المغرب: إنجاز دليل استرشادي في مجال مناهضة التعذيب

يهدف إلى تمكين القضاة من المعلومات الحقوقية والقانونية

جانب من جلسة تقديم الدليل الاسترشادي لقضاة النيابة العامة في مجال مناهضة التعذيب (الشرق الأوسط)
جانب من جلسة تقديم الدليل الاسترشادي لقضاة النيابة العامة في مجال مناهضة التعذيب (الشرق الأوسط)
TT

المغرب: إنجاز دليل استرشادي في مجال مناهضة التعذيب

جانب من جلسة تقديم الدليل الاسترشادي لقضاة النيابة العامة في مجال مناهضة التعذيب (الشرق الأوسط)
جانب من جلسة تقديم الدليل الاسترشادي لقضاة النيابة العامة في مجال مناهضة التعذيب (الشرق الأوسط)

أنجزت رئاسة النيابة العامة في المغرب دليلاً استرشادياً حول مناهضة التعذيب، وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، قدمت محاوره في لقاء عقدته أمس، بمقرها في الرباط.
وقال محمد عبد النباوي، الوكيل العام للملك رئيس النيابة العامة، في كلمة بالمناسبة، إن «الدليل الاسترشادي لقضاة النيابة العامة في مجال مناهضة التعذيب، وغيره من ضروب سوء المعاملة» يرمي إلى توفير «المعلومات الحقوقية والقانونية المتعلقة بمكافحة التعذيب للقضاة، وتوضيح الإجراءات المسطرية التي يتم اتباعها للبحث في ادعاءات التعذيب، وسيكون ضمن التعليمات القانونية الكتابية المنصوص عليها في الفقرة الثانية من الفصل 110 من الدستور التي تلزم قضاة النيابة العامة باتباعها».
وأضاف عبد النباوي أن الدليل ينقسم إلى 5 محاور، يتحدث التمهيدي عن «الإلزام الوطني بحظر التعذيب، ومختلف الصكوك الدولية المتعلقة بمناهضة التعذيب، والمقتضيات الدستورية والقانونية المغربية ذات الصلة»، مبرزاً أن المحور الأول خصص للتعريف بالتعذيب، وفقاً للقانون وللمواثيق الدولية، وتبيين أنواعه والعقوبات المقررة له، فيما تطرق المحور الثاني لدور النيابة العامة في الوقاية من التعذيب، حيث سلط الضوء على «الدور الوقائي للنيابة العامة، من خلال مراقبة أماكن الاعتقال، والحرص على توفر الضمانات الأساسية خلال مراحل البحث والتحري». أما المحور الثالث فتطرق لدور النيابة العامة في التصدي للتعذيب، حيث يعالج هذا المحور «كيفيات تدبير الشكاوى، وادعاءات التعذيب، والمتابعات المقامة من أجل ذلك»، فيما خصص المحور الرابع لـ«إنصاف وتعويض ضحايا التعذيب»، ويبين هذا المحور دور النيابة العامة في «إنصاف ضحايا التعذيب، وتعويضهم، ومشتملات التعويض، ومسطرة المطالبة به، والمسؤولية عنه».
وشدد عبد النباوي على أن الدليل سيمثل بالنسبة للقضاة والمهتمين «دليلاً يرشدهم لكيفية التصدي لحالات التعذيب وسوء المعاملة المختلفة، ويساعدهم على حسن تطبيق القانون، والالتزام بروح المواثيق الدولية».
ومن جهته، قال مصطفى فارس، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، إن الدليل الاسترشادي سيساعد «جميع قضاتنا على الاطلاع على أهم المواثيق والمعاهدات الدولية ذات العلاقة، التي تطرقت إلى المعايير الدولية بخصوص إجراءات البحث والتحقيق، والمحاكمة بمناسبة النظر في قضايا التعذيب، أو عند تلقي ادعاءات بالتعرض إلى التعذيب، بغاية تتبع وملاحقة من ارتكبه، وإنصاف من تعرض له».
كما أكد فارس أن المغرب تفاعل مع الإجماع الدولي على حظر التعذيب وتجريمه في سائر الاتفاقيات، من خلال تجريمه في «التشريع المغربي، وتفاعل معه قضاتنا بشكل إيجابي في كثير من المحطات والنوازل».
ومن جانبه، جدد مصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان، التأكيد على أن المغرب قطع بشكل نهائي مع التعذيب، منوهاً بالتطور الذي حققته البلاد في هذا المجال. وقال بهذا الخصوص: «لا يوجد لدينا في المملكة المغربية ما نخفيه في موضوع التعذيب»، مستدركاً أنه في حالة «ثبوت وقائع تبقى حالات معزولة، وليست ناتجة عن سياسات ممنهجة للدولة».
كما شدد الرميد على أن القضاء هو الجهة الوحيدة المخول إليها البحث في مزاعم التعذيب، و«كل من يدعي التعذيب، فإن القضاء وحده المخول بالبحث في هذه المزاعم التي يمكن أن تكون صحيحة، كما يمكن أن تكون مزعومة»، داعياً إلى تضافر الجهود لـ«محاصرة التعذيب وضمان الحقوق، وتوفير العدالة القضائية».
أما أمينة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، فأكدت بدورها على أن الدليل سيكون «وثيقة مرجعية للقاضي في تولي حماية حقوق الإنسان للأفراد والجماعات، وحرياتهم وأمنهم»، معتبرة أن الخطوة تعكس «المجهودات المتواصلة لبلادنا لمناهضة التعذيب، والمعاملات القاسية واللاإنسانية والمهينة، وتأصيل دولة الحق والقانون في مسار يعرف في ظل استمراريته تحديات توسيع مجالات التمتع بالكرامة المتأصلة للإنسان».
وأضافت بوعياش أن المغرب دخل «مرحلة جديدة في تدعيم المناهضة من التعذيب والوقاية منه، وذلك بإحداث الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، وتعيين منسقها وأعضائها وطاقمها الإداري الخاص بها، بعد مصادقة الجمعية العامة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان خلال دورتها العادية الأولى في سبتمبر (أيلول) 2019 على النظام الداخلي للمجلس، وعلى استكمال هياكله الداخلية».
كما دعا المجلس ذاته للتنصيص على مسؤولية «الرؤساء عن الجرائم التي يرتكبها مرؤوسوهم، انسجاماً مع مقتضيات معاهدة مناهضة التعذيب والمعايير الدولية لذلك التجريم (المادة 2-3 من المعاهدة)»، بالإضافة إلى النص على أن «الأوامر الصادرة عن الرؤساء لارتكاب جريمة التعذيب لا تنفي مسؤولية المرؤوس الذي يطيعها انسجاماً مع مقتضيات اتفاقية التعذيب والمعايير الدولية لذلك التجريم (المادة 4-1 و2-3 من المعاهدة)».
كما طالب المجلس الوطني لحقوق الإنسان بـ«تبني عدم تقادم جريمة التعذيب، وذلك اعتباراً للخطورة البالغة لهذه الجريمة، وانسجاماً كذلك مع التوصية التي وجهتها لجنة معاهدة مناهضة التعذيب للمملكة المغربية».
وشهد إعلان رئاسة النيابة العامة عن محاور الدليل الاسترشادي للقضاة حول مناهضة التعذيب حضور عدد من القضاة، وممثلي الهيئات والمنظمات الحقوقية الدولية والمحلية، بالإضافة إلى عدد من النواب البرلمانيين والمهتمين بالشأن القضائي والحقوقي في المملكة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».