رغم اكتشاف الكثير من القطع الأثرية المهمة في منطقة ميت رهينة الأثرية بمحافظة الجيزة (غرب القاهرة) خلال السنوات الماضية، فإنها لا تزال تضم كنوزاً فرعونية نادرة غير مكتشفة بحسب خبراء الآثار في مصر، وبالتزامن مع إعلان البعثات الأثرية العاملة في المنطقة اكتشافات أثرية بصورة مستمرة، تقود عمليات الحفر خلسة، السلطات المصرية إلى اكتشاف تماثيل وقطع كبيرة على غرار التمثال الملكي النادر الذي أعلنت وزارة الآثار المصرية الكشف عنه مساء أول من أمس، والذي يعود للملك رمسيس الثاني على هيئة «الكا»، والتي تعني القرين، أو القوى الحيوية باللغة المصرية القديمة، وهي عبارة عن ذراعين مرفوعتين لأعلى بكفين مبسوطتين.
ووفق بيان وزارة الآثار المصرية، فإن أعمال حفائر الإنقاذ التي بدأتها وزارة الآثار الأسبوع الماضي، داخل قطعة أرض يمتلكها أحد المواطنين بالقرب من معبد الإله بتاح بمنطقة ميت رهينة، والذي ألقت شرطة السياحة والآثار القبض عليه أوائل شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي، كشفت الستار عن كتل أثرية ضخمة مغمورة في المياه الجوفية.
ميت رهينة هي المدينة المتبقية من العاصمة القديمة «منف»، التي يرجع أصل اسمها بالهيروغليفية «من نفر» أي «النصب الجميل»، أو «المدينة ذات الجدار الأبيض»، وقد حرّف الإغريق هذا الاسم فصار «ممفيس»، وميت رهينة تعني «طريق الكباش»، وعُثر فيها على تمثال الملك رمسيس الثاني الشهير الذي وُضع في «ميدان رمسيس» وسط القاهرة لسنوات طويلة قبل أن يُنقل إلى واجهة المتحف المصري الكبير بميدان الرماية (غرب القاهرة).
ونظراً لأهمية المدينة من الناحية التاريخية، يؤكد خبراء الآثار، ومن بينهم الدكتور حسين عبد البصير، مدير متحف مكتبة الإسكندرية ومدير منطقة الأهرامات الأثرية السابق، أن المنطقة «لا يزال بها معابد وقصور ومبانٍ وتماثيل غير مكتشفة ومدفونة في باطن الأرض؛ لأن الشواهد الأثرية والتاريخية تشير إلى أن ملوك الفراعنة ظلوا يحكمون مصر من هذه المدينة لقرون طويلة، كما أنها ظلت مدينة إدارية مهمة وذات قيمة مؤثرة حتى بعد نقل بعض الملوك العاصمة إلى مدن أخرى بالإقليم المصري».
ويضيف عبد البصير لـ«الشرق الأوسط»: «طبيعة ميت رهينة الجغرافية سمحت بغمر المياه الجوفية ومياه النيل والطمي لآثار هذه المدينة المهمة، على عكس مدن جنوب مصر التي تتميز بطبيعة جغرافية حافظة للآثار بسبب ارتفاع التربة عن مستوى المياه الجوفية ومياه النيل». لافتاً إلى أن «المصريين القدماء كانوا ينشئون مدنهم في الناحية الشرقية، بينما كانوا ينحتون أو يبنون مقابرهم في الناحية الغربية بأي مدينة يقيمون بها، وبما أن جبانة سقارة تقع في الناحية الغربية للمدينة، فإن جوانب أثرية تخص الحياة اليومية للمصريين القدماء، لم تكتشف بعد بالمدينة التي ظل يحكم منها الملوك البلاد لقرون طويلة ولا تزال مغمورة في الطين حتى الآن».
ويُعد اتساع الرقعة السكانية بهذه المنطقة خلال السنوات الأخيرة عائقاً كبيراً أمام بعثات الآثار المحلية والأجنبية وفق عبد البصير، الذي يؤكد أن «عدداً كبيراً من عقارات المنطقة بُني فوق مبانٍ وشواهد أثرية على غرار مدينة المطرية وعين شمس (شرق القاهرة)».
واكتشفت بعثة الإنقاذ الأثرية مساء أول من أمس، الجزء العلوي لتمثال نادر من الغرانيت الوردي للملك رمسيس الثاني علي هيئة «الكا» (رمز القوة والحيوية والروح الكامنة)، وعدت وزارة الآثار في بيان لها الاكتشاف بأنه «نادر»؛ لأن هذا التمثال هو أول تمثال لـ«الكا» من الغرانيت يُكشف النقاب عنه، ولا سيما أن التمثال الوحيد الذي عُثر عليه من قبل «الكا» مصنوع من الخشب لأحد ملوك الأسرة الثالثة عشرة ويُدعى «أو أيب رع حور»، وهو معروض حالياً في المتحف المصري بالتحرير، وفق وزارة الآثار.
وعثرت البعثة أيضاً على كتل أثرية من الغرانيت الوردي والحجر الجيري عليها نقوش تصور الإله بتاح إله مدينة منف، بالإضافة إلى خراطيش للملك رمسيس الثاني؛ مما يدل على أن هذه الكتل تمثل أجزاء من المعبد الكبير للإله بتاح بمنطقة ميت رهينة.
ويتوقع الباحث الأثري أحمد عامر، أيضاً وجود آثار نادرة في المنطقة لم يُعثر عليها حتى الآن. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «باعتبارها من أهم المناطق الأثرية في مصر القديمة من المؤكد وجود آثار قيّمة مدفونة في أرضها حتى الآن، فمدينة (منف) لها دور كبير في تاريخ مصر السياسي منذ تأسيسها وحتى نهاية الأسرة الثلاثين». مضيفاً أن «انتهاء عصر العاصمة المصرية (منف) جاء بعد اندلاع الثورة الاجتماعية الأولى وضعف الحكام».
ويحتفي متحف ميت رهينة المفتوح الذي أنشئ عام 1985، بتمثال الملك رمسيس الثاني الضخم، بجانب عدد آخر من التماثيل الفرعونية، ويجتذب هذا المتحف آلاف الزوار سنوياً.
ميت رهينة... منطقة الكنوز الفرعونية غير المكتشفة في مصر
الحفر خلسة يقود السلطات للعثور على قطع نادرة فيها
ميت رهينة... منطقة الكنوز الفرعونية غير المكتشفة في مصر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة