أربيل تحذر من كارثة إنسانية في مخيمات النازحين إذا لم تتعاون بغداد بجدية

الأمطار والعواصف دمرت أكثر من 70% من خيم «بحركة»

أربيل تحذر من كارثة إنسانية في مخيمات النازحين  إذا لم تتعاون بغداد بجدية
TT

أربيل تحذر من كارثة إنسانية في مخيمات النازحين إذا لم تتعاون بغداد بجدية

أربيل تحذر من كارثة إنسانية في مخيمات النازحين  إذا لم تتعاون بغداد بجدية

حذر ديندار زيباري، نائب مسؤول العلاقات الخارجية في حكومة إقليم كردستان لشؤون المنظمات الدولية، من كارثة إنسانية كبيرة في مخيمات اللاجئين بالإقليم بسبب النقص الحاد في الخدمات والمساعدات المالية، فيما أكدت إحدى المنظمات الدولية العاملة في مخيم «بحركة» أن الأمطار الأخيرة دمرت 70 في المائة من الخيام الموجودة في المخيم.
وقال ديندار زيباري، في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «هناك نواقص كثيرة في مخيمات النازحين، أهم هذه النواقص تتمثل في قلة المساعدات المالية والخدمات وهناك أعداد كبيرة من النازحين في الإقليم وتصل إلى مليون ونصف المليون نازح، في حين إن المساعدات الدولية ومن الحكومة الاتحادية ليست بالقدر المطلوب، إلى جانب أن هذه المخيمات أنشئت سريعا وليست مجهزة بالخدمات الضرورية، فهي تحتاج إلى الوقود والخدمات الصحية، وكذلك يحتاج النازحون إلى رواتب ومفردات البطاقة التموينية، لذا يجب على بغداد أن تتعاون بجدية مع الإقليم، وأن تخصص ميزانية خاصة».
وحذر زيباري من أنه إذا «لم تخصص ميزانية خاصة للنازحين مع اقتراب فصل الشتاء، ستحدث كارثة إنسانية كبيرة، وقد تنتشر الأمراض بسبب البرد والرطوبة. كما أن الأمطار التي هطلت خلال الأيام الماضية تسببت بأضرار كبيرة في كل المخيمات»، مضيفا أن «حكومة الإقليم تعاني الآن من أزمة مالية كبيرة تتمثل في عدم إرسال بغداد لرواتب وميزانية الإقليم منذ 9 أشهر».
وأضاف زيباري: «الآن إقليم كردستان يتحمل مسؤولية نحو 9 ملايين مواطن عراقي من مواطني الإقليم والنازحين، إذن على بغداد أن تقدم وبجدية يد العون لهؤلاء العراقيين».
مخيم «بحركة» الذي يبعد نحو 50 كيلومترا من أربيل هو واحد من مخيمات كثيرة في حدود محافظة أربيل، ويضم نحو 4000 نازح من كل أنحاء سهل نينوى. وتسربت مياه الأمطار إلى أغلب خيام المحيم، بل حفرت كل أسرة نازحة حفرة كبيرة داخل خيمتها للتخلص من المياه.
وقالت إحدى مراقبات منظمة «ريلايف» الإنسانية في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «كما تشاهدون المخيم يعيش حالة مزرية، بسبب الأمطار والبرودة. إذ إن 70 في المائة من الخيام تدمرت بالكامل ودخلتها مياه الأمطار، إضافة إلى أن العواصف هدمت أعمدة بعض الخيام الكبيرة على النازحين مما سبب لهم إصابات».
من جانبهم، طالب النازحون بكرفانات بدلا من الخيام، ودعوا الحكومة الاتحادية إلى توفيرها لهم، مؤكدين أن الأمطار تسببت في انتشار الأمراض بين الأطفال. وقال أحمد كامل، شاب في الـ30 من عمره كان جالسا في إحدى الخيام، وإحدى قدميه ملتفة بلفاف بسبب تعرضها للكسر جراء سقوط عمود الخيمة على قدمه، لـ«الشرق الأوسط»: «كنت نائما الليلة الماضية وإذا بسقف الخيمة يقع على إحدى قدماي، نقلني بسرعة جيراني إلى المستشفى القريب من هنا لتلقي العلاج».
بدوره، قال النازح حسن كريم «دخلت المياه إلى خيمتنا هذه، فاضطررنا إلى الخروج، الآن أطفالي مصابون بالإسهال وأحدهم مصاب بالحمى، ونقل الكثير من أطفال المخيم إلى المستشفى بسبب الإسهال والحمى». وطالب كريم المنظمات الدولية والحكومة العراقية بنجدة النازحين وتوفير كرفانات للسكن بالإضافة إلى ملابس وأحذية والوقود لوقاية النازحين من البرد وتفشي الأمراض بينهم.
من جانبها، ذكرت مؤسسة بارزاني الخيرية، أنها وزعت ومنذ اللحظة الأولى لهطول الأمطار، كميات كبيرة من المواد على النازحين، وجلب سيارتين لسحب المياه من المخيم، فيما تم نقل أصحاب الخيام المدمرة إلى أماكن أخرى داخل المخيم، إلى أن تحل هذه المشكلات. وأضاف ممثل المؤسسة في المخيم، أنهم «بدءوا بتوزيع مادة النايلون لتغطية المخيمات من أجل منع دخول المياه إليها في المستقبل».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.