات حول جوانب غير معلنة بشكل مباشر في اتفاق التجارة الأولي بين واشنطن وبكين، وعلى رأسها أن زيادة المشتريات الصينية من المنتجات الأميركية قد تأتي على حساب الأسواق الأخرى، سعت بكين أمس إلى طمأنة الأسواق إلى حد ما، إذ قال مسؤول بوزارة التجارة الصينية، أمس (الثلاثاء)، إن مشتريات بكين من المنتجات الزراعية الأميركية لن تؤثر على وارداتها من الدول الأخرى.
وأبلغ المسؤول لي تشنغ تشيان، مؤتمراً صحافياً، أن الصين ترحب بدخول المنتجات الأميركية القادرة على المنافسة إلى أسواقها، وتأمل أن تعمل الولايات المتحدة على إيجاد الظروف المواتية للتصدير إلى الصين. وأضاف أن الصين ستزيد الواردات حسبما تمليه أوضاع السوق، وبما يتماشى مع قواعد منظمة التجارة العالمية.
كانت بكين ثد وافقت على مشتريات كبيرة من المنتجات الزراعية الأميركية في إطار اتفاق تجارة أوّلي جرى توقيعه الأسبوع الماضي، لكن ما زالت هناك شكوك بخصوص عدد من المسائل في هذا الصدد.
وخلال الأيام الماضية بدأت التساؤلات حول الجوانب غير الظاهرة للاتفاقية، أو تأثيراتها السلبية المحتملة على الأسواق العالمية الأخرى.
وفي حواره مع «الشرق الأوسط» المنشور أمس، علق إليوت هاريس، كبير اقتصاديي الأمم المتحدة ومساعد الأمين العام أنطونيو غوتيريش للتنمية الاقتصادية، على الأمر بقوله: «تعد المرحلة الأولى من اتفاقية التجارة بين الولايات المتحدة والصين بمثابة خبر إيجابي، وقد رفعتُ بعضاً من حالة عدم اليقين بالنسبة إلى الشركات والمستثمرين. ومع ذلك، لا يزال يتعين حل العديد من القضايا الأساسية، على سبيل المثال تلك المتعلقة بنقل التكنولوجيا. علاوة على ذلك، ما يقلقنا هو أن هذه المفاوضات (التجارية بين الصين والولايات المتحدة) جرت خارج النظام التجاري متعدد الأطراف القائم على القواعد الدولية، والذي يواجه ضغوطاً متزايدة. ومن شأن إضعاف النظام التجاري متعدد الأطراف أن يضر بآفاق النمو العالمي، عبر زيادة التكاليف وخفض الكفاءة وخلق حالة من عدم اليقين.
وفي ذات الوقت، يتوقع المعهد الألماني للاقتصاد العالمي (آي إف دابليو) أن يكون للاتفاق الجزئي بين الولايات المتحدة والصين بشأن تهدئة النزاع التجاري بين أكبر اقتصادين في العالم عواقب سلبية ملموسة على قطاع التصدير الأوروبي.
وقال رئيس المعهد غابريل فيلبريماير، أمس، في مدينة كيل الألمانية: «تعهد الصين بإدخال واردات إضافية من البضائع الأميركية سيكون على حساب واردات من دول أخرى».
وحسب تقديرات فيلبريماير، فإن قطاع الصناعة في ألمانيا سيكون الأكثر تضرراً من ذلك، وكذلك فرنسا.
وفي الاتفاق الجزئي الذي تم توقيعه في منتصف هذا الشهر، يلتزم الصينيون باستيراد المزيد من البضائع من الولايات المتحدة. وحسب تقديرات «تقريبية» للمعهد، قد ترتفع واردات الصين من بضائع أميركية محددة العام المقبل بمقدار 95 مليار دولار مقارنةً بالوضع قبل النزاع التجاري.
وحسب بيانات المعهد، فإن هذه البضائع ستكون على وجه الخصوص منتجات دوائية وسيارات وطائرات ومعدات طبية. ويرى المعهد أن شركات الاتحاد الأوروبي التي تعرض هذه المنتجات ستفقد جراء ذلك على الأرجح حصصاً من السوق. ويتوقع المعهد أن تتراجع صادرات الاتحاد الأوروبي إلى الصين العام المقبل بمقدار 10.8 مليار دولار في سيناريو لا توجد به اتفاقية أو حرب جمركية بين الصين والولايات المتحدة.
وجاء في تقرير المعهد: «قد يتحمل الاتحاد الأوروبي بذلك سدس التحول التجاري الذي سينجم عن الاتفاق».
لكن على الجانب الآخر، وفي ألمانيا أيضاً، أظهر مسح آخر، أمس، أن معنويات المستثمرين الألمان تحسنت على نحو أفضل من التوقعات في يناير (كانون الثاني)، على أمل أن يكون أكبر اقتصاد في أوروبا لم يتضرر من توترات التجارة كما كان متوقعاً من قبل.
وقال معهد «زد إي دبليو» في تقريره الشهري، إن مؤشر المعنويات الاقتصادية بين المستثمرين ارتفع إلى 26.7 نقطة من 10.7 نقطة في ديسمبر (كانون الأول). وتوقع الاقتصاديون زيادة إلى 15.0 نقطة فقط.
وحسب مقياس منفصل، تحسن تقييم المستثمرين للأوضاع الاقتصادية الحالية إلى «سالب» 9.5 نقطة، من «سالب» 19.9 نقطة في الشهر السابق. وتوقع المحللون تسجيل قراءة عند «- 13.5» نقطة. وقال رئيس المعهد أخيم فامباخ، إن سبب تحسن المعنويات يرجع بصفة أساسية إلى التسوية الأخيرة للنزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين بما قد يدعم الصادرات.


مقالات ذات صلة

البرلمان التركي يوافق على إرسال قوات إلى الصومال لمدة عامين

آسيا وزيرا الدفاع التركي والصومالي وقَّعا اتفاقية إطارية للتعاون الدفاعي والاقتصادي في أنقرة فبراير الماضي (وزارة الدفاع التركية)

البرلمان التركي يوافق على إرسال قوات إلى الصومال لمدة عامين

وافق البرلمان التركي على مذكرة رئاسية بشأن نشر عناصر من القوات المسلحة في الصومال بما يشمل المياه الإقليمية للبلد الأفريقي لمدة عامين.

سعيد عبد الرازق ( أنقرة )
آسيا الرئيس البيلاروسي ونظيره الصيني (يمين ويسار الصورة من الخلف) (رويترز)

شي وبوتين يدعوان في أستانا إلى عالم «متعدّد الأقطاب»

تدخل قمة أستانا في إطار تحرّكات دبلوماسية مستمرّة في آسيا الوسطى، التي يجتمع قادة دولها بانتظام مع بوتين وشي.

«الشرق الأوسط» (استانا (كازاخستان))
الاقتصاد وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك يتحدث في جامعة تشجيانغ خلال زيارته إلى الصين يوم 23 يونيو 2024 (د.ب.أ)

ألمانيا تحث أوروبا على «منافسة» الصين

حث وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك دول الاتحاد الأوروبي على التضامن والتعاون حتى تتمكن من «منافسة» الصين

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد مئات السيارات الصينية في طريقها للشحن بميناء يانتاي جنوب شرقي البلاد (أ.ف.ب)

الصين: التصعيد الأوروبي قد يؤدي إلى «حرب تجارية»

قالت وزارة التجارة الصينية يوم الجمعة إن الاتحاد الأوروبي قد يشعل «حربا تجارية» إذا استمر في تصعيد التوترات، متهمة التكتل بـ«اللعب غير النزيه»

«الشرق الأوسط» (عواصم)
الولايات المتحدة​ ترمب يلقي كلمة في ديترويت في 15 يونيو 2024 (أ.ب)

ترمب يستعد لسياسة أكثر تشدداً تجاه الصين إذا عاد للبيت الأبيض

يستعد الرئيس السابق دونالد ترمب إلى استكمال حربه التجارية مع الصين في حال إعادة انتخابه الخريف المقبل.

إيلي يوسف (واشنطن)

هل تدفع بيانات الوظائف الأميركية «الفيدرالي» إلى خفض أعمق للفائدة؟

عمّال يعلقون لافتة كتب عليها «وظائف! وظائف! وظائف!» على المسرح حيث يلقي المرشح الرئاسي دونالد ترمب خطابه في بوترفيل (أ.ف.ب)
عمّال يعلقون لافتة كتب عليها «وظائف! وظائف! وظائف!» على المسرح حيث يلقي المرشح الرئاسي دونالد ترمب خطابه في بوترفيل (أ.ف.ب)
TT

هل تدفع بيانات الوظائف الأميركية «الفيدرالي» إلى خفض أعمق للفائدة؟

عمّال يعلقون لافتة كتب عليها «وظائف! وظائف! وظائف!» على المسرح حيث يلقي المرشح الرئاسي دونالد ترمب خطابه في بوترفيل (أ.ف.ب)
عمّال يعلقون لافتة كتب عليها «وظائف! وظائف! وظائف!» على المسرح حيث يلقي المرشح الرئاسي دونالد ترمب خطابه في بوترفيل (أ.ف.ب)

ستمنح بيانات سوق العمل الأميركية المقبلة، بما في ذلك تقرير الوظائف الشهري، صنّاع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي نظرة ثاقبة حول الحاجة إلى مزيد من تخفيضات أسعار الفائدة عقب الخفض المتوقع بعد ما يزيد قليلاً على أسبوعين.

رغم أن بيانات الوظائف الشهرية في الولايات المتحدة تحظى بمتابعة وثيقة دائماً، ولكن الاهتمام بتقرير يوم الجمعة أكثر كثافة من المعتاد؛ إذ يعتقد المستثمرون أن ما هو على المحك هو الحجم المحتمل لخفض أسعار الفائدة الأول من قِبَل الاحتياطي الفيدرالي في وقت لاحق من هذا الشهر.

وكانت أسواق المال العالمية شهدت تحركات عنيفة فور صدور بيانات سوق العمل الأميركية لشهر يوليو (تموز)، التي أظهرت ضعف الأوضاع في سوق العمل، سواء مع ارتفاع معدل البطالة إلى 4.3 في المائة، أو تباطؤ نمو الأجور، أو ارتفاع عدد الوظائف التي أضافها الاقتصاد الأميركي بمقدار 114 ألف وظيفة، حيث جاءت جميع البيانات أسوأ من توقعات الأسواق بشكل كبير. وأثارت هذه البيانات مخاوف الأسواق بشأن انزلاق الاقتصاد الأميركي إلى منطقة الركود الحاد.

ويتوقع خبراء الاقتصاد إضافة 163 ألف وظيفة إلى قوائم الرواتب الأميركية في أغسطس (آب). كما تحمل قراءة يوم الجمعة مزيداً من الثقل بعد أن جاء تقرير يوليو أقل من التوقعات. ثم ارتفعت قوائم الرواتب بمقدار 114 ألفاً، وهو ما يقل كثيراً عن توقعات 175 ألف وظيفة جديدة، مما أدى إلى موجة بيع شرسة في السوق في جميع أنحاء العالم، وفق صحيفة «فاينانشيال تايمز».

في حين تتوقع «بلومبرغ» أن يتباطأ نمو الوظائف إلى ما يزيد قليلاً على 150 ألف وظيفة، وهو الأقل منذ بداية عام 2021، ومن المحتمل أن ينخفض ​​معدل البطالة في أغسطس إلى 4.2 في المائة من 4.3 في المائة.

في الشهر الماضي، أوضح رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول في مؤتمر جاكسون هول السنوي، أنه يركز على مخاطر ضعف سوق العمل، على الرغم من أنه حذر من أن توقيت ووتيرة خفض أسعار الفائدة لا يزالان يعتمدان على البيانات المستقبلية. وقال إن المسؤولين «لا يسعون أو يرحبون» بمزيد من التباطؤ في سوق العمل.

قبل يومين من تقرير يوم الجمعة، ستصدر الحكومة أرقاماً عن الوظائف الشاغرة في يوليو. ومن المتوقع أن يتراجع عدد الوظائف الشاغرة، وهو مقياس للطلب على العمالة، إلى أدنى مستوى له في ثلاثة أشهر عند 8.1 مليون، ما يمثّل أعلى قليلاً من أدنى مستوياته في أكثر من ثلاث سنوات.

يذكر أن يوم الاثنين يشهد إغلاقاً لسوق الأسهم الأميركية احتفالاً بيوم العمل، لتبدأ بعدها مرحلة جديدة للأسهم تنتهي بنهاية العام.